تحرك البرلمان .. حركة معاها بركة أم حركة في شكل وردة

من المعروف أن العالم كله، من أقصاه إلى أقصاه، قد تواضع على أن يضع الحكام وكبار المسؤولين في أي بلد فيه إقراراً بذمتهم المالية بين يدي هيئة يتم تكوينها خصيصاً لهذا الغرض، يسندها قانون يختص بمكافحة ودرء الثراء الحرام والكسب المشبوه وغير المشروع، لا تكاد تجد بلداً خلواً من هذا الإجراء ولو كان مجرد لافتة، وهذا الإجماع العالمي على ضرورة أن يطرح كل من ولي مسؤولية ذمته المالية على الملأ، هو ما نستمد منه مشروعية أن نطلق على ولاة أمرنا الذين امتنعوا طوال عشرين عاماً أو تزيد عن الإقرار بذممهم المالية أنهم بلا ذمة، فمنذ صدور قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه في عام 1989 وتكوين الهيئة المفترض أنها منفذة له، لم يتقدم كثيرون ممن عناهم وحددهم بالصفة والوظيفة القانون لتبرئة ذمتهم المالية، كما ظلت الهيئة عاجزة عن فعل أي شيء تجاههم رغم أن القانون يخوّل لها حق مقاضاتهم ومحاكمتهم بجزاءات معلومة نص عليها القانون..
أكثر من ربع قرن وكثير من كبار المسؤولين من أعلى الدرجات وإلى آخر من حددهم القانون، لم (يتكرموا) بملء الاستمارة التي تم إعدادها لهم لتبرئة ذممهم المالية أمام الله والشعب، غالبيتهم الغالبة تهربوا من كشف ما يملكونه نقداً كان أو منقولاً أو ثابتاً أو أي دخل دوري أو طارئ مع بيان الأسباب والمصادر التي عن طريقها كسبوا ما كسبوا، وكأنما لم يصدر هذا القانون إلا للتعمية والتمويه والكسب الإعلامي، ولم يتم تشكيل الهيئة المختصة بتنفيذه إلا لكي تبقى هيكلاً بلا مضمون وجسداً بلا روح، ربما فقط للقول للعالم الخارجي (انظروا إلى هذه اللافتة)، فنحن أيضاً نحارب بلا هوادة الفساد والكسب الحرام وغير المشروع، ونقاوم بشدة التكسب باسم الوظيفة واستغلال السلطة للتربح..
الآن وبعد مضي ما ينيف على ربع قرن مازلنا نقرأ عن تحركات برلمانية لتحريك هذا الملف الذي طمسه الغبار وطواه النسيان، وذلك بحض كل من للشعب ذمة عليه أن يبرئها أمامه باستلام استمارات إقرار الذمة وتعبئتها، ولا نظن أن تحرك البرلمان هذا ستنطبق عليه مقولة (حركة معاها بركة)، بل لن يعدو كونه سوى (حركة في شكل وردة)، ولو لم تكن كذلك لكان قانون الثراء الحرام قد نفذ منذ صدوره قبل ربع قرن، أو على الأقل منذ أن بدأت أمارات وإشارات ودلائل الثراء المشبوه تظهر بادية للعيان، حين كثرت المظان التي تدل عليه مثل العمارات السوامق والمباني الشوامخ والشركات الشواهق والسيارات الفخيمة التي انتشرت في العاصمة وبعض مدن الولايات، دون أن يُعرف عن أصحابها ومالكيها سابق بذل ونشاط في دنيا المال والاستثمارات، بل ناشئة من الشباب أو تجار صغار أو موظفين (على قدر حالهم)، لن تجد مبرراً مهما حاولت واجتهدت لثرائهم المباغت والمفاجئ، غير أنه ثراء مشكوك فيه ومطعون في مصدره وسببه…

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الأخ/حيدر هل انت جادى في كلامك عن ابراء الذمة هولاء لايخافون الله هل يخافون الشعب صحى النوم ووكلنا امرنا المنتقم الجبار لاكل ولانام وهو العادل بين عباده في الدنيا والاخرة الا ترى عدم توفيقهم في كل شيء هذه هي استجابة الله للمظلومين ولن يوفقوا باذنه تعالى لانهم ظلمة

  2. الأخ/حيدر هل انت جادى في كلامك عن ابراء الذمة هولاء لايخافون الله هل يخافون الشعب صحى النوم ووكلنا امرنا المنتقم الجبار لاكل ولانام وهو العادل بين عباده في الدنيا والاخرة الا ترى عدم توفيقهم في كل شيء هذه هي استجابة الله للمظلومين ولن يوفقوا باذنه تعالى لانهم ظلمة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..