ماذا خسر النظام من تحرير أبكرشولا

بسم الله الرحمن الرحيم

في العام الماضي قدم الف عضو من الحزب الحاكم مذكرة ينقدون فيها سياسيات النظام ويقرون بفشله في أدارة البلاد وعجزه عن محاربة الفساد وضيقه بالحريات وسأم الشعب بالحرب .مما أثار حفيظةالرئيس البشير وجعله ينفث غضبه على فضائية النيل الأزرق ويعاير شباب الاسلاميين من حزبه بعضوية المؤتمر الوطني الحزب الحاكم التي قدرها بخمسة مليون وكان الإمتحان الصعب بإحتلال هجليج من قبل دولة الجنوب فلا يجد النظام غير أربعمائة من الاصلاحيين يسندون القوات المسلحة في تصديها للقوات الغازية وكان الرجاء الاستجابة لمذكرتهم وتجنيب البلاد الكارثة .لكن خاب ظنهم ليتوسع تيارهم الاصلاحي ويشمل المجاهدين في الشعبي والرصيف (مصطلح يطلق على غير الشعبيين والوطنيين من الاسلاميين) فيما عرف بمبادرة السائحون التي مثلت أشواق الإسلاميين في الوحدة والاصلاح بعد يأسهم من الاصلاح من داخل المؤسسات .
لتستولي الجبهة الثورية على مدينة أبكرشولا وتدخل العمق حتى أم روابة والسميح .ولأول مرة يتحسس السودانيون الخطر تحت أرجلهم فبعد إتساع رقعة الحرب من دارفور الي كردفان والنيل الأزرق أصبخ بالإمكان أن تكون الخرطوم ميداناً للحرب ولا يفصلها عن ذلك غير ساعات من تمركز قوات الجبهة الثورية . فعجز القوات العسكرية الحكومية من عرقلة حركة عربات الدفع الرباعي المحملة بالمدافع الرشاشة في طريقها لاحتلال أي مدينة في الوسط عزز شعور المواطنين بالحوجة لتأمين مناطقهم بأنفسهم خشية حماقات المقاتلين وغبنهم خصوصاً تجاه منسوبي الحزب الحاكم الذين إنتابهم هذا الشعور أكثر من غيرهم .كما زاد مخاوف قوى الاجماع الوطني المعارضة من الفوضي التي تعقب إسقاط النظام بالقوة المسلحة مما جعلها تسابق الزمن لتقوم بالثورة الشعبية السلمية لتغيير النظام .فتحرير أبكرشولا حسب رواية النظام الغير مدعومة بإحصاءات الغنائم والقتلى والأسرى مما يجعل رواية الجبهة الثورية بإنسحابها من المنطقة أقرب للحقيقة .أفقد المواطنين الثقة في الحكومة وترتيباتهاالأمنية.
هذا المشهد تمثل في عدة أحداث مرت علينا في الأيام الماضية فبعد استقبال المواطنون لخبر تحرير أبكرشولا بفتور وعجز النظام عن حشود إحتفالية يظهر بها ثقله في الشارع .وتفجر الأوضاع في الشرق إثر تصريحات الوزير أسامة عبدالله السالبة بشأن مياه بوسودان ومشروع توصيلها من النيل .كما تعودت الحكومة من تسلل قراراتها الصعبة بين يدي فرحة الشعب وانتصاراته ولكن هذه المرة لم تسلم الجرة فتفجر الوضع في الولاية الشرقية للحد الذي أعلن فيه التمرد على المركز من داخل أجهزة النظام هناك في سابقة متوقع تكرارها في الولايات المتأزمة رغم أن ولاية البحر الأحمر أول من تقدم دعمها لأبكرشولا ولكن لم تكن فرحتها بالقدر الذي يمكن من بلع تصريحات وزير السدود.
والحدث الثاني مخاطبة قيادات سياسية محلية لتجمع شباب المناصير في ولاية نهر النيل محلية البحيرة وعزمهم طرد المعتمد ومطالبة نواب المجلس المحلي بالاستقالة والزام منسوبي المؤتمر الوطني إن أصروا على مولاة النظام بمغادرة المناصير .وإن أضطروا الى قفل المنطقة بالسلاح بعد طرد الحكومة من المحلية. فإستجاب نصف النواب وقدموا استقالاتهم في الحال وطلب المعتمد صحبة وفد الى الوالى في الدامر ليخبره رفض أهله له لأن الوالي هو من عينه وقدم رجاء بعدم حظر الحزب الحاكم في المحلية حتى لا يدخل المناصير في مواجهة مع الحكومة .ولم يتوانى جهاز الأمن من إعتقال قادة ثورة ربيع المناصير وترحيلهم الى عطبرة ثم الخرطوم.
