لمن يشير الجيش السوداني برسالته

منذ التسليم و التسلم للسلطة الذي حدث في 17 نوفمبر عام 1958, عندما سلم عبد الله خليل رئيس حزب الأمة و رئيس الوزراء في ذلك الوقت السلطة للقيادة العليا للجيش, هي كانت البداية السياسية الخاطئة للقوي السياسية السودانية, و ظلت البلاد منذ تلك الفترة تعاني من مرض عضال استمر معها حتى اليوم, و سوف يستمر هذا المرض إذا لم يقوي عود المجتمع المدني و يخلق التوازن المطلوب في المجتمع الذي يعود بالجيش إلي سكناته, و يخضعه أن يلتزم فقط بوظيفته المنصوص عليها في الدستور, و إذا اعتقدنا إن النظام الحالي هو نظام الجبهة الإسلامية دون القوات المسلحة, نكون قد ذهبنا في الاتجاه الخاطئ في التحليل, لآن التحالف الحالي بين عناصر إسلامية استقطبت حولها مجموعات إسلامية متنافرة جمعتهم مصالح خاصة مع القوات المسلحة, و التي تمتلك زمام القرار بتوافق مع جهاز الأمن و المخابرات اليد ألطولي في النظام, و بالتالي تصبح أية نوع من التفاوض بين النظام الحالي و بين القوي السياسية يهدف للحوار سوف يستند لمنطق القوة, و هي الوسيلة التي تتعامل بها القوات المسلحة مع الآخرين, و سوف تظل ترتفع رايات الحوار الوطني سياسيا من قبل السلطة بغرض التكتيك و المناورة, و ليس دعوة إستراتيجية, إلا في حالة واحدة عندما يكون هناك توازن للقوي بدأ يتشكل بقوة في المجتمع.
هذه المقدمة الطويلة أردت منها أن تؤكد علي ما جاء في حديث نائب رئيس هيئة الأركان إمداد بالقوات المسلحة الفريق أحمد عبد الله النو بمناسبة تحرير منطقتي مهاجرية و لبدو حيث قال ( أن الجيش و القوات النظامية لن يدعو لآن التمرد لا يريد السلام) و في ذات المناسبة و الموضوع قال نائب رئيس هيئة الأركان العمليات البرية بالقوات المسلحة الفريق يعقوب إبراهيم ( أن التمرد لن يهزم الجيش السوداني مطلقا و أننا نحتاج إلي معركة فاصلة مع التمرد) هذه المقولات تؤكد أن النظام يركن إلي الحلول العسكرية دون الحلب السياسي, باعتبار إن القوي السياسية جميعها إن كانت في الداخل والتي التزمت بالنضال السلمي, أو في الخارج و التي تحمل السلاح, إن النظام ليس جادا في الحل السياسي, أنما يريد من الحل أن تصبح كل القوي السياسية بمثابة ديكور, أو توابع للسلطة كما هي أحزاب التوالي, و لكن ليس هناك قناعة جادة لعملية التحول السياسي, و هذا ناتج للسيطرة العسكرية علي النظام, و ظهر أيضا من تخوف قيادات النظام, عندما أعلن الرئيس البشير أنه يريد أن لا يرشح نفسه مرة أخري, و خوفهم ناتج أن تقدم القوات المسلحة شخصا أخر, ربما يغير الرموز الحالية و تفقد مصالحها و لكنه حتما لن يغير مضمون النظام.
إن حديث الفريق يعقوب مدير العمليات العسكرية في هيئة الأركان أنهم يريدون معركة فاصلة مع تمرد, هذا الحديث انفعالي لا يستند إلي أية رؤية عسكرية متعمقة في العلوم العسكرية, لأنه معروف أن حروب العصابات هي ليست تقابل بين قوتين نظاميتين, أنما حروب العصابات الهدف منها ليس هزيمة الجيش السوداني, أو أي جيش أخر, و هي أيضا لا تستطيع أن تسيطر علي منطقة مدة طويلة, لأنها لا تملك الإمكانيات التي تجعلها تصرف علي تلك المنطقة, أنما تسيطر عليها ثم تتركها, و الهدف هو أن استنزاف القوات المسلحة و إجهادها, و بالتالي استنزاف كل طاقات النظام و إمكانياته و إجباره للجلوس عللي طاولة التفاوض, و لكن ليس بشروطه أنما دون شروط مسبقة للتوصل لحل يتوافق عليه الجميع, و بالضرورة سوف يرجع القوات المسلحة لسكناتها, و صعود القوي المدنية. و بالتالي لا اعتقد سوف تكون هناك معركة فاصلة كما يريدها الفريق يعقوب, و لكن علي الفريق يعقوب و الفريق احمد عبد الله و زملائهم في القوات المسلحة أن يراجعوا إلي أصل المشكلة, و معرفة الأسباب التي أدت للتمرد و معالجتها, و القضية التي يجب الإشارة إليها, لا اعتقد أن قيادات الحركات تريد هزيمة الجيش, أنما يتطلعون لحلول يتوافق عليها الجميع, الأمر الذي ترفضه الإنقاذ, و أذكر حديثا لجون قرنق و كانت الحركة الشعبية في ذالك الوقت في قمة انتصاراتها, قال أننا لا نريد هزيمة الجيش السوداني و لا نتطلع لذلك, أنما نريد تفاوض مع السلطة الحاكمة دون أن يكون لها القوة التي تفرض بها علينا شروطا.
