شاهد عيان على قلة أدب الكيزان

المكان ..جامعة الخرطوم ..كافتيريا النشاط ..والزمان مطلع ثمانينيات القرن الماضى..لقد ساقني القدر في ذلك اليوم إلى الكافتيريا الآنفة الذكر لتناول كاساً من عصير اليمون..كان الجو هادئاً ..والسكون يخيم على صالة الزوار وليس هنالك ثمة ما يعكر صفو هذا الجو الهادئ..إلتفت يميناً ويساراً ولكنني لم أر أحداً داخل هذا المتكأ الجميل..يبدوا أنني كنت أول الزوار.. لأن الوقت ما زال مبكراً.. أعود بعد هذه المقدمة لأروي لكم فصول المسرحية التي شاهدتها بأم عيني والسيناريو الذي سمعته باذني..وأنا في انتظار عصير الليمون.. لفت انتباهي وجود كوزين يقفان بالقرب من “الكاونتر” يتجاذبان أطراف الحديث..ويبدو من وقفتهما أنهما يديران أعمال الكافتيرا..ولا أذيع لكم سراً إذا قلت لكم أن الكيزان في تلك الحقبة كانوا يسيطرون على جميع مناشط جامعة الخرطوم..الاتحاد .. مقهى النشاط .. مساكن الطلاب ..وهلم جرا..مثل الأخطبوط تماماً..ليس هنالك شئياً لم يضعوا أرجلهم عليه..وهذا بالطبع ديدنهم منذ أن كانوا طلاباًعلى الرغم من أنهم لا يمثلون 10% من الطلاب في تلك الحقبة ومع ذلك كانوا يسيطرون على الاتحاد بشتى الأساليب المشروعة وغير المشروعة لأنهم يمؤمنون بأسلوب الغاية تبرر الوسيلة للوصول إلى أهدافهم وتحقيق مآربهم مهما كان الثمن..لقد استخدموا أسلوب الترغيب والترهيب..والوعد والوعيد..والمال السياسي منذ أن كانوا طلاباً في الجامعات حتى يضمنوا أصوات الطلاب.. والعصى لمن عصى..وعندما أشتد ساعدهم وسطوا على السلطة والناس نيام ..كما يفعل اللصوص تماماً..وقسموا البلاد وشردوا العباد..لجأوا إلى أسلوب شراء الذمم و كاتم الصوت!..خياران أحلاهما مرٌ..بعد هذه الخواطر أعود مرةً أخرى إلى صلب الموضوع الذي من أجله كتبت هذا المقال القصير.. بعد لحظات على وجودي في داخل الكافتيريا وأنا في انتظار عصير الليمون حضرت إحدى الطالبات ومعها ضيفين يبدوا من مظهرهما أنهما شابين متدينين..لا ينتميان إلى الفئة الضالة!.. جلس ثلاثهم على إحدى الطاولات على مقربة مني وبدأوا في تجاذب أطراف الحديث وإجترار الذكريات قبل أن تكرم الفتاة مسواهما..ولكن فجأة حدث ما لم يكن في الحسبان عندما فاجأ أحد الكوزين الفتأة قائلاً لها باسلوب وقح: “أنت من أسرة غير محترمة”!..دون أن تتحدث معه الفتاة أو توجه له كلمةً واحدة!..لقد كان جرئياً بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى..! وكانت ألفاظه جارحة تنم عن حقد دفين..يندى لها الجبين ..وكان أسلوبه مستفزاً لجميع الحضور! ..ولم يحترم حتى مشاعر الضيفين المرافقين للفتاة ..وكأن لسان حاله يقول أنا لا أحترم أحداً لا ينتمي إلى حزب الشيطان! ؟..أنظروا إلى هذا الكوز القبيح!..وأنظروا إلى وقاحته..وسفاهته..وقلة أدبه وعدم حيائه..لم يكن مؤدباً مع ربه..ولا مع خلقه..ولا مع رسوله..ألم يعلم هذا الكوز اللئيم الذي يدعى الانتماء إلى الاسلام .. زوراً وبهتاناً.. أن هذا الدين يدعوا إلى مكارم الأخلاق.؟ ..وأن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده! ..وإذا كان حقاً ينتمي إلى هذا الدين الحنيف لماذا لم يتخلق بأخلاقه؟!.. ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيئ ..لقد أعتدى هذا الكوز القبيح على حرية جميع الحاضرين عندما خاطب الفتاة بألفاظ نابية لا ترقى حتى لمستوى أطفال الشوارع!. كان دمي يغلي في عروقي وانا أستمع لألفاظه الجارحة مما جعلني أتململ في مكاني .. لقد هممت أن أتدخل لتلقينه درساً لا ينسى على الرغم من عدم صلتي بتلك الفتاة أو ضيوفها..لولا أن جاء ردها مدوياً ..مجللاً..قوياً..مفحماً أثلج صدرىي وجمد الدم في عروقي عندما صرخت في وجه وهي تكشف له سرأً لم يكن يعرفه عن أسرتها وعن أسياده في قيادة الحزب الارهابي..فطأطأ رأسه خجلاً ثم أنصرف مزموماً مدحوراً..ولقد صدق أديبنا الكبير الطيب صالح..طيب الله ثراه.. عندما تسآل قائلاً من أين أتى هؤلاء؟
صديق عثمان
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ما دام هي دوت بذلك السر كان الاجدى أن تذكره لنا ما دام الكوز طأطأ رأسه وانصرف البنت تكون صادقة ،،،، شكرا هم كذلك يحاولن اهانة كل من لا ينتمي اليهم ولكن ،،

  2. قلة أدب الكيزان ما محتاجة لشاهد فكل الشعب السوداني الفضل عارفهم من صغيرهم لكبيرهم الذي علمهم اللو………………………….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..