مقالات وآراء

هكذا تكلمت الأرض: الفاشر والدبّة وطنٌ واحد بقلم: عبدالحافظ سعد الطيب

 

اللحمة السودانوية… حين يعيدها عمال الأرض إلى مجراها
حين احتضنت الدبّة الفاشر… انتصرت السودانوية
السودان حين يعود لأهله: من الدبّة إلى الفاشر
وطن يسكن في الناس… لا في النخب
اللحمة التي لا تموت… من النيل إلى دارفور
أهل الفاشر في حضن الدبّة… درب العودة إلى السودانوية

في زمن التمزّق والتشظّي و ديسابورا الصحارى وصعود العفن المكرن فوقنا من عهد عاد والعنصريون والبعوض والذمم المؤمركة واللايفتية الدفع المقدم والبعوض الكيزاني الاسلاعروبين ، وبين صخب السلاح وانكسار الخطابات، تعود السودانوية الحقيقية لتنهض من قلب الناس العاديين، أولئك الذين لم يتعلّموا في مدارس الاستعلاء، ولم يتورّطوا في أوهام النخب ولا في غبار السوشيال ميديا.

لقد أثبتت التجارب المرّة أن الشعوب السودانية هي التي تصون وحدتها وانسانيتها بعرقها وكرمها ومروءتها، حين تخذلها النخب وتضلّلها السياسة. ابنائها الخائنين لقضايا شعوبهم
الشعوب السودانية تعرف بعضها.
تعايشت وتلاحمت عبر القرون بعيدًا عن المثقفين والنخب، وعن خرّيجي مدرسة غردون والنظام الكولونيالي.
هذه الشعوب بنت جسور المودة بالحياة اليومية، لا بالمحاضرات ولا بالشعارات.
في الأسواق، في الحواشات، في المراكب، في المزارع والحقول — هناك حيث العمل يجمع القلوب قبل الألسنة.

خدرة شاربي موية النيل
تزرد في البوادي زرع بلادي
أنا بتشيل الناس وكل الناس
وساع بخيرها لينا يسعو

دولة ستة وخمسين – رغم سُوئها عند أصحاب النفوس السوداء والأغراض الضيّقة – بنت هذه اللحمة في زمن الشدّة.
فقد صهرت الناس في معجون الوطن الواحد:
في الجزيرة التي جمعت العامل والمزارع والرعاة،
وفي أمدرمان التي تصاهرت وحفظت اللهجات كلها في قلب واحد،
وفي الأبيض وبارا التي صنعت من السوق مجلسًا للوحدة،
وفي الفاشر التي كانت ملتقى لكل طرق السودان،
وحتى القرى الصغيرة الممتدة على ضفاف النيل أو في بطون الوديان،
كلها كانت مدارس شعبية للّحمة السودانية الصافية.

وحين اشتدّ الضيق والأذى من الديسابوريين والعنصريين،
ومن أصحاب الشعور المتسخة، والاستعلاء العروبي والإسلاموعروبي الزائف،
لم يجد المكلومون والمُهجّرون ملاذًا إلا في أهلهم في الدبّة،
المدينة الآمنة بأهلها الطيبين الذين فتحوا صدورهم دون منٍّ ولا أذى.
ذهب إليهم أهلهم الموجوعون فوجدوا الدفء،
ووجدوا الوطن في وجوه ناسهم، لا في خطابات الساسة ولا شعارات المانحين.

ألاقيهم تسربوا فى مسارب الروح بقو كليم
حل قبلت ألقاهم معايا معايا زي ضليل
وما جيت من زي ديل كان أسفاي وآم أساتي وآذلي
تصور كيف يكون الحال
لو ما كنت سوداني وأهل الحارة ما أهلي

هكذا ظلّت قيم اللحمة الشعبية السودانوية تتجدّد،
قيمٌ نسجها البسطاء، لا النخب ولا المتعلمين من مدرسة غردون.
هي لحمة الأرض والناس والوجدان،
لا تضعف أمام الحروب ولا تصنعها الأحقاد.

بلادي الصفقة والطنبور
وبنوتاً تحاكي الخيل يشابن زيي جدي الريل
وشبالن مكنن في طريفو ودعب
بلادي أمان بلادي حنان
وناسها حنان يكفكفوا دمعة المفجوع

نعم، هنالك سالب في بناء الأمة،
لكنه سالبٌ متنحٍّ أمام سموّ روح الشعب السوداني،
الذي يقسم اللقمة، ويخوض النار لأجل دمعة جاره،
ويقول للعالم: “ديل أهلي، عرب ممزوجة بدم الزنوج الحارة.”

تنظيم الحركة الاسلامية بحت العفن المكرن من عهد عاد
بفدوا الغير على ذاتهم
يقسموا اللقمة بيناتهم
ويدوا الزاد حتى إن كان مصيرهم جوع
يحبوا الدار يموتوا عشان حقوق الجار
ويخوضوا النار عشان فد دمعة

وهكذا، تبقى السودانوية الحقيقية إلتي تتخللنا
هي مشروع الناس لا مشروع النخب، المنهزمة الفاشلة
تُكتب بالكرم والمروءة لا بالمانيفستو السياسي.

أقول للدنيا ديل أهلي
عرب ممزوجة بي دم الزنوج الحارة
ديل أهلي ديل قبيلتي لما أدور أفصل للبدور فصلي
أسياد قلبي والإحساس…
تصور كيف يكون الحال
لو ما كنت سوداني
وأهل الحارة ما أهلي..

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..