(الجهل المركب )

** قبل ثلاث سنوات تقريباً، صدرت بعض الصحف بخبر عن تورط ثلاثين وزير في إستجلاب نفايات إلكترونية بغرض دفنها في البلاد، ثم نسبت الحدث والحديث لما وصفته بالخبير العالمي نزار..تم فتح البلاغات في الصحف وتحرت السلطات في الأمر، ثم تكتشف – السلطات والصحف – عدم صحة الحدث والحديث فحسب، بل إكتشفت أن نزار الملقب بالخبير العالمي محض شاب سوداني لم يكمل تعليمه ويمتهن بيع الموبايلات – وإكسسواراته – بسوق أمدرمان..هذا نموذج للنشر غير المصحوب بتحري الدقة..وحدث الكلاب الضالة كان نموذجاً آخر، إذ يومياً كانت تنشر أخبار بعض الصحف وقائع تصلح أن تكون مشاهد رائعة في أفلام الخيال العلمي، ومن اللطائف أن صحيفة إتهمت قوات خليل إبراهيم باستجلاب تلك الكلاب في إطار غزوة أمدرمان ..!!

** نعم، بالسودان – كما في دول الدنيا والعالمين – صحف تتقن فن النشر قبل التحري..والصحيفة لاترتكب تلك الخطيئة إلا في حالتين، إذ هي إما تخطئ إختيار المصدر المناسب بحيث يكون المصدر من واد والحدث في واد آخر، أو تتعمد الخطيئة بغرض الإثارة والتوزيع..والمتأمل للواقع، يستطيع أن يرصد من الأخبار – ما لاتحصى ولاتعد – المنسوبة لمصادر مناصبها ومهامها – في الحياة العامة – ليست ذات صلة بوقائع تلك الأخبار، كأن يقول أحدهم بمنتهى الكذب واللامسؤولية ( نسبة الأخطاء الطبية في السودان 63%)، وتحتفي وسائل الإعلام – بما فيها الفضائيات – بالنسبة المزعجة..مثل هذا الحديث غير المسؤول – خاصة حين يتحول أثره إلى تقرير تلفزيوني – يجب أن يُغضب كل أطباء البلد، بل كل أهل البلد، وليس البروف مأمون حميدة وحده..!!

** فالمجلس الطبي هو من يجب أن يكون المصدر المعتمد الوحيد لمثل ( تلك النسب)، وليس أي طبيب ولا حتى أي وزير صحة، إتحادياً كان أو ولائياً.. بل حتى رئاسة الجمهورية لاتملك سلطة الحديث عن الأخطاء الطبية ونسبها ما لم تتكئ على تقرير صادر عن المجلس الطبي، وهذا معلوم ومتفق عليه في كل أرجاء الكون ( ما عدا السودان طبعاً)، حيث الكل يفتي فيما لايعنيه بلسان الجهل..نعم، بالمشافي – العامة والخاصة – أخطاء طبية قاتلة، ولكن من الغباء ترقية هذه الأخطاء إلى ( نسبة 63%)..ولو كانت كذلك، لما تخطفت دول العالم أطباء بلادنا لحد إحداث فجوة في مشافي بلادنا..علينا – كصحافة – أن نميز بين الخطأ الإداري والخطأ الطبي حين نتناول قضايا الصحة..واقع الأخطاء الإدارية – بالمشافي والوزرات- محيط بلا ساحل من البؤس ، فلنسرح ونمرح في نقد (البؤس إداري)..ولكن نشر حرف عن خطأ طبي يستدعي أخذ الحيطة والحذر، ثم التحري والبحث عن تقرير المصدر المعتمد، وكذلك علينا ألا نعاقب كل الأطباء بخطأ طبيب أو ثلاثة..!!

