الدكتور/ محمد أحمد محمود و نقد الظاهرة الدينية 3-5

” اكتب لأنني لا أستطيع أن أتحمل الحقيقة وحدي، و لأنني عزمت على مقاومة هذه الحقيقة”. أورهان باموك
الكتب و الرقابة في العالم العربي، و الإسلامي
أذكر الآن أنني قرأت طرفة قديمة، وهي تقول إن أحد الكتاب، أو القراء سأل الكاتب المسرحي، و الأديب الإيرلندي الساخر/ بيرناند شو عن كيف اشتهرت ككاتب؟! فرد بيرناند شو بسخريته المعهودة:” في بدايات حياتي، كنت أكتب مقالاً في الصحف باسمي، ثم بعدها أقوم بكتابة عشرات المقالات باسماء مستعارة أهاجم فيها المقال، و كاتب المقال، إلى أن صرت مشهوراً ككاتب، و بعدها صرت اكتب باسمي الحقيقي”. هذه الطرفة، أو التشنيعة، قد تكون غير صحيحة البتة، أو ربما تكون محض اختلاق، و لكنها تؤكد حقيقة ناصعة، و هي أن كثير من الكتب تشتهر أحياناً، و يعلو صيتها، و يندفع القراء للبحث عنها، و ترتفع مبيعاتها لدى دور النشر، ليس بسبب جدتها، و أصالة آرائها، و قوة حججها، و حفرها في التابوهات، و إنما بسبب الهجوم عليها من بعض الكتاب، و حراس المعرفة، و وكلاء العقول، و الدوائر الرسمية. فكل كتاب منع علناً، انتشر، و تدول سراً. و أقول ذلك أحياناً، و ليس دائماً، لأن هناك كثير من الكتب منع، و حظر من التداول بسسب تأثيرها الهائل على السائد، و القديم البالي في المجتمعات، مما يخلخل، و يزحزح الكثير مما لا تريد الدوائر الرسمية أن يتغير، فالمعرفة لا تنتج بحسب فوكو، في فراغ مطلق، بل تنتج في سياق ثقافي محكوم بعلاقات السلطة، و المعرفة.
لقد شاعت في العالم العربي، و الإسلامي خلال القرن العشرين، أو المائة عام الماضية، ظاهرة تكفير الكتاب، و الرقابة على أعمالهم، و منعها من التداول، مثل الدكتور/ نصر أبو زيد، و فرج فودة، و أركون، و عبد الله القصيمي، و نبيل فياض، و خليل عبد الكريم، و شحرور، و الدكتور/ هاشم أغاجري من إيران، و غيرهم كثر. و التهم، و الذرائع الغالبة في مثل هذه الحالات، هي التجديف، و الزندقة، و الكفر، و المساس بالدين، و قيم المجتمع. و كما أسلفت، فإن النتيجة الطبيعية لذلك دائماً هي شهرة الكتاب، و ازدياد الطلب عليه من قبل القراء. و في الغالب، يتم تداوله سراً من قبل القراء، من خلف ظهر سلطات الرقابة. و في الكثير من الأوقات، يتم تداول مثل هذه الكتب، و توزيعها سراً من قبل أجهزة الرقابة نفسها في البلدان العربية، و بسعر أعلى بكثير من سعر الكتاب الحقيقي، و ذلك بدافع الكسب المادي. ذكر البروفسير/ إدوارد سعيد، أنه بعد أن اختلف مع رئاسة السلطة الفلسطينية، و انسحب من المجلس الوطني الفلسطيني، و بدأ ينتقد خط السلطة، و منعت كتبه من التداول في الضفة الغربية، و قطاع غزة، أن ذهب في إحدى زياراته إلى الضفة الغربية، فوجد أحد باعة الكتب البسطاء على الرصيف، فتطلع على كتبه، و عندما هم بالانصراف، همس له البائع في أذنه قائلاً: “عندي كتب هامة جداً لواحد خطير جداً في أمريكا اسمه إدوارد سعيد، لكنها ممنوعة، و نحن نبيعها سراً، فلو دايرها أجيبها لك، مخبئها في مكان بعيد”.
و من الملاحظ في مثل هذه الحالات، أن الكتاب الذي تمنعه سلطات الرقابة الرسمية، و تهاجمه الجماعات الدينية بحجة التجديف، قد لا يحمل الكثير مما يشاع عنه، و ذلك لأن الكثيرين يؤسسون هجومهم على الكتب من واقع السماع فقط حتى دون أن يقرأوا الكتاب، بل قرأه آخرون، و لخصوه لهم حسب وجهة نظرهم، أي القراءة بالإنابة. و لأن البعض منهم يهاجم الكتاب ليس بسبب محتواه، لكن بسبب نظرتهم لشخص الكاتب. كما أن البعض من هذه الكتب تتم مصادرته ليس بسبب هجومه على الدين، لكن بسبب تعارضه مع مصالح، و رؤى بعض الجماعات الدينية مثل كتاب الشيخ الأزهري