فلنحاصر تداعيات سقوط الفاشر بوقف الحرب

١
لابديل لدرء تداعيات سقوط الفاشر غير وقف الحرب وترسيخ السلام واستعادة مسار الثورة ‘ استمرار الحرب والتصعيد كما في دعوات الإسلامويين لن يقود الا للمزيد من الدمار والتدهور في الأوضاع الإنسانية’ والتعجيل بخطر تقسيم البلاد’ و التدخل في شؤونها الداخلية بهدف نهب ثرواتها’ والوجود في منطقة البحر الأحمر’ لمصلحة الدول التي تسلح طرفي الحرب’ في ظل احتدام الصراع الدولي لنهب الموارد بين أمريكا والصين وروسيا ودول المحاور الاقليمية’ في السودان وافريقيا.
بعد سقوط الفاشر وجرائم الابادة الجماعية والتطهير العرقي الذي حدث ووجد استنكارا داخليا وعالميا واسعا’ أصدر مجلس الأمن بيانا بشأن السودان’ يحتاج لتحويل ماجاء فيه إلى خطوات عملية ملموسة. أدان البيان الهجوم الذي شنّته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر وما خلّفه من آثار مدمّرة على السكان المدنيين. وأدان الفظائع المبلغ عنها التي ترتكبها قوات الدعم السريع ضد السكان المدنيين، بما في ذلك الإعدامات الميدانية والاعتقالات التعسفية، ودعا لحماية المدنيين وفتح الممرات الآمنة لوصول المساعدات ‘والحفاظ على وحدة السودان ورفض الحكومة الموازية’ وحماية العاملين في المجال الإنساني ومحاسبة جميع مرتكبي الانتهاكات.ورفض التدخل الخارجي.ودعا أعضاء مجلس الأمن جميع أطراف النزاع إلى استئناف المحادثات بين الأطراف للتوصل إلى وقفٍ دائمٍ وشاملٍ لإطلاق النار، وإطلاق عملية سياسية شاملة يملكها ويديرها السودانيون أنفسهم.
إضافة لضرورة السماح بعمل مدير برنامج الأغذية العالمي ‘فقد تم استنكار واسع لقرار حكومة بورتسودان بإبعاد مدير برنامج الأغذية العالمي في السودان، لوران بوكيرا، ومديرة العمليات سمانثا كاتراج، واعتبارهما شخصين غير مرغوب فيهما. وجاء القرار عقب استدعائهما من قبل وزارة الخارجية والتعاون الدولي السودانية، التي منحتهما مهلة 72 ساعة لمغادرة البلاد’ مما يهدد وصول المساعدات للجوعي، في وقت يعيش فيه ملايين السودانيين أوضاعًا كارثية تتطلب استجابة دولية عاجلة.
٢
من جانب آخر أعربت بعثة تقصي الحقائق المستقلة عن قلق بالغ إزاء الانتهاكات الواسعة التي أعقبت سقوط مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور بيد قوات الدعم السريع، معتبرة أن ما يحدث يمثل تحولًا خطيرًا في مسار الحرب السودانية. وفي بيان صدر الخميس، أكدت البعثة أنها جمعت شهادات مباشرة من ناجين تكشف عن هجمات منهجية تستهدف المدنيين على أسس عرقية، شملت إعدامات ميدانية واعتداءات جنسية ونهبًا واسعًا، إضافة إلى تدمير البنية التحتية ونزوح قسري لعشرات الآلاف. رئيس البعثة، القاضي التنزاني محمد شاندى عثمان، وصف المدينة بأنها تحترق بينما يواجه ملايين السودانيين شبح المجاعة، داعيًا إلى تحرك دولي عاجل يترجم معاناة الضحايا إلى أفعال توقف النزيف وتعيد الاعتبار للمساءلة.
وحسب هيومن رايتس ووتش ارتكبت قوات الدعم السريع جرائم قتل غير قانوني ضد المدنيين الفارين من الفاشر. وتصاعدت هذه الانتهاكات مع انتصار قوات الدعم السريع. تُظهر فيديوهات مُتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي منذ 26 أكتوبر، حللتها وتحققت منها هيومن رايتس ووتش، مقاتلي قوات الدعم السريع يحتفلون فوق أعداد كبيرة من الرجال والنساء القتلى، سواء بالبزات العسكرية أو بالملابس المدنية، ويُعدِمون مدنيين مفترضين، ويسخرون من أشخاص. اعتقلت قوات الدعم السريع الصحفي معمّر إبراهيم.
خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن قوات الدعم السريع ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب واسعة في إطار حملة تطهير عرقي استهدفت المساليت وغيرهم من السكان غير العرب في الجنينة. سياق عمليات القتل وطبيعتها الواسعة النطاق والموجهة نحو إثنيات معينة يثيران أيضا احتمال أن تُشكل عمليات القتل هذه أفعال إبادة جماعية.
كما اشرنا سابقا أن تلك الجرائم في الفاشر وبارا امتداد للانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في مدن أخرى مثل زالنجي والجنينة والخرطوم، ووصلت إلى ولايتي الجزيرة وسنار في يونيو الماضي، ولا تزال تتوسع نحو شمال النيل الأبيض وشمال وغرب وجنوب كردفان. في الجنينة، واجهت القوات اتهامات بارتكاب عنف عرقي أودى بحياة نحو 15 ألف شخص، من بينهم والي غرب دارفور خميس أبكر، الذي تم التمثيل بجثته. هذه الجرائم، بحسب منظمات حقوقية، قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتستدعي تحقيقًا دوليًا عاجلًا.
تواصلت الانتهاكات في ولاية الخرطوم بعد إعلان خلوها من قوات الدعم السريع، حيث مارست الكتائب الإسلامية التي تقاتل إلى جانب الجيش انتهاكات ضد سكان جنوب الحزام، والشباب العاملين في غرف الطوارئ التي تشرف على المطابخ الجماعية. وشملت هذه الانتهاكات مناطق الحلفايا والمزاد ببحري والجريف وجنوب الحزام بمحلية الخرطوم وجبل أولياء، ما أثار موجة من الغضب الشعبي والدعوات الحقوقية لوقف هذه الاعتداءات.واتخاذ إجراءات لتوقيف المتورطين.
٣
ما حدث من انتهاكات في الفاشر وبارا يؤكد ضرورة الحلول الداخلية وتقوية بناء اوسع جبهة جماهيرية لوقف الحرب واستعادة مسار الثورة’ وعودة النازحين إلى منازلهم ومخيماتهم’ وتكوين إداراتها المستقلة. ومحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب ‘وعدم الإفلات من العقاب’ وعدم تحويل الحرب إلى أثنىة وعرقية وقبلية تهدد وحدة البلاد وأمن المنطقة. وحماية المدنيين والعاملين في المنظمات الانسانية.إضافة لخروج العسكر والدعم السريع والمليشيات من السياسة والاقتصاد وقيام الحكم المدني الديمقراطي’ وتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية’ بعد إدانة على كوشيب ‘وقيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية للتوافق على شكل الحكم ودستور ديمقراطي وقانون انتخابات ديمقراطي يفضي لانتخابات حرة نزيهة’وقيام علاقات خارجية متوازنة مع كل دول العالم بعيدا عن الأحلاف العسكرية.