**المهم، تلك النسبة – 63% – تعاقب كل الأطباء، وهذا ظلم..علمأً أن آثار ظلم الأطباء بتلك النسبة المزعجة لاتقف عند حدهم فقط، بل تتجاوز الآثار الأطباء إلى حيث المرضى أيضاً، إذ ثقة المريض في طبيبه هي (نصف مشوار العلاج)، وتلك النسبة تقتل الثقة في نفوس المرضى..فالأطباء في بلادنا يعملون في مناخ سئ للغاية، وإن عجزنا – كصحافة – عن عكس بؤس حالهم، فلنصمت، أي لانكون وبالاً عليهم بنشر وبث نسب صادرة عن (جهات جهولة)..نعم، المصدر غير المسؤول الذي ملك الصحف والفضائيات تلك النسبة هو (الجهل المركب)، وليس بعض الصحفيين، أو كما وصفهم البروف حميدة..والخطأ هنا مشترك، إذ ليست هناك ضوابط للتصريحات الصحية والطبية، و أي خفير بأي مستشفى يمكن أن يعقد مؤتمراً صحفياً ويطلق خبراً من شاكلة ( نسبة داء الفيل في السودان 99.5%)، ثم تحتفي وسائل الإعلام بالخبر قبل التحري ومعرفة إن كان هذا الخفير يعرف الفرق بين( داءالفيل وسن الفيل).. فليكن المواطن غاية أسطرنا، فهو المكتوي بما يحدث ..!!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. (الجهل المركب )
    04-27-2013 07:40 AM

    ** قبل ثلاث سنوات تقريباً، صدرت بعض الصحف بخبر عن تورط ثلاثين وزير في إستجلاب نفايات إلكترونية بغرض دفنها في البلاد، ثم نسبت الحدث والحديث لما وصفته بالخبير العالمي نزار..تم فتح البلاغات في الصحف وتحرت السلطات في الأمر، ثم تكتشف – السلطات والصحف – عدم صحة الحدث والحديث فحسب، بل إكتشفت أن نزار الملقب بالخبير العالمي محض شاب سوداني لم يكمل تعليمه ويمتهن بيع الموبايلات – وإكسسواراته – بسوق أمدرمان..هذا نموذج للنشر غير المصحوب بتحري الدقة..وحدث الكلاب الضالة كان نموذجاً آخر، إذ يومياً كانت تنشر أخبار بعض الصحف وقائع تصلح أن تكون مشاهد رائعة في أفلام الخيال العلمي، ومن اللطائف أن صحيفة إتهمت قوات خليل إبراهيم باستجلاب تلك الكلاب في إطار غزوة أمدرمان ..!!

    ** نعم، بالسودان – كما في دول الدنيا والعالمين – صحف تتقن فن النشر قبل التحري..والصحيفة لاترتكب تلك الخطيئة إلا في حالتين، إذ هي إما تخطئ إختيار المصدر المناسب بحيث يكون المصدر من واد والحدث في واد آخر، أو تتعمد الخطيئة بغرض الإثارة والتوزيع..والمتأمل للواقع، يستطيع أن يرصد من الأخبار – ما لاتحصى ولاتعد – المنسوبة لمصادر مناصبها ومهامها – في الحياة العامة – ليست ذات صلة بوقائع تلك الأخبار، كأن يقول أحدهم بمنتهى الكذب واللامسؤولية ( نسبة الأخطاء الطبية في السودان 63%)، وتحتفي وسائل الإعلام – بما فيها الفضائيات – بالنسبة المزعجة..مثل هذا الحديث غير المسؤول – خاصة حين يتحول أثره إلى تقرير تلفزيوني – يجب أن يُغضب كل أطباء البلد، بل كل أهل البلد، وليس البروف مأمون حميدة وحده..!!

