قبل (توظيف) مدّخراتهم و تحويلاتهم

استضاف جهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين في الخارج ورشة عمل حول اقتصاديات الهجرة وتحويلات المغتربين بمشاركة خبير أممي وجهات حكومية سودانية،ومن بين المواضيع التي بحثتها الورشة كيفية(توظيف) مدخرات المغتربين المالية لبناء المجتمع.كما أصدر بنك السودان توجيها لكل المصارف بالعمل على (تشجيع) السودانيين العاملين في الخارج لتحويل أموالهم ومدخراتهم عبر المصارف، من خلال (تبسيط) الإجراءات المتعلقة بالتحويلات من الخارج وفقا (لضوابط) التحويل الوارد من الخارج،إما تسليم المبلغ المحوّل للشخص المستفيد نقدا،أو تحويله لحساب المستفيد،أو أي مصرف آخر، بالعملة التي يختارها المستفيد.وطالب التوجيه بعدم إلزام المستفيد (أي الشخص الذي سيستلم التحويل) باستلام ما يعادل المبلغ المحوّل بالجنيه السوداني،وأن يتم السحب النقدي من الحسابات بالنقد الأجنبي(بحرية تامة)، وعدم فرض أي رسوم عند السحب النقدي من تلك الحسابات،إلا أن بنك السودان حمّل البنوك مسؤولية توفير العملات الأجنبية بمعرفتها،أي من مصادرها الخاصة(!!).
لنرجع إلى بداية الموضوع.درج المسؤولون في بعض الأجهزة الحكومية،على وجه الحصوص المسؤولون في جهاز المغتربين، في الآونة الأخيرة على الحديث المكرر عن (توظيف) و(الإستفادة من) و(إستثمار) تحويلات ومدخرات المغتربين،حتى أصبح التعبير من الأدبيات الثابتة في تلك الأجهزة.ربما كان من الأفضل والأكثر تعبيرا عن الواقع استخدام تعبير بدلا من تعبير (توظيف)أو (إستثمار)أو (الإسٍتفادة من) مدخرات وتحويلات المغتربين، ييستصحب التعبير خطابا آخر يطرح كيفية (إجتذاب) أو(إستقطاب) هذه المدخرات والتحويلات عبر توفير فرص أو مقترحات استثمارية ذات جدوى اقتصادية حقيقية تعود بالنفع على صاحب هذه المدخرات والتحويلات وعلى اسرته ويعم النفع الإقتصاد الوطني. الحديث عن (توظيف) أو (إستثمار) أو (الإستفادة من) أموال الآخرين حديث خيالي عاطل من اللباقة، وسلخ لجلد النمر قبل صيده،ولا يخلو من الإستفزاز. ما من مغترب مهما بلغت به الغفلة سيذهب في يوم من الأيام حاملا حصاد سنوات غربته ليلقيه تحت أقدام المسؤولين في جهاز المغتربين أو في أي جهاز حكومي آخر،ويقول لهم:من فضلكم ساعدوني..لقد ادخرت هذه الأموال ولكني لا أعرف ماذا أفعل بها،هذا إذا افترضنا أصلا أن المغترب اليوم يملك المدخرات،التي تتجاوز تحويلاته الشهرية،في ظل متغيرات وظروف سوق العمل،والمغترب نفسه،والبلدان المضيفة. في جميع الأحوال تظل هذه المدخرات،إن وجدت،ملكا خالصا للمغترب وحده يتصرف فيها كيفما ووقتما يشاء،وهو بداهة أكثر دراية من غيره بكيفية توظيفها.رغم ذلك تظل الكياسة مطلوبة في الخطاب الرسمي.
لنتناول التحويلات أولا قبل المدخرات.السبيل الوحيد لإجتذاب تحويلات المغتربين للقنوات البنكية هو رفع سعر صرف الريال السعودي(أو تحريره ولكن ليس بمثل تجارب حمدي التحريرية القاتلة) ليعكس القيمة الحقيقية للريال السعودي وللجنيه السوداني، بحيث يكون سعر الصرف مماثلا لمثيله في السوق الموازية،أو السوداء، وغير ذلك يكون الحديث عبثيا لا يتجاوز صداه قاعات المؤتمرات، ولكنه لن يجذب ريالا واحدا للبنوك. ليس من العدل أن يطلب إلى المغترب أن يبيع حصيلة عرقه عبر البنوك بنصف قيمتها الحقيقية.
