طيور الجنة عِندنا؟ لا مرحباً لا مرحبا!

لا نستطيع أن نُنكر السيطرة التامة لقناة طيور الجنة على بيوتنا و غرام أطفالنا الشديد بها وبأناشيدها المُغناة عبر أصوات طفولية بريئة، فبيوتنا تصبح على (ماما جابت بيبي) و (بابا جاب لي بلون) وتُمسي على (الحلو صار يحبي) و (عامر أبداً مو شاطر)، و لا نستطيع أيضاً أن نُنكر الرسالة المُضمنة التي تحملها بعضُ الكلماتِ المُعدة خصيصاً لتدُس حكمة (ما) لأطفالنا ولكن! لا نستطيع أيضاً أن نغضَ الطرف عن الإستلاب الثقافي الذى يتلبس أطفالنا وتشويش اللهجة الشامية بوضوح على مخارج لغتهم مما يُهدد اللغة السودانية الدارجة بالإندثار فى الجيل القادم بفعل ثأثير مثل هذه القنوات ولأننا لا نملك البديل المُقنِع فإننا مُجبرين على التعامل معها كواقع مُسلّم بِه.

ومع محاولاتنا الفاشلة لدرء آثار تسلل طيور الجنة من نوافذ شاشاتنا فوجئنا أنها تدخل إلينا من بابٍ مفتوح على مصرعية، وعند الإعلان عن أول حفل للفرقة قامت حربُ ضروس فى البيوت السودانية فكل الأطفال يطالبون أسرهم بشراء تذاكر الحفل الذي كان حينها بأسعار أقرب إلى المبالغه! وقد مارس المتعهدون إبتزازاً عاطفياً على الأسر من خلال أطفالهم الذين يتوقون لرؤية من داعبو آذانهم ومشاعرهم بالأناشيد طيلة النهار والمساء.

ليست المشكلة التى صاحبت الحفل السابق فى ثمن التذاكر الباهظ فقط ،إذ بلغت التذاكر حسب التصنيفات كالآتي:

· طاولة VIP لخمسة أشخاص: ألف جنيه.

· كراسي أمامية: مائة جنيه للفرد (لا تُفرق بين كبير وصغير).

· كراسي وسط: خمسون جنيه (للكبير والصغير).

· مدرجات خلفية: ثلاثون جنيه (للكبير والصغير).

إذ لم تنحصر مشكلة الحفل فى سعر التذاكر التى (قدت الجيوب) فحسب، بل فى سوء التنظيم الذي صاحب الفعالية في حد ذاتها، ففي وجود كمية كبيرة جداً من الحضور معظمهم أطفال فى إستاد يسع الآلاف مع منصة صغيرة للعرض، والتصرف الأقبح من الذنب أن الأناشيد كانت مسجلة وليست (Live) فصوت المسجل يصدح بالأناشيد ولا يقوم عضو الفرقة سوى بتحريك شفتيه فى مُحاكاة للصوت المُسجل مُسبقاً وقد يصل الصوت عبر مكبراته الى الحضور وقد لا يصل إلى الأغلبيه! هذا بالإضافة إلى زحمة السير وأزمة المواصلات في تلك الليلة التي تسبب فيها الحفل غير المدروس، زد على ذلك أن الكثيرون قاموا بشراء التذاكر (الباهظة) ولم يتمكنوا من حضور الحفل الذى حوّل بعض البيوت إلى مسرحيات باكية إثر إحتجاج الأطفال على عدم التمكُّن الحضور.

عودة فرقة طيور الجنة لإقامة حفل فى السودان مرةً أُخرى مرفوضة تماماً، حتى وإن حاول المنظمون تلافي الأخطاء التنظيمية السابقة، بل حتى و إن ذهبوا إلى الأطفال فى رياضهم ومدراسهم مجاناً! يكفينا ما حدث من تسلل الطيور ويكفيهم التحليق من خلف الشاشات.
همسة:
إذا كُنا بشبرِ الماءِ نغرقُ رُغم خِبرتنا
وأصغرُ ما يمُرُ بِنا يُعكِرُ بحرِ رِحلتنا
لنطوي خلفنا الأوراقَ نوقفُ سردُ قِصتنا

(الشاعر الإماراتي كريم معتوق)

همسات عبير زين- صحيفة الحُرة‎
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ياعبير الزين صباح الخير
    اخالفك الرأي تماماً في أمر طيور الجنة فلو كان عندنا ثقافة محلية لما غزت الطيور ديارنا وبالله راجعي دفتر الاناشيد الاطفالية شوفي في حاجة طلعت بعد الاناشيد الاتربيتي عليها انتي وانا وغيرنا من جيلنا؟؟؟!!!!!!
    ولو كان عندنا مكان مجهز بصورة كويسة بتقنيات صوتية عالية لاستمتع الحضور في الحفلات السابقة
    الشئ الوحيد الااتفق معك فيه هو ارتفاع اسعار التذاكر بالنسبة للمواطن السوداني علما بانها اقل اسعار تذاكر بيعت في الوطن العربي (عدا الاردن موطن الطيور الاصلي) والسبب برضو يرجع لتدهور اقتصادنا…
    اخيراً لا نملك الا ان نقول شكراً للطيور ومن يقف خلفهم لمحاولة غرس الصفات الحميده في ابنائنا ونقول لهم شكراً مليون مرة لانهم ابعدوا ولو جزء قليل جدا من النشء عن القنوات السيئة والسيئة للغاية التي تبث السموم (عنف والفــاظ سيئة واخلاق رديئة وتحديدا اقصد Space toon, Space power, CN cartoon, المسلسلات المفروض انها أطفالية ومدبلجة ) في الاطفال واخص بالشكر ايضاً قناة الجزيرة للاطفال الى حد ما
    شكراً ليك عبير الزين لانك لديتينا المجال لنتكلم عن موضوع القنوات الاطفالية

  2. تتحدث عن الإستلاب والعاميه السودانيه وتجي في النهايه تقولي كريم معتوق………….انتي ذاتك مستلبه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..