أخبار السودان

الكارثة النهائية

المعضلة التي يعاني منها السودان تتشكل من جانبين متلازمين هما – في حالة عدم حلهما – من سيقودان السودان نحو التفكك والزوال وان يصبح مجرد ذكري لبلد كان من المحتمل ان يكون جميلا. المشكلتان هما الاقتصاد والأمن.
شهدت العلاقة بين السودان وجنوب السودان انتكاسة خطيرة يمكن ان تبطل تنفيذ الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في أديس أبابا والذي اشتمل علي كل من الترتيبات المنية وإقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح وان يتم تصدير بترول الجنوب عبر البنيات السودانية وعبر موانيه. الاتفاق حول الجانبين أعلاه فك الاحتقان الاقتصادي عبر كبح جماح ارتفاع الأسعار وتتدهور سعر الصرف، مما جعل الماس يستبشرون خيرا بان الازمة التي يعانون منها ستشهد حالة من الثبات بدلا من التدحرج في الهاوية – التي هي فيها- إلي درك سحيق.
للأسف حتى هذا الرجاء المتواضع بثبات الأحوال علي ما هي عليه من سوء لم يتحقق. شهدت الأوضاع انتكاسة خطيرة تمثلت في هجوم الجبهة الثورية علي مناطق في شمال كردفان شملت ام روابه، ابو كرشولا والله كريم. هذه المناطق تقع في العمق السوداني وبها كثافة سكانية جيدة كما انها مناطق نشطة اقتصاديا ويشكل سكانها ثقلا مؤثرا في المركز. لتلك الأسباب ما كان من الممكن للهجوم عليها ان يمر دون تداعيات علي العلاقة المتداخلة بين الجنوب والشمال حيث ان انفصالهما الي دولتين لم ينضج ولم يهضم بعد من قبل الحكام والمحكومين ومن يتبع لهم من مكونات اجتماعية وسياسية وازرع أمنية.
تبع ذلك حادث خطير أخر تمثل في اغتيال سلطان دينكا نقوك في آبيي الذي صب مزيد من الزيت علي النار بحكم آن آبيي هي منطقة مشتعلة يدور حولها صراع حاد وهي كما نقول دائما نشكل (كعب أخيل العلاقة بين الدولتين)، بالتالي علي كل من يريد اغتيال تلك العلاقة ان يطلق سهامه علي ذلك الكعب,.
من هنا جاء التوتر والاتهامات المتبادلة التي يمكن ان تطيح بالاتفاق بين البلدين بإبعاده الأمنية والاقتصادية. من هنا تأتي الانتكاسة التي اشرنا إليها في مطلع هذا المقال. كانت النتائج فورية. الأسعار التي هدأت أخذت في الارتفاع، سعر صرف الجنيه اخذ في الانحدار وسيتبع ذلك تصاعد معدلات التضخم وانهيار القيم وتدهور مستويات المعيشة نحو مستوي جديد من التدني والإملاق. إلا تلاحظون تزامن هذه البلاوي مع اقتراب شهر رمضان المعظم؟
إذا صدقت التوقعات حول تدهور العلاقات بين دولتي السودان بشكل يعطل تطبيق الاتفاقيات وبالتحديد إيقاف تدفق صادرات نفط الجنوب عبر الشمال، فغالبا ستلجأ الحكومة الي خيارها المفضل المتمثل في فرض مزيد من الضرائب والرسوم وتحديدا نحو خيارها الأثير ألا وهو زيادة أسعار الوقود والسكر.
في حالة اللجوء الي تلك الخيارات يمكن الرهان حول دخول السودان في محك الكارثة النهائية التي ستكتب نهايته كدولة، اذ سيدخل السودان في درك من الأزمات الاقتصادية والتوترات الاجتماعية التي لن تستطيع إي قوة توقيفها سواء ان كانت تلك إعانات قطرية او اتفاقيات مع إيران او طائرات مصرية. جميع تلك الأطراف تلعب لصالح أوراقها الإستراتيجية او تلتزم باللعب داخل معطيات المحور الذي يحركها وبالتالي فهي تصطاد في عكورة المياه السودانية، محاولة الخروج منها بأثمن صيد ممكن في ظل حالة الضعف والعجز التي تعاني منها البلاد اليوم. وبنظرة للأحداث من حولنا وبقراءة الأطماع يمكن الخروج بمثل ذلك الاستنتاج.
عليه فليس أفضل لأي من الأطراف الخارجية من ان تراقب الوضع عن كسب ثم تنقض علي ما تيسر لها من غنائم في الوقت المناسب ولكنها لن تتحمل اي تكاليف لإنقاذ سفينة السودان حينما تتنازعها أمواج الغرق، خاصة وان تلك الدول محاصرة بتحديات داخلية وخارجية وتخوض غمار صراع دولي شرس. إذن عندما تنظرون أيها السادة في خياراتكم الصفرية مرة أخري وعندما تعتقدون بان مخرجكم هو اغتيال الشعب بالغلاء ومزيد من الضرائب والرسوم، عليكم هذه المرة ان تدركوا بأنكم ذاهبون ومعكم البلاد بمجملها الي طريق مؤدية الي كارثة نهائية وهي طريق باتجاه واحد لا عودة منه، مثل (مشرع عجيب الذي يودي ولا يجيب).

