أخبار السودان

الدعم السريع وريثة الجنجويد… وحشية مترسخة منذ الولادة

تواصل مليشيات الدعم السريع في السودان ارتكاب جرائم حرب أحدثها في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور التي سيطرت عليها يوم الاثنين الماضي، وقتلت وشردت الآلاف من سكانها، وتسبّب ذلك في موجة من الغضب والدعوات للقضاء على هذه المليشيات التي أرقت السودانيين منذ ظهورها بصورة واضحة خلال حرب دارفور بين نظام الرئيس المخلوع عمر البشير والحركات المسلحة في العام 2003، وكان لها منذ ذلك الوقت النصيب الأكبر من الانتهاكات والجرائم التي أدت إلى تدخّل المحكمة الجنائية الدولية.

تشكلت قوات الدعم السريع من مليشيات الجنجويد القبلية التي كانت تقاتل نيابة عن الحكومة السودانية خلال حرب دارفور بين حكومة عمر البشير والحركات المسلحة في العام 2003، وتمت إعادة هيكلتها في أغسطس/آب 2013، ومنحها اسم قوات الدعم السريع وأصبحت تحت قيادة جهاز الأمن والمخابرات، ثم أجاز لها البرلمان السوداني عام 2017 قانوناً وعدّها قوة مستقلة تتبع للقوات المسلحة، ويقودها محمد حمدان دقلو المعروف باسم “حميدتي” وشقيقه عبد الرحيم.

وطوال فترة النزاع في دارفور، هاجمت مليشيات الدعم السريع القبائل التي شارك أبناؤها ضمن صفوف الحركات المسلحة، وقد وُصفت أعمالها بأنها إبادة جماعية من قبل عدد من الحكومات ومجموعات حقوق الإنسان، الأمر الذي تسبّب في إحالة مجلس الأمن الحالة في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية بموجب القرار رقم 1593 الصادر عام 2005. وبعد سقوط نظام البشير في إبريل 2019، كانت أبرز جرائم مليشيات الدعم السريع هي مشاركتها ضمن قوات المجلس العسكري الحاكم حينها في فض اعتصام القيادة العامّة بتاريخ 3 يونيو/حزيران 2019 بشكل عنيف، ما تسبّب في مقتل أكثر من 200 محتج سلمي ومئات الجرحى، كما أقدمت بعض عناصر “الدعم” على اغتصاب النساء ونهب منازل المدنيين في العاصمة الخرطوم وفي مدن أخرى في نفس يوم المجزرة حسبما وثقت منظمات محلية ودولية.

مجازر مليشيات الدعم السريع

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في إبريل 2023، اجتاحت “الدعم” عدداً من الولايات السودانية، وهاجمت عشرات المدن والقرى ونكلت بسكانها، وارتكبت جرائم عنيفة خصوصاً في ولايات دارفور، وولاية الجزيرة والخرطوم. وكانت أشهر تلك المجازر ما وقع في قرية النورة بولاية الجزيرة، والتي وقعت أحداثها في 5 يونيو/حزيران 2024، إذ هاجمت مليشيات الدعم السريع القرية مرتين بصورة عنيفة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 100 مدني.

وفي 9 مايو/أيار 2024 اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش مليشيات الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية في مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور. وجاء ذلك في تقرير شامل للمنظمة من 186 صفحة. وذكر التقرير أن “الدعم” والمليشيات المتحالفة معها ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، من خلال استهداف قبيلة “المساليت”، بشكل متعمد ومنهجي. وقالت المنظمة، في تقرير آخر أصدرته في 10 ديسمبر/كانون الأول 2024، إن “الدعم” قتلت بين ديسمبر/كانون الأول 2023 ومارس/آذار 2024 عشرات المدنيين، وكذلك جرحت، واغتصبت، واختطفت كثيرين آخرين في موجات من الهجمات ضد بلدتي هبيلة وفايو بولاية جنوب كردفان، معتبرة أن الهجمات تشكّل جرائم حرب.

