حدث في مثل هذا اليوم .. ماذا سرقوا ؟

حدث في مثل هذا اليوم .. ماذا سرقوا ؟

الثلاثون من يونيو 1989.. تذكرونه جيداً؟
فهو همٌ متصلٌ لا يُنسى !
وهاهو يطل عائداً بذكرى وجهه القبيح للمرة الرابعة والعشرين .. وهي سنوات غالية تساقطت كلها من عمر الوطن و بددت أحلام شعبه في أن تقودها خطى الزمن لولا إطلالة ذلك الصباح المشئؤم إلى مصاف الدول التي حضنت أبناءها تحت أجنحتها الحانية لتقيهم زمرير الغربة ورياح الشتات الطويل ولهيب الحروب وجراحات التمزق وذل الجوع وغبن تعدي الأقلية على حقوق الأغلبية دون وجه حق!
لن أنسى تلك اللحظات التي تحجرت فيهشا المشاعر خلف بوابات الحيرة وقد حبسنا فيها الأنفاس ونحن نتحلق أمام المسجد بعد أداء صلاة الجمعة ، والنظرات تتداخل و تتقاطع طارحة أسئلة كثيرة عن القادم الجديد .. البعض تأفف شماتةً في حارس المسروق الذي غفل عن الأمانة .. فسطا عليها شركاؤه الذين كانوا يمشون وراءه خداعاً بالتغامز ويشدون عباءته دون أن يشعر ..فهو مشغولٌ بسماع صوته فقط .. ومنبهرٌ بجمال صورته لا يرى شريكاً يماثله أو مؤهلاً يقاسمه مساحة مرآة المشهد المهشمة!
والبعض منا وضع يمناه على ذقنه هازاً رأسه وهو يردد ..ربنا يستر ..فيما المسبحة تطقطق بأنامل يسراه ولم تدري أن حباتها بدأت تحسب من حينها خصماً على عمر أحلامنا ضياع أربعة وعشرين عاماً بحالها !
صور تتراى اليوم من خلف غلالة الدمع في العيون التي تنعى وطناً سرق .. وتشق ُعتمة تلفُ القلوب حزناً على أحلامٍ لا أدري متى نستعيدها في صباحات أيامنا القادمة التي تتراقص خيالاً وجلاً يبدو قادماً من وراء ضباب المستقبل المطموس القسمات والمتردد الخطوات..ولكنه على علاته ينتظر فقط دعوة من أهل الدارلتجلية ملامح وجهه و شدةً خفيفة على يده ليدخل !
فماذا ننتظر..؟
ألم يحن ..الوقت لنطرد ذلك الشوك المقيم الثقيل في جسد الوطن الدامي .. وقد إتفق حول طول إقامته حتى بعض اللصوص الذين قفزوا به غرسةً ملأت أسوار كرامتنا طعناً وعاثت فساداً في تربة تاريخنا التي كم أنبتت نوراً ..فأحالها نظام الإنقاذ الى مبولة لأفكاره المحتقنة في مثانة تخلفه .. باتت تنبت من ساعتها تسلطاً مهما قويت سيقانه فهو بلا ظلال
تقي أهله حرارة زفراتنا الجائلة في الصدور متى ما تراصت الصفوف.. وشحذنا السواعد لقطع شجراته السامة التي أثارت فينا حكة الحساسية من البقاء في الدياروقد أصبحت في وجودالطغيان طاردة .. فهاجر من هاجر .. ومات من مات.. وظل العاجزون عن إيجاد مخرج منبطحين عنده على فروة اليأس وقد أهداها لهم مشروع السنين الأجدب مسلوخة من جلودهم بسكاكين ظلمه التي أعملت حدها المتنطع في بقايا الارواح المحتمية تشبثا بعظام يعوزها اللحم !
***
كُتل الجحيم الجايلة..
في صدرك صنوف..
كاتماها ..مالك يا هواى..
ما الآهة بتجيب البعيد..
والزفرة بترص الصفوف..
***
شافوكي يا نبض القوب..
مصلوبة في ليل الشتاء..
ومطعونة ..مابين الكتوف ..
ما قالوا يوم جفنك رجف..
ولا قلبك اتولاهُ خوف..
***
وأنا في صحاري ضياعي..
زى شتلة مستني الخريف..
أطراف جروحي الباكية ..
أعياها… النزيف ..
مشتاقة.. تلثم ..
جرحك الشاكي الظروف..
***

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. و بددت أحلام شعبه في أن تقودها خطى الزمن لولا إطلالة ذلك الصباح المشئؤم إلى مصاف الدول التي حضنت أبناءها تحت أجنحتها الحانية لتقيهم زمرير الغربة ورياح الشتات الطويل ولهيب الحروب وجراحات التمزق وذل الجوع وغبن تعدي الأقلية على حقوق الأغلبية دون وجه حق!
    نعم انا نوبي المنشأ والميلاد اتلصص خفية في دهاليز لغة الضاد بحسب اني تعودت ان اعبر عن مكنوناتي ولو كنت من الذين يقدمون الصفة قبل الموصوف الاستاذ البرقاوي اخشى التعليق عن مداد كلماته الرصينة المنمقة التي تغري كل ذي حس ان يذوق طلاوة لغته وعنفوان مراميه لك الله ايها البرقاوي على فكرة وقفة متأمل برقاوي بلغة النوبة ( ذو الالوان المتعددة ) فبرقاوي معناها من له اكثر من طعم لقد جعلتني احب كلماتك قبل نقلك لما آل اليه حالنا لك التقدير اقروا لهذا الرجل يا كتاب اكلوني البراغيث

  2. لك التحية استاذ برقاوي
    ألا تتفق معي استاذ برقاوي أن قسوتك علينا قد تصيبنا بالإحباط .
    يا رفيقي برقاوي إن حارس الديمقراطية وقتها لم يكن غافلا عن حراستها ولكن خيانة اللص الشريك لم تكن متوقعة على الأقل بهذه السرعة .
    ابشر استاذي برقاوي فان ساعة الخلاص قد دنت

  3. شكرا لكل الذين سعوا لتعريفي بان كاتب المقال لا ينتمي لقبيلة البرقو وليس عنصريا بغيضا كما ذكرت في تعليق سابق
    العصبية للشيوعية وغيرها من النظم البائدة لا تختلف كثيرا عن العنصرية
    الانتماء المطلق لله فقط ،وسائحون هي انتماء لله وليست للمؤتمر الوطني إذا حاد عن طرق الجادة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..