“النهب المصلح” على الطريقة الفرنسية والسودانية

تجري التحقيقات هذه الايام مع وزير الداخلية الفرنسي السابق كلود غيان الذي يعتبر من أقوى المقربين للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، بل يعتبره البعض الاب الروحي للرئيس ساركوزي. خاصة بعد عمليتي التفتيش في بيته وفي مكتبه للمحاماة التي تمت مؤخراً وأدت لإكتشاف ما يثبت بأن له بعض الاموال والمدخرات!!!. شغل الوزير السابق فيما شغل منصب محافظ والمدير العام للبوليس الفرنسي وسكرتير عام لقصر الاليزيه، ويتردد انه اوكلت له مهام سرية في ليبيا والمملكة السعودية وكذلك عقد صفقات سرية مع دول المغرب ودول الشرق الاوسط.
ففي صباح يوم 27 فبراير 2013م، جاءت مجموعة من الوحدة المالية بالنيابة العامة الباريسية للتفتيش في مسكن الوزير السابق عن ما يثبت علاقته بالقضية التي تتعلق بالتعويضات التي قبلتها وقدمتها وزارة المالية للوزير اليساري السابق “برنارد تابي” بعد بيع شركة “أدي داس”Adidas وخلافه مع المصرف الفرنسي “كردي ليوني” Le Credit Lyonnais .
وفي ظهر نفس يوم 27 فبراير 2013م، جرى التفتيش لدى الوزير من قبل قضاءة أخرون يصحبهم أفراد من بوليس من قسم التحري المالي والتهرب الضريبي لمعرفة مدى علاقة الوزير بما يتردد من تمويل ليبي لحملة الرئيس ساركوزي الانتخابية في عام 2007م.
وعند فحص مستندات الحسابات البنكية للوزير تم اكتشاف ان مبلغ 500 الف يورو وصلت الى حسابه محولة من حساب بنكي أجنبي!
برر الوزير السابق مبلغ 500 الف يورو بأنه باع لمحام أخر لوحتين فنيتين لرسام هولندي، وعن الاموال النقدية التي وجدت بحوزته، قال الوزير السابق بأنه كان لا يصرف الاموال النقدية التي دفعت له كمكافأة ما بين 2002م الى 2006م خلال عمله في مكتب وزير الداخلية ساركوزي، وأنه كان يكتفي بمرتبه ومخصصاته الرسمية.
ولكن تبرير الوزير لم يجد قبول، بسبب أنه ومنذ 2002م ، لا تدفع المكافآت الفرنسية الا بتحويلات بنكية رسمية !, وتتهكم الصحافة بأن من حسن حظ الوزير السابق إن الامر كشف الأن وإلا لكان أجبر على الاستقالة أبان تسلمه لوزارة الداخلية الفرنسية!!!
في فرنسا لا يستطيع وزير أن يتحدث عن أموال مجنبة، بل لا يستطيع أن يتصرف سلباً أو إيجاباً في “يورو” واحد من أموال الوزارة دون أن يمر الامر بلجنة دقيقة غالباً ما يكون لها رأي مخالف للوزير!
ثم أنه من المؤكد ان الصحافة “الصفراء” ستنشر الأمر عاجلاً أم أجلاً وهي صحافة متخصصة في تتبع كل قرارات المسؤولين الحكوميين وخاصة الخاطئة منها، وأرباح مبيعات الصحافة الصفراء تعتمد على صدقها في ما تنشره من أخبار موثقة. خاصة وإنها في حالة ثبوت كذب وثائقها، فأن القضايا التي ترفع ضد هذه الصحف قد تؤدي بها إلى الافلاس.
أغلب مباني الوزارات الحكومية الفرنسية بباريس ومن ضمنها وزارة الدفاع الفرنسية هى مباني قديمة جداً، وفي وزارة الدفاع الفرنسية بمبانيها القديمة يتم إعتماد سياسات الدولة في مجال الدفاع وترسم تلك السياسات وتنشر في ما يسمى “الكتاب الابيض” ، واذا أجلنا النظر في توصيات الكتاب الابيض الصادر في 29 ابريل 2013م، نجد من ضمن التوصيات تخفيض وإلغاء 24000 وظيفة من الجيش الفرنسي في الاربعة سنوات القادمة، أي ما يعادل 10 % من عدد القوات المسلحة الفرنسية، وتبلغ الميزانية المرصودة في هذه الاربع سنوات 179 مليار يورو، وهي تبلغ 1.5 من إجمالي الناتج المحلي. وتعادل11% من ميزانية الدولة. ويبلغ عدد العاملين بوزارة الدفاع في الوقت الحالي حوالي 280 الف فرد عسكري ومدني، منهم 130 الف للقوات البرية،40 الف قوات بحرية و55 الف قوات جوية. وتبقى فرنسا من الدول المصنعة للسلاح ومن ضمنه طائرات الرافال وهي تقارب طائرة اف 16 الامريكية.
نأتي لبلاد التجنيب الرسمي، قال نائب رئيس الدولة علي عثمان طه في يونيو 2012م، “المبالغ المجنبة لا تذهب إلى جيوب المسؤولين إنما لتسيير العمل الحكومي خارج الميزانية.. السياسات الاقتصادية الأخيرة تقوم على عدم مساواة الدولة في دعمها للفقراء والأغنياء في الخدمات !
