
يرى معظم السودانيين في مبادرة الرباعية، الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات، أملا لوقف نزيف الحرب في السودان، بينما يتوجس منها آخرون، رغم رفضهم للحرب وتطلعهم الشديد لإخماد نيرانها، خشية أن تكون مدخلا لفرض وصاية أجنبية تنتهك سيادة السودان.
وبالطبع، هناك من يرفض المبادرة جملة وتفصيلا متسترا بفرية أنها مخطط للتدخل الأجنبي الاستعماري في شؤون البلاد الداخلية وفرض الوصاية عليها، بينما الحقيقة هي تمكّن الجذع من هؤلاء بسبب ما جاء في بنود خارطة طريق المبادرة المعلنة في 12 سبتمبر/أيلول من العام الجاري، وتخوفهم أن تقطع الطريق أمام تنفيذ مخططاتهم في إعادة استحواذهم الكامل على السلطة. والمفارقة العجيبة عند هؤلاء أنهم يرون في التدخل الدولي الساعي للسلام ووقف الحرب في السودان وصاية أجنبية وانتهاكا لسيادته الوطنية، بينما لا يرون ذلك في الدعم الأجنبي للحرب.
وبعض من قبلوا المبادرة من أطراف القوى المدنية السودانية، لم يتأخروا في توجيه انتقادات جدية وموضوعية لها، مثل أن المبادرة لا تصدر تصريحات إعلامية بالقدر المطلوب حتى تؤخذ الأخبار من مظانها، مما يجعل الشعب السوداني نهباً للشائعات ومصادر الأخبار غير الموثوقة. وآخرون يرون أن الجدول الزمني الذي حددته خارطة الطريق للتنفيذ، ليس مساعدة بل إملاء دولي، مستشهدين بتجربة اتفاقية نيفاشا 2005 التي أظهرت أن الحلول المفروضة من الخارج تنتج أزمات جديدة بدلاً من معالجة القديمة.
وهناك من يرى أن بيان خارطة الطريق يدين الدعم العسكري الخارجي لكن دون تسمية الجهات الداعمة، رغم التقارير الأممية التي توثق دور هذه الجهات في دعم الأطراف المتحاربة وتزويدها بالسلاح، مما يطرح تساؤلات حول مصداقية بعض أطراف الرباعية. نظريا، مبادرة الرباعية لديها أقوى الأدوات لفرض وقف إطلاق النار وتحقيق الهدنة الإنسانية في السودان. فهي تتميز بالوزن الجيوسياسي والمالي، حيث تجمع بين القوة العظمى في العالم وثلاث من أقوى الدول الاقتصادية والدبلوماسية في المنطقة والعالم العربي، وكلها لها مصالح حيوية وتحالفات داخل السودان. وثانيا، تملك دول المبادرة إمكانات هائلة تمكنها من تقديم حوافز آنية ووعود مستقبلية، كإعادة الإعمار والاستثمار، أو فرض عقوبات قاسية ومشددة على الطرفين المتحاربين.
أيضا، أي دولة من دول المبادرة لها نفوذ مباشر على هذا الطرف أو ذاك من الأطراف المتحاربة. فمصر لديها علاقة استراتيجية طويلة الأمد مع الجيش السوداني، وتعتبر داعمه الرئيسي إقليميًا، بينما تتهم الإمارات بتقديم دعم لوجستي ومالي حاسم لقوات الدعم السريع. والسعودية تحتفظ بعلاقات جيدة مع طرفي القتال، بينما تمتلك الولايات المتحدة أدوات ضغط فعالة يمكنها توجيهها لكلا الجانبين المتقاتلين. ولكن رغم كل ذلك، فإن فاعلية المبادرة الرباعية مقيدة بعدد من التحديات التي يمكن أن تعيق هدفها الرئيسي في تحقيق وقف لإطلاق النار. أكبر تحد هو انقسام مكونات الرباعية في تحالفاتها مع أطراف القتال، بشكل غير معلن، وتبني بعضها الصراع بالوكالة. فكما أشرنا أعلاه، أحد أطراف المبادرة يميل بقوة إلى دعم الجيش السوداني، بينما طرف آخر متهم بدعم قوات الدعم السريع. وهذا يعني بدلاً من أن تضغط الرباعية بشكل موحد وباتجاه واحد، فإن هذا الانقسام قد يؤدي إلى «تحييد» جهود بعضها البعض، حيث أن أي ضغط على أحد الطرفين قد يقابله دعم خفي له من عضو آخر في الرباعية.
