مقالات وآراء

في ذكري ثورة أكتوبر وهل أكتوبر ثورة

تمر علينا الذكري الحادية والستون لثورة أكتوبر المجيدة في ظل الحرب الدائرة في السودان والتي شردت ملايين السودانيين من لجوء ونزوح وقتلت الالاف من المدنيين، ومورست كافة الانتهاكات الممنهجة لحقوق الانسان، مع ارتكاب كافة الجرائم التي نص عليها نظام روما الاساسى، فضلا عن التدهور والانهيار الجزئي والكلى للبنية التحتية للبلد، بالإضافة الى ازمة الجوع التي جعلت السودان يعانى من اكبر ازمة جوع في العالم وفقا لتصريح غوتريوس الأمين العام للأمم المتحدة.
وقد ظل الشعب السودانى يحتفل كل عام بهذه الذكرى حتى في زمن الحرب، وذلك باعتبارها اول ثورة شعبية سلمية في افريقيا والعالم العربى قادها الشعب السودانى مسقطا اول نظام عسكري في سودان مابعد الاستقلال، مما يؤكد رغبة الشعب السودانى التواق الى الحرية والسلام والعدالة وإقامة الحكم الديمقراطى وعدم خضوعه لحكم العسكر. لذلك فان الشعب السودانى بكل فئاته من مثقفين وقوي سياسية يعتبر أكتوبر ثورة تتميز بقدسية معينة واضحت بعيدة عن اى نقد لها. مما يجعلنا أن نطرح السؤال بكل شجاعة ووضوح وهو هل تعتبر أكتوبر ثورة وفقا للمفهوم العلمى للثورة في علم الاجتماع السياسى ، والفكر.؟
بالرغم من ان ثورة أكتوبر شارك فيها الطلاب والعمال والنقابات والمهنيين والأحزاب، الا انه يمكن القول بان الحزب الشيوعى السودانى بحكم تاثيره على النقابات المهنية والعمال والمزارعين هو المحرك الرئيسى للثورة، خاصة أن بعض الأحزاب انضمت لاحقا للثورة كالحزب الاتحادى وحزب الامة، وبحكم أن الحزب الشيوعى يتبنى الماركسية فكان يدعو الى تغيير جزري في بنية الاقتصاد والمجتمع . وفقا لرؤية ماركس للثورة الذى يري أن الثورة ضرورة حتمية لتغيير النظام الاقتصادى والاجتماعى من جذوره. اى احداث تغيير جذري كلى. في البنية الاقتصادية والسياسة والاجتماعية والثقافية. الا أن ذلك لم يتحقق لذلك أكتوبر لاتعتبر ثورة وفقا لمفهوم الثورة عند ماركس. بل الشئ الوحيد الذي نجحت فيه أكتوبر هو اسقاط نظام عبود العسكري. لذلك يمكن القول بانها تعتبر ثورة وفقا لمفهوم الثورة عند الليبراليين وهو اسقاط الحكم العسكري وإقامة نظام ديمقراطى.
فاكتوبر لم تكن ثوره وذلك للان الثورة في معناها العلمى وفقا لتعريف تيداسكوكبول في كتابها States and Social Revolutions ، “هي تحول جذري في بنية المجتمع أو أتساق الفكر والثقافة أو في أنظمة القيم والمؤسسات، ينتج عنه تفاعل عوامل موضوعية وذاتية تؤدي الى كسر حالة الجمود واحداث تغيير شامل في البنية القائمة. فاكتوبر لم تاتى بجديد بل كانت عن مطالب رغبوية وفقا لحديث المرحوم الدكتور منصور خالد في مقالة بعنوان أكتوبر حقيقة أم وهم كظهور العزراء. حيث جاء(من الضروري أن نفصح مانعنى بالدعوة الاكتوبرية في التجديد ونقول الرغائب عن قصد لان الميثاق الاكتوبري الأساس الذي اجتمعت عليه القوي السياسية واعلنه سر الختمالخليفة في 30 أكتوبر لايحمل شكله أو مضمونه معالم اجندة التغيير، بل نهب الى ابعد للقول بأنه ابعد مايكن من هموم جوهر الناس) . اما الأستاذ الشهيد محمود محمد طه في نقده لثورة أكتوبر.اعتبر أكتوبر ثورة عاطفية وليست ثورة فكرية، لان الفكر يهدم القديم ويبنى الجديد.
فاكتوبر لم تكن ثوره لانها لم تحدث أي تغيير جذري خاصة فما يتعلق بمسألة الهوية والمسائل التي تؤسس لبناء الدولة السودانية، فضلا عن ذلك انها لم تحقق شعاراتها، فالسودان مازال في حوجه الى ثورة حقيقة بالمعنى العلمى للثورة.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..