كذلك تناقلت الصحف في ديسمبر 2012م ، بان اللجنة التي شكلتها رئاسة الجمهورية للوقوف على التجنيب بوزارة الموارد المائية والكهرباء والتي يترأسها الأستاذ علي عثمان محمد طه، منحت الوزارة شهادة براءة من التجنيب فنياً وإدارياً.
وقبلها، أسند عبدالله إبراهيم في مقاله “الازمة الاقتصادية السودانية، فليسعد النطق” بتاريخ 05/08/2012م، قول للأستاذ” عبد الرحيم حمدي، وزير مالية سابق في دولة الإنقاذ، إنه لو كفت الدولة عن تجنيب المال العام لما احتاجت لرفع الدعم عن المحروقات. فالدولة تجنب 5.7 مليارات جنيه بينما ستجني 1.3 مليار جنيه من رفع الدعم عن المحروقات” !!!
وبحسب صحيفة الاننتباهة فأن رئيس لجنة العمل والإدارة بالبرلمان الفاتح عزالدين، حسم قضية التجنيب والوصول لاتفاق مع الجهات المختصة بتحويل الأموال المجنَّبة لبنك السودان مع الالتزام بتحقيق الولاية الكاملة لوزارة المالية على المال العام، وقال ايضا…..” إن المبالغ المجنَّبة تمَّت وفقاً للقانون، وبموافقة وزارة المالية كتابة،”.
ما يهمنا هنا هل لوزارة الدفاع ومسؤوليها علاقة بالتجنيب، خاصة وأنه رغم كل تلك الهزائم النكراء التي تلقتها القوات المسلحة السودانية، ودفعت ثمنها الالاف من الأرواح والدماء الطاهرة الذكية لابنائها البررة، فأن وزير الدفاع وصاحب نظرية “الدفاع بالنظر” ما زال يرعى مشروع تطاول الابراج والمباني الشاهقة التابعة لوزارة الدفاع السودانية، في محاولة للتشبه بالبنتاغون الامريكي!
وتبلغ ميزانية وزارة الدفاع السودانية أو الأمن والدفاع والشرطة بحسب ما أورده مولانا سيف الدولة عبدالقادر عن الميزانية في 2011م ، “رصدت الانقاذ مبلغ (1700) مليار جنيه للامن والدفاع والشرطة، (77% من مجموع الميزانية) ، كما رصدت ? فوق ذلك ? مبلغ (121) مليار جنيه لتأهيل مباني وزارة الدفاع ، ولا يمكن للمواطن ان يدرك معنى تلك الارقام، دون ان يعلم ان ما رصد للتعليم بذات الميزانية في سائر ربوع البلاد بلغ (31) مليار جنيه فقط” . نذكر القارئ مرة ثانية بأن ميزانية وزارة الدفاع الفرنسية في حدود 11 في المائة من ميزانية فرنسا !
ورغم تلك الميزانية الخرافية المرصودة للدفاع في السودان، نجد أنه بعد ضرب مصنع اليرموك في شهر نوفمبر2012م “أعلنت السلطات في الخرطوم عن نيتها بزيادة ميزانية الدفاع في عام 2013م. ووعد نائب رئيس البرلمان السوداني، الذي أعلن عن النية لزيادة الميزانية، برد سوداني عنيف للهجوم على مصنع الاسلحة- اليرموك- قائلا ? إذ لم يكن اليوم فسيكون غدا”.
قبل أن يتم الرد على ضرب مصنع اليرموك، فليعلم نائب رئيس البرلمان السوداني أن وزارة الدفاع السودانية غير قادرة وغير موهلة لعمل موقع لها مميز على الانترنت ويمكن لقاريء هذا المقال البحث في الانترنت والاطلاع على بؤس الموقع فنياً، أما من حيث الدلالة على فقر المحتوى والمضمون فسيجد القاريء ضمن الموقع باب بعنوان إستراحة محارب !!! هل يقصدون الاستراحة بعد ذلك الجهد الجبار الذي قام به وزير الدفاع الحالي عبدالرحيم محمد حسين أبان عهده بوزارة الداخلية التي تكفلت بإنزال الروع والقتل سابقا بالمواطنين في كجبار والمناصير وبورتسودان وغيرها، وحديثاً في منطقة أم دوم، وكانت قد تفرغت حينها لتشييد المباني حيث “مأكلة” العطاءات المليونية، مما أدى لسقوط أو “سجود” مباني جامعة الرباط،!!! او يقصدون استراحة محارب بعد التصدي لغزوة أمدرمان في 2010م، او بعد الرد العنيف على ضرب مصنع اليرموك في 2012م والتهديد “كانوا ينزلوا لينا تحت في الأرض، لحسمناهم بالسواطير” ، ثم أخيراً بعد موقعة “ذات الغزلان” او الهجوم على أم روابة في ابريل 2013م ، تلك المدينة الهادئة الوادعة التي عرفت في السابق من خلال أغنية “نركب الكركابة وندلى في أم روابة”!!! ثم هاهو أحد المغمومين من الانقاذ ينشد :
” الخبر الاكيد قالوا أمروابة اترشت
غاشيها الغمام ، من الغبينة اتفشت
دخلوها العيال والوالى فز وشتت
والرايقة أم خدود الليلة تب ما انغشت
شافت شوف عيان كيف الرجالة اتمشت
بين وديانها مو كضب الروادى الطشت”
إن مقدرات وزارة الدفاع السودانية تذهب في تلك المباني والابراج الشاهقة التي علت على المآذن في الخرطوم والتي تأخذ أشكال فنية تدل على الغنى والترف للبلاد، ونذكر القارئ مرة ثانية بأن مباني وزارة الدفاع الفرنسية فقيرة مقارنة بمباني الدفاع السودانية!!! وتذهب كذلك ميزانية وزارة الدفاع في شكل مخصصات مالية لكبار الضباط من مساكن فاخرة تنبت كالنبت الشيطاني في سرعة جنونية، وسيارات البرادو المظللة وسيارات الدفع الرباعي، في حين اننا نجد ان الرئيس الفرنسي الحالي هولاند كان يتنقل بدراجة نارية “موتر” حتى لحظة انتخابه رئيسا للجمهورية الفرنسية.
