رياح التسلط الديني تعصف بدساتير الربيع العربي

دور الدين وحقوق المرأة والأقليات تمثل اختبارات لشعوب ثارت على الاستبداد لكنها تواجه السقوط في فخ يضم أنواعا أخرى من الاستبداد.

برايتون (بريطانيا) – عماد عمر

بين ما هو ديني وما هو مدني

قال خبراء وناشطون السبت ان الصدام بين القانون الديني وانظمة العدالة المدنية ليست مشكلة قاصرة على العالم العربي والاسلامي لكن التوفيق ممكن في حين يبحث العديد من دول الربيع العربي كتابة دساتير جديدة او تعديل الدساتير الحالية.

وقالت سوزان وليامز استاذة القانون ومدير مركز الديمقراطية الدستورية في كلية مورير للقانون بجامعة انديانا ان مثل هذا الصدام مشكلة عالمية وليست في العالم الاسلامي فقط وان اقليات في اوروبا واميركا تطالب بتفعيل قوانينها الدينية.

واضافت أن الصدام قد يؤدي الى قوانين تمييزية في الاحوال الشخصية والميراث وتعريف جرائم مثل الزنا والعنف المنزلي ووضع قيود على العمل او السفر لكن توجد تجارب من مناطق الصراع للتخفيف من هذا الصدام بين القانون الديني وانظمة العدالة المدنية.

واحتلت المناقشات بشأن دور الدين وحقوق المرأة في الدستور مساحة كبيرة من المناقشات في مؤتمر حقوق المرأة في الدستور في دول الربيع العربي الذي ينظمه المجلس الثقافي البريطاني في الفترة من 24 الى 27 نوفمبر/تشرين الثاني في مركز ونستون هاوس على مقربة من برايتون في جنوب شرق بريطانيا بحضور خبراء ومسؤولين وناشطين من تسع دول في المنطقة.

وتزايد القلق بشأن حماية حقوق المرأة مع صعود تيارات اسلامية بعد انتفاضات الربيع العربي التي اطاحت هذا العام بحكام امضوا عقودا في السلطة في تونس ومصر وليبيا.

وقالت وليامز ان حماية الشريعة لا تمنع حماية المساواة بين المرأة والرجل واشارت الى وجود ادوات في صياغة الدستور يمكن ان تخفف الصدام بين القانون الديني وانظمة العدالة المدنية مثل عدم النص على دين رسمي في الدستور وامكانية جعل الشريعة مصدرا للتشريع وليس مصدر التشريع.

واضافت انه يمكن ايضا وضع معيار للقضاء بأن تتوافق القوانين مع المبادئ الاساسية للشريعة وليس مع تفسير معين لها على ان يكون للمحكمة الدستورية الكلمة الاخيرة.

وقالت ان الدستور يمكن ان يدعم قدرة المرأة على تغيير الانظمة التقليدية من خلال زيادة قدرتها وفرصها في المجتمع مع التأكيد على اهمية الاعتراف بالقادة من النساء سواء من جانب الحكومات او الاعلام.

وقال جوشوا كاستينو رئيس قسم القانون بجامعة ميدلسيكس في لندن ان كتابة او تعديل الدساتير في دول الربيع العربي يواجه ثلاثة تحديات رئيسية وهي دور الدين في الدستور والتعددية فيما يتعلق بالقوانين والهوية بالنسبة للاقليات بالاضافة الى تحديد الهياكل المؤسسية مثل وجود انظمة للحكم الذاتي والمركزية والمشاركة السياسية وتقاسم الايرادات.

واشار الى ان علاقة الدين بالدستور تتخذ اربعة اشكال على مستوى العالم تشمل النص على هوية دينية للدولة (مثل ايرلندا ونيبال وايران) والنص على علمانية الدولة بما يفصل الدين عن الدولة (فرنسا وتركيا) وهناك حالة وسط تؤكد اهمية الدين دون النص صراحة على هوية دينية في الدستور (كندا وباكستان) بالاضافة لحالة الهند وماليزيا التي تمثل استثناء بالنص على علمانية الدولة مع تفسير ذلك بأنه يعني كونها محايدة تجاه الحريات الدينية للجميع.

واشار الى انه في حالة الشرق الاوسط يصعب تعميم نموذج معين بالنظر الى خصوصية اوضاع الطوائف في بعض الدول مثل العراق ولبنان.

ومن جانبها دعت ميسون الدملوجي عضو البرلمان العراقي الى تجنب تجربة الدستور العراقي الذي كتب بعد الاطاحة بنظام صدام حسين في غزو قادته الولايات المتحدة عام 2003 "لانه ركز على التفرقة اكثر مما ركز على الوحدة".

واضافت انه "ليس هناك مكان لمن لا يريد ان ينتمي الى طائفة… يوجد تأكيد مفرط على الهويات الفرعية بدلا من الهوية الوطنية الجامعة.. المواطنة غابت".

وقالت "نتمنى لو لم يفرط الاحتلال (الاميركي) بمؤسسات الجيش والشرطة. كما أن قوانين اجتثاث البعث تحولت الى محاكم تفتيش جعلت الناس يتعاطفون مع البعثيين. نتمنى ان تكون دروسا وعبرا لبناء ديمقراطية حقيقية".

واضافت "الديمقراطية ليست صناديق اقتراع فقط وانما لا بد من احترام الاخر واستقلال القضاء والحفاظ على حقوق الاقليات".

وقالت نهى الزيني مستشارة وزير العدل المصري انه لا تناقض بين الاسلام وكتابة الدساتير فعملية كتابة الدستور لا بد لها من مرتكزات عملية في مقدمتها المرجعية الاسلامية.

واضافت ان التصالح بين الفقه الاسلامي والفقه الدستوري الحديث يجب ان يتم "بشكل توفيقي وليس بشكل تلفيقي".

وقال محمد الحموري استاذ القانون الدستوري بالاردن انه "لا بد من عودة مبدأ تلازم السلطة والمسؤولية في الدساتير العربية بما يتيح محاسبة الحكام لانه في العالم العربي السلطة تلزم المواطنين بالقوانين لكن المواطنين لا يمكنهم الزام السلطات بالقواعد التي تحكمهم.. لابد من الالتزام التبادلي".

ميدل ايست أونلاين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..