علي عبد الرازق، “الإسلام و أصول الحكم”، فهو لم يقل أكثر من أن فكرة الخلافة الإسلامية، كانت مجرد ملك عربي، و بالتالي هي ليست نموذج الإسلام للحكم، و لا يلزم المسلمون استعادته في العصور الحديثة. تذكرت كل ذلك، و أنا أستمع لكلام رئيس هيئة علماء السودان البروفسير/ محمد عثمان محمد صالح، تلميذ المستشرق البريطاني/ مونتجمري واط، عندما ربط بين موجة الإلحاد التي تجتاح المجتمع السوداني الآن، و كتاب الدكتور/ محمد محمود، و عندما سألوه عن الكتاب، قال إنه لم يقرأ الكتاب، و إنما سمع عنه.
و ظللت على المستوى الشخصي لسنوات أطوف على المكتبات في بيروت، و عمان، و دمشق، و القاهرة، و الرياض، أبحث عن الكثير من الكتب التي منعتها الرقابة العربية بحجة التجديف، و الزندقة، و عندما حصلت عليها لم أجد بها الكثير مما سمعته عنها قبل قراءتها، بل الكثير منها كان ضعيف الأطروحة. فمثلاً كتاب طه حسين، “في الشعر الجاهلي”، الذي منعه الأزهر، في تقديري يعد من أضعف أعمال حسين مقارنة باعماله الأدبية، و الإسلامية الأخرى، سواء من ناحية المنهج، أو من ناحية الموضوعة. و كذلك ينطبق هذا القول على أعمال أخرى، مثل “نقد الفكر الديني”، لصادق جلال العظم، و “يوم انحدر الجمل من السقيفة”، لنبيل فياض. هذا بينما يتم تداول أخطر الكتب بلا قيود مثل مقدمة ابن خلدون، و هذا أمر ساعود له لاحقاً، خلال هذه الحلقات.
و هنا استطراداً، أقول إن الكتاب، أي كتاب، هو وجهة نظر، يمكن أن يتفق الناس معها، أو يختلفون لا أكثر و لا أقل. و يدرك الذين يدرسون “علوم اللغويات” الحديثة، و تطورها، أن أي نص لغوي، يحتمل قراءات متعددة، و لا توجد مطلقاً قراءة واحدة مطلقة لأي نص، نقول إن هذه هي القراءة الوحيدة الصائبة، و ما عداها كله محض هرطقة، و زندقة، و تجديف، و هراء. و إلا لما تعددت الشروح، و التفاسير حتى للنص القرآني نفسه. و لنا في قول الإمام الشافعي، عبرة : “رأي صواب يحتمل الخطأ، و رأي غيري خطأ يحتمل الصواب. و كنتاج لهذا التطور في علم اللغويات، صار للنقد تيارات، و مدارس متعددة في تحليل، و تفكيك، و دراسة النصوص المختلفة.
لذلك نقول “للإسلاماني”، و مصحح مقالات الإنترنت، الذي هبط علينا بالحلقات الأولى من مقالاته المليونية، منتفخ الأوداج، مهلاً، فإن ما قلته، و ما تريد أن تقوله، هو أيضاً مجرد وجهة نظر، و ليس وحياً منزل من السماء، أو حقائق علمية صمدية مثل قوانين الفيزياء، و البيولوجيا، لا يأتيها الباطل من بين يديها، و لا من خلفها. و دعنا من “البوبار”، و الإسفاف في القول من شاكلة، إن هذا يخاف من سطوة قلمي”، و “سحقت هذا”، و “طرحت ذاك أرضاً”. فهذه ليست لغة علم، و لا لغة علماء، و لا لغة حوار. هذه لغة البلطجية، و اللصوص، و قطاع الطرق، و فتوات حارات نجيب محفوظ.
ملاحظات منهجية، و فنية حول الكتاب
أولاً: أرجو أن يتسع صدر الدكتور/ محمد محمود للنقد و المساءلة حول الكتاب، على الرغم من أن النص عندما يخرج من صاحبه، يتملكه الآخرون، و الذين هم القراء في هذه الحالة. فأرجو أن ندير حوار هادئ، و موضوعي حول الكتاب. كما أرجو أن يشاركنا الآخرون بموضوعية حتى يكون الحوار مثمراً، فأنا من ناحيتي، أؤمن بمشروعية الإختلاف في الرأي. و المشكلة في تقديري، ليست في إصدار الأحكام على الناس، فهذا شئ سهل، و ليست في إثبات، أو نفي إيمان، أو إلحاد أحد من الناس، و إنما المشكلة كيف ندير حوار مفيد حول قضايا تشغل الناس و تحاصرهم، و كيف نطور فهمنا حولها في بيئة حوار فكري صحي خالية من الإرهاب. و إذا كنا مؤمنين، كيف و لماذا نكون مؤمنين، و إذا كنا ملحدين، كيف و لماذا نكون ملحدين، و ما هي الأسس التي يقوم عليها كليهما؟! و هذا الكون الذي نعيش فيه، ملئ بالمؤمنين، و الملحدين. و نصوص القرآن نفسها أكدت على حرية الإختيار في الإعتقاد: “و قل الحق من ربكم، فمن شاء فليؤمن، و من شاء فليكفر”. و كل شاة معلقة بعصبتها.
