فايت مروح وين؟!!!

بسم الله الرحمن الرحيم

كلنا يذكر قصة الأعرابي الذي وجد سيدنا عمر بن الخطاب، الخليفة الثاني المسلمين (رضي الله عنه وارضاه)، نائما تحت شجرة ولا يوجد أحد حوله او معه، وقال: حكمت، فعدلت، فأمنت، فنمت ياعمر.
هل يستطيع أحد المسؤولين ابتداءا من محافظ حتى رئاسة الجمهورية أن يفعل ذلك الآن. يقولون لك أبوابنا مفتوحة للجميع، وجئنا لخدمة المواطن، وحتى تدخل الى مكاتبهم لا تعرف كيف تقنع ناس (الهدف) بالبوابات حتى يسمحوا لك بالدحول، وان دخلت ناس (الأمن) يمنعونك من الدخول بكثرة أسئلتهم وادعاءاتهم بان المسؤول مشغول أو غير موجود..الخ من الأسباب غير المقنعة، وان دخلت الى مكتب السكرتارية أو مدير المكتب فالاسئلة لا تنتهي كأنك ستقابل رئيس الجمهورية، أو أن سيادته في اجتماع أو خارج البلاد أو بمجلس الوزراء..الخ. هذا بخلاف ن تليفوناتهم عادة لا ترد الا لمن يعرفون نمرهم فقط أو لديهم مصالح مشتركة معهم. وبعد هذا كله (ينامون ملء أعينهم).
ما علينا، العدل هو أساس الحكم، وهو أيضا من ناحية نفسية الوسيلة الوحيدة التى تجعلك (تنام) هادئ البال وقرير العين. عندما تكون مشغولا بأمر ما لا تستطيع أن تنام. وعندما يوخزك ضميرك لسبب ما لا تستطيع أن تنام. وعندما تظلم شخص ما لا تستطيع أن تنام، وعندما ترتكب ذنبا وتعصي ربك لا تستطيع أن تنام، وعندما تشعر بأنك لم تؤدي عملك كما يجب لا تستطيع أن تنام، وعندما تشعر بأنك عاق لوالديك لا تستطيع أن تنام.
بنفس القدرعندما تفشل في ادارة مرفق وليت عليه، (يجب) أن لا تستطيع النوم. يا سادتي النوم ضروري لاراحة الجسد والذهن. وحتى تستطيع أن تؤدي عملك، لابد وأن تأخذ قسط كاف من النوم. وان كنت قاضيا، يجب أن لا تصدر أحكاما وأنت مرهق أو غاضب. ينطبق ذات الشئ على الطلاب، فيجب أن لا يدخلون الى الامتحانات وهم في حالة ارهاق ذهني أو جسدي، والعلاج هو النوم العميق (بمناسبة الامتحانات وكده).
أكبر الامتحانات (الابتلاءات) هو أن تولى على الناس رئيسا أو حاكما أو واليا أو وزيرا أو معتمدا أو محافظا أومديرا عاما أو حتى رئيس قسم أو رئيس سائقين أو نقابة..الخ.
المطلوب منك أولا أن تكون (ملما) بواجباتك و(تؤديها) على أحسن ما يكون. وأن تكون (عادلا) في كل ماتقوم به تجاه رعيتك. وأن تعلم بأن (دعوة المظلوم) ليس بينها وبين خالقنا باب. أن تكون (أمينا) على كل شئ يقع تحت سلطتك وأمينا مع نفسك وامام خالقك فان كنت لا تراه فهو يراك، وقبل كل شئ أن تكون (مؤهلا) لمثل هذا العمل (آكاديميا وغيره)، وأتيت اليه بطريقة سليمة، اى بدون واسطة أو تزوير أو لأنك من أهل الثقة بالنسبة للنظام الحاكم..الخ، حتى تأمن وتنام قرير العين. ما سبب كل هذه المقدمة؟
السبب أن السيد رئيس الجمهورية صرح عدة مرات أنه قد اكتفى وتعب (بعد 25 سنة حكم)، و أنه لن يرشح نفسه مرة أخرى لرئاسة الجمهورية!! فمنا من صدق، ومنهم من بدأ يعد نفسه للخلافة يلمع نفسة بكل الطرق الممكنة، وآخرين أشفقوا على المؤتمر الوطنى، وغيرهم اعتبروها تكملة للمسرحيات اياها لاطالة عمر الانقاذ، أما نحن (الفضل) فنقول، كما قال التاج مكي: فايت مروح وين؟ ما لسع الزمن بدري . نزيد عليها: ما هو الجديد حتى يأخذ سيادته مثل هذا القرار؟!!! هل السبب هو الدستور كما قال العتباني، أم ما نظنه نحن الفضل!!!
