عبدالوهاب الأفندي ودور النجار في الفيلم الهندي

يقول الدكتور عبد الوهاب الأفندي في نصيحة يسديها للشعب العراقي بعد مرور عشرة سنوات على ذكرى احتلاله من قبل الإدارة الأمريكية السابقة في عهد الرئيس بوش الابن ، يقول : “فقد أضاع صدام حسين السنة وقمعهم وهو في السلطة، وحمل بعضهم آثام نظامه بعد رحيله “. هذه العبارة والتي أرسلها الأفندي للسيد المالكي ونظامه تحمل في طياتها نقاط مفصلية تساهم بشكل فعال في حل الأزمة السياسية العراقية. و كذلك تحقق السلام العادل والحل السياسي الشامل لكل الشعوب التي تعاني من ويلات الحروب الطائفية والعرقية وتسلط الجبابرة والطغاة على رقاب الضعفاء إذا وجد آذاناً صاغية. ولكن للأسف الشديد فلا حياة لمن تنادي فلا أحد من قادة الدول العربية وإعلامييها – باستثناء السودانيين- يعير اهتماماً بكلمات هذا الأفندي حتى إذا دعاهم ليلاً ونهاراً، فلا تزيدهم دعوته إلا فراراً وازدراءً. ولا يجلب له إلا سخريةً وتهكماً على الشعب السوداني الذي هو في أشد الحاجة لأي نصح أو إرشاد ليخرجه من مهالك الردى وينقذه من طوفان الفشل .
السخرية التي يوجهها بعض إخوتنا العرب لنا كسودانيين ليس بسبب سواد وجوهنا فقط ، رغم أن هذا خلق الله وشأنه فلا دخل لنا فيه ، ولكن أيضاً بسبب أن معظم المثقفين السودانيين أو من يسمون أنفسهم بالنخب السودانية من لدن محمد احمد المحجوب ومروراً بالصادق المهدي وانتهاءً بالأفندي ، كلهم مصابون بداء الفضولية السياسية وغياب الرؤية والمنهجية والتطفل في شؤون الغير بصورة همجية وادعاء المعرفة والمثالية كالهر يحاكي صولجان الأسد في انتفاخه. من يسمع كلمات هؤلاء الأفندية يظن أنهم أكملوا رسالتهم في بناء أوطانهم ، ونهضوا به تكنولوجياً وصناعياً ، ووضعوه في مصاف الدول الأوربية ، وتقدموا به حضارياً وإنسانياً في قامة الولايات المتحدة الأمريكية التي تمثل النموذج الحضاري في الاعتراف بالتنوع العرقي والثقافي والديني وهذا هو سبب تقدمها و سر قوتها ولو كره العنصريون .
​فهؤلاء الأفندية ما هم إلا مجرد ظواهر صوتية مليئة بالتناقضات الفلسفية. فالفطرة الإنسانية السليمة تؤمن بأن فاقد الشيء لا يعطيه باستثناء النجار{ باب النجار مخلع }. فلا يستقيم عقلا أن ترجو مالاً من شخص مفلس أو تأخذ نصيحة من السفيه . فهؤلاء الأفندية الذين يقومون بدورالنجارين لا يستحق أن نطلق عليهم لقب المثقفين أو النخب أو الساسة

مهما أوتينا من العلم درجات لن نستطيع أن نجد عذراً لهؤلاء الأفندية وقيامهم تطوعاً بدور النجارين في تصليح أبواب الغير بيد أن أبوابهم مخلعة وبيوتهم خربة وأصبحوا مضرب مثل في إدمان الفشل والتوهان وغياب الرؤية السليمة .
في العام الماضي ألقى السيد الصادق المهدي حجراً كبير في بركة مياه راكدة وجلب لنا كثيراً من السخرية والتهكم من قادة المعارضة والصحافة المصرية عندما لبس ثياب الواعظين وحمل صحائف الحكماء و الراشدين وقدم نفسه متطوعاً وسيطاً لحل الخلافات بين الإخوان المسلمين والمعارضة السياسية في مصر. وسخر منه احد زعماء المعارضة بقوله : ” هو دي أخرتها والله عيب علينا وبلاش سياسة بقى”. والعجيب في الأمر أن السيد الصادق المهدي ما زال مصراً على القيام بدور النجار بعد كل هذه المسخرة والمهزلة ، ومن يهن يسهل الهوان عليه وما لجرح بميت إيلام . مع العلم أن الصادق المهدي كان شاهد عيان عندما قام المحجوب بدور الوساطة وإزالة الغشاوة بين الملك فيصل وعبد الناصر بعد النكسة الكبرى وقدم مجهودات جبارة في إصلاح ذات البين وأعاد المياه إلى مجاريها . وبعد تدفق أموال البترول السعودي في جيب عبد الناصر قام عبد الناصر بمكافأة المحجوب بجزاء سنمار (النجار) ودبر له انقلاب نميري وترك المحجوب يقول يا ويلي يا ويلي على المصريين . فهذا هو جزاء المتطفلين من جنس كل النجارين الذين يتركون هموم ومصالح شعبهم باحثين عن الشهرة والأضواء .
وأخيراً أعود للدكتور الأفندي واستحضره بأن كل الرسل والأنبياء عندما يبتعثون لهداية البشر، كانوا يرسلون إلى قومهم ، ويبدأون بأهلهم وعشيرتهم وبني جلدتهم : ” ما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ” . وهذه هي مهمتهم ومهمة العلماء من بعدهم . فالعلماء ورثة الأنبياء في هداية البشرية والتحلي بالأخلاق المثالية . أما النجارون فيتبعهم الغاوون ، وفي كل وادي يهيمون ، ويقولون ما لا يفعلون.
فليعلم الدكتور عبد الوهاب الأفندي أن الطغاة ملة واحدة لا يختلفون عن بعضهم البعض كثيراً في السلوك والجرائم والنهاية المأساوية ، ولكل حسب جرمه و الرسول الحبيب يقول ” افعل ما شئت كما تدين تدان” . والمشهد السوداني يشبه العبارة أعلاه ،، فالإنقاذيون بحماقتهم وسياستهم الهوجاء قسموا النسيج الاجتماعي السوداني بين مركز وهامش مع العلم أن كثير من أهل الشمال هم أول من ذاقوا ويلات الإنقاذ سجناً في بيوت الأشباح وتشريداً من الخدمة المدنية وتهجيراً إلى الخارج وقتلاً كما في ضباط 28 رمضان وشهداء كجبار والآن ما يسمى بالشماليين يحملون آثام الإنقاذ من غير جريرة سوى المكان. فإلى أن يخرج عاقلون من المركز أمثال عرمان وهجو لتأسيس سودان ديمقراطي جديد مبني على أسس المواطنة والمساواة والعدل، وطي صفحات الماضي من السودان القديم بآثامه وآلامه.