د. حسن بشير محمد نور – الخرطوم
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. I know Dr. you are a good writer and analyst and obviously what you have said will happen in the near future. Let the idiot Bashir understand this time round that he will not escape again. he will have to pay for all his blunders

  2. الاقتصاد فى حد ذاته ليس مشكلة
    المشكلة هى فمن يمسكون بزمام امر الاقتصاد

    وكذلك الامن والدفاع

    والمشكلة الاكبر فى المنافقين واللذين بلغوا
    ارذل العمر ولا يواجهون الحقيقة ولا يقولونها

    لاولى الامر
    بل انهم لا يتحرون الصدق وينجرفون وراء الاهواء الشخصية

    والنظرات العنصرية والجهوية الضيقة والعجب انهم
    يتمشدقون بالاسلام
    الا يقرأن قول الله لنبيه داؤود
    ( يا داؤود انا قد جعلناك خليفة فى الارض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى
    فيضلك عن سبيل الله ,ان الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب )

    لا حول ولا قوة الا بالله .
    ا

  3. قد أسمعت….لو ناديت حيا….!!!!
    .أما سمعت (ناطقهم الرسمى)يقول سنقاتل حتى آخر سودانى!!!
    أما سمعتهم ينشدون…ويهتفون
    هي لله …هى لله
    أماسمعتهم…يزعقون
    أمريكا روسيا قد دنا عذابها
    على إن لاقيتها (ظراطها)
    أماسمعتهم….يهددون
    فلترق منا الدماء
    ولترق منهم دماء أو فلترق كل الدماء….
    أما سمعنهم يدعون الشباب السودانى
    للإنخراط في الزواج الجماعى ل(نسوان الجنة)….شهداء شهداء لآخر محنة!!!
    ….غايتو يا دكتور….العرسان الفاتو ..الواد الأفندى…الدكتور الشيخ حسن عبد الله دفع الله ترابينا….(مسخن )…وقام (حولن ) لشوية فطايس….!!!
    أها هسع …شيخ النكاح (السماوى الفردوسي ) الجديد منو ياربي….!!
    المهم إنت العليك سويتو…..أرقدو قرض ياناس !!!

  4. تسلم يا بروف
    وبصراحة كون يجتمع في دولة او ينهار اهم ركيزتين فيها وهما الامن والاقتصاد فلا شك انها منطلقه نحو الهاوية وبسرعة البرق وربك يهون علي الشعب المسكين المغلوب بالجوع والمرض

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..