    ** فالمجلس الطبي هو من يجب أن يكون المصدر المعتمد الوحيد لمثل ( تلك النسب)، وليس أي طبيب ولا حتى أي وزير صحة، إتحادياً كان أو ولائياً.. بل حتى رئاسة الجمهورية لاتملك سلطة الحديث عن الأخطاء الطبية ونسبها ما لم تتكئ على تقرير صادر عن المجلس الطبي، وهذا معلوم ومتفق عليه في كل أرجاء الكون ( ما عدا السودان طبعاً)، حيث الكل يفتي فيما لايعنيه بلسان الجهل..نعم، بالمشافي – العامة والخاصة – أخطاء طبية قاتلة، ولكن من الغباء ترقية هذه الأخطاء إلى ( نسبة 63%)..ولو كانت كذلك، لما تخطفت دول العالم أطباء بلادنا لحد إحداث فجوة في مشافي بلادنا..علينا – كصحافة – أن نميز بين الخطأ الإداري والخطأ الطبي حين نتناول قضايا الصحة..واقع الأخطاء الإدارية – بالمشافي والوزرات- محيط بلا ساحل من البؤس ، فلنسرح ونمرح في نقد (البؤس إداري)..ولكن نشر حرف عن خطأ طبي يستدعي أخذ الحيطة والحذر، ثم التحري والبحث عن تقرير المصدر المعتمد، وكذلك علينا ألا نعاقب كل الأطباء بخطأ طبيب أو ثلاثة..!!

    **المهم، تلك النسبة – 63% – تعاقب كل الأطباء، وهذا ظلم..علمأً أن آثار ظلم الأطباء بتلك النسبة المزعجة لاتقف عند حدهم فقط، بل تتجاوز الآثار الأطباء إلى حيث المرضى أيضاً، إذ ثقة المريض في طبيبه هي (نصف مشوار العلاج)، وتلك النسبة تقتل الثقة في نفوس المرضى..فالأطباء في بلادنا يعملون في مناخ سئ للغاية، وإن عجزنا – كصحافة – عن عكس بؤس حالهم، فلنصمت، أي لانكون وبالاً عليهم بنشر وبث نسب صادرة عن (جهات جهولة)..نعم، المصدر غير المسؤول الذي ملك الصحف والفضائيات تلك النسبة هو (الجهل المركب)، وليس بعض الصحفيين، أو كما وصفهم البروف حميدة..والخطأ هنا مشترك، إذ ليست هناك ضوابط للتصريحات الصحية والطبية، و أي خفير بأي مستشفى يمكن أن يعقد مؤتمراً صحفياً ويطلق خبراً من شاكلة ( نسبة داء الفيل في السودان 99.5%)، ثم تحتفي وسائل الإعلام بالخبر قبل التحري ومعرفة إن كان هذا الخفير يعرف الفرق بين( داءالفيل وسن الفيل).. فليكن المواطن غاية أسطرنا، فهو المكتوي بما يحدث ..!!

    [email protected]

    0 | 0 | 0

    خدمات المحتوى
    أدوات : [أضف تعليق][إرسال لصديق][طباعة][حفظ بإسم][حفظ PDF]
    مواقع النشر :

  2. يسلم يراعك وضراعك أخي الطاهر هذه هي المهنية التي نتمني أن نراها في كل أجهزة الاعلام خاصة المقروء منها!!
    لكن عودونا صحفي زمن الغفلة بعدم بذل المجهود والتحري في الاخبار فالهم عندهم احراز السبق الصحفي ( رغم انها مهنة النكد) لكن الكل اصبح صحفي —سياسي– رياضي—اجتماعي— فني(بالطبع همه الاول متابعة اخبار الفنانات وتوزيع ورثة الراحل محمود عبد العزيز).
    والمعايش جبارة يا حبيبنا!!!!!!!!!!!!!!!

  3. ,this areal professional talk

    وتلك النسبة تقتل الثقة في نفوس المرضى..فالأطباء في بلادنا يعملون في مناخ سئ للغاية، وإن عجزنا – كصحافة – عن عكس بؤس حالهم، فلنصمت، أي لانكون وبالاً عليهم بنشر وبث نسب صادرة عن (جهات جهولة)..

