البيئة … ياحبيبة …. حاجة عجيبة…!!

لا انسى وجه حبيبة امرأة عجوز تطل من الزمن القديم …وجه نسج التعب… فيه خطوط متقطعة… داهمته تجاعيد الايام وشكلت زواياه السنوات وتركت …على سطحه تضاريس غير منتظمة …غيرت ملامحه…. عيونها الغائرة تنظر…. فى توهان بعيد..احتــمت من الشمس والرياح والامطار …بشجرة نيم … اتخذت منها بيتا …
تلملم حولها اكوام من الاوراق وفتات طعام وكميات من ملابس ممــزقة احــــذية (كل فردة من بلد) انها حبيبة …عرفتها الشوارع… والازقة.. والارصفة.. خرجت اجبارا من شبكـــة العقل منذ عشرات السنين …ظلت ضائعة من ذاتها مجهولة الهوية فى متاهات الجنون لا يعلم عن تاريخها الا اسم التصق بها انها حبيبة ربيبة الشـــــوارع…تكنس كل ما حـــولها وتنظف الطريق من الاوراق والمخلفات التى يرمى بها المارة….بدون اكتراث…
تستنكر حبيبة فوضى الاوساخ بمفهومها الخاص… نعم كانت حبيبة مهووسة بالنظـــافة لدرجة الانفلات… وربما الذى زاد من جنونها ….تكاثر الاوساخ وتراكمها….
كانت تجتهد بدون مقابل تكنس الشارع لتستيقظ.. فى يومها التالى وتجده قد….امتلاء مــرة اخرى… بالنفايات… فتمسك حبيبة بالمكنسة محاولة ازالة … كل ماحولها …حتى يغالبها التعب والاجهاد … فتعود مرغمة الى شجرتها لتستريح فتغفو قليلا ثم تبدأ من جديد لتجد الشارع قد تكاثرت فيه المخلفات… اكثر فتتمتم وتثور وترغى…. وتزبد وتتحدث مع نفسها او مع شىء اخر… لم تراه الا …عيون حبيبة….
كانت حبيبة تسجل صوت احتجاجها على هذه الفوضى المستمرة باسلوبها الخــاص للمارة كانها تؤنبهم … وتعاتبهم على عدم الاهتمام وكانها تقول : لماذا لاتهتموا بالنظافة او كانها تقول ساعدونى فى نظافة… داركم…..بلدكم…. ارضكم ….عرضكم
فكيف هو حال حبيبة اذا رأت شوارع عاصمتنا …اليوم وقد تكدست باصناف من المخلــفات والقاذورات …حيث لايكترث الناس ….كثيرا للنظافة… بعد ان اصبحت لقمة… العيــش هى الهاجس وسط الغلاء الطاحن… رغم انه ليس مبررا ان نرتضى لانفسنا ..هذا.. الانحدار… لاتحفل المحليات بالاولويات رغم ان البيئة الصالحة …هى اساس متين. لمجتمع متعافى… اوكيف لو مرت حبيبة ورات الفوضى الضاربة باطنابها فى ازقة امدرمان ….وغيـــرها من مدن الســـودان المنسية ….وما حول البيوت وما بين الحفر المهملة.. التى اصبحت مرتــعا ومسكنا مريحا …امنا للهوام… والبعوض … كيف يكـون حال حبيبة المسكينة …اذا نظرت الى البالوعات.. المتداعية والمهترئة .. والاوساخ المتراكمة اذا سترى العجب الذى لايسر العين …ولايطيب له …الخاطر …فالمحليات فى شغل شاغل… عن متابعة البيئة …او ربما تعتبر…المحليات سلامة البيئة من الرفاهيــــة الزائدة…التى لايستحقها …المواطن…فمتى تنــعـم… بلادنا …بحياة… يساندها.. النظام…والعدل…. والسلام

منتصر نابلسي
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..