هم إنساني – ضرورات الجيل الحالي ومطالب أجيال المستقبل 2-

مقتطفات من كتاب أيها الجيل للصادق المهدي ورسالة من أجيال المستقبل ( a message from future generations ) ل allan tough مجلة العربى العدد 621
قام د. أحمد أبو زيد بترجمة لبعض المقتطفات . مما أرسلته أو سوف ترسله أجيال المستقبل لأجيال هذا الزمن .
أهم مطالب أجيال المستقبل :-
السلوك الفردي , الأبنية الاجتماعية , الدعاوي الاقتصادية , والنظرة إلى العالم .
تقول الرسالة :-
” نشكركم على استماعكم لهذه الرسالة من الأجيال القادمة , هذه الأجيال التي سوف تعيش فوق هذا الكوكب الجميل لعدة عقود مقبلة , إنكم تعيشون الآن في مرحلة حاسمة من تطور الإنسانية . كما إنكم تحددون أهم الاختبارات في التاريخ البشري . إن عصركم يتميز ببعض الإمكانيات الإيجابية والسلبية الجديدة البالغة الفخامة مما يجعل من الصعب عليكم فهمها حق الفهم , ولكن سياستكم العامة , وحياتكم اليومية تزود الناس في عهدكم بقدرة هائلة على توجيه المسار المستقبلي لقصة الجنس البشري .
وتمضي الرسالة قائلة ” سوف نكون شاكرين لكم لو وجهتم بعض انتباهكم واهتماماتكم وجهودكم لأربعة تغييرات محددة نحن في أمس الحاجة للحصول عليها منكم لأنها تتعلق بالسلوك الفردي والأبنية الاجتماعية والدعاوى الاقتصادية والنظرة إلى العالم .
” إننا نقدر كل التقدير اهتمامكم بالنظر في هذه التغييرات الأربعة بالجدية المطلوبة .
? اعتناق منظور بعيد المدى :-
” نرجو أن تأخذوا في الاعتبار في كل قراراتكم وأفعالكم الأسياسية منظورنا إلى الحياة الكريمة بنفس الروح التي تأخذون بها شئونكم الخاصة وأن تعطوا لاحتياجاتنا نفس الاهتمام الذي تعطونه لمطالبكم فإن احتياجاتنا وحقوقنا ليست أدنى ولا أقل شأناً مما تنشدونه لأنفسكم ولذا نرجوا أن تنظروا إلى أجيالنا وجيلكم على أنها متساوية ومتكافئة . فمبدأ التكافؤ بين الاجيال يعني تكافؤ الفرص .
كتاب أيها الجيل بعد أن طاف على التيارات الدينية والسياسية المعاصرة يرى في أمر السياسة والسلطة أن الحاجة ماسة لاستقرار يحقق الأمن النفسي والإداري وآلية تحقق المشاركة والمساءلة والشفافية وقد يتعارض المطلبان ولكن لابد من إشباعهما معا” وإلا اختلت المعادلة .
أما في أمر الاقتصاد فهنالك مطلبين مهمين :-
الكفاية المتعلقة بوفرة الإنتاج والعدل المتعلق بعدالة التوزيع وما لم يحقق النظام الاقتصادي المطلبين معاً فإنه لن يستقر ولن يجدي .أما الدين فلا يمكن طرده من السياسة وحتى البلدان الغربية التي جعلت العلمانية أحد مبادئها الدستورية في الغالب وصلت إلى صيغ مختلفة استصحبت فيها الدين بأشكال مختلفة ، فالمطلوب هو ضبط دور الدين في السياسة وبصيغ تجعل المواطنة هي الحاكمة وتسمح بالتعددية والمساواة .
? بحوث مستقبلية ملائمة :-
” وحتى يمكنكم تحقيق مستقبل ترضى عنه أجيالنا لابد من أن تعملوا بسرعة على توسيع جهودكم لتنمية وتطوير التوجهات المستقبلية في مجالات المعرفة والأفكار والاستبصارات والفهم والرؤى والتفكير السليم . وهذا يتطلب منكم الإحاطة الدقيقة بالكثير من مشكلات العالم والتغيير الاجتماعي وإمكانيات المستقبل وفاعلية المسارات الممكنة والتحولات الفردية والأسس الذاتية للاهتمام بالأجيال القادمة .وحتى يمكنكم تطوير المعرفة بحيث نتفوق على جميع العوامل التي قد تدفع الحضارة نحو الانحدار والتدهور فسوف تحتاجون إلى مضاعفة الجهود . وليس لدينا أدنى شك في أن لديكم القدرة على الفوز في هذا السباق ولكن ليس بالاسترخاء والاكتفاء بالمستوى الحالي الذي بلغته بحوث المستقبل .