التحدي الثاني هو تضارب الأولويات بين أطراف المبادرة، فبعضها يرى في وجود حليف من أطراف القتال قد يفوز في النهاية، حماية لمصالحه الجيوسياسية والأمنية الطويلة الأمد. تحد آخر، هو عدم الرغبة في استخدام كامل النفوذ بشكل حاسم. فدول المبادرة يمكن، إذا اتحدت، أن تقطع شريان الحياة، التمويل والسلاح والدعم السياسي، عن طرفي القتال. لكن القيام بذلك يعني خسارة نفوذ هذه الدول على الطرف الذي تدعمه، وتحمل تبعات انهياره. ولذلك، قد تفضل هذه الدول «إدارة» الأزمة على حساب «حلها» بشكل قاطع قد لا يخدم مصلحتها المباشرة.
والآن، في ظل هذه التحديات، هل يمكن لهذه الرباعية إيقاف القتال كمدخل لإيقاف الحرب؟ اعتقد نعم، يمكنها ذلك، ولكن فقط إذا قررت التنسيق بشكل حقيقي ووضعت إنهاء الحرب كهدف أول فوق جميع الاعتبارات الجيوسياسية الأخرى. وهذا يتطلب اتفاقًا داخليًا بينها على حل محايد وليس انتصارا عسكريا لأي طرف. كما يتطلب تهديدًا موحدًا ومشتركًا بعقوبات حقيقية على من يخالف وقف إطلاق النار. وقبل كل ذلك، يتطلب الوقف الفوري لأي دعم عسكري أو لوجستي من الخارج، بما في ذلك من أعضاء المبادرة، للأطراف المتحاربة.
أعتقد، في الظروف الحالية، وآخذين في الاعتبار التحديات والقيود المذكورة، فإن دور مبادرة الرباعية، على الأرجح، قد يقتصر على محاولة احتواء الحرب ومنعها من الانتشار الإقليمي، وتحقيق هدنة إنسانية مؤقتة لتخفيف المعاناة، والحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة مع جميع الأطراف. ومع ذلك، هناك من يرى أن إطالة أمد المفاوضات دون الوصول لحل جذري قد يخدم مصلحة بعض الأطراف الدولية والإقليمية، لأن وضعية «لا منتصر ولا مهزوم» تحقق عدم بروز قوة إقليمية منافسة في السودان. خلاصة القول، مبادرة الرباعية هي الأقدر على إسكات البنادق في السودان بسبب نفوذها المباشر، ولكن انقسام تحالفاتها وتضارب مصالحها قد يجعلها جزءًا من المشكلة وليس الحل في الوقت الراهن. ولكن هذا لا يمنعنا من النظر إلى خارطة طريق التي أنتجتها باعتبارها نقطة تحول مهمة في التعامل الدولي مع الأزمة السودانية. أما نجاحها فمرهون بقدرة السودانيين على توحيد رؤيتهم والتوافق على المصلحة الوطنية العليا وللاستفادة من دعم الرباعية لوقف الحرب، دون أن يفقدوا السيطرة على القرار السيادي. فالسبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم هو تجاوز الاستقطابات الحادة والبناء على الجوامع المشتركة التي تحفظ وحدة السودان وسيادته وتنهي معاناة شعبه.




تحالف قوى التغيير الجذري
بيان#
إلي جماهير شعبنا الصابرة
وَحّدوا الإرادة .. نَظّموا الصفوف .. أوقفوا الحرب .. إستعيدوا مسار الثورة، وشَمّروا السواعد لبناء الوطن ،،،
يا جماهير شعبنا الصامدة، يا من صبرتم على النّهبِ والقتلِ والتشريد والتهجيرِ القسري والتصفيةِ العِرقيّة والإبادةِ الجماعيّةِ والتجويعِِ وكافَّةِ أشكالِ الظُّلم والإضطهاد ورفعتم رايةَ الثورةِ عاليَةً في وجهِ الحربِ والدمار، وقاومتم في أحلكِ الظروف وحافَظتُم على جَذوَةِ الثورةِ مُتّقِدةً فيكم وبينكم.
