المؤتمر الوطني: الشعب السوداني أذِلاء فوق الأرض أو أموات تحت الأرض.

لاشك أن المتأمل في تطور المشكل السوداني وبالأخص مشكلة أبناء جبال النوية والهامش في جميع الحكومات السابقة في الدولة السودانية لعلم أن تراكم المظالم هي التي أدت الى عدم إستقرارها، فالظلم ليس ضد النوبة فقط، بل كل من لم يكن نصيراً للأجندة الإسلاموعربية التي تم التخطيط لها بدقة منذ الإستقلال. فإنفصال الجنوب والحروبات الحالية في دارفور جبال النوبه والنيل الأزرق كلها نتيجة لهذا المظالم التاريخية. وما إعتراف الرئيس السوداني عمر البشير بظُلم النوبه إلا دليل على ذالك المخطط التدميري الكبير.
فهل يكفي أعتراف هذا الرجل أن يُغفر له ما قد سلف وإدخاله ملكوت السماوات؟ لا أبداً يا البشير أنت لست بغرفة إعترافات كنيسة المسيح السواني. فعليك تقديم إعترافاتك هذا في محكمة العدالة الدولية. فإن كنت تعرف أن الذنوب التي إغترفتها بحق النوبه وجميع شعب الهامش طوال فترة حكمك للسودان فلماذا لاتقوم بخطوة جادة لمعالجة هذا الأخطاء؟ أم أن أجاويدك أضلوك السبيل؟ نعم قد يذنب إنسان وهو غافل عن جُرمه ولكن الذي يأخذه العزة بالإثم فليس بتائب من الذنب. فلسيادتك أن تعلم بأن حكومتك يفتقر الى الشرعية نتيجة لإدانتك بجرائم ضد الأنسانية في المحاكم الدولية مما أدى الى تقييد حركتك وكثير من قيادات حكومتك الإرهابيين. فإعتقادكم الخاطي في إمكانية إستمرار نظامكم الإستبدادي في ظل التقدمية الديمقراطية الحالية والعزلة الدولية المفروضة على نظامكم هذا أدى الى أزمات إقتصادية متزايدة وفشل متكرر في جميع سياسات الدولة والتي لا تلتمس لها الشعب السوداني العذر الكافي لمواصلة نظامكم الفاشي. فعجلة التغيير تمورُ مر السحاب على جميع الأنظمة الإستبدادية، فما عليكم إلا أن تسيروا وتنظروا نهاية أكثر الإستبداديون على مر التاريخ.
فعلى سبيل المثال، أنكر نظام البيض التي حكمت جنوب أفريقيا مبدأ المساواة والحرية، وكانوا يؤمنون بأن هناك تقسيم طبيعي وتمييز طبقي بين البشرية فهي تشبه نظامكم الحالي حيث ترون أن التفاخر بالأنساب شيءٌ محمود وبإسمها أرتكبتم أفزع الجرائم في جبال النوبه ودافور وجنوب السودان. فحكومة جنوب أفريقيا عملت جاهداً لإقامة تنمية صناعية وإستخدام الأيدي العاملة من السود إلا أنها في نفس الوقت منع تقدمهم وتمدنهم وهي في ذالك تشبه الأنظمة السودانية السابقة منذ الإستقلال الى حكومة المؤتمر الوطني الحالي التي وصلت الى أبعد مراحل الغلو والتطرف في سياستها المعادى لنسل حام، إلا أن حكومة جنوب أفريقيا على يد “دي كليرك”حينذاك قد إعترف بأن الوضع الإقتصادي يتطلب تواجد دائم للملايين من الأفارقة في المناطق الحضرية، أما نظام المؤتمر الوطني الحاكم الأن فقد لجأت الى جلب أيدي عاملة من بنغلاديش وبعض الدول الفقيرة لزيادة تهميش الشعب السوداني وحرمانهِ من الكسب الشرعي والعيش الكريم. فالنظام الحالي في أضعف حالاته لأنها فقدت فعاليتها حتى بين مُناصريها، فهي نطام شمولي يعمل على تحطيم المجتمع الشعب السوداني بالكامل بالتحكم الشامل في حياتها اليومية.
فمنذ إستيلاء النظام االحالي للسلطة عام 1989م قام بهجوم منظم على كل مراكز المنافسة القوية في المجتمع السوداني مثل الأحزاب السياسية المعارضة وذالك عن طريق أيديولوجيات مطاطة ومبهمة كمصطلح “التوالي السياسي” كما قاموا بالهجوم على المطابع والإتحادات التجارية عن طريق تغيير العملات لمحاولة سحب العملة من الأثريا والتحكم في الإقتصاد كما لم تسلم المؤسسات الدينية منها. فنظام المؤتمر الوطني نجح الى حد ما في تقسيم المجتمع السوداني الى ذرات أو كائنات دقيقة تنظيمياً ومنهجياً، فالأخوة أصبحت لا تقاس بصلة القرابة بين الأفراد بل عملية مفروضة على المجتمع توافق عليه حزب المؤتمر الوطني، وما دانيال كودي وتابيتا بطرس والتجاني السيسي وغيرهم إلا دليلاً على إحلال علاقة القرابة بعلاقات أخرى. حتى الشعب السوداني ككل يبدوا أنها قد فقدت الرابطة الوثقى التي تربط بين مواطنيها كالإنتماء المباشر الى بلد واحد عن طريق المواطنة ودستورها الموحد. فسياسات نظام المؤتمر الوطني منذ توليهم للسلطة لم تهدف الى حرمان الإنسان السوداني من الحرية، بل تحويله إلى مواطن يخشى الحرية ويخاف منها وأن يقتنع بصلاح جلاّدهِا وسجّانهِا وطغاتهِا بالرغم من الوحشية التي يتعرض لها، فبهذا السياسة تمكنوا من تحويل غالبية الشعب السوداني الى مجموعة من الرقيق يعبدون القهر والإرهاب وإلا فلماذا لايخرجون في ثورة جماهيرية مليونية لإقتلاع هذا نظام المؤتمر الوطني من جزورها، فالنظام في الوقت الراهن يعاني من سكرات الموت وفي حالة إحتضار الى دار قراره.
أحمد شميلا
سدني – أستراليا