و تساءل أستاذ الأنثربولوجيا الدكتور/ حيدر إبراهيم، في إحدى مقالاته حول الكتاب قائلاً: هل من الممكن نقاش الدين و العقيدة بأدوات العلم، و الفلسفة؟؟ فالفلسفة تعتمد على المنهج العقلاني بشكل مطلق، و تسلم بنتائجه حتى النهاية، بينما الدين يعتمد بالإضافة للعقل، على وسائل أخرى غير عقلانية، مثل الحدس، و الذوق. و أكد الدكتور/ حيدر إبراهيم على أن المعرفة، و التجربة الدينية، أداتها الذوق، و الحدس، و ليس النظر، و العقل. و لكن يصر بعض المتدينين، على أن الدين جله عقلاني، و يمكن إثبات كل القضايا الدينية بواسطة العقل. لذلك هل من الممكن مثلاً، إثبات وجود الله، و بقية الكائنات الميتافيزيقية بشكل موضوعي مستقل عن تصورات البشر بمعطيات العقل الإنساني و حده، فهذه قضايا تواجه الإنسان المعاصر كل يوم، مع ظهور العولمة، و سهولة إنتقال البشر عبر العالم، و تداخل الثقافات.
و ظللت لفترة من سنوات دراستي الجامعية، مشدوداً و مؤرقاً بالجدل الثيولوجي الذي دار بين أبي حامد الغزالي، و الفلاسفة المسلمين المتأثرين بالفلاسفة الإغريق، كابن سينا، و الفارابي، و ابن رشد، و غيرهما، حول قدم العالم، و البعث الجسماني، و علم الله بالجزئيات. و في الوقت الذي قال فيه الغزالي بأن العالم حادث، أي مخلوق تمشياً مع معطيات العقيدة الإسلامية، لأن القول بقدمه يصادم هذه العقيدة التي تقول بأن هناك قديماً واحداً هو الذات الإلهية، و كل من يقول بأن العالم قديم، يخلق ثنائية، و تماثل مع الذات الإلهية. و كل من يقول ذلك، فهو كافر، و خارج من الملة-تهافت الفلاسفة للغزالي. من جانبهم أصر الفلاسفة المسلمين على قولهم بقدم العالم، بحجة أن القول بحدوث العالم يعني أن هناك زمان قبل خلق العالم، و الزمان حسب تعريفهم هو حركة الأفلاك، و بالتالي ينتفي وجود الزمان قبل خلق العالم، لذلك لزم أن يكون العالم قديماً. و قد كانت تلك هي نقطة الخلاف الأساسية بين الغزالي، و الفلاسفة المسلمين، وظل ذلك الخلاف قائماً كإشكال فلسفي إلى هذه اللحظة، على الرغم من رد بن رشد على الغزالي بعد مائة عام من موت الغزالي، في كتابه “تهافت التهافت”. و هذه قضية من صميم العقيدة الدينية، لكنها ذات بعد فلسفي، و هنا يتداخل الدين مع الفلسفة. و قد أشرت في مقالتي الأولي من هذه الحلقة، لتصور ابن رشد هنا، حيث كان يرى أن الحقيقة واحدة، إما تتخذ شكل تعبير فلسفي موجه للخواص، أو شكل تعبير ديني موجه للعوام.
ثانياً: لست في مقام المزايدة على الدكتور/ محمد محمود في مجال البحث الأكاديمي، فهو بلا شك قد حظي، و خضع لتدريب أكاديمي جيد، و منظم في أعرق جامعات العالم، و عمل لسنوات كأستاذ جامعي، و باحث كذلك في أعرق جامعات العالم، بدءً من جامعة الخرطوم، إلى جامعة أوكسفورد العريقة، إنتهاءً بجامعة تفت بالولايات المتحدة الأمريكية. فهو راسخ القدم في مجال البحث الأكاديمي، و يتقن أساليبه بشكل جيد. لكن بالرغم من كل ذلك، لدي مجموعة من الملاحظات المنهجية حول الكتاب، أرى أنها تثير تساؤلات، أو تحتاج إلى إجابات:
1.الملاحظة المنهجية الأولى حول الكتاب، لعله قد سبقني إليها الدكتور/ عمر القراي، و هي أن الكتاب كما أشار الدكتور/ محمد محمود، يقوم على فرضية أساسية، و هي أن النبوة ظاهرة إنسانية صرفة، و ليست عملية إصطفاء إلهي حر. و كما علمنا من خلال تدريبنا الأكاديمي، حول أصول البحث، فإن جهد الباحث كله في مثل هذه الحالة، يجب أن ينصب على إثبات فرضية البحث الأساسية. لكن كما تبين لي من خلال قراءتي للكتاب، فإن هذه الفرضية لم تختبر من خلال مسار البحث، و إنما وضعت كمسلمة أساسية، و بني الباحث عليها دراسته للسيرة النبوية من خلال جانب إشتغالها على التأريخ البشري.
