
المفاوضات التي جرت مؤخرا في واشنطن بين الجيش والدعم السريع في إطار الجهود المبذولة لوقف الحرب في السودان، أعادت إلى السطح هواجسهم الوجودية التي تشكلت عقب سقوط نظام البشير تجاه أي عملية انتقال مدني ديمقراطي حقيقية، فقد أدركوا أن نجاح التحول السياسي سيجر معه إجراءات لا مفر منها، أبرزها إعادة هيكلة وإصلاح المؤسسة العسكرية والأمنية التي رسّخوا نفوذهم داخلها عبر عمليات تجريف ممنهجة، وسياسات الإحلال والإبدال التي أعادت تشكيل مفاصل الدولة وفق مشروعهم الأيديولوجي طيلة ثلاثة عقود، وإلى جانب ذلك تقف المخاوف المتعلقة بنفوذهم الاقتصادي المتشعب الذي تضخّم ليصبح إمبراطورية مالية قائمة بذاتها، ما يجعل أي فتح لملفات الفساد والموارد العامة بمثابة ضربة قاصمة لهم، ولكن أكثر ما يثير رعبهم هو مطلب العدالة الانتقالية والمحاسبة القانونية عن الجرائم المرتكبة خلال سنوات حكمهم، بما فيها جرائم تصل إلى حدّ الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، وهي ملفات لا يملكون ترف تجاهلها أو النجاة منها إذا اكتمل مسار التحول الديمقراطي.في المقابل، ينظر الإسلاميون إلى الحرب باعتبارها الفرصة الذهبية لاستعادة نفوذهم الذي تآكل منذ سقوط نظام البشير، فأي مسار تفاوضي يقود إلى تسوية سياسية شاملة يعني بالنسبة لهم تقليصا حادا لدورهم، بل تهديدا وجوديا لمشروعهم وامتيازاتهم، لذلك تجدهم ينخرطون بقوة في تعطيل أي جهد يهدف لإيقاف القتال أو فتح الباب أمام ترتيبات سلام قد تُقصيهم من مركز السلطة.
وبينما يتظاهر الإسلاميون بالوقوف خلف الجيش وقيادته في “معركة الكرامة”، فإنهم في الواقع يستخدمونه عبر أدواتهم المتغلغلة داخل المؤسسة العسكرية والأمنية للضغط على البرهان ومنعه من الانخراط في أي مسار تسوية، وأبرز هذه الأدوات تتمثل في شبكاتهم داخل الاستخبارات العسكرية، بالاضافة لما يسمى ب “قوات العمل الخاص” التي باتت تمارس انتهاكات ميدانية بمثابة رسائل سياسية مشفّرة، تشير إلى ان أي خطوة نحو السلام ستُواجَه بتعطيل عنيف وتفجير للأوضاع الأمنية، وبهذه الطريقة يضمن الإسلاميون استمرار الحرب كمساحة وحيدة لإعادة ترتيب النفوذ وإقصاء خصومهم.
البرهان بين معركتين
البرهان، الذي وجد نفسه فجأة على رأس المشهد بعد سقوط البشير، أصبح يقاتل اليوم على جبهتين، جبهة الدعم السريع التي تهدد وجود الجيش نفسه، وجبهة الإسلاميين التي تستخدمه كحصان طروادة للعودة إلى السلطة، وهذه الحسابات المزدوجة تجعل خطواته السياسية شديدة التعقيد، فالتقارب مع الرباعية والاقتراب من المسار التفاوضي يعني بالضرورة فك ارتباطه مع الإسلاميين، وهو ما قد يفتح عليه أبواب صراع داخل معسكره قبل مواجهته مع الدعم السريع، ومع ذلك، فإن استمرار الحرب يمنح الإسلاميين اليد العليا في التأثير والابتزاز، بينما يضع البرهان أمام اختبار عسير، إما مجاراة أجندتهم وتحمل كلفة حرب مفتوحة قد تنتهي بانهيار الدولة، أو اتخاذ قرار مغامر بالانقلاب على تحالفه معهم، سواء بهدوء عبر تغييرات داخلية، أو بمواجهة مباشرة تعيد رسم خريطة القوى داخل الجيش.