ياساده، الرئاسة في الدول المتقدمة عادة تأتي عن طريق الانتخاب. يتم الرئيس دورته التي قد تكون 4 أو 5 سنوات، ويحق له أن يترشح مرة أخري ان راى حزبه ذلك، وبعد ممارسات ديموقراطية محددة ومعروفة داخل الحزب. أما في دول العالم الثالث فمنهم من حكم 42 سنة، وآخر 30 سنة، ومنهم من قبل بأن يكون رئيسا مدى الحياة عبر تغيير الدستور، وأحدهم حول الجمهورية الى امبراطورية ونصب نفسه امبراطورا (بوكاسا)، أما موبوتو سيسوسيكو فهو شئ آخر. أما نظام موسيفيني فلا نعرف له تصنيف. وأمثال مانديلا لن يتكررون في عصر الذئاب والمكنكشين هذا!! نرجع لموضوعنا:
أولا، السيد مساعدك المفوه ياسيادة الرئيس قال أن الانقاذ ستبقى لفترات تمتد الى (قرون)، وفي رويات أخرى لن تسلم الحكم الا الى سيدنا عيسى. طيب ، كيف مع (الفاصل بلغة التلفزيون) الذي سيظهر فيه المسيح الدجال؟!!! طبعا نحن لا نعرف موعد ظهور كل منهما، كذلك سيادة الرئيس.
ثانيا: من سيتوالى أمر (الفضل) بعدك؟؟ هل سيتبع ذات السياسة التي اتبعتها سيادتكم؟ أم سيطلق الحريات (أحلام ظلوط)؟ أم سيرينا العجائب؟ وهذا هو الراجح. دي والله مشكلة كبيرة تواجهنا كلنا معارضة، ومؤتمر وطني (لا اقول حكومة!!). المتفائلون يقولون هذه هي ، أولى خطوات تفكيك المؤتمر الوطني (لتكملة سيناريو مسرحية جديدة)، الحزب الهلامي الوهمي الذي يحميه ويفرض وجوده الأجهزة الأمنية فقط دون وجود جماهير حقيقية له. ان كنتم لا تصدقون بأنه هلامي (كما يقولون)، فاسالوا عن الاتحاد الاشتراكي الذي أوهم نميري والعالم كله بأن عضويته 6 مليون من 25 مليون في ذلك الوقت، وأنتم (المؤتمر الوطني) تقولون أن عضويتكم 5 مليون من الفضل (حوالي 32 مليون). طيب، لماذا لا يوجد (رواد / مواطنين عاديين) داخل دور حزبكم الفخمة طوال اليوم ياتري؟ مع مراعاة أن الملايين الست للاتجاد الاشتراكي لم تستطيع الصمود أمام جماهير ابريل الغاضبة، ولم تحافظ على تراثة الذي يدعونه حتى أيام الديموقراطية الثالثة، وبعد عودة الرئيس حتى وفاته، واين هي الآن؟
ثالثا: هل ستتركنا للأستاذ نائبك الأول بطل نيفاشا والتفاصيل التي يأتي معها الشيطان، أم لدكتور الهندسة الزراعية الذي لم نستطيع أن نفهمه حتى الآن بسبب تناقضات تصريحاته، أم لمساعدك دكتور الوراثة وتربية النبات صاحب المصطلحات الجارحة، أم لأساتاذ الكيمياء الأحيائية الذي قال أنه لن يستطيع تحمل ادانة التاريخ له ان استمر فى محادثات نيفاشا، وفعل ذات الشئ في ملف دارفور، أم للاستاذ السابق بكلية الأسنان ومستشارك الحالي، أم لحبيبنا وزير شؤون الرئاسة أو صديقكم (عبدالحكيم عامر)، أو عمر سليمان، أم لصاحب البترول. بعضنا من (الخبثاء) لاحظ الظهور (اليومي) لاثنين من الولاه بنشرات الأخبار ويحتلون فيها أكثر مما تحتل سيادتكم كرئيس للجمهورية، وهما كبر وهارون!!! نقول لهما: المثل السوداني بيقول (كثرة الطلة…..).. هل هما يعدان أنفسهما للترشح في مكان سيادتكم!! كما يقول الخواجات Why not(لما لا؟)
