البيان الأنصاري المعُدّل .. أهوّ.. خطوة نحو الإنقلاب ؟

أخطر ما في الطائفية السياسية السودانية ، أنها ظلّت تتبع أسلوبا مزدوجا للسيطرة على عقول البسطاء وحتى المثقفين بكل أسف لاستقطابهم تمسحا بقدسية مزعومة وإتكاءا على دور وطني أو حتى دينيٍ يفترض أنه كان لابد أن يقف عند حدود من قاموا به وذهبوا، ولا يتوارث إبناً عن أبٍ عن جدٍ فيتحوّل الى تاريخ يفرّض كواقع حتميٍ على الأجيال المتعاقبة دون جدل أو خروج عن طاعته وكأنه وحيٌ منزلٌ مخلّد !
فالطائفة الختمية وقد سبقت طائفة الأنصار بخمسين عاما ..إذ دخلت الى السودان عبر قنوات الطرق الصوفية ، ولم يكن يدور في خلد مؤسيسها الأوئل أن يلعبوا دورا سياسيا كما يبدو ، بيد أن قيام الثورة المهدية التي مات مفجّرها بعد شهور قليلة من نجاحها ، وكان أن حدد خليفته عبد الله التعايشي من خارج منظومة أسرته إبراءاً لذمته و درءا لفتنة التوريث،و تأسيا برسول الله الكريم ولو بصورة أخرى و الذي جعل الأمر من بعده لشورى المسلمين في إختيار خليفته لأنه استشرف بحكمة النبوة أن الخلافة ليست ملكا يؤرّث ، وإنما ينبغي أن تؤول وفق مبدأ التشاور الى من تتوفر فيه شروط الورع والعدالة والتقوى والزهد والأمانة والحنكة وحسن التصرف .. وترسيخا لمبدأ التداول في تقاليد دولة الأمة من بعده عليه الصلاة والسلام ..
إلا أن الاستعمار البريطاني حينما عاد الى السودان في ثوب مغاير وعلي ظهور الجياد الفرعونية فيما بعد ما كانت تسّمى بالتركية السابقة التي ذهبت في رياحها لاحقا الثورة المهدية ، وحتى لا تنفرد طائفة الختمية بالمرمى السياسي في مستقبل السودان لاسيما لارتباطها الوثيق بمصر إضافة الى سحر وتاثير صك الشرف المكاوي التي تعلقه في جدران قبابها وزواياها المنتشرة في أرجاء عدة من البلاد ومن ثم يتمدد نفوذها وهي التي جاءت متضامنة مع جيوش الغزو الكتشنري انتقاما لمقتل غردون ، فبات لا بد للمستعمر من منافس يحجّم من ذلك النفوذ المتنامي ويلجم خطوات ذلك التمدد !
فكان الغزل ناحية من تبقى من عائلة المهدي ، إغداقا عليهم بالمال و الأطيان التي مكنتهم من استقطاب أنصار الثائر الراحل وبالتالي خلق الموازنة التي تشغل السودانيين عن مناوشة سلطة الحكم الثنائي ، فبدأت الطائفتان تبزان بعضهما في أنتزاع أماكن جديدة ومواطيء قدم لهما في رقاع الوطن المختلفة ، فتجد أن المجاذيب مثلا قد انتموا للأنصار في عقر دار الختمية عند الدامرفي نهر النيل ، فيما زاحمهم الختمية في مناطق تواجدهم التقليدية في الأبيض ، بأن ينشيء السواراب دارا للطائفة هناك على سبيل المثال لا الحصر، وهكذا دواليك سادت فكرة المستعمر في نشر الفرقة عبر تقاسم الطائفتين لأهل السودان بشكل إقطاعي يجلس على سجادات ، يجثو حولها من يخدمونها ويقدسونها ربما باعتبارهما ظلين لمكة والمدينة على أرض السودان إن لم يكن في الأمر مبالغة !
الآن وحتى لا نغوص كثيرا في التاريخ ، يبدو أن زعماء هاتين الطائفتين لم يستفيدوا كثيرا من التطور النوعي والزماني وقد ارتادوا السياسة عبر بوابات القداسة وأدخلوا أتباعهم في خلط استعصى فك ارتباطه حتى وسط المثقفين ، إلا قلة منهم التي انفضت عنهم خلال هذا العهد وانعتقت من تبعيتهم ، ولكن بكل أىسف انسياقا وراء المصالح الذاتية لا تلمسا للمصلحة الوطنية العليا وهي المصيدة التي هيأ لها نظام الانقاذ المناخات المناسبة بذلك الاستدراج و الإستقطاب الذي ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد ، فاستفاد من ولع البيوتات الطائفية باستمرار جاه القداسة الدينية المزعومة عزفا على وتر الشريعة للتخدير قبل جراحة غسيل المخ بماء الذهب و غلقها بضمادات البنكنوت و استرخائها عند نقاهة السلطة ، وبالتالي اصطياد قاصية الناقمين من مثقفي الطائفتين وشحنهم صحبة راكب في مؤخرة قاطرة الحكم التائهة على شريط لا يريده أهل الانقاذ أن يؤدي بهم الى الهاوية المحتومة لوحدهم !

