الميرف

كعادة الاخ الهادي ، والذي تعرفه كل امدرمان كان حاضرا في مأتم الوالد خضر بدري. وحكي انه كان يحضر في اوقات محددة ليأخذ مالا معلوما لاسرة امدرمانية وتوقف عندما عين ابنهم مهندسا . وعمل الهادي كان عادة امدرانية قديمة
مارسها الكثيرون .وكان بعض رجال امدرمكان يقوم بزيارة كل المرضي في المستشفي ومنهم احمد داؤود وعبد الكريم بدري وخضر بدري
الدكتور ابراهيم بدري اضاف حجارة ملونة لركائز بابه الخارجي . وعندما شاهدها خضر بدري ، احضر معدات المسح . واعلن ان ابراهيم قد اخذ بوصة ونصف من الشارع بدون حق . ولم يشفع قول ابراهيم ان بعض اهل العباسية قد اخذوا مترين . وعملوا مصاطب ونجيل . وازيلت الحجارة من البوابة.
دكتوركمال ابراهيم بدري رجع للسودان في السبعينات ، واجري تصليحات في منزله في العباسية . وطالب المقاول ب 710 جنيها . وكما اورد ت في كتاب حكاوي امدرمكان فان المقاول قبل ب650 جنية . لانه يحتاج للكاش . واصر كمال علي تحكيم مهندس . وتردد المقاول ، ولكن عندما عرف ان المهندس هوخضر بدري ، وافق بدون تردد . تقديرات خضر بدري كانت 900 جنيه . وعندما قال كمال بانه يقبل ب ال 710 . كان الرد ده حرام . لان كمال طالب بتحكيم وعليه ان يلتزم . المقاول كان ابن ناس وقبل ب 710 جنيها.

انها السنة العاشرة ، منذ انتقال خضر بدري الي جوار ربه. اعيد نشر الموضوع . لان ما يحدث اليوم يجعل هذا الكلام غير مصدق

قبل ايام غادرنا خضر بدري وفي عمر تعدي التسعة وتسعين سنة. من الغير مناسب، الكتابه وتمجيد الاقرباء. الا ان خضر بدري حاله خاصة جدا وهو غير معروف لانه اراد ان يكون غير معروف . وبالرغم انه كان حاضر البديهة حتي اخر ايامه الا انه رفض ان يتكلم عن الاخرين. اما الكلام عن نفسه كان من المحرمات بالنسبة له, وفي سنه 88 تمكنت ان احصل علي بعض المعلومات عن سيرته الذاتيه من د. بابكر علي بدري و د. عزيز محمد مالك وجزاهم الله خيرا.

خضــر بدري ولد سنه 1904 في مدينه رفاعـه ودرس في كتاب رفاعه الذي اسسه اخوه بابكر عام 1903 ثم تخرج من كلية غردون كمهندس معماري واختير في الكليه كرئيسا للروساء ومنح ميداليه الطالب المثالي وتخرج بامتياز من الكليه مما اتاح له ان يعمل كمدرس مساعد في نفس الكليه وتخرج علي يديه كثيرا من المهندسين السودانيين وكان زميلا للمهندس والسياسي المعروف ابراهيم احمد.

خضــر بــدري شارك في الاعداد المسحي والتنفيذي لكبري النيل الابيض بين امدرمان والخرطوم . وتصميم وتشيد مباني كلية الطب (كتشنر سابقا) ومعمل استاك ( المعمل القومي حاضرا) . وعند تاسيس مدرسة الزراعة العليا (كلية الزراعة الان) كان احد موسيسيها وعمل فيها كاستاذ للهندسه الزراعيه وفي الاربعينات ابتعث لانجلترا للدراسات العليا وتسنت له فرصة المشاركه في اعمال المسح الهندسي لمطار هيثرو المعروف في لندن وبعد عودته اختير رئيسا لشعبة الهندسة في كلية الزراعه لكي يتوج حياته الاكاديميه التي بداءها كالطالب الاول في كل مدارس السودان الابتدائيه في ذلك الوقت.

خضــر بــدري شيد معهد بخت الرضا ومدارس الاحفاد في شارع الموردة ثم مباني العرضه متبرعا لوجه الله تعالي ونفذ وصمم كثير من مساجد امدرمان منها مسجد الامام عبد الرحمن المهدي في ودنباوي وجامع بابكر بــدري في الشيخ دفع الله ومنازل اغلب الاهل والاصدقاء مثل محمد علي شــوقي, ابراهيم بدري , الشيخ عبد الله البنا في ود البنا كما اسس كثير من مدارس السودان .

خضر بدري كان متجردا لم يكن له قصرا وكان يتواجد مع اخيه عبد الكريم بــدري ولم تكن له سيارة وتجده مع شقيقه عبد الكريم في كل المأتم يسعد عندما يطلب منه الاخرون اي خدمه , شاهدته مغبرا نازلا من بص ام بده في احدي المرات حاملا معداته قادما من ام بده ليقوم بمساعدة احد معارفه متطوعا في بناء منزل كعادته يعود اغلب المرضي ويحضر مع شقيقه عبد الكريم بــدري المشهور بالعم كل المناسبات حيث كانا يقومان بدور الماذون والحانوتي تطوعا ويحضرا قبل كثير من اهل الميت وكانا متدينان بدون تشدد. وخضر بدري لم يدخن او يشرب الخمر ولم يرفع صوته او يحتد مع اي انسان ولم يختلف مع اي بشر مهما صغر او كبر عمره . وهكذا كان اغلب اهل الســودان قديما.

