هذا الشعب الذى تعذبه الأنقاذ بقسوه ينتج مبدعين ويثمر يأسمين!ا

هذا الشعب الذى تعذبه الأنقاذ بقسوه ينتج مبدعين ويثمر يأسمين!
تاج السر حسين
? [email protected]
تذكرت لقاء استثنائيا على أحدى القنوات الفضائيه السودانيه ذكر فيه الضيف ولعله د. منصور خالد ? اذا لم اكن مخطئا – بأن احد قادة اليسار المعروفين، وقد كان وقتها فى لندن، قال له فى حزن شديد بعد تنفيذ حكم الأعدام فى الشهيد الأستاذ/ محمود محمد طه، بأن ذلك اليوم هو اليوم الوحيد الذى تمنى فيه لو لم يكن سودانيا!
وليلتها كتب شاعر الشعب (محجوب شريف) قصيدته الرائعه (يا شعبا تسامى يا هذا الهمام) التى لحنها الموسيقارالموصلى وغناها (محمد وردى).
تذكرت ذلك الحوار ونسيت اسم مقدم البرنامج ومن تحدث عنه الضيف، وأنا اتابع وقائع مسلسل التعذيب البشع اللاانسانى الذى تعرض له الأخ المناضل عمار نجم الدين من أجهزة أمن الأنقاذ، وهو وقتها شاب فى مقتبل عمره والذى سرد تفاصيله على احدى مواقع الحوار الألكترونيه السودانيه المعروفه، وكان قياديا هاما فى الحركه الشعبيه فى قطاع الشمال، ومن يلومون الحركه الشعبيه على موقفها من (عمار) وعدم تمكنها من اطلاق سراحه فورا وهى شريك أصيل فى (الحكم)، عليهم بمراجعة مواد السياسة القذره التى لا تعترف بالمواثيق والعهود والأتفاقات، وعليهم أن يتذكروا ما حدث بعد ذلك من تجاوزات تمثلت فى قيام اجهزة أمن الأنقاذ باعتقال (نائب برلمانى) يحمل حصانه وينتمى لذات الحركه ومعلوم انه كان مرشح الحركه (لرئاسة الجمهوريه)، والى جانبه (أمين عام) الحزب الشريك .. ثم عليهم أن يسألوا أنفسهم بصدق وامانه، اليس من حق الجنوبيين أن يتجهوا نحو الأنفصال كما نرى طالما اصر هذا النظام الأنقاذى الأسلاموى الشمولى على الأستمرار فى السلطه عن طريق انتخابات مزوره من الألف للياء ؟
وعليهم أن يسالوا أنفسهم مرة أخرى: اليس من حق عدد كبير من قادة الحركه الشعبيه أن يروجوا للأنفصال بنفس القدر الذى يروج له من يريد الوحده، حتى لو لم تنص اتفاقية نيفاشا على ذلك الحق صراحة؟
المشاهد الفظيعه تلك تراءت كلها أمام أعينى وانا اشهد حفل تسليم الجوائز فى مسرح الأوبرا بالقاهره فى مسابقة (شوبان) الأولى بمصر، هذا الموسيقار/ الشاعر (الثورى) البولندى الأصل، الذى اضطر مجبرا لترك وطنه ومغادرته والهجره الى فرنسا بعد أن ارهقه المرض وأعياه النضال، وظل متمسكا بثقافته البولنديه رغم ما تعرض له من محاولات وأغراءات فى الغربه لطمس هويته الثقافيه، وأمضى جل وقته فى التأليف الموسيقى وفى مساعدة ابناء وطنه اللاجئين والمحتاجين فى المنفى، حتى اتجه نحو (لندن) وتوفى هناك، ووجدوا وصيته يرجو فيها أن يوارى جسده مكان موته على أن يؤخذ قلبه (فقط) ليدفن فى بولندا، وقد نفذت وصيته.