بيان شباب الأنصار الأول الذي صدر منذ أيام معاكسا لتوجهات الإمام الصادق الداعمة للسلطة والداعية لتعمير صفوف جيشها المؤدلج بطاقات شبابية جديدة لتغذية محارق مغامرات الكيزان المتلاحقة ،وإن كنا لا نعرف من هم أو لئك الشباب تحديدا حتى الآن و كان بيانهم خجولا والذي عنونوه بدءا لمن نادوه تأدبا وانحناءا بالحبيب الامام ، ولكّن نسخته المعدّلة الصادرة اليوم سحبت عنه ثوب لقب القداسة جزئيا كاشفة أقدام الرجل الراكضة حافية نحو القصر الرئاسي ولو عبر الوريث المرتقب، رغم أن صيغة البيان لم تنزع من رأسه طاقية الإمامة بعد !
فهل يكون ذلك الخطاب الجريء مقدمة لبيان إنقلاب على الرجل الثمانيني الذي يسعى لخلود أثره دون مواربة ، وقد رفض جده المجاهد مبدأ التوريث .. من منطلق زهده وورعه ، وربما يتململ الان في مرقده لمخالفة أحفادة سنة النبي الكريم الذي لم يوّرث أحدا من أهل بيته الكرام قبل صعود روحه الطاهرة الى بارئها..!
وهل سيفتح ذلك شهية أتباع بيت أبو جلابية من شباب الختمية لإصدار بيان مماثل، يهز شجرة الطائفية الأخرى التي جثمت فوق الصدوركمثيلتها أكثر من الديكتاتوريات العسكرية أو ساندتها بمواقف كانت وستظل خصما على الوطن ما بقيت الطائفتان ، مالم تتحولا من بيوتات إقطاعية الى مؤسسات حزبية سياسية صرفة تنتخب قيادتها ولا تورّث أو تقدّس !
وما القداسة إلا للجليل الرحيم ..الدائم العليم..وارث الأرض ومن عليها ..
إنه المستعان ..
وهو من وراء القصد..
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا شباب طائفة الأنصار المحترمين لقد وضح لكم اليوم بصورة جلية أن تنظيمكم هذا طائفي ديني ملك لأسرة محددة ولا صوت يعلوا فوق صوتها وصوت سيدها وهو الآمر الناهي في صورة فجة للتسلط ومخالفة لأسس الديمقراطية وأسس تكوين الأحزاب ؟؟؟ إن تنظيمكم الطائفي هذا غير مبني علي أسس ديمقراطية صحيحة وله برنامج وطني مدروس تناضلون من أجله لتطوير وبناء السودان الحبيب وعليه سيكون نضالكم من أجل الحفاظ علي مصالح الأسرة المالكة لهذا التنظيم المتخلف والتي تستبعدكم ولا تهتم بآرائكم مهما كانت وطنية ونيرة والتي لا أشك في صدقها ووطنيتها وأنكم تتوقون الي وطن حر تعيشون فيه وأهلكم بكرامة وعزة وطن يراعي مصالحكم ومصالح أهلكم الذين يعانون الأمرين في ظل هذه الحكومة الفاسدة والتي قدمت الرشوة لزعيمكم الحبيب الذي أزل نفسه كثيراً بإستلامها ؟؟؟
    وتحت الفهم الصحيح والتفسير العلمي لكلمة حزب ! هل يوجد في السودان أحزاب ؟؟؟ إن ما يسمي في السودان بأحزاب هم عبارة عن طوائف دينية كونها وقواها الإستعمار لتساعده في حكم السودان وإخضاع وسوم شعوبه وسلب خيراته ؟؟؟ وقد أدوا دورهم التاريخي هذا بكل تفاني وإخلاص وفي المقابل تكرم عليهم المستعمر بالألقاب والنياشين ( السير عبدالرحمن المهدي باشا حامل نيشان الإمبراطورية البريطانية من درجة فارس ونيشان الملكة فكتوريا من درجة قمندان ) (والسير علي الميرغني باشا حامل نيشان القديسين ميخائيل وجورج من درجة فارس ) وكانوا أعضاء في المجلس الحاكم للسودان تحت رئاسة الميجر جينرال هيوبرت هدلستون المستعم الكافر ؟؟؟ وكذلك مكنهم الإنجليز من السلطة وإغدقوا عليهم بالمال والأراضي والمشاريع ليكونوا إمبراطوريات مافيوزية حتي أصبحوا
    أغني أسرتين في السودان علي الإطلاق وصاروا أسياد( آل الميرغني ) و(آل المهدي ) يبوس يدهم الغفير والوزير وحولهم كمية من الخدم والحشم يخدمونهم في قصورهم وحدائقها ويخوتهم ومشاريعهم بدون أجور أو حقوق مخالفين بذلك أبسط حقوق الإنسان ؟؟؟ في شكل من أشكال العبودية في القرن ال21 ؟؟؟ أنهم عقبة كؤود في طريق تطوير السودان ؟؟؟ وبالتأكيد ليس في مصلحتهم تطوير السودان وشعوبه وأنعتاقهم من التخلف والجهل حتي يسوموهم ويستعبدونهم ليركعوا ساجدين لغير الله لبوس الأيادي ؟؟؟ أما بقية الشلل الخرطومية والتي منها أكثر من 86 شلة مسجلة وأكثر من ذلك غير مسجلة فلا تكاد تخرج أصواتهم من صوالين وجهائهم ؟؟؟ نتمني أن يتوحدوا تحت برنامج وطني مدروس ليكونوا حزب عصري شبابي طموح يكون له تأثير قوي وحزب يقضي عل الطائفية وتجارة الدين ويمضي بالسودان قدمأ في طريق الخير والنماء إن شاء الله ؟ والثورة في الطريق لكنس كل الكهنوتية تجار الدين القدامي وحلفائهم تجار الدين الجدد الكيزان اللصوص القتلة بائعي السودان وأراضيه ومسببي إنقسامه ومدمريه ومشردي كل كوادره المجرمين المطلوبين من محكمة العدل الدولية مغتصبي الرجال والإناث والأطفال قاتلهم الله جميعاً ؟؟؟

