أطياف الماضي

لكلٍ مِنا تاريخُ وإرثُ مِن ذِكريات تلوحُ له بين الفينةَ والُأخرى ساكبةً بعضاً مِن عبقٍ قديم على صفحة الحاضر، هي جزءُ لا يتجزأ من شخصية الإنسان لما لها من دور في تشكيل حاضره ورسم خارطته بوضوح، فالبعضُ مِنا يحملُ رفاتٍ مِن ذكرياتٍ ثقيلة، أحزانُ وآلام ونكبات يتمنى لو يدفنها ويحرقها بنيران النسيان إلى الأبد، ولكنها ما تفتأ تعود لتمد ألسنتها وتلوّح بما مضى من سالفِ أوان، والبعضُ الآخر يحملُ ذكريات مُفتخراً بها ويظلُ حبيساً لسطوتها رهيناً لها لدرجة أنه يكتفى بما قدمه ولا ينجز في حاضره شيئاً.
تمُرُ علينا الكثيرُ من الأحداث والتجارب نتمنى لو تُمحي من تاريخ ذكرياتنا، ونبذل أقصى الجهود لنخرج منها بأقل الخسائر والتأثيرات فيأتي أحد ما لينبش قبرها ويُخرج جثتها المُتحللة لتُزكم أُنوفنا وتُعيد لنا حسراتٍ ولسعات، فنعود في لحظات إلى تِلك الحِقبة وننسف كل مجهوداتنا السابقة لتغطية أثار الماضي السيئ.
حاضر الإنسان يُبنى على ماضيه ولكن هذا لا يعني أبداً أن يظل الإنسان حبيساً لأخطاء إقترفها في الماضى لأن الله يقبل التوبة ويُبدّل السيئات بالحسنات إذا صدقت توبة المرء و إستوفت شروطها، ولكن للبشر حُكمُ آخر إذ أن لهم ميزاناً دقيقاً وحساباً عسيراً يضعون فيه بعضهم البعض دون شفقةً ولا رحمة ناسين أو مُتناسين أن الله الذى خلقهم يقبل التوبة ويمحو الخطايا.
التخلص مِن ماضٍ سيئ ليس بالأمر السهل خاصةً أن جميع الظروف تتكالب طواعيةً لتُخرجها من جُبها لترى النور مرةً أُخرى وكأن الإنسان كومةً من تاريخ لا يصلح أن يُقرأ ألا مِن خلال سطوره ولا تقوم له قائمة إلا إستناداً على أحداث وتجارب حياته السابقة، بل وأحياناً كثيرة يتم الحكم على الشخصيات بماضي آبائهم وقبائلهم وربما أوطانهم، فنضع الإنسان فى موضع مندوبٍ لماضٍ لا ذنب له فيه ولا فضل له عليه.
همسة: التحيةُ لعُمالِ بلادي الذين يعملونَ في ظروفِ عملٍ سيئةٍ وفي بيئةٍ عملِ غيرَ آمنه بمقابلٍ لا يكفيهم حتى سدَّ الرمق، لكل الذين يعتمدون على طاقتهم ومجهودِهم البدني بشكل أساسي فى أعمالهم.
أنتم من تبنون الحضارات وتقوم على عواتقكم الأمم، أمثالكم هم من بنو الأهرامات وشيدو سد بابل وبنو سور الصين العظيم، نعم أمثالكم في كل العصور هم من حملو بإيديهم لبِنات التقدم والحضارة ووضعوها بأيديهم بين صفحات التاريخ الذي دثّر ذكراهم و أرخى أستاره على سيرتهم و دوّن فقط العظماء … إنكم أنتم العظماء الذين سقطو سهواً (أو رُبما عمداً) مِن دفاتره ونقرأكم بين سطوره!
همسات- عبير زين (صحيفة الحرة)
[email][email protected][/email]
انتى بتقولى فى شنو