أخبار السودان

“أبو لولو” السفاح اللغز الذي وثق تصفياته لآلاف المدنيين بالفاشر

قوات "الدعم السريع" تنكر معرفتها به وهو يقول إن له قضيته وقواته الخاصة

 

 

ملخص

تذخر صفحة “أبو لولو” على تطبيق “تيك توك” بعديد من الفيديوهات المتضاربة في شأن علاقته بـ”الدعم السريع”، فضلاً عن فيديوهات أخرى عدة، بعضها ذو صلة بالتصفيات التي نفذها.
غالباً ما يقوم “أبو لولو” بتصفية ضحاياه عقب عملية استجواب قصيرة جداً، يصدر وينفذ على أثرها حكمه رمياً بالرصاص بواسطة مسدس أحياناً وبندقية كلاشينكوف في مواقع أخرى.

وثقت كثير من مقاطع الفيديو التي تدفقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مشاهد إعدامات وتنكيل وتصفيات ميدانية، ضمن الانتهاكات المنسوبة إلى قوات “الدعم السريع” في حق أهل مدينة الفاشر عقب سقوطها في أيدي عناصرها، وسط تساؤلات حول مصير مئات الآلاف من سكانها في ظل صمت المجتمع الدولي على رغم كثرة وتعدد بيانات الإدانة والتنديد.

لغز “أبو لولو”

أعادت تلك المشاهد إلى الأذهان الفيديوهات التي يبثها “أبو لولو” الذي عرف على نطاق واسع بتنفيذ عمليات قتل بدم بارد أرعبت المدنيين في الفاشر، حتى أطلقوا عليه لقب “سفاح الفاشر” وأحياناً “جزار الفاشر”، الذي كان يظهر كأحد أحد أبرز القادة الميدانيين في “الدعم السريع”، على رغم إنكاره اللاحق في مقطع صوتي صلته بتلك القوات، فمن “أبو لولو” وما قصته؟
تباينت الروايات في شأن اسمه الحقيقي، بين الفاتح عبدالله إدريس، أم فقط عبدالله إدريس، لكنها تتفق جميعها على لقبه الذي اشتهر به “أبو لولو”.

وعلى رغم تعهدات “الدعم السريع” بعمل قواتها على تأمين مسارات خروج مئات من سكان الفاشر إلى مناطق آمنة، بدعوى أن الجيش و”القوات المشتركة” الداعمة له كانا يستخدمانهم كدروع بشرية قبل انسحابهم من المدينة، إلا أن عديداً من الفيديوهات وثقت تصفيات لعشرات الفارين من المدينة عقب سقوطها في قبضة “الدعم السريع”.

وظهر “أبو لولو” في أحد الفيديوهات الحديثة لتصفيات جماعية على مشارف الفاشر، وهو يبرر جرائمه قائلاً، “هذا شغلنا جينا ليهو” أي حضرنا من أجله “ولن نرحمهم”، ثم يباشر على الفور بإطلاق الرصاص من بندقية كلاشينكوف على مجموعة من المدنيين الفارين من المدينة ويرديهم جميعهم قتلى مضرجين بدمائهم.

تصفية على الهواء

ويعد “أبو لولو” المتهم الرئيس في الجريمة البشعة التي سقط ضمن ضحاياها المواطن أحمد قندول صاحب مطعم معروف بمدينة الفاشر، حيث ظهر في مقطع فيديو مصور وهو يفرغ رصاص مسدسه على الرجل ويرديه قتيلاً في الحال بعدما ذكر له أنه من قبيلة “التاما” ذات الأصول الأفريقية، وهو الفيديو الذي أثار ضجة واسعة واتهامات لـ”الدعم السريع” بارتكاب جرائم تطهير عرقي ضد المدنيين.
دفعت هذه الحادثة وانتشار الفيديو على نطاق واسع “الدعم السريع” إلى إعلان تشكيل لجنة تحقيق لمعرفة ما إذا كان الفاعل الذي ظهر بالمقطع المصور ينتمي إلى قواتها أم لا، غير أنه لم يصدر عن اللجنة أي تقرير أو توضيح معلن حتى اليوم.

ظهور بعد الموت

وعلى رغم الأنباء المتضاربة السابقة التي كانت قد أشارت إلى مقتل “أبو لولو” خلال اشتباكات بمدينة الفاشر، فإنه ظهر في مقطع صوتي حديث وفيديوهات تصفية لمدنيين عقب سقوط المدينة.
يقول “أبو لولو” في المقطع الصوتي، “أنا لست تابعاً لأي شخص والزي الذي ألبسه ليس زي ‘الدعم السريع’، أنا مثل الجنرال جلحة الذي جاء من ليبيا بقواته للمشاركة في القتال، وقد أتى بي الحماس للقتال ضد الجيش، أنا متمرد بمفردي ولدي مجموعة عربات قتالية وزي خاص بي ولا علاقة لي بـ’الدعم السريع'”. ويضيف “لدي قضية تخصني لوحدي فأهلي ماتوا وحضرت إلى هنا لكي أقاتل ويقاتلونني، أقتل أو أموت، وإذا في أي شخص يطلبني حتى لو الأمم المتحدة نفسها، أنا موجود فلتأتي إلي”.

