يا للعنة ,لقد أعطونا أكثر مما نريد !ا

يا للعنة ,لقد أعطونا أكثر مما نريد !!

تيسير حسن إدريس
[email protected]

هكذا صرخ مندهشا ومهللا فرحا المدير العام لوكالة الاستخبارات الأمريكية (C.I.A) وهو يصف كم المعلومات والملفات الخطيرة التي زودهم بها المتأسلمة الجدد عبر مدير جهاز الأمن السوداني الذي عبر المحيطات بطائرة خاصة محملة بكل ما لذ وطاب من معلومات غاية في السرية طالما تلمظ جوعا لدسامتها وطيب ثمارها الشيطان الأكبر على وصف النظام الإيراني لأمريكا التي (دنا عذابها)!!.
لقد كان الرجل سعيدا ومندهشا في آن من سرعة استجابة الجماعة (المنقذة) لجميع طلباتهم ودقة المعلومات الواردة والتي وصفت بأنها (كنز) أما حيرته فكانت أعظم بسبب ولع الجماعة المتأسلمة للتمسح بأستار (البيت الأبيض) والتبتل سرا في حبه وحمد آله وما درى هداه الله أن الحب يظل جمر متقد ما ظل سر بين المحبين وإذا ما ذاع سره فقد رونقه وخف أثره وهو الشيء الذي لم تكن الجماعة (المنقذة) ترغب في كشفه وتدنيس حرمته حافظا على قدسية وعذرية العلاقة وخوفا من (العين) ومن شر حاسدا إذا حسد.
ولعل الرجل الذي يمسك بتلابيب أقوى جهاز للأمن في العالم قد غاب عن ذاكرته إن العلاقة بين (التنظيم الدولي للإخوان المسلمين) الذي يحكم السودان حاليا ودولته الامبريالية ضاربة في القدم وكانت على مر العصور والحقب تتسم بالدفء وكثيرا من الود والتعاون وكتاب المؤلف البريطاني (مارك كيرتس) الصادر مؤخرا بعنوان (الشؤون السرية) يلقي الضوء على تلك العلاقة السرية بين الانجليز وجماعة الإخوان المسلمين منذ النصف الأول من القرن الماضي ويفضح مدى قوتها التي توطدت بالتمويل والتخطيط لإفشال الثورات في المنطقة العربية والإسلامية التي كانت جبهة الحرب الباردة بين الغرب والشرق وتحولت اليوم إلى جبهة الحرب على (الإرهاب الأصولي) وورثتها أمريكا عن الإمبراطورية العجوز ، لذا نجد أن تعجب الرجل من فرط شوق الجماعة المتأسلمة لمد حبال الود التي أصابها شيئا من الوهن بعد أحداث (11 سبتمبر) غير مبرر لأن (ركوب العجلة ما بتنسي) وحنين الجماعة يبقى دوما لأول منزل.
لقد كشف البريطاني (مارك كريتس) في مؤلفه الكثير والمثير من أوجه تلك العلاقة المتينة والحميمة التي ربطت الجماعات المتأسلمة في الوطن العربي بالقوى الامبريالية وعلى رأسها بريطانيا التي تعتقد إن الأصولية أفضل من الحركات القومية والماركسية بالنسبة للغرب لذلك أسهمت في صعود نجم الإسلام الراديكالي عام 1970م وتقديم الدعم في الحرب المقدسة الأفغانية ضد السوفيت عام 1980م ومن ثم ظهور القاعدة وظاهرة (لندنستان) في عام 1990م عندما أصبحت لندن عاصمة مركزية لتنظيم الجهاد العالمي.
ويرى السيد (كريتس) في كتابه إن الخطاب السائد اليوم حول (الحرب ضد الإرهاب) لا يناقض حقيقة تواطؤ القوى الامبريالية مع الإسلام الراديكالي لان الحقيقة غالبا ما تكون عكس الخطاب السائد وهذا الأمر يشكل قاعدة عامة تتعامل بها القوى الامبريالية بشأن القضايا الكبرى ومن هنا يتضح أن (الحرب على الإرهاب) شكلت حربا ضد أهداف معينة حددتها لندن وواشنطن وفقا لمصالحهما (مثال الحرب على العراق) وليس حربا على الإرهاب بالمعني الحقيقي وفي هذا الصدد يقدم كتاب (الشؤون السرية) شهادة مثيرة للصدمة حول توجه السياسة الخارجية لقوى الغرب الامبريالية خلال الأعوام المائة الأخيرة سعيا وراء المصالح الوطنية ويأخذ بريطانيا العظمى كمثال حيث وقفت مرارا إلي جانب أكثر قوى الإسلام السياسي تطرفا ومحافظة وتأمرت بقوة ضد حكومات ديمقراطية في العالم ويؤكد (مارك كريتس) أنه وعلى مدار القرن الماضي تمثل العدو الرئيسي لبريطانيا والقوى الغربية ليس في قوى التطرف الديني وإنما في الوطنيين العلمانيين الذين حاربوا القوى الاستعمارية السابقة ويتضح ذلك جليا في محاربة نظام عبد الناصر في مصر وإفشال حركة الضباط الشيوعيين في السودان عام 1971م وإسقاط نظام الليندى في شيلي واورتيغا في نيكاراغوا وغيرهم.
