مقالات وآراء

💥 الرباعية تتحرك… والشعب يجب أن يقرر

✍ عبدالحافظ سعد الطيب

الضرورة الملحّة لفرض وجود الشعب السوداني واستعادة دوره في هذه اللحظات التاريخية

في هذا المنعطف المفصلي من تاريخ السودان، تبرز الضرورة الوطنية القصوى لفرض وجود الشعب السوداني كقوة فاعلة ومقرّرة في مسار الأحداث، خصوصاً في قضايا إيقاف الحرب.
هذا ليس زمن المزادات والتسويات السياسية، ولا زمن البدل والكرفتات، بل زمن المسؤولية الوطنية والوعي بخطورة المرحلة.

نحن أمام واقع معقد تتشابك فيه الألغام السياسية والعقول الخربة، لذلك فإن السبيل الوحيد للخروج هو توحيد الإرادة السودانية – السياسية والشعبية – لإنهاء الحرب، دون مكاجرات أو منابذات.

الواقع يشير إلى أن الرباعية الدولية (الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، ومصر) تتحرك بدوافع وأولويات دولية وإقليمية ليست بالضرورة متطابقة مع مصالحنا الوطنية، بل متقدمة عليها في سلم أولوياتها.
لكن، رغم ذلك، يمكننا استثمار هذه اللحظة إذا امتلكنا هدفًا واحدًا نلتف حوله، حتى إن اختلفت المنصات.

نعم، هناك اتجاه أميركي – ترامبي نحو إنهاء حروب المنطقة، وهذه حقيقة مرصودة.
ونعم، الرياض والقاهرة وأبوظبي مع وقف حرب السودان، لكنهم جميعًا يتحركون وفق مصالحهم الخاصة.
فأين هي إرادتنا الوطنية من دون المكابرة؟
وأين حكمتنا كسودانيين في وضع حد للقتل والدمار؟

المطلوب الآن:
اولا
لماذا لاننتج بديلا “للتسوية”

الكل يكفهر عند سماع كلمة تسوية.
صارت هذه المفردة في فعلنا و قاموسنا السياسي مرادفًا للصفقات والتواطؤات، تُستعمل لتبييض نهبٍ أو لتكريس وصاية جديدة. نحن يجب أن ننتج حوار الشعوب مع بعضها ليس حوار نخب لتدوير تسوياتهم فينا ،والإفلات من المحاسبه لكننا نرفض أن يُختزل مستقبل الوطن في صفقةٍ تُبرم خلف الأبواب، تُقسَّم فيها المناصب وتُطمَس فيها جرائم السلب والنهب.

من عمق تجربتنا — من الشوارع والميادين، من المعاناة واللجوء والدم — نرفض لغة المستبدين. نختار أن ننتج مفرداتنا وسياساتنا من تاريخنا وحاجتنا.
فبدلاً من “التسوية التاريخية” نستخدم مصطلح الاصطفاف التاريخي الكبير: لحظة وعي شعبي جامعة، لا وثيقة نخبوية.
ميثاق وجودي: عقد نعيد به تعريف المواطنة، الملكية، والسلطة الاقتصادية.

1. وقف الحرب فورًا والتركيز على وحدة الدولة واستعادة مؤسساتها تدريجيًا.

2. توحيد القوى المسلحة السودانية تحت إمرة مدنية، عبر منظومة نزع السلاح والتسريح والدمج (DDR)، وفق توافقات عسكرية وسياسية وطنية.

3. فرض الشعب السوداني كطرف أول وصاحب مصلحة حقيقية داخل إطار الرباعية، عبر آليات مشتركة تتيح التوافق والتمثيل الفعلي لصوت الشعب.

ورغم التحركات الأميركية – الإماراتية التي تميل إلى تسوية تقوم على تقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين، مع ضمانات اقتصادية لإعادة الإعمار، إلا أن ذلك لا يمكن أن ينجح من دون إرادة سودانية مستقلة وواضحة.

