مقالات وآراء

نداء العقل قبل الانهيار: السودان لا يتحمّل المزيد

 

عمر المقبول آدم الحاج

في وطن أنهكته الحروب، وانطفأت فيه الأرواح قبل الأضواء، ما زال البعض يراهن على لغة السلاح، متوهمين أن فوهة البندقية تصنع سلاماً، وأن الانتقام يحقق عدالة.
لكن ما جرى في الفاشر من تصفيات ميدانية للأسرى، وما سبقه من قصف وقتل في الجزيرة والخرطوم، يؤكد أننا نسير في طريق لا يؤدي إلا إلى الهلاك.الدم لا يطفئ نار الدم، والخراب لا يبني وطناً.
لقد شاهد العالم كله المشاهد المروعة… جثث تُصفّى بدم بارد، ووجوه أبكت الغريب قبل القريب. من يملك ذرة ضمير لا يستطيع تبرير هذا السقوط الأخلاقي بأي ذريعة.
نقول “لا للحرب”، فيُتهم صوتنا بالضعف.نقول “كفى دم”، فيُقابل بنداء للثأر.
والأغرب: حين تسقط مدينة وتنفضح الجرائم، نسمع الصراخ والعويل من ذات الأصوات التي كانت تبرر القتل بالأمس. فجأة يرتدون عباءة الضحية، ويصرخون “يا مجتمع دولي! يا أمم متحدة!” وكأن الذاكرة تُمحى مع تغير الموازين.
الحرب ليست شرفاً، والدم ليس ورقة تفاوض.
ومن يبرر القتل، لا يملك الحق في تمثيل دور الضحية.
العدالة لا تتجزأ، والضمير لا يجوز أن يكون موسميًا.
وهنا، أناشد الفريق أول محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع، الذي عهدناه لا يقبل الظلم:قدّم كل من تلطخت يداه بالدماء إلى العدالة، لا مجاملة، ولا تستر، فالتاريخ لا يرحم.
وأناشد الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أن يتحمل مسؤوليته الأخلاقية والوطنية، ويتخلّى عن إرث المؤتمر الوطني الذي زرع بذور هذه الفوضى، ويحاسب كل من تورط في جرائم القتل خارج القانون، سواء في الخرطوم أو الجزيرة… الخ.
الوطن لا يحتمل مزيداً من العبث، ولا المزيد من الانهيار.
السودان لن يُبنى على أنقاض الأحقاد، ولا على جماجم الأبرياء.
السودان يُبنى بالعدل، ويُنهض بالعقل، لا بالانتقام.
فلنصمت جميعًا قليلاً… وننصت لصوت العقل،قبل أن لا يتبقى وطن نختلف عليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..