أبناءُ شَعبِنا الكريم
تتحركُ الرُّباعِيّةُ عَقِبَ مؤتمرِ شَرمِ الشيخ الخاصِّ بِمُشكِلَةِ غَزّة مدفوعةً بتأييدِ العديدِ من الدولِ والمؤسساتِ الدوليةِ لتفعيلِ ما جاءَ في بيانِها عن الوقفِ الفوريِّ والعاجلِ لحربِ السودانِ المَنسيّة، وفتحِِ المساراتِ لإيصالِ المساعداتِ الإنسانيَّةِ لأبشعِ كوارثِ الحِصارِ والتشريدِ والإبادةِ والإفقارِ والتجويع وذلِكَ بعد مرورِ أكثرِ من عامينِ ونصفِ العام من الصمودِ البطوليِّ للشعبِ السوداني وما كان لهذه التحركاتِ أنْ تَحدُث لولا هذا الصمودِ الأسطوريِّ لشعبِنا ولِمُقاوَمَتِهِ التي تواصَلَت وفي غيرِ انقِطاع، وعَبَّرَت عن نفسِها في الحراكاتِ الجماهيريةِ المُتَفَرِّقَةِ طِوالِ فترةِ الحرب في القضارف وكسلا وأبو جبيهة وبورتسودان وعطبرة ووادي حلفا وكريمة، وغيرها من أشكالِ ومشاهدِ الصمودِ البطولي في المُدُنِ والقُرى والبوادي والأرياف وفي مراكزِ النزوحِ واللجوءِ التي وَقَفَت في وَجهِ الحَرب وطالبَت بإنهائها وتحقيقِ السّلام وتوفيرِ أسبابِ الحياةِ الكريمه وابتكرت مِن أعمَاقِ تَجارِبِها المستمدَّةِ من تُراثِها وتقاليدِها المتوارثة في التعاضُدِ والتكافُلِ ومواجهةِ المُلِمّات ( كالتكايا ) وغُرَفِ الطوارئ وتنسيقيات مراكز النزوحِ واللُّجوءِ داخلَ السودانِ وخارجَهُ وتَعَدُّدِ لجانِ الإغاثه والدّعمِ الإنساني وتلاقُحِ كُلِّ ذلكَ مَعَ حراكاتِ جماهيرِ الجالياتِ السودانيه في كافّةِ بلدان العالم رافعةً رايات التضامن مع شعبِ السودانِ المنكوب وتفاعُل المجتمع الدولي مع حرب السودان الكارثيةِ المنسية.
إنَّ ما نراهُ اليومَ من حراكٍ دولي وسياسي ليس منّةً من أحد ، بل هو ثمرةً لنضالِ شعبِنا وصبرهِ وإصرارِهِ علي سيادَتِه ووحدتِه ونتيجةً لوعي هذا الشعب الذي رَفَضَ الإنجِرارَ إلى الحربِ الأهليةِ برغم محاولات أطرافِها وسُلطَةِ الأمرِ الواقع والقُوى الظلاميه التي تقفُ خلفَها لجرِّهِ إليها ، ونتيجةً لتراكُمِ نضالاتِ القُوى المدنيةِ والنقابيةِ والسياسيه ومنظماتِ المجتمعِ التي ظَلّت منذُ الوهلةِ الأولي لاندلاعِ شرارةِ الحرب تسعي لإعادةِ تنظيمِ صفوفِها لبناء جبهةٍ جماهيريةٍ قاعديه تُعَبّرُ عن تطلعاتِ الشعبِ المنكوب علي أرضِ الواقع وتُمَثّلُ صوتَ الثورةِ الحقيقي.