? تعليم مستقبلي ملائم :-
” تعُلم وتعليم المستقبل يوفران أساساً ضرورياً لبناء عالم أفضل . ولن يستطيع جيلكم أن يصل إلى مستوى إيجابي دون إجراء تغييرات جذرية على مستوى العالم وبحيث يحصل على ذلك النوع من التعليم والتعُلم جميع أفراد الجيل وليس فقط الزعماء السياسيون وموظفو الحكومة والمتخصصون في الحكم ورجال الأعمال ومن والاهم . ولعل جيلكم يتذكر العبارة الحكيمة التي صدرت عن واحد من مفكريكم والمستقبليين الأوائل وهو إتش.جي.ولز H.G.wells القائل ” التأريخ الإنساني يتحول شيئاً فشيئاً إلى سباق بين التعليم والكارثة ” .
” إن المؤسسات والمعاهد التعليمية يقع عليها مسئولية تقديم مقررات عن الدراسات المستقبلية تحرص على إبراز وتوكيد منظورات ورؤى الأجيال القادمة وذلك باستخدام وسائل وأساليب تؤثر في العقل والقلب والروح , بل وفي التكوين الجسمي للناس ( الضرورات العقلية , والعاطفية , والروحية , والرياضية ) من شتى الأعمار وسيكون من السهل عليكم الارتقاء بالتعليم حول المستقبل إذا استطعتم تطوير القاعدة المعرفية عن المستقبليات الممكنة وإجراء البحوث حول عمليات تعلم وتعليم مشكلات وأوضاع المستقبل المتوقعة وإجراء التجارب حول هذه الموضوعات المهمة باستخدام مداخل ومقاربات مبتكرة وعميقة .
? التعلُم ? المراعاة ? المغذى :-
” ونصل الآن إلى الأولوية المجتمعية الأخيرة التي نوصي عصركم بمراعاتها . ولهذه الأولوية أهمية خاصة بالنسبة لنا ولذا فنحن نرجو أن تلقى منكم ما تستحقه من عناية و اهتمام . في هذه الأولوية الأخيرة نطالب مجتمعكم بأن يعطي مزيداًُ من العناية والانتباه والمؤازرة للجوانب الأكثر عمقا” وحساسية في حياة الفرد ونحن نشير هنا بوجه خاص إلى ثلاثة جوانب :-
(أ‌) إتاحة الفرصة أمام الأفراد لتعلم ومعرفة أهم المشكلات التي يواجهها العالم . إذ في إمكان مجتمعكم أن يفعل الكثير جدا” لنشر التعلُم لأهم المشكلات على الإطلاق ولذا ينبغي عليكم تشجيع ومساعدة كل فرد على أن يحصل على المعرفة المتراكمة حول هذه المشكلات وأن يفكر حول أفضل الحلول والإجابات .
(ب‌) مراعاة الارتباطات العميقة التي تقوم بين الأفراد بعضهم بعضاً ومع كوكب الأرض وأجيال المستقبل . إننا نتوقع من مجتمعكم أن يقدم كل ما يستطيع من عون ومساعدة حتى تشعر أجيالنا القادمة بقوة الروابط العميقة مع كل البشر ومع الكوكب الذي نعيش فيه ومع كل أشكال الحياة بل وأيضاً مع جيلكم الحالى ،فكلما إرتفعت اعداد الذين يشعرون بقوة هذه الإرتباطات إزداد الاهتمام بالإنسانية ككل وبمشكلات هذا الكوكب وازدادت بالتالي التصرفات القائمة على المحبة والتقدير والحرص على احترام الإنسان والكون ككل .وسوف يسعد الأجيال القادمة بأنها ترتبط بشي متسام وأعلى وأكبر بكثير من حياتهم الشخصية المحدودة الفانية وليس ثمة شك في أن تكوين جماعة لها نظرة ثاقبة تكرس حياتها للأجيال القادمة سوف يكون مفيداً للغاية لكل الأطراف .