لنقف عند نموذج المغترب السوداني المقيم في السعودية. تعتبر المملكة العربية السعودية أكبر تجمع للمغتربين السودانيين في المهاجر الذين تسعى الدولة ل(توظيف) مدخراتهم وتحويلاتهم. لا أعرف،ولا أعتقد أن السفارة السودانية في المملكة العربية السعودية تعرف،عددهم التقريبي.إذا افترضنا أن عدد العاملين منهم نصف مليون مغترب لا اكثر، وكل واحد منهم يحول فعلا أو بمقدوره أن يحول خمسمائة ريالا فقط كل شهر، فإن الحصيلة السنوية لهذه التحويلات ستبلغ ثلاثة مليار ريال،وفقا لأضعف التقديرات. تدفق هذه التحويلات عبر القنوات البنكية، بصورة منتظمة ومتواصلة، سيساعد على رفع قيمة الجنيه السوداني وسينعكس ذلك إيجابيا بمرور الوقت على الاقتصاد الوطني ككل.ما من سبيل لدخول هذه المليارات عبر القنوات البنكية،بعيدا عن الشعارات، إلا عبر سعر صرف واقعي. البديل للحل العقلاني الاستراتيجي هو الوصفة الأمنية الجاهزة وهي اعتقال (وما أسهل إعتقال الناس في السودان) صغار تجار العملة، ثم تكرار نفس تجربة التحويل الإلزامي السابقة، بإلزام المغترب بتحويل مبلغ معين كل سنة بسعر يقل عن نصف القيمة السوقية للريال، وفرض الإتاوات المختلفة بما فيها تلك التي تحمل مسمى الزكاة،وربط المعاملات القنصلية وتجديد جواز السفر و تأشيرة الخروج بسداد هذه الإتاوات،وهو حل قصير النظر، ضعيف المردود، لن يجذب الريالات للبنوك، لا سيما وأن جواز السفر الجديد قد خرح من بيت الطاعة وأصبح عمره خمس سنوات بالتمام والكمال مثل سائر جوازات السفر في كل الدنيا،بأمر المجتمع الدولي وليس بمنّة من أحد،مما يفقد جباة الإتاوات،بالوكالة(مثل جهاز المغتربين)، وبالأصالة(الجهات الحكومية الجابية)، واحدا من أهم أسلحة الجباية.
تجارب المغتربين السلبية المتراكمة أفقدتهم الثقة في التعامل عبر آليات الدولة،وأصبحوا لا يقدمون على ذلك إلا بالقدر الذي يؤمّن لهم تجديد جوازات سفرهم واستخراج تاشيرات خروجهم(المخارجة). قبل سنوات مضت، عندما كان سعر البنوك أفضل من سعر السوق الموازية، كان المغترب يحول عبر البنوك.رغم أن المغترب كان يدفع عمولة التحويل كاملة في السعودية،وهذه العمولة يفترض أن تغطي عمولة البنك السعودي المحوّل،والبنك السوداني الذي يستقبل التحويل، كان البنك السوداني يفرض إتاوة على المستفيد(أي مستلم التحويل) في السودان، وهو فعل أقل ما يوصف به أن غير سليم، بغض النظر عن ضآلة الإتاوة التي يتحصلها البنك السوداني من المستفيد في السودان. أما الخبرات الأليمة المتراكمة التي عاشها المغتربون الذين خاضوا تجربة فتح حسابات بالعملات الصعبة في البنوك السودانية، فلا تتسع لها هذه السطور،ونأمل أن نستعرض بعضا منها في مرة قادمة. توجيه بنك السودان ب(تشجيع) السودانيين العاملين في الخارج لتحويل أموالهم عبر البنوك جميل في ظاهره، لكن واقع الأفعال يتناقض مع جميل الأقوال “اسمع كلامك أصدقك..أِشوف عمايلك استعجب”. يجب أن تختفي تماما كافة الممارسات السالبة إذا أرادوا للمغترب أن يثق في طرح وفي آليات الدولة.
أما اكتساب المغترب كمستثمر بالأصالة لمدخراته، فذلك له مهره الذي لا يقل عن ثبات وسلاسة وعقلانية السياسات والإجراءات،وتوفيرالحوافز الفعلية والفرص أو المشاريع الاستثمارية الحقيقية بحساب الربح والخسارة،فمن المستبعد أن يقدم المغترب،وهو في تمام عقله وكامل إرادته، على التفريط في حصيلة وجع السنين بالسهولة التي يتصورها بعضهم.خطاب (توظيف) و(استثمار) و(الاستفادة من) مدخرات المغترب،والذي يعطي الإنطباع الخاطيء بأن هذه المدخرات قد أصبحت فعلا،أو ستصبح لا محالة،تحت تصرف هؤلاء المنظرين،خطاب إستعلائي غير مقنع ويحتاج لإعادة صياغة.
