الجنس للجنس رحمة
بشفافية
من الأمثال السودانية غير الموفقة والتي تعبر عن إنحياز ضيق، المثل الذي يقول «الجنس للجنس رحمة» وقد أضاف بعض المشاغبين لهذا المثل فقرة تقول «والفول للمساكين لحمة»، فليس من العدل والانصاف أن تأخذك بشخصٍ ما أرتكب في حقك جرماً فادحاً شفقة ورحمة لمجرد أنه ينتمي إلى كيانك أياً كان هذا الكيان، بينما تغلظ في العتاب والعقاب على آخر إرتكب في حقك نفس الجرم خاصةً إذا كنت سيداً في قومك والاثنان خاضعان لرعايتك وولايتك وأحكامك، ومن اللطائف التي تذكر بهذه المناسبة وتكشف أنه حتى الامريكان أحياناً يقعون تحت تأثير هذا المثل السوداني تلك الطرفة التي تقول ان رجلاً كان يتنزه في واحدة من حدائق نيويورك وفجأة هاله منظر كلب ضخم يهجم على فتاة صغيرة كانت تلهو في الحديقة ويلقيها أرضاً فما كان منه ودون أن يشعر إلا أن ركض بكل قوته تجاه الفتاة ودخل في عراك مع الكلب حتى قضى عليه وخلّص الفتاة الامريكية من بين براثنه، في تلك الأثناء كان هناك رجل شرطة يقف على مبعدة يراقب المشهد دون أن يتدخل لإنقاذ الفتاة، وبعد نهاية معركة الرجل مع الكلب إتجه نحوه وشدَّ على يده قائلاً أنت حقاً بطل وغداً سنقرأ خبرك في الصحف تحت عنوان نيويوركي شجاع ينقذ حياة طفلة من كلب هائج، قال الرجل لكني لست من نيويورك، قال الشرطي إذن سيكون الخبر أمريكي شجاع ينقذ حياة طفلة من كل هائج، قال الرجل أنا لست أمريكياً، قال الشرطي مستغرباً ومن تكون، قال الرجل أنا عربي، وفي اليوم التالي ظهر الخبر في الصحف على النحو الآتي: متطرف إسلامي يقتل كلباً أمريكياً بريئاً، وعلى هذا النحو وجرياً على ما يمكن أن يفرزه مثلنا السوداني من فرز ومفارقات يمكن لصحافتنا أن تعبر عن فعل واحد وحدثٍ واحد قام به شخصان مختلفان بكلمات عن الأول تتقاطع وتتناقض بمقدار 180 درجة عن ما تقوله في حق الثاني وقد حدث ذلك بالفعل…
ولكن حتى إذا ما قبلنا على مضض منطق مثلنا المعطوب والمعيب وانحزنا لجنسنا وانتمائنا رغم ما في ذلك من حيف، فإنه يبقى من غير المقبول أن تمارس شغل «الخيار والفقوس» حتى داخل هذه الدائرة الضيقة المغلقة فتأخذنا الشفقة والرحمة بالبعض دون الآخرين، ولو قدر لهذا القياس المختل أن يستمر لأوصلنا إلى حدود «خشم البيت» ويا بئس ما سنصل إليه، أما إذا كان السيف قد سبق العزل في حدث سابق فلا أقل من إعتذار رقيق يسبقه إعتراف صريح بالظلم قياساً بحدث لاحق من جنسه، تمثلاً بمقولة الإمام علي كرم الله وجهه: «وأيم الله لأنصفن المظلوم من ظالمه ولأقودن الظالم بخزامته حتى أورده منهل الحق وإن كان كارهاً، وأيم الله لأبقرن الباطل حتى أخرج الحق من خاصرته…»
الصحافة
هل تقصد وقوف البشير مع امين عمر فى التغول على ساحة وفناء مسجد بالمعمورة…
وخز النحل ولكن الجلود تخينة لن تحس به . شكرا ياجميل
يا ود المكاشفي يا تكون صحفي قوي وشجاع وتبطل الهمز واللمز ويا اخير شوف ليك شغلة تانية غير الصحافة!!!!
نبهني صديقنااللماح إلى حكاية (الجنس للجنس رحمة) في الأعلام السعودي وتحيزه لصالح أبناء جلدته تحيزاً غريزياً (أي يطفح التحيز دون قصد من الكاتب)، وهاك عينة مما رصدته من تحيز في الإعلام السعودي تسير كلها على منوال مثلنا السوداني الجنس للجنس رحمة ومنها على سبيل المثال: (المواطنون يشكون من الروائح الكهرية المنبعثة الصرف الصحي…….. بل حتى المقيمين أشكتوا منها!!!!!!!!). وفي خبر آخر (صرف عليها نصف مليون ريال……. مواطن سعودي سحرته مغربية ضبط معها بشقتها). وفي خبر آخر (ضبط عربي يمارس الرذيلة مع مواطنة بني جلدته!!!!). فالسعودي عندما يمارس الرذيلة فهو (مسحور) أما عندما يمارسها العربي فهو آثم ومجرم. ومن المعلوم أن أي وافد باحث عن الرزق يسمى (مترزق الله) وأما السعودي فهو (كداد). فالترزق فيه لمحات من التسول أما الكد فهو صنو للاجتهاد والعرق والتعب. وهكذا نرى عشرات اللمحات الغريزية التي يكتبها الإعلاميون دون وعي بأنها تنم عن تحيز مستبطن في اللاوعي. وأذكر شخصياً أننا كنا في شهر يوليو وكان درجة الحرارة عالية بدرجة لا توصف وفجأة انقطع التيار الكهربائي بفعل فاعل. فخرج جميع السعوديون من شققهم ليستجلوا الأمر. وكانوا يركضون جمعياً نحو مجموعة من العاملين في قطاع الكهرباء وهم في حالة من الغضب وكنت واحداً من هؤلاء. في ذات الأثناء قابلهم شخص آخر استجلي من الأمر وهو راجع إلى بيته قانع بالنتيجة فكان يردد هذا الرجل بصوت عال لتسمعه المجموعة الغاضبة (سعودي…. سعودي…… سعودي). بالفعل كان رئيس المجموعة مهندس كهرباء سعودي وكان يحمل في يده (كيبل لوكيتر). فرجعت المجموعة وهي مقتنعة تماماً بأن السعودي لن يفعل شيئاً مضراً. ترى ماذا كان سيحدث لو كان من قطع التيار شخصاً غير سعودي. النفس العربية منذموقعة الجمل ومقتل الحسين وعهدالحجاج بن يوسف لم تتغير ولن تتغير.