إن المؤلف البريطاني السيد (كريتس) لم يلقي بما جاء من قول ومعلومات على عواهنه بل كانت ثمرة مجهود مضني وسط كم هائل من الأضابير ووثائق المخابرات البريطانية السرية المفرج عنها حديثا بحث الرجل فيها ونقب حتى وصل إلى ما خلص إليه فهل من بعد ما قطعت جهيزة قول كل خطيب ما زال للجماعة المتأسلمة في بلادي لسان تتطاول به على معارضيها لتصمهم بالارتهان للقوى الأجنبية خصوصا بعد ما تكشف إن (حج) البيت (الأبيض) قد أصبح فرض عين بفقه (الضرورة) يؤدونه خالصا لوجه الطاغوت يبذلون فيه النذور والعطايا ولا يتورعون في تقديم رقاب (إخوانهم في الله) قرابين على مذابح قوى الاستكبار طلب للتوبة والغفران ومن بعد هل ما زال (الشيوخ) وهم يقطنون بيت من زجاج لهم القدرة على قذف الآخرين بالحجارة؟؟!!
لقد كنت فيما مضي أظن بأن ما يصبغه بعض معارضي الجماعة المتأسلمة عليها من أوصاف مسيئة وما يلصقونه بها من أفعال شائنة لا تعدو أن تكون ضرب من ضروب الكيد السياسي والفجور في الخصومة التي امقتها بيد أن موقفي هذا قد تغير وأنا أرقب عن كثب تقلب الجماعة (المنقذة) في وحل الخطايا التي تتعارض مع الإسلام جملة وتفصيلا وما فتئت رغم كلما تكشف تصر على أنها القيمة على أمره والمتحدثة بلسانه.
إن مجرد النظر إلى بعض ما اقترفه شيوخ الجماعة المتأسلمة من أفعال في عهد حكمهم الكالح السواد إرضاء للغرب وأمريكا يصيب الإنسان بالهلع والقرف فيكفي أن نرجع البصر كرة واحدة في حادثة تسليمهم لشيوخ الجماعة الإسلامية الإرترية المعارضة الذين لم يتوان نظام اسمرا في تصفيتهم لحظة استلامهم في إطار صفقة من صفقاتهم الفاجرة ثم سرقة أموال الشيخ أسامة بن لادن ومحاولة بيعه للولايات المتحدة الأمريكية كما باعوا من بعد كارلوس لفرنسا لينتابك مزيج من الأحاسيس المقززة وغيرها من أحداث غريبة على مجتمعنا وقيم شعبنا جعلت من سؤال الأديب الراحل الطيب صالح (من هؤلاء ومن أين أتوا هؤلاء؟!) عنوانا عريضا لهذه المرحلة المترعة بالظلمات والأحزان من تاريخ السودان.
والمحير حقا في أمر هؤلاء القوم إمكانياتهم اللا محدودة على الكذب والنفاق وإلباس الباطل ثوب الحق من دون أن يطرف لهم جفن ، فكيف يستطع إنسان سوي أن يعيش متوازن وفي داخله كل هذا الكم الهائل من السواد والخلل المزلزل للوجدان والتناقض الحاد بين الشعار البراق والأهداف النبيلة والمقاصد الرسالية وبين الأفعال الدنيئة والوسائل الغارقة في الخطيئة؟!.
هذا ما يجب أن يعمل على تحليله خبراء علم النفس والاجتماع في بلادي علنا نستطع محاصرة هذا الداء اللعين وإنقاذ ما تبقى من أخلاق وقيم شباب الوطن.

تيسير حسن إدريس 01/12/2010م

الصحافة

تعليق واحد

  1. اضف الى ذلك نزع سلاح جبهةالاروموالاثيوبيةؤهم مسلمون وفتح الحدودالسودانيةامام القوات الاثيوبيةوالتى قامت بضرب الاروموبمخيم اللاجئين بمنطقةيابوس مقابل تسليمهم فشلا والتى كانت محتلةمت قبل الحركةالشعبية وقاموابتسليم فشلا للجيش السودانى

  2. قديما قال الأستاذ محمود محمد طه عن جماعة الأخوان المسلمين : (جماعات الهوس الديني)

    انهم يفوقون سوء الظن العريض . !!!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..