و لا اعتقد إن حديث الفريق أحمد عبد الله واقعي, لأنه لم يطلب أحد منهم أن يتركوا سلاحهم, أنما التمرد يجئ نتيجة لمظالم اجتماعية و سياسية, و سوف يستمر التمرد و يتوالد باستمرار, إذا لم تكن هناك حلول و معالجات حقيقية للمشاكل, و هذا ما أشار إليه الشيخ موسي هلال, عندما قال إن الحلول الجزئية لا تحل المشكلة بل تعمقها أكثر, و هذه الإستراتيجية التي تعمل بها الإنقاذ أن تشقق حركات التمرد, و تتفاوض مع الجزء دون الكل, ثم تستمر عمليات التمرد و المشكلة دون حل, لآن الإنقاذ ليس هدفها الحل, أنما كيف لبعض من عناصرها القيادية الحفاظ علي مواقعهم, و دائما المصالح الشخصية الذاتية لا تميل للحلول العامة و الشاملة, أنما الحلول الجزئية, خوفا من فقد مصالحها, و تؤيدهم في ذلك القيادات العليا للقوات المسلحة و القوات النظامي, و لكن لا اعتقد أن الرتب الصغيرة تقبل بذلك, لأنها جزءا من معاناة هذا الشعب, و هم الذي يتحملون كل تبعات المشكلة, و هم أيضا الذين يدفعون ضريبتها, أما القيادات العليا لا تهمهم غير مواقعهم و مصالحهم الخاصة, و تسويات ما بعد الخدمة و العيش الرغد الذي ينتظرهم, أما صغار الضباط هؤلاء هم الذين يتحملون الاتجاه الخاطئ لحل المشكلة.
فشارة الفريق مدير الإمداد و الفريق مدير العمليات كانت من المفترض أن تكون مباشرة للسلطة الحاكمة التي ترفض الحل العام للمشكلة, و لكن إشارتهم للتمرد لا تفيد في شيء, لأنها إشارة لا تقدم رؤية للحل, و مادام النظام محسوبا علي القوات المسلحة و هي التي تحميه, كان من الأجدى أن يتم الحوار داخل القوات المسلحة, و لمتى هذه القوات تظل تقاتل في الأحراش و في يدها أن تضع حلا للمشكلة إذا أرادت ذلك, حيث ثبت تماما إن النظام تتحكم فيه قل و توجهه لمصالحها الشخصية, و يدفع الشعب السوداني كله ضريبة ذلك معاناة و فقرا و مرضا و تفشي للأوبئة و جهل و تشريد, بينما قلة هي التي تنعم برغد العيش و مترعة بالنعيم و تملك ثلاثة أرباع الثروة دون الآخرين, كل تلك كانت إشارات هربت منها قيادات الجيش, و التي أدمنت مخاطبة جنودها علي جماجم أخوتهم, في حروب عبثية لا تنقطع و لا تتوقف حروب خلقها النظام و يحافظ عليها لأنها هي التي يعتقد تتوحد عليها الأمة, و هي الحروب أيضا التي تصنع منها النخبة الحاكمة إعلانات الخوف, بتوصيفها بالحروب العنصرية, و كل ذلك حماية لقلة هم تسببوا نتيجة لسياساتهم الخاطئة في عدم الاستقرار و معاناة الشعب و يريدون الاستمرار في السلطة رغم فشلهم في كل شيء, فعلي قيادات الجيش أن تضع أصبعها علي مكان الألم و تشير إلية بدلا أن تطعن في ظل الفيل و نسأل الله أن يوفقهم في ذلك.
