مقالات وآراء

تدويل!!

طيف أول:
بعض الكلمات تحمل عذرك حينما يتأخر وصولها، ومع ذلك لا تؤجّل فكرة أن يكون عمرك كلمة!!

وبالأمس نشرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية مقالًا خطيرًا للكاتبة الصحفية ناتاليا كوادروس، تدعو فيه حكومتها للتحرك ضد نظام الإخوان في السودان الذي يقوده البرهان، تحت عنوان:

(لماذا يشكّل الجنرال السوداني تهديدًا متزايدًا لإسرائيل من خلال التحالف مع إيران وحزب الله والإخوان المسلمين، ويتحدى كل نداء أمريكي وعربي للسلام!)

حوّل حاكم السودان بلاده إلى جبهة جديدة ضد إسرائيل. فبالرغم من أن السودان ينزف، لا يزال الرجل الذي يحمل السكين يدّعي أنه يتحدث باسم الاستقرار. وحوّل الجنرال عبد الفتاح البرهان معاناة بلاده إلى ورقة مساومة لإيران والإسلام المتطرف الذي يمثله الإخوان المسلمون. لقد اختار الجنرال الاستبداد على الانتقال.

وترى الكاتبة أن البرهان اختار أعداء إسرائيل كحلفاء له. فعندما ناشدت واشنطن والعالم العربي وقف إطلاق النار، كان جواب البرهان واضحًا: المزيد من المجازر. وقد اقترحت خارطة طريق مفصلة للمفاوضات ووقف إطلاق نار دائم، ودعت إلى إنهاء الهجمات على المدنيين ونقل السلطة إلى عملية انتقالية بقيادة مدنية، لكن البرهان رفض كل كلمة.

ولم يكن تحديه سوء فهم، بل كان إعلانًا عن أيديولوجية وتوافق. رجل صاغته جماعة الإخوان المسلمين خلف واجهة الزي الرسمي والعلم، البرهان هو وريث نظام عمر البشير الإسلامي، وهو الآن مسلّح ومستشار من طهران ومشجَّع بمثال حزب الله. حربه ضد شعبه هي نفس الحرب التي تشنها إيران وحزب الله ضد العالم الحر، حرب ضد الحياة نفسها. أصبح البحر الأحمر ممرًا للطائرات بدون طيار الإيرانية.

وتمضي الكاتبة قائلة إن حرب السودان مهدد رئيسي لبلادها: هذه ليست حربًا أهلية، إنها إعادة غزو إسلامي ممول من إيران، ومنسق مع حزب الله، ومبرر بعقيدة الإخوان السامة. وتزيد: هذه ليست مأساة بعيدة؛ إنها قرب استراتيجي. لقد وجدت إيران في السودان ما وجدته في اليمن سابقًا: رأس جسر. من خلال البرهان، تحصل طهران على البحر الأحمر، ومنصة إطلاق مثالية لسلاحها الأكثر ولاءً، حزب الله، الذي تعزّز الآن بشبكات الإخوان المتعاطفة المنتشرة عبر إفريقيا.

إن تحالف إيران وحزب الله والإخوان يعني شيئًا واحدًا: لم تعد الجبهة الجنوبية ضد إسرائيل افتراضية. يمكن للطائرات بدون طيار التي تُطلق من السودان أن تهدد إيلات وطرق الشحن الإسرائيلية. إن البحر الأحمر، الذي كان في يوم من الأيام شريانًا حيويًا للتجارة، قد يصبح خط مواجهة أمامي. لا شريك للسلام، لا عودة إلى إبراهيم. لقد مدّت إسرائيل يدها من قبل من خلال اتفاقيات إبراهيم، على أمل عهد جديد مع العالم العربي. لكن السودان في عهد البرهان لا يمكنه الانضمام مرة أخرى إلى عائلة السلام تلك.

كيف يُمكن لنظامٍ يتحالف مع حزب الله وطهران والإخوان المسلمين، ويقصف شعبه، ويتحدى كل مقترح أمريكي للسلام، أن يكون شريكًا في التطبيع!!

يبدأ طريق العودة إلى السلام في السودان، وأي شراكة مستقبلية مع إسرائيل، بخطوة واحدة: إزاحة عبد الفتاح البرهان من السلطة.
وحتى ذلك اليوم، لن يبقى السودان جسرًا للسلام، بل حصنًا منيعًا للكراهية، يحرسه إسلاميون يرون في إسرائيل عدوهم القادم.

على إسرائيل أن تتحرك الآن، محذّرة حلفاءها، ومعززة دورياتها البحرية، ومحثة واشنطن على قطع كل شريان حياة عن المجلس العسكري في الخرطوم.
على إسرائيل أن تتحدث بوضوحٍ غاب عن الآخرين: من يختارون إيران وحزب الله والإخوان لا يمكنهم اختيار السلام.

لقد اختبر البرهان صبر العالم بالفعل. لقد تحدى الرباعية، ورفض كل وقف لإطلاق النار، وتحالف مع طهران. قد يأتي تحديه القادم على حساب إسرائيل.


والقارئ للمقال يقف على عدة نقاط خطيرة أشارت لها الكاتبة:

  1. الكاتبة تحرّض حكومتها للتحرك ضد السودان بقولها: إذا لم يتحرك الغرب، فعلى إسرائيل أن تقوده. لأن في هذه الحرب الخفية الجديدة، يبدأ خط الدفاع الأول للحضارة على شواطئ البحر الأحمر!!
  2. تنهي كوادروس الحكومة عن أي عملية تطبيع مع الفريق عبد الفتاح البرهان، مما يعني صحة الأخبار التي تحدثت عن طلب البرهان التطبيع مجددًا مع إسرائيل الشهر الماضي.
  3. تطالب ناتاليا حكومتها أن تأخذ موقفًا أكثر حزمًا تجاه السودان بقيادة البرهان، لأنه قد يتحول إلى منصة إيرانية جديدة على البحر الأحمر، وهو ما يؤكد أن المقال ليس مجرد تحليل، بل دعوة سياسية غير مباشرة لصنّاع القرار الإسرائيلي.
  4. عندما تُصوَّر السودان كـ “قاعدة محتملة لإيران”، فهذا يعني أن الحرب السودانية لم تعد مجرد نزاع داخلي، بل قد تتحول إلى ساحة مواجهة بين قوى دولية (إيران مقابل إسرائيل وحلفائها).
  5. المقال، رغم كونه رأيًا، إلا أن الصحيفة من الصحف الموالية للحكومة وتُعتبر أقرب إلى الخطاب الأمني التقليدي، مما يجعل مقالاتها أحيانًا منسجمة مع رؤية الحكومة. كما أن هذا الطرح يتماشى مع الخطاب الأمني الإسرائيلي.
  6. المقال يعبر عن عداء واضح لخصوم إسرائيل، إلى حد أنه تجاهل معاناة الشعب السوداني، وركز فقط على الأمن الإسرائيلي. وهذا يعكس أن الصحيفة تنظر إلى حرب السودان فقط من منظور جيوسياسي دولي.

طيف أخير:
#لا_للحرب
#SaveSudan

نقابة الصحفيين: خمسة صحفيين قيد الاعتقال والاختفاء القسري على يد قوات الدعم السريع، من بينهم الصحفي معمر إبراهيم الذي تم اعتقاله بعد سيطرة القوات على المدينة، فيما اعتُقل الأربعة الآخرون في وقت سابق.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..