ونختم هذا المقال بما أورده مولانا سيف الدولة عبدالقادر من تصريح البشير لقناة النيل الازرق ” لو كانت كل ميزانية حكومة السودان مخصصة للقوات المسلحة لكانت قليلة عليها ، لانه لا يمكن ان تكون هناك دولة قوية بلا امن ، لاننا اذا لم نكن اقوياء، الناس ديل سيطمعوا فينا” !. فلا نملك إلا أن نقول لله درك من عميد إرتقى لرتبة مشير فوصل لنظرية” لاننا اذا لم نكن اقوياء، الناس ديل سيطمعوا فينا” !!!!.
أه ثم أه يا بلد، دعونا نستمع لأبوعـركي البخيت وهو يحلم :
بدور أرحل….
أشوف بلد بى هنـــــــاك
شنو البيحصل فيــــــــــــهو
بدور أرجـــــــــــــــــــــــع…
أشوف مُلاواة الخَلق مع الحُكـــــــــــام
دي وصلــــــت ويــــــــــــــــــــــن؟
إلى اللاشيـــــــــــــــــــــئ؟
عشان ماهية مابتكفي لسه الناس بتجابد في
حق مُــــــلاحه والمــــــــــــافي؟
إن شاء الله شويــــــة إتيسرن حالُم
وجابــــُوا اللُقمـــــــــــــــــــــــــــــة
يأكِلـــــــــــــــوا عيالــُم..
بلدنـــــــــــا غنيـــــــه ياربـــي
ولــــــــــكن..اّاّاّاّهـــــ…
كُـل البجُـــــــــــوها من قـــــــامت
بشيــــــــلوا حقها بالغَصِـــــــــب
وبيلعبــــــوا بيه…
متـــــين يجينا زول عــــــــــادل
ونرتــــــــــاح ليهو؟
نخُت إيدينـا فوق إيديهو
نرتب حالنا من تــاني
نعـــلٍي بلـــدنا فـــــوق رأس الشعوب
شـــــــــــــــــــــــــــامخ…
ونفخــــــــر بيه
ونفخر بيــــــه.
wadrawda@hotmail
الحركات التى تعيث فسادا فى الغرب اسمها حركات النهب والسلب وسارقى الجوالات
الأخ/ بشير
لك التحيه
موضوعك جميل وبه الكثير من النِقاط التي يجب الوُقوف عِندها .
بِصراحه شيء رائع الذي تقوم به الدوله الفرنسيه حيال المسؤلين عن إداره شئون الدوله [ أملين أن يحزوا مسؤلينا حزوهُم ].
والشيء الجميل أن الصحافه الصفراء تنشُر عاجِلاً أم أجِلاً كُل قرارات المسؤلين الحُكوميين وخاصه الخاطِئه منها .وحقيقه أرباح ومُبيعات الصحافه الصفراء تعتمِد علي صورتها فيما تنشُره من أخبار موثُوقه.
*المُثير لدينا أن الصحافه السودانيه في بعض الأحيات إذا كتبت شيء عن ما يدور في أروِقه السياسه أو المسؤلين ، إما أن تُغلق دار الصحيفه لأيامٍ ما أو تُصادر بعد ما تُوزع .
أما فيما يختص بميزانيه وزاره الدفاع في إعتقادي واجب كُل دوله أن تُقوي وزارتها الدفاعيه وتُزودها لأنها هي التي تزُود عن حِماه الوطن لكن لايكون لدرجه بناء الأبراج والناطِحات والسيارات الفارِهه لا أعمم ولكن وضع بلدُنا لا يسمح بَذلك والمواطن لازال يلهث وراء لُقمه العيش الحلال .
نسأل الله أن يصلح حال بلادُنا
وأن يصدق المسؤلين النيه حيال واجِباتِهِم
وأن يولي الله أُمور بلادُنا أخيارها.