أما الشاهد الأخير هو حجز طوف التموين والوقود المتجه الى دارفور في الضعين واستيلاء قوات مناوي على ثلاثة عشر شاحنة هي مقدمته لتزيد معاناة دارفور بنقص الغذاء وغلاء الأسعار.وتظهر حالة الظهور الذهني التي يعاني منها النظام.
فإنشغال الحكومة بتحرير أبكرشولا أظهر ثقرات سياسية ،بتمرد ولاية البحر الأحمر تحت قبة المجلس التشريعي وطرد ولاية نهر النيل مسقط رأس البشير لحزب الحكومة أما مهرجان تنصيب أمير الهوسا في كسلا وحشد الملايين من كل ولايات السودان فهو قاصمة الظهر لمؤسسات الدولة الحديثة بإلتجاء الناس الى قبائلهم بحثاً عن الحماية والسند لإحساسهم بضعف مؤسسات الدولة.وخسرت الحكومة إقتصادياً بتوجيه موارد الدولة للحرب فتأخرت المرتبات وإرتفعت الأسعار .فتشتيت مقاتلى الجبهة الثورية في خلاء كردفان وصحاري دارفور وخيران النيل الأزرق أثر سلباً على إنسياب السلع وحد من التجارة وهذا بالقطع يثير الشعب .
أما الأثر النفسي البالغ الذي ترك عند أعوان النظام وعضوية المؤتمر الوطني في المناطق المتأزمة بأنهم أهداف مباشرة للمتمردين بينما رأس النظام ينعم بالأمن خلف حصونه في الخرطوم ربما يفكرون في طرق حماية أنفسهم بعيداً عن حسابات المركز وقراراته وربما يتجاوزون التهديد بالانفصال من داخل مؤسسات الدولة كما في حالة بورسودان الى الوصول الى تفاهمات وعقد إتفاقيات مع الثائرين المحليين والنجاة برقابهم من الذبح .ولهذا أشار موسى هلال في لقاء صحفي يتهم والي ومعتمدين من دارفور بالتنسيق مع الحركات المسلحة ولهذا سيجد النظام نفسه في صراع مؤسسي مع أقاليم الهامش لن تجدي فيه ريالات قطر في دارفور ولا دنانير الكويت في الشرق ولن تنقذ الموقف قوات الأمم المتحدة في كردفان.
م.إسماعيل فرج الله
8يونيو2013م
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. سبق وأن تداخلت على هذه الصحيفة الغراء اليوم وقلت بالفم المليان بأن نظام البشير غير قادر على الاستمرار في السلطة لعام آخر بعد أن تكاثرت عليه الأزمات والمحن التي خلقها من أجل السيطرة على البلاد خدمة لنظام الأخوان المسلمين العالمي الذي يصدر إليه القرارات من الخارج في تناقض واضح من مصالح الشعب السوداني. وها هو الآن يفتعل مشكلة جديدة مع دولة السودان الجنوبي من خلال قراره الذي أعلن للتو بوقف تصدير بترول الجنوب إلى الأسواق الدولية ما سيجر عليه حرباً ضروساً لن يقدر على صد شرورها وإن اعتصم بإيران أو غيرها من دول المحور التي يدور في فلكها. لقد فقد النظام السيطرة على الأمور في الداخل فليذهب إلى مزبلة التاريخ قريباً جداً جداً

  2. (لتستولي الجبهة الثورية على مدينة أبكرشولا وتدخل العمق حتى أم روابة والسميح .ولأول مرة يتحسس السودانيون الخطر تحت أرجلهم ) يا أستاذ اختار كلماتك بحرص يعني الناس العانوا من الحرب طيلة السنوات الماضية دي ما كانوا سودانيين و النازحين بالآلاف ديل ما كانوا سودانيين و ديل مش تحسسوا الخطر تحت أرجلهم بس ديل ما تعتبره مجرد خطر اصبح جزء من حياتهم و الظاهر نحنا جلدنا بقا تخين لدرجة عدم الإحساس و لا حتي التعاطف مع معاناة بعضنا البعض و نحتاج لضربة قوية مباشرة عشان نفوق و نعرف ان السيل سيجرف الكل و ما تراه يحدث بعيدا لابد مدركك و سيغمر الجميع و لن يبقي في الأرجل فقط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..