عاقبة (أسياد) سراب السلام المنفرد..!!

بدون أي ربط، سأحكي لك قصتان من التأريخ.
“إن الخليفة مستعد للسلام والمهادنة إلا الصمود والمقاومة”. وهكذا أرسل وزيره (مؤيد الدين العلقمي) لكي يتفاوض مع التتار.
المغول القادم من الشرق بقيادة هولاكو يحاصر بغداد، والخليفة يحاول إسترضائه ومهادنته بإيعاز من وزيره الذي يثق فيه. وبعد التفاوض، عاد الوزير ليخبر الخليفة أنه حصل علي عرض مدهش من هولاكو وهو أن يسلم “تسلم” مقابل ضمان حياته وكل أسرته وحاشيته وأعضاء حكومته ولربما إستمراره كخليفة ولو إسميا.
الشرفاء تقدموا له بالنصائح بأن هذا عدو للدولة وليس له أمان وقد خرب كل الديار والقرى التي دخلها من قبل، فلابد من المقاومة التي بها فرصتان: إما النصر ودحر العدو أو الموت بكرامة. ولكن الخليفة تجاهل هذه الدعوات لكي ينجو برقبته ويحافظ علي إستقراره حياته هو وأسرته العريقة ولو من دون كرامة. ورد عليهم بكل برود وبثقته العمياء المعتادة: هذا أفضل خيار لمصلحة الشعب في الوقت الحالي والذي لا يعجبه فباب الدولة يفوت جمل!.
إذا الخليفة لم يقاوم وسمح للتتار بدخول بغداد. ولكن خلال دقائق معدودة إكتشف إنه كان احمقا وساذجا وجبانا. وذاكرة الماء حملت له قصص التتار ولم يتعظ. فقد رأى النهر يتحول لونه إلى أحمر بلون الدم، وأسود بلون الحبر. المغول ملؤوا دجلة بالجثث والكتب. وإنقض هولاكو وجنوده علي الخليفة ومن معه وذبحوهم كلهم عن بكرة أبيهم فرد فرد، رجل رجل، إمرأة إمرأة، شيخ شيخ، طفل طفل، سيدي سيدي، إمام إمام.
ثم إستبيحت بغداد ليالي وأياما وقتل مليون شخصا وحرقت الكتب والمجلدات في أكبر عظة وعبرة لسراب سلام منفرد عرفه التاريخ. كانت تلك هي النهاية الرسمية للدولة العباسية.
القصة الثانية ليست في عهد بعيد.
لقد كان طيلة حياته مطيعا ولم يخالف الأوامر قط، ولهذا اصبح وزيرا للدفاع. دخل عليه ضابط صغير وقال له يا سيدى: إن الدبابة والطائرة ستكونان سلاح الفوز للحرب القادمة فلابد أن نشتريهما وندرب جنودنا عليها. هز الوزير المطيع والضابط الكبير والخبير الفاهم رأسه وقال: “ومن الذى قال لك ان هنالك حربا قادمة من أصله!، أنت لا تعرف شيئ لأنك لازلت طفلا!!..”. بكل هذه البساطة أسكت الوزير الهمام روح الحماس وقتل الهمة في هذا الطفل.
فقد كان هذا الطفل الذي أسكته فى الخمسين من عمره واسمه شارل ديجول أما الوزير المطيع فكان الجنرال هنرى فيليب بيتان.
أمر الوزير بحرمان الضابط الصغير شارل ديجول من الترقية لعدم طاعته ورفته إذا أصر على الخروج من الطوع. وواصل الطفل شارل ديغول ولم يهدأ وظل مشاغبا فخرج من باب فرنسا الذي يفوت جمل فسافر إلى بريطانيا ليعلن المقاومة من هناك.
انشقت البلاد على نفسها لمدة أربع سنوات. فقاد الوزير المسالم إتجاه في الجيش بتجاهل هتلر والخطر القادم. وللأسف الأغلبية وقفت مع الضابط العجوز الذي حافظ على حياة الناس في الاستقرار والتسليم. الرجل الذى يقدس الطاعة ويجيد التعايش مع الواقع و إنقاذ ما يمكن إنقاذه ويرى مستقبل المجتمع بين رجليه بقدر ما يرى خطوات تنظيم أوبطيئا مارش.
وتمادى العدو و بدأ يطلب إستسلام فرنسا بالكامل. وبالفعل بدأ الوزير بمسايرة الأمور وتقديم كل لون من ألوان المهادنة والإسترضاء والتسليم ثم التطبع والذي أدى للرضوخ ثم الإستسلام التام ومن ثم التوقيع على دخول الألمان.
وبالمقابل أدى ذلك لإنتشار الإحباط بين الناس.
ولكن كان شارل ديجول المحكوم عليه بتهمة الإعدام بسبب الخيانة العظمى مازال يقاوم في عدة جبهات مع الأقلية الضئيلة جدا التي وقفت معه. لقد حرر نفسه من قبل وكان عهده على نفسه أن يستخدم العقل قبل الطاعة، وأن يرفض التعايش مع الواقع المظلم والمستقبل القاتم. فسار على خط أن البلد يبدأ تغييرها من المجتمع والمجتمع يبدا تغييره من إرادته وروحه وإيمانه وتمسكه بمبادئه وعدم إستسلامه بهذه الصورة المهينة، فواصل المقاومة.
وبعد أربع سنوات من النضال أصبح شارل ديجول عظيم فرنسا وذهب الضابط المطيع العجوز إلى الزوال فى مزبلة التاريخ ليس مأسوفا عليه.
وفى النهاية يسطر التأريخ كل مرة قاعدة مهمة هي ان الإنتصار يكون دوما لمبدأ التحدي على الإستسلام، ومبدأ الشروع فى المقاومة على التفرج إلى أين نحن مساقون، ومبدأ التغيير الآن على ليس بالإمكان أحسن مما كان أو إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
لقد كانت اللامقاومة والتماهي هي النغمة المفضلة لذلك الوزير العجوز، كما كانت عبارته المشهورة التي خلدت وتقبع معه في مزبلة التاريخ: “إنني أفضل أن أتلقى ركلة فى مؤخرتي على أن أتلقى رصاصة في رأسي”.
[email][email protected][/email]
قصتان ..فيهما تلميح لا ينقصه الذكاء..فقط بداية الكلام لغويا يا أستاذ سيف .. كان يجب أن تكون سأحكي لكم قصتين وجل من لا يسهو!أو أن تضع الكلمة بين قوسين..( قصتان ) وكان الأجمل أن تبدأ ..هكذا ..بتقديم الخبر ليصبح مبتدأ .. وتقول ..قصتان من التاريخ سأحكيهما لكم .. مع تحياتي فأنا معلمة غيورة ومتابعة لكتاباتك الطموحة ..وشكراً