  2. لك التحيات العطرات استاذنا برقاوي
    لا شك ان اسلوبك الرائع في طرح المواضبع السياسية الساخنة يجبر كل ذي لب على قراءة مكتوبك اكثر من مرة، ويا خوفي من أن تجرفك السياسة بعيدا عن الشعر وضروب الفنون الأخرى التي نعرفها عنك ويجهلها الكثيرين .
    اتفق معك تماما استاذ برقاوي في كل ما كتبت مع إضافة ان كل ديناصورات السياسة السودانية لا يفارقون مقاعدهم إلا محمولين على آلة حدباء إلى مثواهم الأخير ، وبا شعب بلادي لك الله

  3. الاستاذ الاديب الاريب الصحفي الوطني الغيور .. ماذا اقول غير لله درك يا رجل .. ولكن لدي سؤال فيما يخص المهدية وآله .. ألم تنتفي المزاعم بأنه المهدي المنتظر منذ زمن بعيد .. أليس الاستمساك بهذااللقب تزييف لحقيقة الرجل الثائر البطل محمد احمد .. ليتهم واولهم الامام الصادق يبرؤون ذمة الجد الهمام .. واخيرا بماذا نحس نحن ورئيس وزرائنا (مرتين) يحمل لقب المهدي بدون وجه حق انما زورا وجهلا ..

  4. الاخ برقاوي / السلام عليك ورحمه الله
    من خلال تعقيب الاخوه ( المعلقين ) نشعر بانهم يبجلونك
    حق تبجيل بل واكثر من مفجر ( الثوره ) المهدية وقادتها
    الأوفياء الأموات منهم والأحياء أطال الله في أعمارهم !!!
    كنا نود ان نري حلولاً تقدمها للوطن لتشفي الآلام وتوحد
    آلامه لا لأن تهاجم التاريخ وقادته وهم اول من غرس بذور
    الحريه والانعتاق !!! لذلك نحن نري ونحس بل ونعلم أيضاً
    بان هنالك من يتربص بالوطن !!! والغريب في أمر هؤلاء
    يطلقون علي أنفسهم اسم ( الهامش ) وما هم في شي من
    ذلك !!! بل يديرون فقط(( ثورات انفصالية )) ويثيرون
    (( نعرات عنصريه )) !!! فهم لا يعرفون معني الوطن لانه
    بالنسبه لهم مجرد (( لون )) وليس هويه !!! لذا ( قد ) نختلف
    مع (( البشير )) ولكن لا خلاف عن الوطن !!! او كما قال الإمام
    ( يجب ان نفرق بين الوطني والوطن ) !!! وهنا نقول لبيك سيدي
    إلا مام ستجدنا إنشاء الله من المؤمنين بهذا كما امن الآباء من
    قبلنا !!! ولما لا وما الأوطان إلا إمامه وعمامه !!!!!!!!!!!!!!!!
    والله أكبر ولله الحمد .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..