2.تميز الكتاب بكثافة شديدة من الإحالات إلى المصادر، من المرويات الإسلامية، لدرجة يكاد الباحث لا يأتي إلا بعبارات الربط، و الشرح، و التعليق، و التحليل. هذه الطريقة في البحث في تقديري لها جانب جيد، و هي أنها تؤكد على أمانة، و نزاهة، و صدقية البحث، إلا أن من عيوبها الأساسية أنها تخفي رأي، و شخصية الباحث مما يصعب على القارئ أحياناً معرفة موقف الباحث و رأيه الحقيقي، و الفكرة الأساسية التي يريد توصيلها للقارئ.
3. قبل أن يصلني كتاب “نبوة محمد” للدكتور/ محمد محمود، كنت أعتقد أن الكتاب اعتمد على مصادر من خارج الإرشيف الإسلامي، مثل مصادر الاستشراق الغربي، مما يثير حساسية البعض في العالمين العربي، و الإسلامي. لكن لأسباب تتعلق باختيارات الباحث، فقد اعتمد الكتاب بشكل أساسي على مصادر من الإرشيف الإسلامي، مثل الأخبار، و المرويات، و هذا شئ جيد لأن هذه المصادر مبذولة للكل. لكن أثار الدكتور/ محمد وقيع الله في الحلقة الثانية من سلسلة مقالاته حول الكتاب، اتهاماً غليظاً في حق الدكتور/ محمد محمود، و هو “السرقة” من مصادر الاستشراق الغربي في تشكيكه في نبوة محمد، ثم دس و أخفى هذه السرقة في ثنايا بحثه، و أوعد القراء بكشف تلك المصادر، و نحن في إنتظار ذلك.
4.ألاحظ أيضاً أن الدكتور/ محمد محمود قد اعتمد بدرجة كبيرة تكاد تفوق نسبة 90% من حجم البحث على مصادر معينة من التاريخ، و التراث الإسلامي، و هي بالتحديد: القرآن، و صحيح البخاري، و سيرة بن هشام، تأريخ الطبري، و كتاب المغازي للواقدي. فهل هناك تبرير موضوعي لاختيار هذ المصادر دون غيرها من المصادر الإسلامية، لأننا ندرك أيضاً من خلال تقاليد البحث الأكاديمي، أنه عندما يقوم الباحث بدراسة أمر معين، فمن صواب الرؤية، أن يعكس الباحث آراء الباحثين السابقين الأساسيين في حقل دراسته تلك، و إلا عد هذا نوع من الخلل. فلماذا مثلاً تجاهل الدكتور/ محمد محمود مصادر تاريخية أساسية في المرويات الإسلامية، مثل “مروج الذهب” للمسعودي، و “البداية و النهاية” لابن كثير الدمشقي، و “الكامل في التاريخ” لابن الأثير، و “كتاب المبتدأ و الخبر…” لابن خلدون، و غيرهم؟!
5.ألاحظ كذلك بالتحديد أن الدكتور/ محمد محمود، في الفصلين الخامس، و السادس، “تكوين دولة المدينة”، و “انتصار دولة المدينة”، على التوالي، قد اعتمد على مصدر تاريخي واحد، هو كتاب المغازي للواقدي. و السؤال هو كيف يتم الاعتماد على أخبار مصدر تاريخي واحد في قضية أساسية في سيرة النبي محمد، و في تاريخ الإسلام بصورة عامة، و هي لحظة ظهور، و تكوين دولة المدينة؟ ألا يعد ذلك عنصر ضعف في هذين الفصلين من الكتاب، من هذه الناحية؟ و تلك كانت أحد النقاط الأساسية التي ركز عليها نقاد طه حسين هجومهم على كتاباته في تاريخ الإسلام، خاصة كتابيه عن الفتنة الكبرى: عثمان، و علي و بنوه. فقد زعم الكثيرون منهم، أن طه حسين بدافع الغرض، قد اعتمد بشكل أساسي على كتاب “أنساب الأشراف” للبلاذري، و هو كتاب حسب زعمهم قد اختفى لسنوات طويلة من مكتبات العالم الإسلامي، إلى أن أعادته الدوائر الصهيونية في العصور الحديثة، بعد أن قامت بعملية غربلة كبيرة في داخله من حذف، و إضافة. و قد يكون هذا غير صحيح، و لكن لا ينفي القصور الأساسي. فهل هناك أسباب واضحة تفسر عملية الإعتماد على هذا المصدر دون غيره؟!
الحلقة القادمة عن مناقشة موضوعات الكتاب، و ما هو الجديد الذي طرحه؟؟

