صحافة وهم يحزنون

“يكثر الكذب عادة قبل الانتخابات وخلال الحرب وبعد الصيد” .. أتو فون بسمارك!
كتب الزميل الأستاذ عثمان شبونة – يوم أمس الأول – في عموده المقروء (أصوات شاهقة)، بصحيفة الأهرام اليوم، مقالاً بديعاً تحت عنوان (ويلك أيتها اللغة العربية!)، أكد فيه على أننا بحاجة إلى ثورة أبجدية، فمن غير المنطقي أن تجتمع علينا آفات التربية والتعليم مع الفقر والمرض والمذلة .. معرجاً على مصائب الكتابة في صحافتنا المحلية واستشراء الأخطاء اللغوية والإملائية بين حملة الأقلام والصحفيين .. الأستاذ عثمان حدثنا عن أدواء “الصياغة” فذكرنا بمواجع وأزمات “الصناعة” ..!
أشهر مثال عالمي على كوارث عبور الخط الفاصل بين فبركة وصناعة الخبر هو انهيار شركة (انرون) الأمريكية الشهيرة ? في بلادها – مطلع هذه الألفية، والتي كانت مبيعاتها تصل إلى أكثر من مائة مليار دولار .. أما السبب فهو أن الشركة كانت (تفبرك) التقارير والأخبار، إلى درجة أن كبار المسئولين فيها باتوا يصدقون معلوماتهم المفبركة وأصبحوا يتخذون قراراتهم الإدارية الجازمة على أساسها! .. ثم اتضح لاحقاً أنها كانت تقوم بنشر الأخبار والتقارير الزائفة عن انقطاعات كهربائية في بعض المناطق من أجل الحصول على أموال أكثر بدعوى الاستجابة لحالات الطوارئ وتزويد الناس ببضاعتها من الكهرباء ..!
هذا هو بالضبط ما تفعله الآن القوى السياسية في السودان (الإنقاذ تفبرك الأخبار ومعارضوها ينجرون التصريحات!) ولا عزاء لصحافتنا المحلية، التي صارت مسكينة تشكو إلى الله ضعفها مع الحكومة وهوانها على المعارضة .. فالسياسي السوداني هو الطرف الوحيد الذي يحق له صناعة الأخبار حيناً وفبركتها أحياناً أخر، في ظل غياب دور الصحافة الاستقصائية (التي تتعامل مع الأدلة الخاصة والمصادر الخطيرة غير المعلنة والتحقيقات السرية التي تعتمد على الحديث إلى أكبر عدد من المصادر وتخرج بأكبر قدر من التفاصيل .. والتي تتدثر بالسرية وتنتهج الحياد في تصنيف المعلومة وفي كيفية نشرها .. والتي تتطلب الكثير من بذل الوقت وتكلف الكثير من المال .. والتي .. والتي .. إلخ ..!) .. بينما واقعنا الإعلامي يقول إن التصريح السياسي ما يزال هو المصدر الشرعي الوحيد للمعلومة .. وإن الوصول إلى الأسرار السياسية دون إذن الحاكم جريمة أمنية تعاقب عليها السلطات التي لا تستطيع الصحف أن تعول على سلطتها الرابعة في علاقتها بها، لأن ذلك يعني ببساطة أن تفقد مصدرها القانوني الوحيد للحصول على المعلومة ..!
الصحافة السودانية لا تملك مثقال حبة خردل من حرية الاستقصاء (كلب الحراسة الذي يسهر على أمن المجتمع من تجاوزات السلطة وفساد المسئولين) لذلك فهي تعيد إنتاج التصريح السياسي .. خبراً .. ثم رأياً بشأنه .. ثم استطلاعاً أو تحقيقاً حول آثاره تداعياته .. ثم حواراً مع المعسكر السياسي الآخر عن خلفيته ودلالاته .. ولذلك أيضاً تكتفي بدور الوعاء التحريري، وياليته ? بعد ذلك ? اجتنب خدوش البلاغة وسلم من كسور اللغة ..!

الرأي العام

منى أبو زيد
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. هذا هو بالضبط ما تفعله الآن القوى السياسية في السودان (الإنقاذ تفبرك الأخبار ومعارضوها ينجرون التصريحات!) تفعله الآن ؟؟؟؟؟ ياخي يادوب عرفتوها ؟؟ سبحان الله ياخي المكنات دي بفكو فيها ليها ٢٤ سنة ؟؟ اها دة الجهل زاتو ..

  2. لماذا ترضون لأنفسكم الهوان، الم تكن أرض الله واسعةً فتهاجروا فيها؟

    لماذا ترضون المذلة، وأفضل الجهاد كلمة حق في وجه سلطان جائر؟

    ما ضاع حق وراءه مطالب، أما إذا كان الأمر مجرد أكل عيش، فلا تثريب عليكم

    فكل الأخطاء النحوية والمهنية لمن يريد أكل عيش مغفورة

    فلن تقطعوا أرضاً ولن تبقوا ظهرا

    يا أخوانا عووووك ألحقونا بالقناة الفضائية المعارضة

    كسرة ثابتة:

    أخبار القناة الفضائية المعارضة شنو ووو ووو

  3. أين أنتم أيها الصحفيون من ( حيلة العاجز ) تلك العقليه التي صنعت ( كليله ودمنه)التحفة الأدبية الرائعة بلسان الحيوان لمواجهة الزور والظلم والجور والفساد.
    وأين انتم من ( أبوبكر بن صالح ) المُلقب بأخ الحمار وسؤاله من علم هذا الشاعرالعربية قاصداً المتنبي في قوله:
    وما طربي لما رأيتك بدعة …. لقد كنت أرجوُ أن أراك فأطربُ
    وذلك لأن المُتنبي جعل كلمة ( فأطربُ) مرفوعة لأنه عطفها على كلمة (أرجوُ) فجعل من صنيعه هذا الأمير قردا يتفرج الناس عليه .وذلك لأن الطرب مُترتب على الرؤيه لا على رجاء الرؤيه.
    أليس في هذين المثلين الكافية لمحاربة ( الطفابيع )أولئك الذين يطولون فجأة ولهم فراغ في أعينهم وهى تلمع بصفرةٍ مُخيفة في الظلام مما يدل على توارثهم المهنة وممارستها باتقان حتى أنه لا يطرف لهم جُفن .كما جاء في كتاب( قصص بشرى الفاضل).

  4. كلاموا صاح شبونة وعين العقل انتي يامنى جمالك ولي واسطتك الخدمتك في هذة المهنة الرفيعة والرسالة السامية التي تطلب مجهودات عقلية وقلبية كبيرة مع عدم الخوف الا من الله واظهار الحقيقة ولو حتي علي عنقك .. مااي واحد يجينا جاري ويقول انا صحفي دمرتوا البلد بالتستر علي المجرمين والخوف علي مناصبكم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..