أخبار السودان

حمدي .. قصة رجل مستاء

حمدي .. قصة رجل مستاء

الطاهر ساتي

** رب صدفة خير من ألف رصد ، وليس موعد .. نعم ، جئت بالحاسوب مساء البارحة ليساعدني عم قوقل – جزاه الله خيرا – في البحث عن معلومة ذات صلة بالصناعة في بلادي ، بيد أن خطى حظي تعثرت في حديث غريب تحدث به الدكتور عبد الرحيم حمدي – للصحافة – عن الصناعة ذاتها ، حيث بكاها ولم يكتف بالبكاء عليها فحسب ، بل تعهد ساخرا بإقامة مراسم تشييع تليق بعظمة تلك المرحومة ( الصناعة السودانية )..هكذا يسخر حمدي – بلا حياء – من الحال الصناعي للبلاد ..!!

** وبالمناسبة ، منذ زمن ليس ببعيد – فجأة كدة – تغيرت نبرة حمدي تجاه الواقع الاقتصادي بشكل عام ، بحيث هي إما نبرة ساخطة على هذا الواقع أو أخرى شامتة وساخرة كما النموذج الواضح أعلاه. هكذا صار لسان حال مهندس الاقتصاد السوداني .. وليس في الأمر عجب ، هكذا هم جميعا ، يتبادلون الغزل فيما بينهم ويزعجون به آذان الناس حين يرتعون في مطابخ السلطة ويرضعون من ثدي مزاياها ، ثم يقلب بعضهم لبعض ظهر المجن حين يخرجهم القدر من تلك المطابخ ، ونهج حمدي ليس باستثناء ، وما هو إلا جزء من كل النهج الذي قال ذات يوم : البشير هبة الله على أهل السودان حافظوا عليه ، ثم يقول اليوم : البشير عسكري شمولي فليذهب إلى لاهاي .. ومؤسف جدا أن يتحدث المرء في الشأن العام بموطئ قدمه ، وليس باستقامة فكره .. !!

** وللأسف ، نبرة حمدي الحديثة ، أي موديل 2010 ، ما هي إلا نبرة حق عام مراد بها البحث عن موطئ قدم خاصة في سوح مطابخ السلطة.. وما لم يكن كذلك ، لاستاء حمدي على الحال الاقتصادي قبل عقد ونصفه ، وليس فقط منذ نصف عام ، وكأنه حل ضيفا على البلاد واقتصادها مؤخرا ، لينتقد ويشمت و..( يستاء )!!

** لم يستاء حمدي عندما اصطلت أسرنا الكريمة بنار سياسته الحارقة والمسماة بالخصخصة والتي لم تتجاوز إلى يومنا هذا محطة التخصيص ، وشتان ما بين الخصخصة والتخصيص ، ولكن حمدي كان يظن أن الناس في بلدي لايميزون بين سياسة حرة تفتح أسواق البلاد لكل مقتدر، وأخرى غير تلك تخص أسواق البلاد لكل محتكر أو ذي نفوذ .. ولم يستاء عندما أحال نهجه السياسي الخاص كفاءات بلادي وخبراتها ، بين ليلة وضحاها ، إلى الشارع العام تحت مسمى الصالح العام ، ولم يكن كذلك ، حيث العامة لم تجن من تلك الإحالة غير الحرمان والضغائن ، ولم تحصد كما حصد حمدي – أسهما في شهامة ولا شركة طيران ولا إذاعة ولا مصرف ولا حمدي الاستشارية ..!!

** نعم ، لم يستاء في حال كما ذاك الذي أصاب بسطاء بلادي وضعفائها ، لأن سيادته ثم آل بيته كانوا خارج دائرة الفقر والتشريد وضنك الحياة الذي أخرج حرائر بلادي من بيوتهن ليحترفن بيع الشاي والأطعمة في الأسواق والطرقات ، تحت هراوات المحليات وشرطتها ، بمعدل لم تشهده البلاد إلى في عهد حمدي .. ذاك العهد ذات السياسات غير الإنسانية ، كان جديرا باستياء حمدي ومستحقا لشماتته ، ولكنه لم يفعل هذا ولاذاك ، لأن عقله الذي أنتج تلك الأفعال ثم يده التي بصمت على تنفيذها بغير رحمة كانا في بهو السلطة البارد .. ولقد صدق حكيم في شعبنا حين قال قديما : ( اليدو في الموية ما زي اليدو في النار ) .. وإن لم يكن محض توجس أسرة ذات ليلة ، بعد أن فقد راعيها وظيفته نهارا ، نارا ، فما النار ..؟.. و.. المهم ، كثيرون هم الذين يحق لهم رفع الصوت المستنكر والشاجب – بالحق أو بالباطل – لما آل إليه الحال العام ، صناعيا كان أوزراعيا أو غيرهما ، ولكن عبد الرحيم حمدي يجب ألا يلتحق بهذا الركب المستنكر والشاجب .. ولذلك ، أكرموه بوزارة أو بشهامة أخرى ، لكي لايزاحم العامة في استنكارها وشجبها ..!!

صحيفة الحقيقة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..