  4. كلامك صحيح اخ الطاهر لكن الجهات الرسمية هى بعيدة عن الشفافية فى كل ماتطرحة لذلك يصدق المواطن كل مايصدر عن جهة مناوئة لها يجب ابتعاد التقارير الرسمية عن الكذب واللف والدوران وا يراد الحقائق بالوثائق الرسمية لاستعادة ثقة الناس

  5. يااستاذنا العزيز كلامك صاح ومية المية ولكن اين يمكن الخطا..
    فى راى يمكن الخطا فى عدم تملك المواطن المعلومة الصحيحة بواسطة الجهة المنوط بها ذلك بتجرد ومسئوليةوحيادية تامة من خلال عقد المؤتمرات الصحفية ساعة وقوع الحدث ..
    ولكن مايحدث عندنا عكس ذلك تماما…غطينى واغطيك
    ولا شنو

  6. الصحافة تنقل ما يصل اليها … مسئولية الصحافة ان تتاكد من صحة المصدر قبل النشر، لكن اذا كان المصدر ” مسطولا ” من الاف المسئولين و المتحدثين بلسان الجهات الحكومية فلتوثق الصحافة حديثه و تنشر الخبر على مسئوليته و عليه ان يتحمل مسئولية اخطائه …

  7. معلش يا استاذ هي اكثر من 63 في المئة .. ودا يشمل اكثر من 63 في المئة من الاطباء ماكلهم

  8. شوفو مامون حميده دا تقولوا حرامي تقولوا اي حاجه اناماعارف لكن الزول دا شايل جايزه من جامعه الخرطوم وهو طالب ودي بيفهمها كويس خريجي هذه الجامعه يعني اول دفعتوا ومحضر في بريطانيا وعميد لكليه وزول غيرو مابقدر انفذ الشي البعمل فيه دا لوصاح او غلط ومافي دكتور بقدر ارفع عينو عليهو نسبه للسن والتاريخ يعني الشطاره

  9. عزيزنا الطاهر ساتي.. فلنفترض صحة حديثك 100 %.. واسمح لي بالقول أن نتائج البحوث العلمية يتم تعميمها دون حصر كافة مفردات مجتمع الدراسة أو البحث يعني مثلاً يمكن القول في إحدى نتائج البحوث مثلاً (أثبتت النتائج أن 90 % من الذين تقع أعمارهم ما بين 20-25 يحبذون خدمات شركة زين هذه النسبة أي (90%) لا تعني أننا اسقصينا جميع الذين تقع أعمارهم ضمن هذا الإطار (20-25 سنة) وإنما أخذنا عينات عشوائية لمجتمع دراسة في الغالب لا يفوق الـ500 شاب، ثم قمنا بتعميم النتائج.. وكقاعدة علمية كلما كبر حجم العينة ارتفعت احتمالية تعميم النتائج.. وهكذا سارت البحوث العلمية والنتائج وتطورت الحياة..
    طيب فلننظر إلى حجم عينات الأخطاء الطبية التي شاهدناها وعايشنا الكثير منها ليس فقط في الإعلام ولكن في إطار الأهل والمعارف أليس في ذلك ما يدعوك لإدانة الأطباء السودانيين الحاليين أو فلنقل مستوى الطب السوداني الماثل؟
    أنت بنفسك يا ساتي تناولت موضوع حاجة الزينة عليها الرحمة وما دخل في إطاره من تداعيات.. فهل من تفسير لحديثك عن آرائك تلك ورؤيتك الحالية؟ بما حملته من تناقض بين ما تفضلتم بذكره سابقاً والآن؟! ما الذي استجد لتتحامل على الصحافة التي تعمل في أسوأ ظروف يمكن أن تعمل فيها صحافة!!
    إن ما قاله حميدة بشأن الصحفيين أمرٌ غير لائق ولو أصر على حديثه بأنه الصحفيين جلاء فهو فاسد وليست له أخلاق لأكثر من سبب لا يسع المجال لذكرها ولستم بحاجة للاستشهاد بها..!
    أما شطارته فهي تخصه.. فكثيرون شطار ولكن يفوقون حميدة بالأخلاق والنزاهة (بروف الضو مختار، بروف مهدي، بروف حداد، بروف سراج، وغيرهم كُثُر)!!

    عذراً ساتي لقد آلمتنا بمقالك هذا ولم تقل كل الحقيقة وربنا يسامحك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..