وفي تقرير صدر في 10 إبريل 2025، قالت منظمة العفو الدولية إن مليشيات الدعم السريع مارست عنفاً جنسياً واسعاً ضد النساء والفتيات طوال الحرب بهدف إذلالهن، وفرض السيطرة، وتشريد المجتمعات في جميع أنحاء البلاد. ووفقاً للتقرير فإن الفظائع التي ارتكبتها “الدعم”، والتي تشمل الاغتصاب، والاغتصاب الجماعي، والاستعباد الجنسي، تشكّل جرائم حرب، وربما جرائم ضد الإنسانية. ووثق التقرير تعَرُّض 36 امرأة وفتاة لا يتجاوز عمرهن 15 عاماً، للاغتصاب أو الاغتصاب الجماعي من قِبل جنود مليشيات الدعم السريع إلى جانب أشكال أخرى من العنف الجنسي، في أربع ولايات سودانية بين إبريل 2023 وأكتوبر/تشرين الأول 2024. وشملت الانتهاكات اغتصاب إحدى الأمهات بعد انتزاع طفلها الرضيع منها، واستعباداً جنسياً لمدة 30 يوماً لامرأة في الخرطوم، بالإضافة إلى الضرب المبرّح والتعذيب باستخدام سائل ساخن أو شفرات حادة، والقتل.

أحدث المجازر ارتكبت في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور بعد استيلاء “الدعم” على المدينة يوم الاثنين الماضي، ما أدى إلى مقتل الآلاف وتشريد آخرين حسب منظمات محلية ودولية، وما زال الأمر مستمراً في المدينة. وكانت بعثة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان في 11 أكتوبر 2023، قالت في تقرير أصدرته في 5 سبتمبر 2025، إن مليشيات الدعم السريع خلال حصارها للفاشر والمناطق المحيطة بها، ارتكبت مجموعة واسعة من الجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل، والتعذيب، والاسترقاق، والاغتصاب، والاستعباد والعنف الجنسي، والتهجير القسري، والاضطهاد على أسس عرقية واجتماعية وسياسية. وأضافت أن “الدعم” وحلفاءها استخدموا التجويع وسيلةً من وسائل الحرب، من خلال حرمان سكان الفاشر من المواد الأساسية اللازمة لبقائهم على قيد الحياة “وهو ما قد يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية والتي تعتبر جريمة ضد الإنسانية”.

عقوبات أميركية على حميدتي

وبموجب تلك الانتهاكات فرضت الولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني 2025 عقوبات على قائد مليشيات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي). وقالت الخارجية الأميركية، في بيان وقتها، إن العقوبات على حميدتي تأتي “لدوره في الفظائع الممنهجة المرتكبة ضد الشعب السوداني”، مضيفة أن “عناصر من قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وتطهيراً عرقياً وإبادة جماعية في السودان”. وفي 8 نوفمبر 2024 فرضت لجنة تابعة لمجلس الأمن عقوبات على اثنين من قادة مليشيات الدعم السريع بدعوى زعزعة استقرار البلاد من خلال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان، وهما عثمان محمد حامد، وعبد الرحمن جمعة بارك الله.

ودعا أعضاء جمهوريون وديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأميركي، أمس الخميس، إلى رد قوي من إدارة الرئيس دونالد ترامب، وتصنيف مليشيات الدعم السريع منظمة إرهابية. وطالب السيناتور الجمهوري جيم ريش، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، بأن تصنف الولايات المتحدة قوات الدعم السريع رسمياً منظمة إرهابية أجنبية. وكتب في بيان على منصة إكس إن “الفظائع التي وقعت في الفاشر في دارفور لم تكن بالخطأ، بل كانت خطة قوات الدعم السريع منذ البداية. تمارس قوات الدعم السريع الإرهاب وترتكب فظائع لا توصف من بينها الإبادة الجماعية ضد الشعب السوداني”. وقالت السيناتور جين شاهين، أبرز الأعضاء الديمقراطيين في اللجنة، رداً على سؤال حول ما إذا كانت ستدعم تصنيف مليشيات الدعم السريع منظمة إرهابية أجنبية: “على الأرجح”، لكنها أضافت أنها تود دراسة المسألة بتأن.