(ج) إننا نؤمل في أن يعنى مجتمعكم بشكل أقوى بمساعدة الأفراد على تحقيق رغبتهم الشديدة في الإحساس بأن لهذه الحياة معنى وهدف . ولعلكم تدركون أن انتشار ذلك الإحساس في المجتمع يزيد من الارتباط بالكون بكل ما فيه من تنوعات الحياة واستمرار تواصل الأجيال .
” إن أكثر ما نخشاه هو أن تختاروا الطريق السهل الممهد أمامكم وأن تستنزفوا جهودكم في البحث عن أهداف وأولويات مخادعة لاطائل تحتها ولن يكون لها مردود في آخر الأمر سوى تبديد وقتكم وجهودكم ليس فقط في أمور مثل الاستهلاك والترف والمنافسة والصراعات والعنف ولكن أيضا” على مشروعات وهمية وقضايا وقتية .
” ولعل أهم هذه التغييرات الأربعة هو التحول الشامل نحو العمل على توفير الحياة المريحة للأفراد الذين سوف يقدر لهم الحياة خلال العقود القليلة القادمة , وكذلك المحافظة على سلامة ونقاء هذا الكوكب . “الضرورات البيئية ” .
في كتاب ثقافة الاستهلاك يكتب مادني فيري قائلاً إنه من الصعب الهروب من فكرة وجود عامل الأخلاق في مناقشة موضوع الاستهلاك وخاصة عندما يضر الاستهلاك بالبيئة كما في حالة ما تفعله الإنبعاثات الزائدة لثاني أكسيد الكربون في الهواء الذي نتنفسه وفي درجة الحرارة التي نتحملها وأن هناك أسباباً وجيهة للاستماع إلى النقد الموجه للاستهلاكية من أهمها التلوث البيئي والنفايات الملقاة على الأرض وفي الأنهار , وسوء استخدام الموارد له تأثير بغيض على ما يمكن أن نسميه بالروح والوجود الداخلي فالحياة الجيدة هي حق بالميلاد تدور حول الكينونة والعمل وليس حول الامتلاك ، بإمكاننا أن ننقذ أنفسنا من ثقافة الاستهلاك … من مجاعة الروح .
أما هاني فحص في مقال لمجلة العربي ” بين الدين والعلم , التكامل بدل التقابل ” يكتب قائلا” ” إنا على قلق من مواكبة العلم بالجهل أو الركون إلى الجهل فى معالجة نهايات العلم التي لا تنتهي ، ما دام فوق كل ذي عِلم عليم , إن أنظمتنا المعرفية أو أنظمتنا الاجتماعية والسياسية تعتصم بالجهالة وتعمم الجهل وتمنع العلم أو تحاصره بلا جدوى , فيهرب إلى أقوام آخرين رفعوا العلم إلى مصافه فارتفعوا إلى مصافه ، بينما استقلنا وشرعنا نقيل من يتصدى أو يسأل أو يبحث عن جواب . إذن فسؤال المستقبل مطروح علينا بحدة وإلحاح , والإنشاء والخطاب التعبوي لا يجدي .
والمستقبل صعب يحتاج إلى عقل ودأب ، وبقدر ما نكون مستقبليين نكون أشد احتياطاً لموقفنا وموقعنا من جميع الاستكشافات بما فيها الجينوم البشري .عندما تصبح لدينا مراكز علمية تشكل حيزاً حراً للمراكمة لا للتبديد والمصادرة والتفريغ والتبسيط والتعبئة والتحريض ، عندما تلحظ وتصنع ميزانية وافية و مجزية بمتطلبات البحث العلمي وتكف عن وضع اليد على العلماء من دون مانع من أن يكون الناتج العلمي ملك يمينها إن لم تكن مدمنة على السرقة , عندئذ نكون قد سمعنا ورأينا , وطرقنا باب الغد على مخاوف أقل , أوعلى مخاوف من دون هلع .

م/ محمد حسن عبدالله
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..