رابعا: المعارضة الآن تدرس كل هذه الاحتمالات (والعجاجة قايمة)، اما بقية الفضل فهم لازالوا يبحثون عن لقمة العيش وجبة بعد الأخرى، كحد أقصى وجبتين في اليوم، بعد أن اصبحت الثالثة رفاهية و تخص ناس بعينهم، نحن لسنا منهم وأنتم أدرى بهم. مشكلة المعارضة أنها تعرف شخصيتكم جيدا، وتعرف كيف تتعامل مع سيادتكم، كما تعرف سيادتكم أيضا كيف تتعامل معها و الأمور (ماشية). أهه، بعد ما تترك الحكم، يبدأوا من الصفر ثاني.
خامسا: عادة بعد انتهاء الفترة الرئاسية للرئيس وحزبه، يقوم كل منهما بتقييم ما تم انجازه خلال تلك الفترة عبر الصحف وفي بيانات رسمية. كمثال : انجز الرئيس 70% من ما وعد به الجماهير في حملته الانتخابية المنتهية وتمثلت في………….. بالطبع ما يذكر هو أشياء (ايجابية وانجازات) اضافة الى ما كان موجودا أصلا. ثم يبررون لما لم يتم انجازه. ثم بعد ذلك قد يرشحونه لدورة ثانية، أو يأتون ببديل يرون أنه أفضل منه لتكملة برامج الحزب. نرجع نقول لسيادتك: فايت مروح وين؟ مشكلة دار فور لازالت في قمتها، قطاع الشمال ومشكلتى جنوب دارفور والنيل الأزرق وابيي في انتظارك. تفاصيل نيفاشا الشيطانية لا يحلها غيرك. الجوع والفقر والاقتصاد المنهار والمشاريع الزراعية التى دمرت، والسكك الحديدية، والخطوط البحرية والخطوط الجوية وهيثرو والسرطانات وحالات الفشل الكلوى والسل..الخ من مشاكل، جلها جاء في عهد الانقاذ برئاستكم رغما عن مرور ربع القرن.
سادسا: طبعا أصبح من المستحيل أن تعيدونا الى ما كنا عليه قبل 1989م. فهل تستطيعون في ظرف سنة ونصف أن تقوموا بحل بعض المشاكل مثل دارفور وابيي والجنوبين (النوباوى والأزرق) ومشروع الجزيرة الى ما كانا عليه؟ العقل بيقول كده. الباقي أتركه لمن يأتي بعدك والله كريم. لن نجبرك على البقاء، ولن نحرم غيرك من الحكم، (لكن) يجب أن تتفرغ سيادتكم في ما تبقى لكم من فترة لحل هذه المشاكل، واترك بقية الأشياء للنواب والمساعدين. فالسودان اما أن يبقى أو يتفرق أيدي سبأ، وسيادتكم على علم بما يخطط له أعداء السودان أكثر من غيرك!! فناذا أنت فاعل؟
سيدي الرئيس، ان فعلتم ذلك، يمكنكم أن تتنازلوا لغيركم وتنام كما نام عمر. أن لم يكن ذلك ممكنا، نقول لك: فايت مروح وين؟ الناس ماسكة اضنين المرفعين في انتظار أن تحلهم منه!!! ونقول لمن يلمعون أنفسهم، والله لن يقبل بكم الفضل وسبيلكم الوحيد هو التزوير وحماية الجهات الأمنية.
اللهم نسألك اللطف (آمين)

بروفيسر/ نبيل حامد حسن بشير
[email][email protected][/email] جامعة الجزيرة
28/3/2013م