وعلى الرغم من كل الصور والفيديوهات والتقارير التي تؤكد وقوع مجازر في الفاشر، حاولت مليشيات الدعم السريع التنصل منها، حيث نفت، في بيان أمس الخميس، “بشكل قاطع ما تروّجه جهات معادية من ادعاءات حول مقتل أكثر من 400 مريض بدعوى تعرّضهم لقصف داخل أحد المستشفيات بمدينة الفاشر”. وأضافت: “تؤكد قواتنا أن هذه المزاعم لا تستند إلى أي حقائق، خاصة وأنه لم تكن هناك مستشفيات عاملة في المدينة بعد مغادرة المدنيين لها”. وتابعت: “تأتي هذه المعلومات المضللة في سياق حملات دعائية مكثّفة تهدف إلى إثارة الرأي العام وتضليل المنظمات والجهات المعنية عبر بث روايات مختلقة ولا تمت للواقع بصلة. تدعو قواتنا الجهات الإعلامية ومنظمات الأمم المتحدة كافة، إلى عدم الانسياق خلف روايات غرف إعلام تابعة لعناصر الحركة الإسلامية، التي تحاول توظيف مثل هذه الادعاءات لتحقيق مكاسب سياسية بعد خسارتها الميدانية في معارك الفاشر”. وكان دقلو زعم، في كلمة مصورة بثت على قناته على تطبيق تليغرام أول من أمس الأربعاء، وصول لجان تحقيق إلى الفاشر. وقال: “نتأسف لأهل الفاشر بسبب الكارثة التي حصلت لهم، لكننا كنا مجبرين، والحرب فرضت علينا”، مضيفاً: “نحن ناس سلام. أقول لكل القوات: ممنوع قتل الأسير العسكري. أما المدني، فلا علاقة لكم به”. وأشار الى أن “لجان المحاسبة وصلت الى الفاشر ونحن مع القانون ومحاسبة من أخطأ”.

مجزرة في كردفان

وأفادت شبكة أطباء السودان (غير الحكومية)، في بيان أمس الخميس، أن قوات من مليشيات الدعم السريع أقدمت الأربعاء الماضي على تصفية 38 مواطناً أعزل في منطقة أم دم حاج أحمد بشمال كردفان بتهمة الانتماء للجيش، معتبرة أن هذا يعكس “سلوكاً همجياً يجسد سياسة القتل على الهوية التي تتبعها الدعم السريع في كل مناطق السودان”، مؤكدة أن “ما جرى ليس حادثة معزولة، بل استمرار لمخطط التطهير والإبادة الذي تنفذه الدعم السريع ضد المواطنين الأبرياء في شمال كردفان ودارفور، وسط صمت دولي مخز وتواطؤ من المنظمات التي تكتفي بالتعبير عن القلق بينما تُسفك دماء السودانيين كل يوم”. ودعت المجتمع الدولي، وخصوصاً مجلس الأمن، إلى التحرك الفوري لوضع حد لآلة القتل، وملاحقة قادة مليشيات الدعم السريع لوقف المجازر التي تحدث في كل المدن التي تدخلها قواتهم.

عثمان صالح: الانتهاكات اتخذت هذه الأيام منحى تصعيدياً وأكثر دموية ووحشية

وقالت منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان دينيس براون، في حوار مع موقع أخبار الأمم المتحدة نشر الأربعاء الماضي، إن قوات الدعم السريع شددت الخناق على مدينة الفاشر ومنعت الغذاء عن المدنيين “وهو ما يعادل استخدام التجويع كسلاح حرب”. وأوضحت أن الدعم الإنساني “مقطوع فعلياً عن الفاشر منذ أكثر من 500 يوم”، مشيرة إلى أن تقارير موثوقة تؤكد وقوع “إعدامات ميدانية بحق المدنيين في المدينة أثناء محاولتهم الفرار من القتال”. وشددت على أهمية توثيق الانتهاكات لتحقيق العدالة والمساءلة في المستقبل. وفي السياق، أعلنت منظمة الهجرة الدولية نزوح 2698 شخصاً من مدينة الفاشر خلال يوم واحد، جراء هجمات مليشيات الدعم السريع، ليرتفع عدد النازحين إلى 36 ألفاً و183 نازحا خلال 4 أيام. كما أعلنت منظمة الصحة العالمية، في بيان، مقتل أكثر من 460 مريضاً ومرافقاً في المستشفى السعودي في الفاشر واختطاف العاملين الصحيين في الهجمات الأخيرة. وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس في بيان على منصة إكس أمس الخميس إن منظمة الصحة العالمية “مستاءة ومصدومة بشدة لمعلومات تحدثت عن مقتل أكثر من 460 مريضاً وأشخاص يرافقونهم في المستشفى السعودي للتوليد في الفاشر بالسودان، إثر الهجمات الأخيرة وخطف عاملين في مجال الصحة”. وأضاف: “أوقفوا إطلاق النار”. وكانت المنظمة أشارت إلى أن ستة من العاملين في مجال الصحة وأربعة أطباء وممرضاً وصيدلانياً اختطفوا الثلاثاء الماضي و”في اليوم نفسه، وردت أنباء عن مقتل أكثر من 460 مريضاً ومرافقيهم بالرصاص في المستشفى”.