مختار اللخمي
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. إقتباس: “1.الملاحظة المنهجية الأولى حول الكتاب، لعله قد سبقني إليها الدكتور/ عمر القراي، و هي أن الكتاب كما أشار الدكتور/ محمد محمود، يقوم على فرضية أساسية، و هي أن النبوة ظاهرة إنسانية صرفة، و ليست عملية إصطفاء إلهي حر. و كما علمنا من خلال تدريبنا الأكاديمي، حول أصول البحث، فإن جهد الباحث كله في مثل هذه الحالة، يجب أن ينصب على إثبات فرضية البحث الأساسية. لكن كما تبين لي من خلال قراءتي للكتاب، فإن هذه الفرضية لم تختبر من خلال مسار البحث، و إنما وضعت كمسلمة أساسية، و بني الباحث عليها دراسته للسيرة النبوية من خلال جانب إشتغالها على التأريخ البشري.” إنتهى.

    عجيب هذا الكلام!! إنّه المنطق المقلوب عينُه.

    إنّ الثّابت الذى ﻻ يحتاج إلى دليل هو أنّ ما يُسمّى بالنيوّة، هو ظاهرة بشريّة بحتة لكون من عُرفوا باﻷنبياء كانوا “كائنات بشريّة” ﻻ أكثر وﻻ أقل، بكلّ ما للكائن البشرىّ من مزايا وعيوب، وطموحات ذاتيّة وسلطويّة كثيراً ما تتخفّى وراء خطابات “المصلحة العامّة” واﻷخلاق وأنقاذ البشر من الضّلال.

    فيا “أهل بحث العلمىٍّ الأكاديمى”، ماذا تقصدون بما أسميتموه “عملية إصطفاء إلهي”، وهل يمكنكم تقديم تفسير “معقول” لهذه العبارة يستند إلى أسُس البحث العلمى نفسها التى أنتجت من المعارف ما أفاد البشريّة بأكثر بكثير جدّاً ممّا فعلت اﻷديان؟ هذا إن كانت للأديان فائدة على الإطلاق؟

    نعم. ظاهرة النبّوة هى ظاهرة بشريّة تاريخيّة بحتة، وهذا هو الثّابت الذى ﻻ يحتاج إلى دليل. أمّا من يقول بغير ذلك، فهو المُطالب بإبراز الدّليل على عدم بشريّتها وتاريخيّتها، وعلى “اصطفائيّتها الإلهيّة”، وليكن دليلاً علميّا منطقيّا وإلّا أصبخ ممّن يسعون بوعى منهم أو بغير وعى، إلى فرض التّصوّرات والتخيّلات على أنّها حقائق ومُسلّمات، ثمّ الارتكاز على افتراضاتهم تلك لبناء المفاهيم التى تحول بين من يتبنّاها وبين معرفة حقيقيّة ومفيدة تُسهم فى تطوّر وعيِه بنفسِه وبغيره.