الضغوط الدولية ومخاطر العزلة
البرهان ليس معزولا عن البيئة الإقليمية والدولية، فالعالم يراقب بقلق تصاعد الحرب في السودان، وتفاقم الأزمة الإنسانية التي تهدد استقرار المنطقة، والولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي يضغطون بصورة مباشرة وغير مباشرة على الجيش للالتزام بمسار سياسي تفاوضي، بينما تحذر القوى الإقليمية من مغبة استمرار الحرب دون تسوية، وتجاهل هذه الضغوط قد يقود السودان إلى عزلة دبلوماسية واقتصادية خانقة، مع احتمال تجميد المساعدات الدولية وفرض عقوبات جديدة تستهدف الجيش والقيادة العليا، ومن جهة أخرى، التمسك بالإسلاميين كحليف ومحرك للحرب يضاعف من مخاطر هذه العزلة، لأنه يربط مصير البرهان بتحالف داخلي يُنظر إليه على أنه يعرقل السلام ويهدد الاستقرار، وفي هذا السياق، يصبح البرهان أمام خيار استراتيجي حاسم، إما مواجهة الإسلاميين وإعادة ترتيب أولويات الجيش بما يتوافق مع الضغوط الدولية، أو الاستمرار في الانخراط في صراع داخلي يحرم السودان من أي دعم خارجي ويعمّق الأزمة الإنسانية، ويدفع الدولة إلى الانهيار الكامل.
ما الذي قد يدفع البرهان إلى كسر التحالف مع الإسلاميين؟
ليس سراً أن البرهان يدرك حجم الكلفة التي يدفعها الجيش جراء الارتهان للإسلاميين، فالحرب التي خاضها بوصفها معركة “استعادة الدولة” تحوّلت تدريجيا إلى مشروع قوة موازٍ يضخّم نفوذ الإسلاميين داخل المؤسسة العسكرية، ويحوّل الجيش إلى أداة لخدمة أجندتهم السياسية، ومع الضغط الدولي المتزايد، وتوسع الكارثة الإنسانية، وتآكل مشروعية الحرب في أعين الشارع، يصبح البرهان أمام معادلة مصيرية، إما أن يفصل مصيره عن الإسلاميين، أو يتقاسم معهم السقوط في الهاوية.
هناك أيضا حسابات شخصية لا يمكن تجاهلها، فالبرهان له طموحات سياسية، ولا يريد أن ينتهي به الحال مجرد واجهة، أو قائداً “مستخدما” يُرمى جانباً بعد انتهاء الحرب، لذلك فأي خطوة نحو تسوية سياسية تضمن له دورا في مستقبل الحكم ستتطلب بالضرورة الحد من نفوذ الإسلاميين داخل الجيش ومؤسسات الدولة، وهنا تبرز الولايات المتحدة وحلفاؤها كطرف مستعد لفتح هذا الباب، لكنها تنتظر إشارة واضحة بأن البرهان قادر على اتخاذ القرار الأصعب، فك الارتباط مع الحلفاء الأخطر.
السؤال المركزي الآن لا يقتصر على مجريات الحرب وحدها، إنما على قدرة عبد الفتاح البرهان على تجاوز قيود تحالفه مع الإسلاميين، والضغوط الداخلية والخارجية، وتآكل نفوذ الجيش أمام شبكات الإسلاميين، والأزمة الإنسانية المتفاقمة، كل هذه العوامل تضع البرهان أمام اختبار صعب، هل يمتلك الجرأة ليصنع لحظة استقلاله السياسي، ويفصل مصيره عن الحلفاء الذين باتوا عبئًا على الدولة، أم أن الإسلاميين سيسبقونه في رسم خريطة السلطة القادمة، ويحولونه إلى مجرد لاعب ثانوي في صراعهم المستمر؟
الخيارات مفتوحة، لكن كل مسار يحمل كلفة عالية، أي قرار يتخذه البرهان الآن لن يحدد فقط مصيره الشخصي، بل سيشكّل ملامح السودان في المرحلة القادمة، بين استعادة الدولة أو الانزلاق أكثر في دوامة الصراع والفوضى.




نحن والعالم أجمع يري ملامح السودان الجديد في المرحلة القادمة في حكومة تأسيس التي تمشي الان بكل ثبات نحو تحقيق اهدافها المتمثله في تطهير كل البلاد من دنس وعفن الاسلامويون الارهابيون وكما هو معلوم ليس كل الاسلامويون ارهابيون فالاسلمويون الارهابيون في بلادنا معروفييين وتعرفهم من سيماهم ومن روائحهم العفنه ومن لحنهم في الكلام وهم يكتلون في حيلهم وكلها الاعيب ماعادت تنطلي علي احد في بلادنا .!!!!!ع
ورجعنا تاني لبعبع الحركة الاسلاميه هههههه
المختصر المفيد الحركة الاسلاميه باقيه باقيه رغما عن كيد الكائدين وحتي ولو كره المرجفون والكافرون وعملاء السفارات
هههه.. القحاطة عايزين تسوية باي طريقة على حساب المواطن لكن هيهات.
ستذهب قدما إلى الجحيم الحركه الاسلاميه وهذا باذن الله الذى كره فسقهم وفجورهم .
.