يوسف عمر بشير
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. عفوا استاذ يوسف انقلاب مايو حدث والصادق المهدى كان يراس الحكومة بعد ان ساهم وسعى لتنحى المحجوب عن المنصب.
    ثم ان النجارين لا يتبعهم الغاوون … انهم مهنيون شرفاء.

  2. يا صديق انت مضيع وقتك مع الافندي ساكت

    دا زمانه فات وغنايو مات…
    وهذا الرجل بالمناسبه شمولي حتي الثماله
    وكان الي وقت قريب جزءا اساسيا من هذا النظام
    بل كان من منظريه وانقلب عليه فقط بعد طرده من وظيفته

    الان بحاول الظهور بمظهر الديمقراطي ولبس ثوب الديمقراطيه

    الكويس انه المعارضه عارفاهوا وعافصاه كويس

    مع كامل احترامي ليك
    ما تضيع وكتك مع زول شمولي ينوم يصحي ويحلم علي
    ان يعاد الي موقعه .. وكان مستني انقلاب ناس ود إبراهيم
    ينجح عشان يدوه وزاره مره تانيه

  3. للأسف كلهم يعانون من نفس الداء وهذا الأفندي يعيش وهمة العروبة والفهم وهو من الذين أتو بهذه الثلة الباغية وهم دوماً يفلحون في التطبيل ومسح الجوخ لا أكثر فالنفاق جزء أساسي من شخصيتهم..! ولا يغرنك شهاداتهم التي لم تبرر أفعالهم فهم حصلوا عليها في غفلة من زمان وليضر بها العالمين وليمنهجوا للعنصرية والتبعية المطلقة لبني يعرب ..!!

  4. لا فوض فوك ، لكن يا يوسف كما قال لك أحدهم النجارون لا يتبعهم الغاوون بل هي مهنة الأنبياء .

  5. قالوا الزول العامل وشو زي لقيمات الصدقة الاسمو مصطفي عثمان اسماعيل لمن مشي يتوسط في الازمة اللبنانية وليد جنبلاط عاين ليهو بحقارة وسأله عن مشكلة دارفور…..يعني بالبلدي كده نحنا سياسيينا زي الزول البتولع نار في بيتو يقوم يشيل جرادل الموية عشان يطفي بيوت الجيران وعندك الصادق المهدي قريب ده مشي لمصر عشان يتوسط بين ناس المعارضة المصرية وحزب العدالة الحاكم لغاية ما جاب لينا الكلام من واحد زي البرادعي….

  6. ياخ تسلم اناملك
    يممكن القول اننا نتحدث العربية وديننا الاسلام لكن ما لنا فى العرب شئ ولم نكن يوما منهم رضينا ان نكون اخرهم ولم نقبل ان نكون اول الافارقة من سيئات النخبة الحاكمة السودانية ان ادخلتنا الى الجامعة العربية رغم بغض العرب لذلك بسببهم عادينا الغرب واسرائيل ماذا لو كنا اتخذنا سياسة المصالح ما حدث ما كان ليحدث

  7. أصلو أنحن اللقافة دي ما بنخليها ،، من أيام عملوا مؤتمر قمة الخرطوم ، استفادت منه مصر و في النهاية دبرت انقلاب مايو على الناس اللي عملوا مؤتمر الخرطوم
    أنحن ناس ملاقيف فقط ليس أكثر
    أجمل موضوع أقرأه مؤخراً

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..