  2. أنا لي سؤال واحد أريد اجابة شافية عليه سواء من علماء الأديان أو من الفقهاء الثيلوجيين والمسلمين هو:

    عمر الكون حسب نظرية الانفجار الكبير(البق بانق)- هو حوالي 13 مليار سنة- وهناك نظريات فيزيائية تقول أنه أقدم من ذلك- في حين أن عمر الأديان السماوية أو التوحيدية(اليهودية والمسيحية والاسلام) لا يتعدي ال 3000 عام!!!

    1. لماذ تأخرت الأديان التوحيدية كل هذا الوقت ولماذا توقفت قبل أكثر من 1400 سنة ؟؟ لماذا لم يظهر أنبياء جدد يكون لهم نفس تأثير أنبياء الأديان الثلاثة؟؟؟ هل توقفت السماء عن الارسال؟؟؟؟؟؟

    ألم يكن الانسان محتاجا للهداية قبل ذلك,ثم أليس هو محتاجا لها بعد ذلك؟؟؟؟؟

    2. لماذا تكون دائما هناك وفي كل الأديان تفاسير لا حد لها, للنص الالهي الواجد .. ألا يعني ذلك أن النصوص الالهية يفسرها في النهاية البشر وما أدراك ما البشر .. بكل أهوائهم ومصالحهم وقوتهم وعجزهم وضعفهم وتناقضاتهم وحبهم وبغضهم…ألأخ ؟؟؟؟؟؟؟

  3. قالوا ان النبي لما اخبر قريش عن الاسراء طلبوا منه البرهان فقال لهم:اني وجدت في الطريق فلان وفلان نائمين وعندهم وعاء مملوء بالماء ومغطي فاخذته وشربته ثم غطيته….ويستمر الرواة :وفعلا لما سالت قريش فلان وفلان عن الحادث قالا نعم نحن طلبنا ماءنا ووجدنا الاناء فارغا….
    وهنالك مئات بل والاف الروايات من هذا القبيل في الاسراء والوقائع وحدث…
    من يصدق مثل هذه الروايات؟
    واذا عرفنا ان هذه الروايات قد ظهرت بعد مئتين سنة او اكثر من وفاة الرسول الا يدل هذا ان المسالة كلها تاليف في تاليف؟
    ايها المثقفون استفيقوا ولا تدعو قيادة الفكر في ايدي الجهلاء والدهماء…

  4. الواقدي صاحب كتب المغازي من الضعفاء عند علماء الحديث اي ان الاخبار التي رواها ضعيفة و هنا يتضح عدم امانة د.محمد مجمود حيث اختار مصادر ضعيفة لوصف الاسلام
    وصف الذهبي الواقدي بانه متفق على ضعفه (قال عنه الذهبي :
    محمد بن عمر بن واقد الأسلمي، مولاهم الواقدي ، المديني ، القاضي ، صاحب التصانيف والمغازي ، العلامة الإمام ، أبو عبد الله ، أحد أوعية العلم على ضَعْفه المتفق عليه. )

    روى عبد الله بن علي بن المديني عن أبيه قال :عند الواقدي عشرون ألف حديث لم أسمع بها، ثم قال لا يروى عنه وضعَّفه.
    ** قال أبو داود السجستاني: أخبرني مع سمع علي بن المديني يقول: روى الواقدي ثلاثين ألف حديث غريب.
    وقال أبو داود: لا أكتب حديثه، ما أشك أنه كان ينقل الحديث، لا ينظر للواقدي في كتاب إلا تبين أمره فيه، روى في فتح اليمن وخبر العنسي أحاديث عن الزهري ليست من حديثه. وكان أحمد لا يذكر عنه كلمة.
    ** قال عنه يحيى بن معين في تاريخه :685 ـ والواقدي : ليس بشىء.
    وعن يحيى بن معين قال: أغرب الواقدي على رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين ألف حديث.
    ** وقال يونس بن عبد الأعلى: قال لي الشافعي : كتب الواقدي كذب.
    ** الدولابي حدثنا معاوية بن صالح قال لي أحمد بن حنبل: الواقدي كذاب .