يقول عالم الاستراتيجية الالماني كلاوزبفتز ان اي ضابط قائدمسرح عمليات يجب ان يكون ملما بالضرورة بمعرفة استراتيجية شاملة لدولته تعينه على تقييم الامور تقييما سليما يساعده على استخدام مصادر القوات المسلحة استخداما يتماشي مع المصالح العليا لشعبه ودولته– ولبلوغه لتلك الرتبة الرفيعة يجب ان يتحلى بالقيم العليا والمثل التي تعينه علىاتخاذالقرار الصحيح الذي يتماشى ومصالح وطنه وشعبه بغض النظر عن مصلحته الشخصية – ومن تلك القيم والمثل الشجاعة المادية لخوض الحرب والشجاعة المعنوية لاتخاذ القرار المبني على حيثيات ومعلومات سليمة وليس تلقي الاوامر وتنفيذها فحسب والتحلى بقيم الامانة والشرف والاستقامة الاخلاقية التي بالضرورة تعني احترام الانسان وحقوقه المرعية في الشرع والدستور — فاذا حاولنا ان نطبق ذلك على ما جرى فى دار فور وفي جبال النوبة والنيل الازرق نصل الى نوعية القادة الذين يقودون قواتنا المسلحة اليوم — ادناها — هل اطلاق لفظ العدو على الخارجين عن طوع الحكومة لفظ حكيم وما هى تاثيراته الجانبية المحتملة على ساكني تلك البقاع- هل استخدام الطائرة الاتينوف العمياء لرمي القنابل عشوائيا في مسرح العمليات الذي يعج بالسكان الابرياء صحيح اخلاقيا– هل حرق القرى وسبي النساء واغتصابهن في مصلحة الوطن على المدى القريب والبعيد- ونحن نرى مدى التذمر والبعضاء التي تركتها حملة محمود ود احمد على اهل المتمة وما جاورها– هل تجنيد الجنود من المناطق الفقيرة وحشدهم وتعريضهم للفناء والمخاطر مع الاحتفاظ بابناء الاغنياء والذوات بعيدة عن تلك المهالك امر انساني ووطني او اخلاقي واعطاء اولئك الضعفاء مرتبات لا تفي بسد الرمق ليعملوا مجبورين بالاوامر العسكرية ولوائحها القاسية بشكل يشبه السخرة والاستعباد- هذه مشاكل يجب ان ينظر اليها القادة بعين الاعتبار ان كان هناك قادة بالمعني — ونحن نرى شاليط يستبدل بالالوف من الفلسطينيين- قد استمعت الى التهديدات الجوفاء التى اصدرها كل من احمد عبد الله ويعقوب وهى اساءة لشخصيهما قبل ان تخيف او تردع خارج او ثائر
(
بسم الله الرحمن الرحيم اخي ابو روان — لا استطيع ان ادافع باني خائب او لا فذلك متروك لشهادة من غيري فانا لا امنح نفسي هذه الشهادة — لكننى يمكن ان احكم على قادة جيشنا بالخيبة والخيبة الكبيرة جدا عندما ارى بلادنا مستباحة من قبل الدول المجاورة وغير المجاورة مثل الضربة الاسرائيلية التى لم نستطع حتى تقديم شكوى للامم المتحدة بصددها- وارى الخيبة عندما اتتبع مسيرة جيشنا منذ 1955 ولا اراه يقذف طلقة الا في صدر احد مواطنيه ممن حاول ان يعبر عن ازمة الحكم وخيبة الامل في جيش حكم اكثر من 45 عاما ومع ذلك لم يحقق استقرارا ولم يحافظ على وحدة البلاد ولم يحمي حدودها — فهل واسالك بالله تريدني ان اصفق فرحا بمثل هذا الجيش ام ماذا — انا لا اريد من الجيش الا السعى الحثيث والجاد لحفظ الامانة التي اؤتمن عليها ويجب ان يكون مؤهلا لذلك خاصة في مجال القيادة والتي هى النور والشعاع الذي يهتدي المقاتلين به والا عليه ان يرفع صوته عاليا بالاسباب التي تعيق ذلك لنعمل جميعنا كمواطنين سودانين للوصول الى حلول لها– هذا ما اراه انا كرجل مدني ينظر الى الميدان من الخارج وعلى الاعبين الاساسيين السماع لنقدنا عسي ولعل ان يكون نافعا في لحظة ما — فالمثل يقول نصف رايك عند اخيك وشكرا