الشهادة السودانية والقبول للجامعات ? وقفة لابد منها

لا نود أن نقارن بين الشهادة السودانية اليوم وقبل عشرين سنة ولا مستوى التعليم في ذاك الزمن وهذا الزمن لأن المقارنة فيها نوع كبير من الاجحاف والظلم لطلاب وتلاميذ اليوم ، إذ إن هناك فارقا كبيرا و لا يوجد وجه للمقارنة أصلا لأن الظروف اختلفت وتغيرت الأحوال كلها رأساً على عقب بالرغم من التطور الكبير الذي اجتاح عالم اليوم إلا أن حكوماتنا كلها لم تستطع أن تجعل أبناء هذا الشعب يستفيد من ثمرات هذه التطور لإهمالها للناس عموما والطلاب خاصة ، وبالرغم من استمرار حالة التدهور وعدم العمل على ايقافه إلى أن انهار كل أمل كان يرجوه الناس من تعليم أبنائهم للزمن حتى لا تجور عليهم الظروف كما جارت على أهلهم وأن يكونوا ذخراً لهم ، ولكن تبددت الآمال وأصبح التعليم أعز ما يبتغي ، وكل من نجح اليوم فهو اجتهاد فردي ليس للدولة فيه دخل ولذلك هذا العام لم يعقد مؤتمر صحفي كما تعودنا لأن الدولة ساءها أن يكون أغلب المتفوقين مدارس خاصة فاختشت من أن تضع نفسها أمام وسائل الإعلام حتى لا يدخلها الناس في مواقف حرجة واكتفت بإذاعة الناجحين وعقد المؤتمر الصحفي لاحقاً . فقط لأهل الطلاب وحدهم الحق أن يفرحوا بمن نجح من أبنائهم فقد ذرفوا الدموع في ظل دولتهم من أجل الشهد الذي لم يكتمل بعد وقد أصبحت اللحظات الحلوة أغلى ما يشتهي في هذا البلد ، لسنا بمجال أن نلوم الدولة ولكننا نريدها أن تتحرك وعليها أن تعمل حسابها للأعوام القادمة وتدعم وتقوي المدارس الحكومية التي كانت منارة ولا توجد مدارس أخرى بجانبها تعطي الطالب كل شيء ، اليوم أصبح التعليم الأساسي يباع ويشترى في السوق الأسود، ولكن ليس هذا هو موضوعنا اليوم ، فقد نجح من نجح وقام الطلاب بالتقديم للكليات التي يرغبون فيها ليبدأوا بعد شهور عاما جديدا ومرحلة جديدة من مراحل حياتهم يرسمون على أساسها الكثير من الأحلام التي نأمل أن لا تتلاشى في ظل هذه الظروف .ولكن الموضوع الأهم هو على الدولة أن تعلم أن مستويات كل طلاب الشهادة السودانية اليوم متقاربة باستثناء المتفوقين والنسبة المئوية ليست مقياساً بأي حال من الأحوال فالذي ترتفع نسبته وهو علمي بسبب إحرازه درجات أعلى في مادة الإسلامية والعربي والانجليزي بالرغم من انخفاض درجات المواد العلمية والرياضيات ليس مثل الطالب الذي يحرز درجات جيدة في المواد العلمية وتنخفض عنده درجات العربي والإسلامية فهذا قطعاً أشطر وميله الى المجال العلمي سيكون أقوى وأفضل من الأول ولذلك مراعاة القبول بالمواد سيكون أفضل ألف مرة من القبول بالنسبة فقط مثلما كان يحدث في الماضي عندما كان القبول الى الكليات العلمية يتم عن طريق المفاضلة ، وهي فكرة جيدة إن طبقت و ستدعم مستوى الطلاب في الجامعات واعتقد أنها ستخرج التعليم العالي من بعض مشاكل الضعف التي يتجاوزها الطلاب في الشهادة السودانية بفنيات أكثر من أنها إمكانيات شخصية ويدخلون الجامعات وفي رأسهم الفكرة ذاتها وهي إمكانية الدراسة في الجامعة والتخرج منها باستخدام هذه الفنيات التي تعتمد على مهارات أخرى غير الامكانيات العقلية وهو أمر وارد حقيقية ، ويتمرس عليه الطلاب ذوي المستويات المتدنية ويساعدهم البعض في ذلك ، لأن الهم أصبح ليس الدراسة في حد ذاتها وإنما دخول الجامعة أولا ومن ثم التصرف الى حين التخرج مع أن هناك طرقاً كثيرة لتحسين مستوى هؤلاء الطلاب إذا ما وجدوا الاهتمام في وقت مبكر من الدولة وأغلبهم طلاب مدارس حكومية. نقول هذا الكلام والدولة متمثلة في وزارة التعليم العالي تعمل على قبول طلاب الشهادة السودانية في مختلف تخصصات الجامعات السودانية وعليهم مسؤولية كبيرة لم تراع في السنوات الماضية وقد أصبحت مشكلة للدولة التي يلومها الجميع على إهمالها للمدارس والتعليم الحكومي بصفة عامة الذي يعتمد عليه أغلب أبناء الشعب السوداني بحكم الفقر الذي يعانيه غالبية السكان ،وكذلك إهمال الأهل لأبنائهم أملا في أن تهتم بهم الدولة وما بين اتكال الدولة على المواطن الضعيف واتكال المواطن على دولة مهملة ومشغولة بقضايا أخرى ضاع الطلاب والدولة من يدفع الثمن اليوم أغلى من ثمن إهمالها لهم في المراحل الأولى لذلك نقول للدولة اعملي على تقنين التعليم العالي بداية من هذا العام ولتكن هناك سنة إضافية يتم فيها تأهيل هؤلاء الطلاب يدرسون خلالها مهارات مختلفة وتحسن مستوياتهم في مواد تخصصاتهم وتقوي اللغة العربية والإنجليزية، على الأقل يكون هذا العام فرصة للطلاب ليصبحوا أكثر نضجاً خاصة وأنهم أصبحوا يدخلون الجامعات في سن المتوسطة زمان، أيها السادة القائمون على أمر التعليم العالي يهمنا جداً أن يتخرج الطلاب بمستويات جيدة وأن تكون الدولة هي التي تفعل ذلك، ولذلك يجب أن تهتم بالتعليم عموما وأن تجتهد في أن يكون مستوى التعليم العالي ممتازا وقوى ليس بالمواد التي يدرسها الطالب فقط ولكن بأشياء أخرى تجعل الطلاب أكثر وعياً فالتعليم الذي يصاحبه الوعي نعمة ليس بعدها نعمة وسيساعد الدولة كثيرا في التغلب على مشاكلها المستعصية والتي تشكل لها الآن أزمة حقيقية في الجامعات ، ولذلك مطلوب من الجامعات أن تخرج شبابا واعيا مؤهلا ينفع نفسه وأهله ووطنه ويصل الى مستوى راقي من الفهم للحياة نفسها وليس العكس كما هو الحال اليوم .

أسماء محمد جمعة
التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..