    وقال أبو بكر الخطيب: كان الواقدي مع ما ذكرناه من سعة علمه ، وكثره حفظه لا يحفظ القرآن

  5. سيادة العقل
    اقتباس :( و أكد الدكتور/ حيدر إبراهيم على أن المعرفة، و التجربة الدينية، أداتها الذوق، و الحدس، و ليس النظر، و العقل. و لكن يصر بعض المتدينين، على أن الدين جله عقلاني، و يمكن إثبات كل القضايا الدينية بواسطة العقل. لذلك هل من الممكن مثلاً، إثبات وجود الله، و بقية الكائنات الميتافيزيقية بشكل موضوعي مستقل عن تصورات البشر بمعطيات العقل الإنساني و حده،) انتهى
    1/ من الذي قال ان الذوق والحدس ، يقعان او يتمان خارج عقل الانسان ؟ كلا هما يتمان بالكامل ، بواسطة عقل الانسان وداخل عقل الانسان .. فكما ان الذوق والحدس في امور الحياة الانسانية والاجتماعية ، لا يعتبران في ذاتهما برهانا على صحة الفكرة المتحققة بواسطتهما ، فإن ذات الشيئ ينطبق على استخدام الذوق والحدس في مجال ـ خرافات ـ الميتافيزيقيا
    2/ عليه فإن الذوق والحدس ، ما هما الا وسائل من وسائل التفكير والبحث العقلي ، ومن ثم تكون نتائجهما ، خاضعة بالكامل في نفيها او اثباتها ، الى البرهان العقلي المنطقي او التجريبي
    3/ وسبب القول بأن الحس والذوق وسائل تقع خارج العقل او موازية له ، هو ان العقل الانساني في قمته الفكرية قد تجاوز الخرافات ، فلم يعد لمن اراد التمسك بها ، الا ان يدعي انها خارج العقل ، وانه من ثم يمتلك وسائل معرفة بديلة للعقل !!! .. فالحقيقة هى ان الخرافات المراد اثباتها او التمسك بها ، بحيلتي الذوق والحدس ، ليست اكبر من العقل .. وإنما هى من الجهالات التي تخطاها تطور العقل او قل الانسان
    4/ هل ما يتم التوصل اليه بالذوق والحدس ، يقع خارج نطاق البرهان ؟ لا ثم لا .. هل هناك برهان يمكن ان يقع خارج العقل ؟ لا ثم لا

  6. إقتباس: “1.الملاحظة المنهجية الأولى حول الكتاب، لعله قد سبقني إليها الدكتور/ عمر القراي، و هي أن الكتاب كما أشار الدكتور/ محمد محمود، يقوم على فرضية أساسية، و هي أن النبوة ظاهرة إنسانية صرفة، و ليست عملية إصطفاء إلهي حر. و كما علمنا من خلال تدريبنا الأكاديمي، حول أصول البحث، فإن جهد الباحث كله في مثل هذه الحالة، يجب أن ينصب على إثبات فرضية البحث الأساسية. لكن كما تبين لي من خلال قراءتي للكتاب، فإن هذه الفرضية لم تختبر من خلال مسار البحث، و إنما وضعت كمسلمة أساسية، و بني الباحث عليها دراسته للسيرة النبوية من خلال جانب إشتغالها على التأريخ البشري.” إنتهى.

    عجيب هذا الكلام!! إنّه المنطق المقلوب عينُه.

    إنّ الثّابت الذى ﻻ يحتاج إلى دليل هو أنّ ما يُسمّى بالنيوّة، هو ظاهرة بشريّة بحتة لكون من عُرفوا باﻷنبياء كانوا “كائنات بشريّة” ﻻ أكثر وﻻ أقل، بكلّ ما للكائن البشرىّ من مزايا وعيوب، وطموحات ذاتيّة وسلطويّة كثيراً ما تتخفّى وراء خطابات “المصلحة العامّة” واﻷخلاق وأنقاذ البشر من الضّلال.

    فيا “أهل بحث العلمىٍّ الأكاديمى”، ماذا تقصدون بما أسميتموه “عملية إصطفاء إلهي”، وهل يمكنكم تقديم تفسير “معقول” لهذه العبارة يستند إلى أسُس البحث العلمى نفسها التى أنتجت من المعارف ما أفاد البشريّة بأكثر بكثير جدّاً ممّا فعلت اﻷديان؟ هذا إن كانت للأديان فائدة على الإطلاق؟

    نعم. ظاهرة النبّوة هى ظاهرة بشريّة تاريخيّة بحتة، وهذا هو الثّابت الذى ﻻ يحتاج إلى دليل. أمّا من يقول بغير ذلك، فهو المُطالب بإبراز الدّليل على عدم بشريّتها وتاريخيّتها، وعلى “اصطفائيّتها الإلهيّة”، وليكن دليلاً علميّا منطقيّا وإلّا أصبخ ممّن يسعون بوعى منهم أو بغير وعى، إلى فرض التّصوّرات والتخيّلات على أنّها حقائق ومُسلّمات، ثمّ الارتكاز على افتراضاتهم تلك لبناء المفاهيم التى تحول بين من يتبنّاها وبين معرفة حقيقيّة ومفيدة تُسهم فى تطوّر وعيِه بنفسِه وبغيره. انتهى رد الأستاذ عمر الدرديري