الانتهاكات اتخذت منحى أكثر وحشية

وقال المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان عثمان صالح، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن الانتهاكات لم تتوقف منذ بداية الحرب، ولكنها اتخذت هذه الأيام منحى تصعيدياً وأكثر دموية ووحشية، مضيفاً أن “الدعم السريع ارتكبت الكثير من الانتهاكات مع أنها ترفع شعارات وتتحدث عن التأسيس لدولة جديدة، لكن أفعالها تختلف عن ذلك”. وأكد أن “الدعم ما زالت تمارس القتل خارج إطار القانون بطريقة بشعة، ولا يمكن لإنسان سوي أن يرتكب جرائم بهذه الطريقة من تصفية للمدنيين بدم بارد، وتوثيق الجرائم وبثها على مواقع التواصل الاجتماعي”، لافتاً إلى أن ما حدث في مدينتي بارا بولاية شمال كردفان، والفاشر بولاية شمال دارفور، يؤكد دموية قوات الدعم السريع ويشير إلى أن جنودها أبعد ما يكونون عن الانضباط العسكري والالتزام بقوانين الحرب واتفاقيات جنيف.

وذكر صالح أن قوات الدعم السريع تقوم بأفعال مجرّمة قانوناً ضد المدنيين والعسكريين، وما حدث في بارا والفاشر ليس للمرة الأولى، لأن انتهاكات “الدعم” موجودة منذ ما قبل الحرب بسنوات طويلة وتواصلت مع الحرب الحالية، لكنها صارت أكثر وحشية وبوتيرة متصاعدة، لافتاً إلى أنها حاصرت المدن، مثل الفاشر لأكثر من سنة وبها مدنيون، ورفضت فتح مسارات لإدخال السلع أو إخراج المدنيين، وبالتالي استخدمت الغذاء سلاح وهي جريمة بموجب القانون الدولي الإنساني، مشيراً إلى أن هذا الوضع دفع الناس لأكل “الأمباز” وهو علف حيوانات من بقايا الفول السوداني، وتصاعدت أسعاره نتيجة لذلك. وأضاف: “استخدموا كل الوسائل اللاإنسانية لتحقيق ما يسمونه انتصارات عسكرية”.

أبو القاسم إبراهيم: نوعية جرائم “الدعم” تنم عن تجذّر منهجية راسخة لإخضاع المصنفين على أنهم أعداء

وحسب صالح، تمارس قوات الدعم السريع التهجير القسري لإخراج الناس من المدن، والآن تهدد سكان مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان لإخراجهم، “وتصل إلينا أخبار أن هناك هجرة من الأبيض بسبب هذه التهديدات، حتى يأتوا هم ويدخلوا المدينة ويجدوها فارغة لنهب الممتلكات وجلب مجموعات أخرى للسيطرة على الأملاك”. وأضاف أن من ممارسات “الدعم” أيضاً القصف العشوائي للمدن والقرى الذي يصيب المباني والمدنيين، مشدداً على أنه لا يمكن أن يكون هناك إفلات من العقاب بعد كل هذه الجرائم، ولا بد أن يحاسب المسؤولون عنها. وتابع: “الجنود واضح أنهم تلقوا أوامر من القادة، لأن هذه الجرائم أصبحت ممنهجة، وحتى إذا لم يصدر القادة الأوامر فهم لم يمنعوا جنودهم”. وأشار إلى أن الانتهاكات تستمر لذلك لا بد من الضغط على الأطراف لإنهاء الحرب وحفظ ما تبقى من أرواح، “حتى لا تتلاشى البلاد ولا يبقى هناك وطن”.