لا بد من رؤى جديدة تستوعب الواقع،عبر خطاب جديد يحترم العقول.
قبل الختام:
ترى هل هذه إرهاصات لفرض إتاوات جديدة على المغتربين؟
كسرة (نقلا عن الأستاذ جبرا) أتمنى ألا تصبح ثابتة:
أخبار جهاز “الساوند سيستم” المصادر من منتدى شروق الثقافي في القضارف، شنووو؟
(كلام عابر)
(عبدالله علقم)
[email][email protected][/email]
رجعت للوطن فى أوائل سنوات الإنقاذ بمدخراتى وكان سعر الدولار 10 جنيهات فقمت بتبديلها وحفظتها فى البنك الى أن أجد عقارا اشتريه وأسكن فيه، وبعد أسابيع صار الدولار يساوى 90 جنيها. وبعد ده تقول لى الطيارة عندها بورى؟
بالتاكيد استاذ عبدالله فقدنا الثقة في الدولة لانها للاسف تخدعنا وتسرقنا عينك عينك الامثلة كثيرة جاءو للمغتربين بالاراضى وماصدقنا وشترينا النتيجة ارض في اخر الدنيا والى اليوم لاخدمات ولا حتى ارضك دى موقعها بالظبط مامعروف اها ده نسميهو شنو ماسرقة عديل مع العلم المغترب مسدد رسوم الخدمات عند الشراء للاسف الدولة تستغل المغترب استغلال بشع وهذا للاسف عدم فهم لانه كان من الممكن ان تصدق الدولة وتجنى الكثير اذا وضعت الامور في ايدى من يخافون الله ويفهمون في ادارة الاقتصاد ولكن نحنا نقول ما لانفعل قلنا هى لله وطلعت هى لينا وبس وناكل مما نزرع ونلبس مما نصنع بقت ناكل مما نستورد ونلبس مما نستورد وكمان نتعالج بره ونموت بره وووووو الى متى هذا الفشل في حل قضايا وهموم المغترب والوطن
أستاذي المحترم عبدالله علقم الكيزان اللصوص المحترفين في موضوع المال والنساء مفتحين أكثر مني ومنك ويعرفون ماذا يفعلون وكل يوم يبتدعون في الحيل والوسائل لحلب المغتربين البقرة الفريزيان أو الهولستين الحلوبة ؟؟؟ والآن أكثر مغترب جهلاً وطيبة عرف أساليبهم بعد أن إنقرص أكثر من ثلاثة مرات ؟؟؟
بإختصار شديد أقل مغترب دخلاً في أي بقعة في العالم لابد له من أن يرسل لأهله علي أقل تقدير 100 دولار في الشهر والا سيفقد عزيز لديه بفعل المرض أو الجوع أو يفصل إبنه أو أخوه الأصغر من المدرسة أو يتوقف المقاول الذي يبني له بيته عن العمل أو تطرد أسرته من بيت الإيجار الخ علماً بأن هنالك الكثيرين من ذوي الدخول العالية يرسلون مبالغ كبيرة لشراء الشقق أو الأراضي أو يبنون فيلات فاخرة ومكلفة كالأطباء والمهندسين ورجال الأعمال وهلم جر ؟؟؟ كل هذه الأموال التي تقدر بأكثر من 15 مليار دولار سنوياً تدخل للسوق السودة في شكل عملة ورقية خضراء من نوع ( أبو راس كبير ) فمن يا تري المستفيد من تلك المبالغ المهولة والتي لا يستطيع تخيلها الكثيرين الذين ليس لديهم الخيال الإقتصادي أو يقنعهم الأحصاء الدقيق والمقنع والذين دائماً يقولون يأخي المغترين ديل عندهم فلوس ؟؟؟ والمغاربة لهم مثل لا أعرف كتابته بالمغربي ولكن معناه : نقطة نقطة تملأ الجردل تحت الزير ؟؟؟ فإذا إفترضنا أن المغتربين يغذوا السوق السودة بمتوسط 250 دولار للواحد في الشهر يعني ضرب 12 شهر تكون 3000 دولار في السنة ضرب حوالي 5 مليون مغترب تساوي 15 مليار في السنة ؟؟؟ وللمقارنة المغتربين الفلبينيين يدخلون لبلادهم أكثر من 27 مليار دولار في السنة والمغتربين المصريين يدخلون حوالي 18 مليار دولار في السنة ؟؟؟ وبالنظر للحركة التجارية والمطاعم الفاخرة ومكلفة والمتركزة في الخرطوم وبعض المدن والمستثمرين الطفيليين وكمية البنوك المنتشرة في الخرطوم وغيرها يتضح أن هنالك سيولة مهولة متداولة بينهم ؟؟؟ ومن المعروف والمنطقي أن البنوك لا تفتح في الصحراء القاحلة وإنما تذهب حيث توجد الأموال الهاملة وبكثرة وخاصة البنوك الشخصية الفاسدة والتي تبتهج في بيئة الفساد كبنك فيصل الحرامي لصحابه الفيصل وإبنه محمد الفيصل المبتهج بالليالي الحمراء في مصر ؟؟؟ وبنك البركة لصاحبه الدجال صالح الكامل زوج الحسناء الممثلة المصرية صفاء أبو السعود ؟؟؟ وهذين البنكين الذين تلاعبوا بإقتصاد السودان دون حسيب أو رغيب وهم معفيين من رقابة بنك السودان المركزي هم ممنوعين في كل الدول العربية ما عدا في السودان ومصر حيث الفساد الذي يرعاهم ورائحته النتنة التي تزكم الأنوف ؟؟؟ وكذلك بنك المتعافي ( بنك السلام ) وبنك إم درمان الإسلامي ورئيس مجلس إدارته المشير الكبير العوير في الحكم ومفتح في الفلوس والنساء خادم الحرمتين ؟؟؟ فيا عزيزي هؤلاء الكيزان اللصوص تجار الجبهة هم المستفيدين الحقيقيين من هذه الفوضي المالية والسوق السودة ومعهم بنوكهم وشركاتهم والمستثمرين الطفيليين ؟؟؟علي سبيل المثال شركات المقاولات المصرية والتي تكلفها الشقة حوالي 25 الف دولار وتبيعها ب 150 الف دولار وتفتل العملة السودانية وترحلها بألأكياس الي بلدها المحتاجة للعملات الصعبة للتمية وكذلك الأتراك والشوام وحتي بائعات البنة والشاي ( القهوة ) من إثيوبيا يحولون من السوق السودة الهاملة ملايين الدولارات سنوياً بدون أن يشعر بها أحد وبلادهم تنموا بمعدل 12.5% والسودان بمعدل ناقص 3.5 % في السنة ؟؟؟ والثورة في الطريق إن شاء الله ؟؟؟
الاخ عبدالله علقم
لك التحية
شكرا على اهتمامك بشئون المغنربين , لكن لى ملاحظة جوهرية فى استخدام كلمة توظيف ويبدو ان مسؤولى جهاز المغتربين قد نسوا اللغة العربية ! كيف توظف ما لا تملك ؟ حقيقة انهم يعنون جذب مدخرات المغتربين وهذه لن تتحقق الا اذا اطمأن المغترب ان تحويلاته , ان تمت , سوف تدر عليه عائد مجزى وهذا ما لم يشعر به اى مغترب . المغتربين يعلمون ان الاتاوات والضرائب والزكاة المفروضة عليهم لا تدر عليهم اى فائدة , بل يعلمون بأن اموالهم تذهب لجيوب منتفعى الانقاذ وانها ثصرف على الاجهزة الامنية القمعية ومؤسسة الرئاسة والسفارات والمحاسيب والصحفيين الموالين و الدستوريين وفقهاء السلطان والسياسيين الذين باعوا وطنهم. أسوأ من ذلك انهم يستخدمون اموال المغتربين فى حروبهم العبثية ضد الشعب السودانى وتشريده الى معسكرات اللجوء والى المنافى بما فى ذلك الكيان الصهيونى .
هذه هى الحقيقة وعلى المغتربين التوقف عن تمويل هذه المخططات الشيطانية بكل السبل الممكنة ولا ارى اى ضرورة تجبرهم للاشتراك فى دعم هذا النظام الشيطانى الذى تخلى عنه مواليه ومؤيدوه حتى من داخل حركة الاسلام السياسي …