التقاطعات والمخاطر:

هناك جدل داخلي واسع حول جهود الرباعية، إذ يراها البعض مؤامرة لإضفاء شرعية على قوات الدعم السريع التي تمردت على الدولة، لا على الجيش.
لكن الحقيقة أن هذه القوات شُرعنت ودُسترت من قبل تنظيم الحركة الاسلامية ده معلوم بالضرورة ، وأن كثيرين داخل الجيش – من كبار الضباط إلى صغارهم – رفعوا التحية العسكرية واحترامهم لقادة الدعم السريع في العلن، بينما يُقتَل أبناء الشعب الرافضين لشرعنتهم في الميدان.

الانتهاكات ارتكبت باسم الجيش، وبمشاركة مليشيات محسوبة عليه، ضد الشعب نفسه.
وبسبب تقاطع المصالح، تحوّل الشعب إلى العدو الحقيقي للطرفين المتحاربين، رغم أنه الضحية الوحيدة. لا يستطيع اي كان إخفاء الحقيقة الجنجويد المرتزقة القتله تنظيم الحركة الاسلامية من استأجرهم لقتلنا

اليوم، وبعد عامين ونصف من الحرب، لم يحقق أي طرف حسمًا عسكريًا، بل أدت المعارك إلى مزيد من القتل والدمار والنزوح، مما خلق توازن ضعف يدفع الجميع نحو تسوية محتملة.

هذه لحظة فارقة تفرض علينا أن نستعيد دور الشعب السوداني كمركز للقرار لا كضحية للحرب.
إن بروز أصوات جديدة داخل الجيش – كالمواقف المتذبذبة من بعض قادته مثل كباشي – يعكس تحولات في اتجاهات التموضع، حتى بين أبواق أمراء الحرب.
لكن هذه التحولات لن تثمر إلا إذا فرض الشعب نفسه كقوة منظمة وواعية، لا كمجموعة ضحايا تنتظر الفرج.

رسالة إلى قوى الحرية والتغيير – بفصيليها

اللحظة مفصلية، والتاريخ لا ينتظر أحدًا.
قضايا الشعوب الآن في المقدمة، وأول الأولويات هي إيقاف الحرب، لأنها حربٌ على الوطن والشعب معًا.

دعونا نقف أمام أنفسنا بصدق وشجاعة.
لقد فشلت تجربتكم، لا لأن الثورة كانت ضعيفة، بل لأنكم ابتعدتم عن شوارع الثورة وبرلمان الشارع وعن قوى الثورة الحقيقية – لجان المقاومة والجيل الجديد، وذهبتم إلى نفس وهم النخب القديمة التي رددت منذ أكتوبر وأبريل فكرة “انحياز الجيش للشعب”.
فأوقعتم الوطن مجددًا في ذات الفخ الذي ابتلع ثوراتنا السابقة.

اليوم، لا نملك ترف المكابرة ولا مساحة التبرير.
هذه لحظة تقييم ومصارحة لا لحظة تبرئة.
لنعلن أخطاءنا بشجاعة، لأن العودة للثورة لا تعني تكرارها، بل القفز فوق أخطائها التي عطلت الانتصار.

قد تتعدد المنصات والمسارات، لكن الهدف المشترك يجب أن يكون واحدًا وواضحًا:

إيقاف الحرب فورًا، لفتح الطريق أمام عودة الثوار إلى الشوارع واستعادة صوت الشعب الحقيقي، صوت الثورة الذي لا يُشترى ولا يُساق.

التاريخ يفتح نافذة قصيرة لمن يملكون الإرادة.
فهل تملكون الشجاعة لتصحيح المسار والعودة إلى الشعب؟

لكن هنالك ضرورة ملحّة لفرض وجود الإرادة الشعبية في طاولة الحراك الدولي لوقف الحرب: استعادة الدور السوداني في لحظة مفصلية”

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..