صور وكاريكاتير

عودة النازحين بين الاعلام والواقع المتردي.. كاريكاتير عمر دفع الله

 

مقال الخميس
قبول “الرباعية”.. وتصفية مضمونها!!
(وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ)
صدق الله العظيم
د. عمر القراي
(1)
لقد لقى بيان “الرباعية” الأول، قبولاً غير مسبوق من الشعب السوداني، في كافة مكوناته. فقد قبلت به “صمود”، وقبلت به “تأسيس”، وقبلت به الأحزاب المختلفة، ما عدا الدائرة في فلك الفلول، أو المتأثرة بخطابهم، مثل الحزب الشيوعي!! وذلك لوضوحه في تحديد المشكلة، ولطرحه الحلول بمواجهة للحقائق، بعيداً عن التضليل الإعلامي، والفهلوة السياسية، التي اتسمت بها التصريحات الكذوبة، التي يروج لها إعلام الإخوان المسلمين. ولأنه أول وثيقة دولية، تذكر الاخوان المسلمين بالاسم، وتحملهم مسؤولية استمرار الحرب، وتبعد احتمال وجودهم كمسؤولين، في المرحلة الانتقالية، التي تعقب وقف إطلاق النار.
ومما جاء في ذلك البيان:
ـ سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه ضرورية لتحقيق السلام والاستقرار.
ـ لا يوجد حل عسكري قابل للتطبيق للصراع والوضع الراهن يخلق معاناة غير مقبولة ومخاطر تهدد السلام والأمن.
ـ تلبية تطلعات الشعب السوداني نحو إقامة حكومة مستقلة بقيادة مدنية تتمتع بشرعية واسعة النطاق ومساءلة.
ـ إن مستقبل الحكم في السودان متروك للشعب السوداني ليقرره من خلال عملية انتقال شاملة وشفافة لا تخضع لسيطرة أي طرف متحارب.
ـ لا يمكن أن يملي مستقبل السودان الجماعات المتطرفة العنيفة التي هي جزء من جماعة الاخوان المسلمين أو مرتبطة بها بشكل واضح والتي أدى نفوذها المزعزع للاستقرار الى تأجيج العنف وعدم الاستقرار في جميع المنطقة.
وكما هو واضح من هذه البنود، فإنها تمنع الاخوان المسلمين من العودة الى الحكم، تحت مظلة البرهان، أو صراحة باسم حزب المؤتمر الوطني. كما تمنع البرهان، بوصفة أحد المتحاربين، من الاشراف على عملية الانتقال. كما أنها تؤكد الحكومة المدنية، التي جاءت من قبل في “الاتفاق الإطاري”، الذي ما أشعل الاخوان المسلمون الحرب، إلا ليوقفوه. لذلك رفض الإخوان المسلمون “الرباعية”، ونددوا بها، وسعوا لتأليب الناس عليها. فقال عبد الباسط عبد الهادي إنهم (لن يقبلوا بتسوية “الرباعية” ولو اشتعلت النيران في رمال السودان وأشجاره)!! وقال ناجي عبد الله المحرض على الحرب (الرباعية بقيادة أمريكا يخططون لمحو دين الله في السودان)!!
ولقد استدعى الرئيس عبد الفتاح السيسي البرهان الى مصر مؤخراً، وذكر الجانب المصري، أن المباحثات كانت بخصوص إيقاف الحرب، والإقناع بما جاءت به “الرباعية”، باعتبار أن مصر من مكوني “الرباعية”. كما ذكر أن البرهان، قد قابل ايضاً مسعد بولس، ممثل الرئيس الأمريكي، والذي أكد أيضاً على “الرباعية”، خاصة وأن وحشداً دولياً وإقليمياً قد التحق بها.
على أن البرهان ليس جاداً في قبول “الرباعية”، وهو يماطل بها، حتى يجد فرصة لينكرها، كما فعل تماماً مع “الاتفاق الإطاري”. ويمكن أن يستمر في مباحثات يكسب بها وقت، ويستغل فيها المساعدات المصرية، والإيرانية، والتركية، ليكسب الحرب. والخطة أن يصرح بقبول “الرباعية”، بينما يقوم اعلام الإخوان المسلمين بالهجوم عليها، وعلى البرهان، حتى يظن الناس داخل “الرباعية” وخارجها، إنه يخالفهم، مع أنهم يتقاسمون الأدوار. فهو يمهد ليأتي بهم داخل اتفاق “الرباعية”، من داخل الجيش، ومن الأحزاب السياسية الموالية لهم. وقد بدأ بخداع المبعوث الأمريكي!! فقد قال مسعد بولس (المأخذ الرئيسي مع الجيش السوداني أمور متعلقة بالمتطرفين وبالشق الإيراني وتزويد الأسلحة من إيران.. نعرف ان الجيش السوداني قطع هذه العلاقات منذ فترة وأخذ إجراءات لا بأس بها ضد بعض ما تبقى من متطرفين من النظام السابق هذه خطوات جيدة نحو تحسين العلاقة).
(2)