تراءت لى مشاهد التعذيب النفسى والجسدى التى واجهها شرفاء السودان خلال هذه الفتره (الأنقاذيه) ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، ولم يعيدنى الى الواقع المعاش الا صوت المذيعه على مسرح الأوبرا الممتلئ على أخره بعدد ضخم من الحضور من مختلف الجنسيات الغربيه والعربيه وهى تنادى على أسم (ثريا حامد شداد) السودانيه ابنة (محمد حامد شداد) الفنان الدرويش المحب لأستاذه وشيخه (محمود محمد طه)، وقد حصلت (ثريا) على الجائزه الثانيه فى تلك المسابقه للمراحل العمريه من 18 الى 25 سنه.
بعد أن تقدمت عليها متسابقتان مصريتان تقاسمتا الجائزه الأولى، وجاءت بعد (ثريا) فى المرتبة الثالثه متسابقه من سوريا.
الشاهد فى الأمر أن (ثريا) ومعها ثلاثه من اخوتها يدرسون فى معهد (الكونسرفتوار) بالقاهره، هذه الدراسه الموسيقيه الصعبه والمعقده للغايه .. وقد أمضت حتى الآن 11 سنه بالتمام والكمال وتبقت لها سنتان للتخرج.
الجدير بالذكر ان (ثريا شداد) من (السودان) كما ذكرت هكذا على كتيب (المسابقه) .. وهى لازالت طالبه تم اختيارها من قبل (لوحدها) من بين طلاب معهد (الكونسرفتوار) الى جانب 5 دكاتره فى علم الموسيقى اضافه الى أثنين من المتخرجين للمشاركه فى عزف نماذج من الموسيقى (الكلاسيكيه) مثل ليلة رقم 2 مصنف 27 لشوبان.
هذا وبعد أن عزف الفائزون نماذج من اعمال الشاعر الموسيقار (شوبان) قام السفير البولندى فى مصر بتقديم الجوائز للفائزين والى جانبه الأستاذ الدكتور/ فوزى الشامى (رئيس مجلس ادارة جمعية الشباب المصرى) و(مؤسس مسابقة شوبان الأولى بمصر).
و قبل تميز (ثريا) هذا، بعدة شهور تفوقت (عازه) سودانيه أخرى وهى مخرجه سينمائيه تعيش مع اهلها فى القاهره كذلك واسمها (مروه زين) وقد حصلت على جائزة الأخراج الأولى فى مهرجان الأسماعيليه للأفلام الروائيه ضمن أكثر من 200 فلم مشارك فى المهرجان من العديد من دول العالم الأول والثانى والثالث.
هذا الشعب الذى تعذبه الأنقاذ فى الشرق والغرب والشمال والوسط، وبعد أن مهدت الأرض وأعدتها لفصل جنوبه عن شماله رغم دعاوى (الوحده الكاذبه) وبعد أن قتلت منهم فى حرب جهاديه حوالى 2 مليون و500 الف انسان، ولا زالت طامعه فى قتل المزيد .. وبعد أن قتلت 400 الف فى دارفور وأغتصبت عشرات النساء وشردت الملايين .. هذا الشعب الذى يواجه الأهوال والمصائب والمجاعات والمرض والفقر، وبلده أغنى بلد فى العالم .. هذا الشعب الذى فعلت به الأنقاذ كل ذلك بل أسوأ من ذلك .. ينتج مبدعين ويثمر يأسمين ورياحين ولا زال قادة الأنقاذ يتبجحون وفى غيهم يعمهون!
كنت اتمنى ان يكون العنوان (يزهر ياسمين وليس يثمر لان الياسمين زهر وليس ثمر) ومثل هؤلا كان من الواجب ان نحتفي بهم في ربوع واحضان الوطن لينشروا فرحهم والقهم وعبيرهم ويضئو كما الانجم امسيات هذا الوطن التي صارت عاتمه كالحه ويعتريها البؤس في زمن الظلم والظلام والظلاميين ونحن فعلا في حاجه لابنا الوطن الذين هجروا لنشر الثقافه والوعي والحضاره لاننا دفعنا الي الجهل والتعب والبدائيه في كل شي حت التعامل والسلوك المتحضر دفعنا للجهل والجهاله
الشكر الي الشعب المقهور المستسلم نحن حيقيقة اشبه بزهرة تلقيها في النار تزهر وهي تحترق معا ضد المثالية الموهومة