رفع السقف

يقسم “أبو لولو” في تسجيله الصوتي أنه لن يتوقف عن القتل حتى يكمل ضحاياه العدد 2000 ولن يتنازل عن معركته في ذلك “إلى الأبد”، ثم ظهر لاحقاً ليؤكد أنه بعدما وصل إلى هذا الرقم، رفع سقفه ويريد أن يبدأ من الصفر مجدداً.
وينشر “أبو لولو” بنفسه مشاهد عمليات تصفيات ميدانية نفذها هو ضد مدنيين ويتفاخر بذلك علناً، من ضمنها بعض الإعدامات الميدانية التي تمت جزافاً ضد أشخاص في الفاشر بدعوى الانتماء إلى الجيش.

وتذخر صفحة “أبو لولو” على تطبيق “تيك توك” بعديد من الفيديوهات المتضاربة في شأن علاقته بـ”الدعم السريع”، فضلاً عن فيديوهات أخرى عدة، بعضها ذو صلة بالتصفيات التي نفذها.
غالباً ما يقوم “أبو لولو” بتصفية ضحاياه عقب عملية استجواب قصيرة جداً، يصدر وينفذ على أثرها حكمه رمياً بالرصاص بواسطة مسدس أحياناً وبندقية كلاشينكوف في مواقع أخرى.
وعلى رغم إنكار انتمائه لـ”الدعم السريع” في تسجيلاته الأخيرة، لكنه غالباً ما يحيي قائد تلك القوات محمد حمدان دقلو ويهدي الانتصارات له.

سفاح مهووس

في المقابل يقول الضابط السابق في الجيش السوداني، محمد بشير حامد، إن “هذا الرجل غير سوي ومهووس بالقتل، وهو حالة تعكس شخصية مضطربة تفخر بتصفية الآلاف، وكأنه يبحث عن رقم قياسي في مسابقة ما، مما يشير إلى منطلقات تتسم بالحقد وموت الضمير الإنساني، بعيداً من أي عقيدة عسكرية سوى الحرق والقتل”.
ووصف حامد “أبو لولو” بأنه “سفاح يمثل مدى الانهيار القيمي الأخلاقي الذي تعانيه ‘الدعم السريع’ لدرجة أن يتحول فيها مثل هذا السفاح القاتل إلى ‘أيقونة’ وسط زملائه احتفاء بجرائمه، كما ظهر في أحد مقاطع الفيديو واسعة الانتشار وهو يتباهى في حفل شواء بوصول ضحاياه إلى 900 قتيل وعزمه على الوصول بهم إلى الرقم 1000 قريباً، وسط تهليل مجموعة من عناصر ‘الدعم السريع'”.
ويرى الضابط السابق، أن “خطورة ظاهرة ‘أبو لولو’ تكمن في ظهور عشرات الـ’أبو لولو’ في صفوف ‘الدعم السريع’ يتبنون ذات النهج العنيف في تصفية الخصوم والعرقيات الأخرى، مما سيؤثر بصورة كبيرة على سمعة تلك القوات وصدقية تحالف ‘تأسيس’ في شأن حماية المدنيين”.

“الدعم” ينكره

وأنكر الناطق الرسمي باسم “الدعم السريع”، المقدم الفاتح قرشي، في حديث صحافي، معرفته بمقاتل أو جندي يحمل اسم “أبو لولو” ضمن كشوفات قواتهم، مردفاً، “نحن لا نقتل الأسرى وهناك تحقيقات وتحريات جارية حول الفيديوهات المنتشرة”. وأشار قرشي إلى أن “الاستخبارات التابعة لـ’الدعم السريع’ تعمل مع قواتنا لكشف وتحديد هوية من يظهرون في الفيديوهات يرتدون زي ‘الدعم السريع’، ومنع أي قوات أخرى من دخول المدينة لارتكاب انتهاكات”. ولمح قرشي إلى “جهات تأتي للمعارك وهي لا تنتمي لنا، بخاصة في ظل توافر الزي الخاص بقواتنا في الأسواق وأحياناً يستخدمه العدو للإضرار بسمعة عناصرنا”، في إشارة إلى الجيش واستخباراته.

لجان للتحقيق

إلى ذلك أعلن الناطق الرسمي باسم تحالف “تأسيس” الذي يقوده “الدعم السريع”، علاء الدين عوض نقد، أن التحالف سيعمل على تكوين لجان تحقيق للتحقق من صحة الفيديوهات والادعاءات التي تظهر ارتكاب انتهاكات ضد المدنيين في الفاشر وفي بارا وغيرها من المناطق التي تم تحريرها، على حد تعبيره، مشيراً إلى أن الانتهاكات والفيديوهات التي يتم تداولها، “كثير منها يتم صناعتها بواسطة إعلام الحركة الإسلامية والمرتزقة من المشتركة وغيرهم”. وتابع “أجلينا ما يقارب 800 ألف مدني من الفاشر خلال العمليات العسكرية إلى مناطق آمنة، وليس معقولاً أن تقوم قواتنا بانتهاكات ضد المدنيين بعد تحرير المدينة”. ورأى أن “محاولة الحركة الإسلامية وميليشياتها ومرتزقتهم من الحركات المسلحة تحويل هذه الحرب إلى حرب عنصرية إثنية فشلت وذهبت أدراج الرياح، فلن يقاتل السودانيون بعضهم بعضاً مجدداً لأي أسباب عنصرية أو دينية أو قبلية”.

اندبندنت عربية

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..