يا نور قلبي .. يا معنى الجمال ..!

«جمال المعاني المدركة بالفعل أعظم من جمال الصور الظاهرة للأبصار» .. الإمام الغزالي!
هل تشعر بالإحباط؟! .. بأن حياتك لن تتغير إلى الأفضل لأنك لا تملك القدر اللازم من المال أو الجمال أو الحظ ؟! .. لا تحزن .. مؤكد أنك تملك شيئاً ما يجعلك مميزاً عن سواك .. حاول أن تركز على ذلك الشيء وسيأتي اليوم الذي يغير حياتك .. باختصار لا تبتئس من رتابة الأشياء وفكر بحكايات المشاهير والعظماء الذين كانوا أناساً عاديين لكنهم يؤمنون بامتلاكهم لذلك الشيء الـ (ما) ثم تغيرت حياتهم بسبب صدفة سعيدة ..!
خذ عندك مثلاً المغنية الاسكتلندية ذائعة الصيت سوزان بويل التي ملأ صوتها الملائكي الأسماع والأفئدة وشغل الناس تحولت من عانس قروية تهوى الغناء إلى مطربة عالمية بلغ حجم مبيعات ألبوماتها حتى الآن ما يزيد على 18 مليون نسخة ..!
للمحبطين عموماً (وللذين تجاوزوا الخمسين منهم على وجه الخصوص) تقول حكاية سوزان ببساطة إنها كانت عانساً قروية عمرها بـالمولد سبع وأربعين سنة، وعمرها بالمنظر سبع وستين سنة .. جاءت من قرية اسكتلندية بعيدة لتشارك في برنامج مواهب تلفزيوني بريطاني إحياءً لذكرى أمها التي رحلت بعد أن قضت ـ هي ـ سنوات شبابها في رعايتها .. فما الذي حدث ..؟!
وقفت سوزان بمظهر عتيق بائس يفتقر إلى أبسط مقومات الأناقة الشكلانية، أمام جمهور عريض وثلاثة حكام من مشاهير الفن، فسخر الجميع من مظهرها القبيح، وأحلامها الكبيرة المتأخرة .. وقد كانت سخرية جماعية موثقة على الهواء عبر شاشات التلفزة .. لكن ـ ولكن أداة استدراكية تفيد استدراك المعنى الأول بمعنى نقيض له ـ ما أن صدح صوتها بغناء أصعب مقاطع المسرحية الغنائية الشهيرة (البؤساء)، حتى أدرك جميع من سخروا منها أنهم (هم) البؤساء بافتراضاتهم المتسرعة وأحكامهم المسبقة ..!
في غضون ساعات تحولت العانس الكئيبة الكالحة إلى نجمة الإنترنت الأولى التي شاهدها الملايين وسمعوا غناءها على مقاطع الفيديو عبر أنحاء العالم .. تحولت إلى أسطورة غنائية يراهن البريطانيون على عالميتها بحماس وتقدير كبيرين ..!
المتأمل في ملامح وردود أفعال الحكام والجماهير العريضة (قبل) و(بعد) أن غنت (سوزان) يدرك كم أن الجمال ليس مجرد إدراك حسي كما يتشدق بعض علماء الجمال بل هو فعل معرفي يتوحد فيه الإدراك الحسي بالتصور العقلي ..!
وكم صدق الإمام الغزالي حينما قال إن القلب أشد إدراكاً من العين .. وإن راحة القلب في إحساس ما يَجِلُّ – ويسمو عن إدراك الحواس – أتم وأبلغ ..!
الراي العام
مهما كنت تملك من مقومات مخفية سواء صوت او حرفة او موهبة او صنعة او اي شيء طالما الانقاذ قاعدة على صدورنا لا فائدة لأنهم سيسرقون جهد الغير ودونكم تمثيلية حزب جلال الدقير
الأخت منى أبو زيد
لك التحية وأنت تحاولين رفع بار الأمل
لكن أساس المعايرة مفقود بين السودان وأي بلد آخر، فالحياة الكريمة كانت متوفرة لسوزان حتى قبل أن تفكر في الغناء، ففي اسكتلندا لا توجد معاناة تكسر كرامة الانسان كما في السودان.
النرجسية لا تصلح في رفع المعاناة وتحقيق الاحلام في بلد كالسودان وإنما العمل الصادق الجاد على استئصال الظلم وما يسببه من جوع وجهل ومرض.
التاس فى شنو والحسانية فى شنو- الله يسامحك يا منى
.
تذكرني سوزان بويل بمسسز هاريس للكاتب البريطاني بول جاليكو. نسمع عن قصص كثيرة عن أناس اشتروا أراض في أطراف أطراف الخرطوم في مناطق لم يتخيل أحد أن تتمدد إليها العاصمة في يوم ما. كانوا يشترون بملاليم من الفلوس ويحوشونها ب (اللساتك). كان منظرهم يوحي بالجنون والطمع والعته. مرت الأيام ثقيلة متباطئة وكلما كبر أصحاب اللساتك في العمر كلما كبرت أحلامهم بحجم تمدد العاصمة. أصبح أصحاب اللساتك والملاليم من أصحاب الملايين في دنيا سودان اليوم، يجب أن لا تتوقف الأحلام عند عمر معين ومدى معين. يجب أن نبني طوبة الحلم الأولي ونظل نبني ونبني فإن لم نكمل البناء فسيأتي أناس من بعدنا ويكملوه حتماً وهم في غاية الامتنان والشكر لمن وضع اللبنات الأولى لهم. عندنا في السودان أمثلة كثيرة لسوزان بويل ومسز هاريس. في برنامج دنيا على الفضائية السودانية شاهدنا عشرات الأمثلة لأناس طامحين واصلوا دراساتهم الثانوية والجامعية والعليا بإصرار وعناد كبيرين وأخيرا وصلوا ونجحوا.
أعرف جامعية مطلقة. واصلت دراسة الماجستير، ثم الدكتوراة بعد أن بلغت من العمر مدى يقعدهمة أي رجل ناهيك عن إمرأة. جاءها الحظ بعد الدكتوراة، إذ تعاقدت بمبلغ مهول بإحدى الجامعات الخليجية، ثم جاءها الحظ مرة أخرى عندما تقدم أحدهم لخطبتها والزواج منها. الآن تعيش هذه المراة المكافحة الصبورة مع زوجها في سعادة غامرة رغم أنها لم تنجب ولكنها أعطت كل من يعرفها درسا في الصبر والمثابرة والعزم الذي لا يلين.
هل هذا وقت لمثل هذه الفلسفة وهذه التهويمات ؟ اكتبى شيئا يفيد الناس من واقعنا البائس طالما لديك موهبة الكتابة