المغترب …يطبخ على نار هادئة…!!

وقف عند مفترق طرق ….غربة امتدت به وتطاول عليه ليلها … لازالت روائــــح الصبر …نافذة بين احاسيسه المتأرجحة طعم السنوات التى عبرته … احلامه العالقة … واسوار الاغتراب الشاهقة تحول بينه وبين حلاوة اسمها العــودة المرتقبة…. حيث الحنين الممزوج فى نظرات… اهله الطيبة رغم انهم يحفروا باظافرهم… على صخر المعــاناة والعوز……
اخبار الوطن مطرقة على رأسه… الذى تبلدت احاسيسه من جراء الماسى.. التى تنمو مثل الطاعون المهلك… تتكدس المحن فيه .. فيقشعر جلده حين يسحقه… ذلك الاحباط المريع.. كلما تستبد به الذكرى تسحب عواطفه قسرا فى اتجاه ارض تركته حبيسا بين جدران امنياته المغتربة فيه…اه … نزعته لقمة العيش الى هناك ولكنه للاسف لم يجد نفسه هنا وضاع منه العمر هناك فبين المكانين يحاول ان يجد لذاته مفر..ما … اوربما مهرب…نعم طارت به المعايش الى ارض … قاحلة ماحلة خاوية من عواطـف ولكنها تركت له الشىء اليسير من تلك الامال المبعثرة… فى كيانه المستكين…… فقد استبدت به …الغربة ولكن… استبداد الوطن كان دائما…الاكثر الما ….
المكان الاول…… مسقط الرأس……
لم ينسيه جفاف الاغتراب ايام كانت الاشواق تحف اعماقه بكثير من الرضا والبشاشة
لم تنسى ذاكرة اشـواقه المودة التى تفتح له الابواب على قلوب الاحباب الذين تجالسهم البساطة … الاغنياء بالقناعة بدون مال ….تذكرت اشواقه رحــــابة صدورهم ونقـاء
نفوسهم وسرائرهم وطيب سلامهم… وضيافة حنينهم …..واريحية كلامهم …
وفى ذات المكان جلده الصبر..جلد غرائب الابل..وداهمه الخوف … ونازعه الفـقر تلك الحياة الهانئة التى اصبحت فى الماضى…. جرحه الفشل… الذى… اكتنف…اعز مكان الى قلبه..واختنقت بسببه الاحلام … استولى عليه الضيق فلم يترك له مخرج صدق الا الانعتاق …من الاوطان… عاكس مبدأه ومقصده وغير الاتجاه لانه بالامس كان يؤكد انه سيظل صامدا كالطود … لا تزعزعه رياح المكاره اه… كم كان يتباهى بسودانيته وقوميته … كم كان يبغض الاغتراب جملة… ويرفضه تفصيلا.. حين يتمشدق قائلا… وطنى ولا ملى بطنى…وتدور فيه وحوله الايام بسطوتها…وتمارس الانتكاسات قوة جبروتها وقسـوة قبضتها .. وعنف …امواجها العاتية …. فتدفعه دفعا…. الى سفر المحتاج… مكلـوم ….مسحوق محروم… بين شح المال… وتردى الحال…..
المكان الثانى….. الضفة الاخرى…..
يستدرج الاغتراب… صاحبنا …الذى لم يكن له من مخرج… الا ..الاتجــاه الواحــــد وتمضى عبره الغربة بما فيها… وتسترسل فيه باشواكها واشراكها …فى وجدانه الى اقصى الاعماق يحاول ان يبلد كل احساس فيه فيترك نفسه للانحسار او الانكســــار او الاحتمال … وينحنى صاحبنا… اجبارا لرياح الغربة حتى تمر بسلام وهو بين الشد او الجذب والانتظار… يتحسس بين كيانه بصيص الامل حتى لا… يقتــــلع قلبه الاحبـــاط
فمن الضروريات ان يعلم اقدامه الثبات ويتماسك حتى لا تسقط الغايات بدون عودة فان يقف على امل…. خيرله الف مرة …من ان يسقطه…. الانهزام…..
مخرج…..
لاتوجد وسطية للمغترب بين المكانين …فلايوجد بين النارين مهرب فالمغترب مستوى فى الحالتين ولكن الفرق… يكون طبخه فى الغربة على نار هادئة…. بينما يشوى الى حد الاحتراق…. فى الوطن… على… لهب… مشتعل….

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. تحفه ادبيه لامست احاسيسي فعلا ولكن ماذا نفعل ومسؤلياتنا تحتم علينا الرضى بالواقع متى يتحول السودان الي دوله تحن علي مواطنيها وتحترمهم -متي يعود الزمن الجميل

  2. وجعل لكم الارض زلولا فامشو فى مناكبها وكلو من رزقه واليه النشور – ياخوى الكرة الارضية كلها وطن– بس اهم شئ الرزق يكون حلال –وشتات يافردة

  3. في اكتساب مهارات وعادات عملية جديدة مفيدة ، إضافة إلى ميزة أخرى وهي أن طبقات المغتربين متعددة وتشمل تخصصات عمل كثيرة فمنهم : الطبيب والاستشاري والمهندس والمعلم والأستاذ الجامعي وأصحاب المهن الحرفية المتميزة بمختلف أطيافها، وبما أن العودة للوطن أصبحت لازمة وجبرية وليست طوعية ومهما طال الزمن العرجاء لمراحها : بعد هذه المقدمة اقترح قيام شراكة بين المغتربين لتأسيس عمل ضخم يمكن من خلاله عودة الكثير منهم للعمل بالسودان والاستقرار بين الأهل والأبناء ولأن السودان يتميز بالاراضي زراعية تاخصبة الشاسعة والمياه العذبة الوفيرة فليكون تركيز العمل في مراحله الأولية في الانتاج الزراعي والحيواني للاستهلاك المحلي والتصدير للخليج لقرب الخليج وحاجته الماسة للمنتجات الحيوانية والزراعية : ( شركة اتحاد المغتربين للإنتاج الزراعي والحيواني ) فالخليج يستورد منتجات حيوانية وزاعية من أمريكا الشمالية والجنوبية ومن أقصى شرق آسيا ونحن على بعد خطوات منه فهذه ميزة مهمة في ظل ارتفاع أسعار النقل عالمياً مع توفر العلاقات الاقتصادية الجيدة مع اقتصاديي الخليج كل المقومات وغيرها كثير تدعم إنشاء مثل هذا العمل عدا الجدية في العمل والصدق في التعامل ونرى أن المغتربين قد اكتسيوا هاتين الصفتين من خلاله غربتهم ، ويمكن أن تبدأ هذه الشراكة بمتخصصين في هذا المجال من أبناء المغتربين يذهبون للسودان لبدء العمل بصورة مباشرة ويتم التمويل باسهم مفتوحة لكل المغتربين في جميع أنحاء الدنيا ، ولن نعدم بإذن الله من أبناء السودان المخلصين من يتولى إدارة هذا العمل لأن السودان يذخر بكفاءات علمية ومهارية وإدارية كبيرة صادقة ومخلصة وأمينة أسهمت في إنشاء الكثير من المؤسسات الناجحة في الخليج العربي بل في بعض الدول الأوربية والآسيوية ، أسأل الله أن يسخر لهذا المقترح نخبة طبية من أبناء السودان تتولى إخراجه إلى الواقع العملي ليكون نواة لأعمال أخرى تتوج غربة أبناء السودان بكثير من الفائدة لهم ولوطنهم ولأبناءهم من بعده

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..