بدوره يقول الباحث السياسي أبو القاسم إبراهيم، لـ”العربي الجديد”، إن تركيبة قوات الدعم السريع، وهم نفسهم “الجنجويد”، قائمة أصلاً على سفك الدماء وخوض الصراعات، وهم في طبيعتهم لا يقيمون وزناً لحياة الآخرين، خصوصاً إذا كانوا يرون فيهم أعداء، مضيفاً أن هناك الكثير من الجرائم الموثقة مثل مجزرة فض اعتصام القيادة العامة في الخرطوم، وفي أحداث مجزرة مدينة الجنينة في يناير 2021، ونوفمبر 2023، وكذلك الهجوم على المجتمعات الأخرى بولايات دارفور عند اندلاع الحرب.

وحسب إبراهيم، فإن نوعية الانتهاكات والجرائم التي تمارسها قوات الدعم السريع تتسم بالوحشية، وتنم أساليبها عن تجذّر منهجية راسخة في هذه المليشيات تقوم على الإخضاع للأشخاص والجماعات المصنفين على أنهم أعداء، وهذا العداء حسب قوله في الأساس ذو طابع إثني مبني على صراعات البقاء، لذلك كان بعض المقاتلين يقول في مقاطع فيديو، خلال احتلال ولايات مثل الخرطوم والجزيرة، إنهم سينقلون أهلهم إلى هنا للسيطرة على الأراضي والأموال. ولفت إبراهيم إلى أن توسيع دائرة الانتهاكات هي رغبة ملحّة لدى “الدعم السريع” متى ما سنحت الفرصة، وقد أفلت قادتها من العقاب لسنوات طويلة بمساعدة الحكومة والجيش ذات يوم، لذلك يظنون الآن أن لا رادع سيوقفهم أبداً.

وأكد وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي رفض بلاده الكامل لأي مخططات لتقسيم السودان. وأشارت وزارة الخارجية المصرية، في بيان أمس الخميس، أن عبد العاطي تلقى اتصالين هاتفيين من مستشار الرئيس الأميركي للشؤون الأفريقية مسعد بولس، وتوم فليتشر وكيل السكرتير العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ. وذكر البيان أن بولس عرض الجهود الأميركية وفي إطار الرباعية الدولية المبذولة لوقف الانتهاكات التي تشهدها الساحة السودانية، خاصة في المناطق المتضررة جراء النزاع في دارفور. ومن جانبه، شدد عبد العاطي على المواقف المصرية الثابتة إزاء دعم وحدة السودان وسلامة أراضيه والرفض الكامل لأي مخططات لتقسيم السودان والعمل للحفاظ على مؤسساته الوطنية، وصون سيادته ومقدرات الشعب السوداني. واتفق عبد العاطي وكل من بولس وفليتشر على مواصلة التشاور والتنسيق خلال المرحلة المقبلة، دعماً للجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق السلام المستدام في السودان، وتخفيف المعاناة الإنسانية عن الشعب السوداني.

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في بيان الخميس، عن “القلق البالغ إزاء التصعيد العسكري الأخير” في الفاشر، داعياً إلى “إنهاء الحصار والأعمال الحربية فوراً”. وأعربت روسيا عن قلقها إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في الفاشر. وأكدت وزارة الخارجية، في بيان أمس الخميس، أن “استخدام العنف ضد السكان المدنيين أمر غير مقبول ويتناقض مع المعايير المعترف بها عموماً للقانون الإنساني الدولي”، مضيفة: “تدعو موسكو المسؤولين عن الوضع في المدينة إلى اتخاذ التدابير اللازمة لحماية سكانها”. وتابعت: “تدعو روسيا إلى حل سلمي للصراع في السودان، المستمر منذ أكثر من عامين، والحفاظ على وحدة البلاد وسيادتها وسلامة أراضيها. كما تصر روسيا باستمرار على ضرورة الوقف الفوري للأعمال العدائية وإطلاق عملية سياسية شاملة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..