والحق أن هذا غير صحيح. فلا هو قطع علاقته بإيران، ولا اتخذ أي شيء ضد أعضاء النظام السابق، بل مكّن لهم أكثر في مفاصل الدولة. ولو كان يريد فعل ما قاله مسعد بولس، لسلّم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، بدلاً من جعلهم يديرون الدولة، تحت سمعه وبصره. ولو كان يريد ان ينفض يده من المتطرفين، لحل مليشياتهم، وصادر سلاحها. وهذه المليشيات هي: مليشيا البراء بن مالك – مليشيا الفجر الساطع – مليشيا البنيان المرصوص – مليشيا البرق الخاطف – مليشيا المعتصم بالله – مليشيا الدفاع الشعبي – مليشيا الأمن الشعبي – مليشيا الأمن الطلابي – مليشيا الشرطة الشعبية – مليشيا الشرطة المجتمعية – مليشيا أولاد علي عثمان – مليشيا أولاد البشير – مليشيا أولاد نافع – مليشيا عوض الجاز- مليشيا أحمد هارون – مليشيا علي كرتي – مليشيا صلاح قوش.
أما الرئيس السيسي، فإن مهمته ليست اقناع البرهان بالرباعية، وإنما اقناع “الرباعية” بالبرهان. وهو قد بدأ يقنع مسعد بولس، بأنه لابد من الإبقاء على البرهان، حتى تضمن “الرباعية” تحقيق وقف إطلاق النار، وتوصيل المعونات للمحتاجين. وهو يريد من أمريكا، وبقية دول “الرباعية” أن تقنع “صمود”، و”تأسيس”، وكل القوى السياسية المدنية، أنها محتاجة لوجود البرهان، حتى يوافق الجيش على إيقاف الحرب. وبعد ذلك يتم التفاوض بين القوى السياسية، على الوضع الانتقالي، لتتم حكومة مدنية ربما برئاسة حمدوك، وبشراكة بين الجيش، وتلك القوى، مع إبعاد الدعم السريع، باعتباره جماعة متمردة على الدولة، والقضاء عليه، بعد عزله من القوى السياسية، بمعاونة سافرة من مصر، باعتباره رافضاً للسلام. فالخطة هي إعادة انتاج انقلاب 25 أكتوبر 2021م، تحت اسم اتفاق “الرباعية” للسلام، وإعادة الاخوان المسلمين للحكم، تحت عباءة “الرباعية”.
ومصر إنما تقوم بهذا الدور، لأنها مدفوعة بمصالحها المباشرة. فهي تريد أن توفر لنفسها من المياه، أكثر مما تعطيها اتفاقية مياه النيل. وهذا لا يحدث إلا إذا كان السودان مشغول عن التنمية، واستهلاك المياه بالحرب، أو محكوم بدكتاتور ضعيف، خائف، يخضع تماماً لمصر، لتسانده في وجه أي قوة مسلحة تقف ضده، أو ثورة شعبية تحاول ازاحته عن الكرسي. هي تريد حاكم تبتزه، وتأخذ من أرضه، دون ان يحتج، كما اخذت حلايب من البشير.. وتأخذ ثروات بلاده، بدون مقابل، ويذعن لذلك، كما فعلت حين اخذت الذهب، والماشية، والجمال، واشترت المحاصيل، بالعملة المحلية المزورة، ولم يحرك البرهان ساكناً!! وها هي الآن، يحجز لها البرهان، مشروعات تعمير السودان بعد الحرب، فيما قدر بمبلغ 100 مليار دولار، بدون تقديم عطاءات، ومناقصة، ومنافسة!! ولقد رأينا نموذجاً من تعميرهم، حين احتج المهندس عبد الغفار احمد الأمين، على تقديراتهم لصيانه جسري الحلفاية وشمبات. فقد قدموا في طلبهم مبلغاً، يرى المهندس أنه يمكن أن ينشئ ثلاثة جسور جديدة!! ولما واجههم بالحقائق التي لا يستطيعون انكارها، تدخل رجال الأمن، وقبضوا على المهندس، الوطني الشريف، وذهبوا به الى مكان مجهول، ومن يدري ماذا فعلوا به ليخرصوا صوته، وقد يكون قد تم اغتياله، كما فعلوا بمئات الشرفاء.
إن واجب الوطنيين والشرفاء، رفض محاولات تطفيف اتفاق “الرباعية”، وافراغه من محتواه. وعلى “صمود” و”تأسيس” وكافة الأحزاب السياسية، الإصرار على ما جاء في بيان “الرباعية” الأول. يجب رفض أي دعاوى سلام على حساب العدالة، والمحاسبة، وإبعاد المجرمين، وكتائب المتطرفين والإخوان المسلمين، من المشهد السياسي. وبالرغم من الخلاف بين “صمود” و”تأسيس”، يجب أن يصرا على المشاركة معاً، في أي حوار، حول مستقبل الوضع السياسي في السودان، يتم مع “الرباعية” أو أي جهة إقليمية أو دولية. ويجب ألا يخدعوا بمحاولات الإخوان المسلمين، ليفرقوا بينهم، حتى يضعفوا الجانب المدني. كما لابد من رفع شعارات ثورة ديسمبر المجيدة، عالية، واعادتها الى ذاكرة الشعب السوداني.
23 أكتوبر 2025م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..