    رد الأستاذ عمر الدرديري رد وجيه في شطره الأول ومبني على مسلمة قانونية تشريعية عقلية متفق عليها وهي : ( البينة على من ادعى واليمين على من أنكر ) وتقودنا للمرتكز الأساس الذي تناول بموجبة الأستاذ الدكتور حيدر إبراهيم الكتاب ومخالفيه حينما تساءل:( هل من الممكن نقاش الدين و العقيدة بأدوات العلم، و الفلسفة؟؟ فالفلسفة تعتمد على المنهج العقلاني بشكل مطلق، و تسلم بنتائجه حتى النهاية، بينما الدين يعتمد بالإضافة للعقل، على وسائل أخرى غير عقلانية، مثل الحدس، و الذوق.) انتهى
    وهو تساؤل جوهري ومشروع لأن أطروحة الدين كقطعة من الفولاذ لا يمكن للعقل وحده ان يبت أمره فيها ! كما لا يمكن للعقل ان يبت في مقولة جون آدامز حينما قال  لو لم يوجد الدين لكان هذا العالم أفضل ما يمكن ان يكون !!
    الوقت والمكان والحرية المفقودة لا تسمح بأكثر من ذلك فسلطة الوصايا قد قررت ( القراءة بالإنابة ) عنا ! كما ذكرت أنت أخي مختار , وكما أوضحت في تعليقي التالي على الدكتور محمد محمود :
    قال الدكتور الفاضل محمد محمود فيما يتمناه من نشر كتابه :
    ( …وأن يدور النقاش في جو حرّ نرتقي فيه لمستوى احترام الرأي الآخر وإفساح المجال للتعبير الحرّ من غير كبت .) انتهى
    يا أخي أنت بتطلب المستحيل ذاتو ! لم يحدث في تاريخ المسلمين أن دار نقاش حول أصول ومرتكزات الدين بشكل حر وخلاق ! وإلا لما أصبح التناول المغاير للفهم المألوف عن الدين ـ دعك من نقد الدين ـ من تابوهات المجتمع الرئيسية بفضل التدين المؤسسي القائم على زراعة الكبت والإرهاب والتخويف الشديد بدمغ المخالف بالذخيرة الوصفية الجاهزة من قبيل: ( كافر مرتد ملحد زنديق ) والعجيب ان هذا الأسلوب المستخدم من قبل المؤسسة الدينية المتحالفة مع السلطة الزمنية عبر التاريخ والحاضر والجماعات الدينية الأخطبوطية المنتشرة في البلاد بغير هدي ولا كتاب منير . لم تنصر الدين في يوم من الأيام ولن تنصره في الحاضر ولا في المستقبل ولا تتعدى ثمارها دائرة تشويه الدين ! ولو انتبه المهووسين بالدفاع عن الدين بتلك الصورة المتشنجة والرافضة لحق الأخر في إبداء الرأي والاختلاف , لعلموا ان فعلهم هذا يمهد لكنس الدين من حياة الناس جملة وتفصيلا .. فالواقع خطواته أصبحت متسارعة تكشف لعموم الناس .. أصحاب الأوداج المنتفخة بالصراخ في المنابر دفاعا عن الدين وعن ( الله ) وهم أمراء فسقه وقضاة خونة وعلماء كذبة , ويبين كذبهم وقوفهم مع الباطل ليل نهار وعدم مناصرة المستضعفين .. كما تقودهم المصلحة والسلطة والنفوذ وحب التسلط . وأمثال خالد موسى وكل مناصري حركة الإسلام السياسي ينقصهم أول ما ينقصهم الصدق مع النفس ومع الآخرين , يا أخي ديل نظرتهم الاقصائية الاستئصالية حرمتهم من رؤية الآخر الماثل في الوجود دا بلحمه وشحمه دعك عن حقوقه في الحرية !! نحن الآن محرومين من امتلاك وقراءة الكتاب وأصبحنا نترجى في الأصدقاء تلخيصه لنا كما ذكر الصديق مختار احمد ( القراءة بالإنابة ) وهذا هدفهم أزلهم الله!! بالله عليكم في مأساة ممكن تحصل لنا أكبر مما أوقعه علينا هؤلاء العقائديون !؟ يبدو لي أنه لا ينقصنا مؤمنين كغثاء السيل ولا ملحدين كأذناب البقر . كل ما نحتاجه للخروج من هذا المأزق العويص هو فقط: الحرية والصدق .
    شكرا
    محترق القصيم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..