في سنه 1985 جاءني صديقي الدكتور عادل صغـــيرون مصحوبا بسويدي وهو خبير في الامم المتحده والسويدي كان علي وشك الزواج من ابنة شقيق بابكر عوض الله رئيس وزراء حكومة نمـيري الاولي .و كان السويدي بصدد ان يشهر اسلامه . ويحتاج لشخص يعلمه قواعد الدين الاسلامي فاخذته الي عمي محمد بدري الذي قال لي (ده شئ بدخل الجنه اذا في زول في السودان ده بستاهل الاجر ده فهو جدك خضــر بــدري) ولقد ساعدت سهولة ومعقولية خضر بدري في جعل السويدي يستوعب الدين الاسلامي.

خضر بدري لم يطلب اي شئ من الدنيا وبالرغم من انه لم يرزق اطفالا الي انه كان يعتبر ابناء شقيقه عبد الكريم بدري وكل اطفال ام درمان اطفاله. قبل سنتين كان د.ابراهيم عبد الكريم بدري يدير مستشفي بن ســيناء بدون اجر وعندما استغرب البعض قلت لهم (ده رباه خضر بدري).

رحم الله خضــر بدري لانه كان متواضعا متجردا بسيطا في ملبسه وفي ماكله لو اراد لكان ملاء السمع والبصر الا انه فضل ان يترك الاخرين يتبواون المناصب السياسيه والاداريه يجعجعون ويدعون معرفة كل شئ وانهم خدموا البلاد والعباد.

أم جركـــــــم مـــــا بتاكــــــل خريفيـــــــن

والشطـــــاره مــاهـــا حمـــره عيــن
لكــــن سنـــدة المسكيــــــــــن
ومســـــــك الجرايــــــه بالايـــديــــــن
ده العرفــــــه أبــونــا الخــــدر
الكــــــان بشيــــــــل ومــــا بنفــــــــزر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مــــاك هـاتـار ومـــــاك مكــــــــار

ولا يـــــومـــاَ عــــرفتــا غَـــــــــــدِر
يـــــا مهنـــدس العِفــــــه والأخلاق

ويشهــــد الكبري البــودي أمـــــدر
بنيــت البيــــــوت والســــــرايــات
وانــــت السكنتـــــــا جُــحــــــر
مــــاك متيـــــــــق ولا دفيـــــــــق
يـــــــا تبــــــــر البـــــــراري الحُـــر
كـــــان ســـنيــق أو لـــــــويــــق
أنــــــت البتقضــــــي كـــــل أمـــــر
قـــومـــت العمــــارات والمطــــــار
فــــي البــــــلد الكــلامــا كُـــــتُر
وكــــت جخ الــــرجـــال بتسكــــــت

انـــت الدفعتــــــه عمــــــــــــــــر
ولمـــــا النــــــــاس تفـــــركـــــــــش
انــــت الميـــــرف البلــم بعد الضَـفِــــر
منــــو الفــــي امــدر مــــــــرض
ومـــا زاروا عبد الكـــريم وخـــــــدر
وكـــل مـــا نرجـــع البقعــــه
تنسينـــــــــا الــــــوداع المُـــــــــــــــر
وابـــداً مــــا اشتكيـــــــــت
وعلمتـــــــــا الصبــــــر يصبـــــــــــر
وأدبــــــــــك يـــــــــــا الحبيــــب
أسلـــــــــــــم اللكـــــانوا كُـــفُـــــــــــر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شــــوقـــي بـــدري…….

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. حقو يا استاذ شوقي بدري تخليك من حكاية الشعر دي لانها ما ماشة … وتنقص من رصيد كتاباتك الرائعة جداً

  2. التحية والتجلة، للأخ الأكبر والقاص – الحكّاااااااي – الأستاذ/ شوقي بدري
    متعك الله بالصحة والعافية
    الكتابة عن المغفور له بإذن الله أعتبرها من أوجب الواجبات، ليس لصلة القربى ولكن لإبراز دوره الريادي العظيم في كل شيء، فشخصيته مثل يحتذى به، فهو بحق قدوة لكل إداريينا ومسؤولينا، وأراه عيباً كبيراً في إعلاميينا ومؤرخينا وكتابنا الذين أغفلوا مثل هذه السيرة العطرة ولم يبرزوها للعلن – بدلاً عما شغلونا به من بطولات زائفة لناس زعيط وميط.
    فأمثال هذا العلم يفترض وعلى أقل تقدير أن تسمى أحياء وشوارع باسمه الطاهر حفظاً وصوناً لآثار قدميه التي جابت وطافت مناحي متعددة في العاصمة طولاً وعرضاً في خدمة المواطن ورفعته
    ألف رحمة تتنزل عليه، وربنا يجعل البركة فيكم وفي آلكم أجمعين وإلى يوم الدين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..