للإنقاذ دروس و عِبر في الزمن الضائع ( 2)

للإنقاذ دروس و عِبر في الزمن الضائع ( 2)
أزمة هجليج

و نواصل في سرد الكم الهائل و المتتابع من أهم الدروس و العبر التي طرأت أمام حكومة الإنقاذ فلم تتعظ و لم تستفد، بل زادها ذلك ضلالاً على ضلال و زادها كبر نفس خادع و أخذتهم العزة بالاثم فنسوا أن الله يُمهل و لا يُهمل الظالمين. في يوم الثلاثاء العاشر من شهر أبريل ( نيسان ) عام 2012م و بعد أن قصف طيران النظام منطقة حدودية تابعة لدولة الجنوب مستهدفاً جسرا ً إستراتيجياً في المنطقة و مهدداً بذلك حقول النفط في ولاية الوحدة بلواءين من الجيش و عدد 16 دبابة و عدد من المليشيات، قامت قوات الجنوب و بجيش قوامه 11 ألف جندي بالتحرك نحو منطقة هجليج و حصارها من ثلاثة محاور و أتاح ذلك الفرصة للموظفين في حقل هجليج النفطي و جزء من الجيش للخروج من هجليج و مغادرتها، أما الجزء الذي تبقى من القوات فقد إشتبكت معها قوات الجنوب ففر عدد منها و إستسلم جزء آخر منهم بعد محاصرتهم في المطار، فيما كان الطيران الحربي للنظام يحلق على إرتفاعات عالية فوق هجليج دون أن يتمكن من القصف الدقيق للمنطقة التي تعج بآبار ومنشآت نفطية عديدة. ثم كانت أن سيطرت قوات الجنوب على منطقة هجليج النفطية و لمدة عشرة أيام كاملة. ما يهمنا هنا هو ليس الحدث في حد ذاته، إنما كيفية تعاطي النظام الحاكم مع الحدث و ردود أفعاله تجاهه. فمثلما هو حادث الآن عقب أحداث أبو كرشولا، فقد إنتهج النظام سلوكاً تهيجياً و أكثر من الصياح و إعتلى الهتيفة و الغوغائيون المنصات و المنابر و إستلوا دعاوي المؤامراة و الإستهداف من دول البغي و الاستكبار و هم يعرفون جيداً الأسباب الحيقية الكامنة وراء حرب هجليج و التي أخفاها النظام عن الشعب، بل قام النظام في إسلوب يكشف النمط السُلاقي و الإنتهازي لديه بإستغلال الحدث لعمل تنفس إصطناعي و إعادة إنعاش شعبيته الآخذة في الذوبان كما الجليد عند إنقشاع الظلام و بزوغ الشمس. ليس ذلك وحده فقط بل أن النظام قام بترسيخ دعائم سُنة جديدة و هي سنة الشتائم و الألفاظ النابية فأقدم على وصف الجنوب و حكومته بالحشرات و بالأشخاص الذين لا ينفع معهم إلا العصى!. لكن ما حدث أن الجيش الجنوبي قد قام بالإنسحاب من هجليج بعد ذلك و تحت ضغط هائل من المجتمع الدولي و الأمم المتحدة رغم إدعاء النظام أنه قد خاض حرباً حقيقية حرر بعدها منطقة هجليج. و الشاهد أن الجنوب لم يغامر بالدخول إلى هجليج بعد صده لتهديدات جيش الإنقاذ لولاية الوحدة إلا لتحقيق أهداف محددة و مدروسة و معد لها مسبقاً و لم يتسن لقادة الإنقاذ ذوي العقول و الجلود التخينة فهمها إلا ضُحى الغد و لحظتها أدرك كل من كان يتساءل قائلاً (لماذا)؟ مدى سذاجته!. أن آثار و تبعات الهجوم على هجليج لا يستطيع أحد إنكارها و التي ظلت تتفاقم في كل يوم أكثر فأكثر حتى يومنا هذا، لقد كان الهدف الذكي الذي حققه الجنوب أن تمكن و بكل يُسر و بأقل الخسائر من إلحاق بالغ الأذى بما تبقى من إقتصاد الشمال المترنح و الذي ألقمه نظام الإنقاذ أصلاً لكمات حاسمة بعبقريتهم المسماة سياسة التحرير أولاً و بممارساتهم العجيبة في النهب لاحقاً. فتعطلت عمليات تصدير بعض النفط الموجود في هجليج بسبب مغادرة العاملين للمنطقة و بسبب الدمار الهائل و الخراب اللذان لحقا بمؤسسات و معدات التكرير و المعالجة للنفط من جراء القصف من الجانبين.و هو ما إنعكس مباشرة على معيشة المواطن في الشمال الذي كان يتداعى قبل شهر واحد فقط لترهات الحكومة و صياحات أفرادها و خداعهم له بحقيقة أسباب حرب هجليج و لماذا إنسحب منها الجنوبيون و هل هم حقاً حشرات كما زعم رأس النظام الحاكم.
نواصل..

العاقب كوسا
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..