إننا في تحالُفِ قوى التغييرِ الجذري نؤكّدُ أنّ أي حلٍّ سياسيّ لا ينبعُ من الإرادَةِ المُطلَقةِ المُوَحّدَةِ لشعبنا وتطلعاتهِ ولا يحققُ شعاراتِ ثَورَةِ ديسمبر الخالدة في الحريةِ والسلامِ والعدالة هو حلٌّ مرفوض، وأنّ أيّ تسويةٍ تُعيدُ أطرافَ الحربِ إلى السُلطَة هي مجردُ تجريبٍ للمُجَرَّب وتَنَكُّرٍ وعدمِ وفاءٍ لتضحياتِ شُهَداء الثورة ودمائهِم التي خَضّبت ترابَ الوطن.
مع هذه التحركات للمجتمعِ الدولي من خلالِ الرُّباعيّة يدخل السودان إلى مُنعَطَفٍ هام ومرحلةٍ خطيرة تتطلبُ وحدةَ صفوفِ القوى الوطنيةِ السياسيةِ والمدنية وبِناءِ مركزٍ ثوريٍّ مُوَحّدٍ للجماهير ويُنَظّمُها ويُعَبّئُها وينسقُ كافّةَ الجهودَ الشعبية، لتقديمِ المساعداتِ الإنسانيةِ وتنظيمِ سريانِ عملياتِ الإغاثة تحت قيادةٍ جماهيريةٍ مستقلة، تتقبلُ الدّعمَ الدولي الحُر القائمَ على مبادئِ الصداقةِ والتضامُنِ الإنساني وتحفظُ الجميل كَسِمَةٍ أصيلةٍ من تراثِ شَعبِنا وتقاليدِهِ وقِيَمِهِ الرفيعةِ، وتَرفُضُ الوصايةَ والتبعية، وتعملُ على استعادةِ مسارِ الثورة وتحقيقِ غاياتِها في دولةٍ مدنيةٍ ديمقراطية تحفظُ السيادةَ وتَبني السلامَ الدائم.
إنّ اللحظةَ التاريخيةَ لا تحتملُ الانتظار فلتتحدَ السواعدَ والقلوبَ والعقول المنفتحة على قضايا الشعب من أجلِ وطنٍ حُر ودولةٍ مدنيةٍ ديمقراطية، تنعمُ بالسلامِ الدائم ، تُبنى بإرادة الجماهيرِ ووحدةِ قُوَاها وموارِدَها البشريةَ الوطنيةَ الذّاخِرَةَ بالخبرةِ والكفاءةِ والقُدرَةِ علي الإبداع.
المجد للشهداء
والعزة للسودان
تحالف قوى التغيير الجذري
٢٣ أكتوبر ٢٠٢٥
https://www.facebook.com/share/p/17PsLZyN1V/
سلام عليكم الاستاذ الشفيع خضر. خروجا من حالة الخوف الناتج عن استمرار تشتت القوى المدنية في هذا الظرف الحرج، حاولت ان اتفق معك في ان الرباعية قد تمثل “ضرورة واقعية”، وأن الخطر الحقيقي يكمن في تشتت الموقف الداخلي وغموض موقف الحركة الإسلامية وقادة الجيش في ظل شكوك مبررة بان ما يحدث مؤامرة دولية ضد السودان تنسج خيوطها بدقة في هدوء وان الرباعية تقوم بدور الإبرة.
رغم ما يمكن أن يقال في حق الدعم السريع لكن دخوله في تحالف تأسيس وتوقيعه على الميثاق أعطى شي من الأمل بأن يكون المخرج على يديه . لكن ما تقوم به قواته الآن من استهداف للمدنيين في الفاشر وغيرها ينسف اي امل.
احتلال الدعم السريع للفاشر وما تبعه من ابادة للمدنيين يجعل وضع الحركات المسلحة حرج جدا سواء المتحالفة مع الجيش او مع الدعم السريع وبالتالي ليس بعيدا انهيار تلك التحالفات وهذا يهدد بانهيار كلي للبلد .
بصراحة بديت اشك في كلام اسعد بولس.. وأسأل الله أن لا يصدق حدثي بانه يقوم بتنفيذ المؤامرة الدولية على السودان بمعسول الكلام، وليس بالضرورة أن تكون كل دول الرباعية طرفا في المؤامرة. تحياتي ونسال الله ان يحفظ بلادنا وأهلها.