أما آن لهذا الفارس أن يترجل

ذكرني مشروع الامام الصادق المهدي الداعي لاسقاط النظام بشخصية اعرفها، هذه الشخصية سريعة التاثر بالافلام لدرجة العبط، فهو بعد ان شاهد Titanic اصبح يهوى ليوناردو دي كابريو ويقلد حركاته وسكناته، وبعد مشاهدة Saving Private Ryan صار يعيش اجواء الحرب العالمية الثانية وبطولاتها ويتالم مع اهات جنود الحلفاء عند النورماندي، وعندما شاهد The Sixth Sense اقتنع بفكرة رؤية الاموات ومخاطبتهم.
وقد جسّد الامام صفات تلك الشخصية البسيطة عندما وقف في تلك المنصة ناثرا تلك درره على الملأ عن كيفية اسقاط الانظمة الشمولية، ناسيا وراءه تاريخ نضالي وسياسي طويل اتفقنا عليه او اختلافنا، وارث لا يستهان به في السياسة السودانية، ومن على منصة ميدان الخليفة اعلن الامام عن معارضة النظام بقصد إسقاطه عبر ابتكار لما أسماه حملة التوقيعات المليونية تحت مسمى «تذكرة التحرير» وكان هو شخصياً أول الموقعين عليها، والخطة ب المرادفة لحملة التوقيعات و التي ابتكرها الامام من مشاهدة قناة CBC المصرية والقنوات الاخرى المناوئة للاخوان هناك، هي الاعتصامات بالميادين والساحات، وبالضرورة من المتوقع أن يكون هو أول المعتصمين مثلما كان هو أول الموقعين (او كما ذكر الاستاذ حيدر المكاشفي)، وعند هذا الحد- التوقيعات والاعتصامات- وقفت محاولات وإجتهادات الامام لاسقاط النظام.
واختلافي مع الامام ليس في وسائله “المبتكرة” لاسقاط النظام فقط بل في التوقيت الذي اختاره لإطلاق تلك الوسائل، ففي الوقت الذي تتوحد في المعارضة بالرغم من ضعفها البائن، على مايعرف بحملة ال 100 يوم لاسقاط النظام، ياتينا السيد الصادق بمشروعه المقتبس بالشوله والنقطة من حركة تمرد المصرية، وكانما الامتحان لا يوجد به مراقبين.
الامر الذي يعمق الاحساس بالحزن لواقع الحال ليس فقط التقليد الذي لم يأتي من شباب في نفس الفئة العمرية لشباب مصر، ولكن شق صف المعارضة واظهارها بمظهر الضعف عن طريق مثل تلك الافكار السطحية للعمل النضالي، علما بان فكرة حركة تمرد تعود لخمسة شباب في الأساس أرادوا تذكير الشارع المصري بالثورة وأهدافها بعدما رأوا قرب فقدانهم الأمل في أي تغيير سياسي وبعد انحدار الأحوال لأسوأ المستويات وتتراوح اعمارهؤلاء الشباب بين ال 23 وال 30 سنة …!!!!
تقليد الامام لحركة تمرد المصرية “الشابة” يظهر العجز عن التفكير الابداعي المثمر الموصل للاهداف “ايا كانت”، يضاف الي ذلك الاستخفاف بالشعب السوداني ومؤيدين الامام وحزبه علي حد سواء، ولا ننسى تجاوز الامام لخصوصية القضية السودانية واستصحاب تلك الخصوصية في ابتكار وسائل المقاومة السلمية للنظام. فبدلا من تقليد شباب في سن الاحفاد، اتقدم للسيد الصادق بالاقتراح التالي حفظا لما تبقى من ماء وجهه “ان كان لماء الوجه بقية” وهو ان يترجل من رئاسة حزب الامه و امامة الانصار وان يتفرغ لكتابة ذكرياته ودوره في تاريخ السودان الحديث، متيحا الفرصة بذلك لجيل الشباب في حزب الامة القومي ومرسخا لمفهوم التداول والديمقراطية داخل مؤسسات الحزب، بعد اكثر من 50 عام في العمل السياسي ورئاسة حزب الامة .
ابراهيم الناظر
[email][email protected][/email]
كفي لهذه الديناصورات هذا وقت الشباب اذا كان الصادق المهدي يؤمن بالديمقراطية فاليتنحه عن امر قيادة الحزب لغيره و كفي تقوقع ورجعية
مطلبك يا عزيزى ابراهيم عسير التحقيق . فأستنساخات الامام لفعاليات حركة تمرد المصرية ليست بدافع مؤصل لإخراج السودان من ورطة حكم “الاخوان” وليست بغرض اسقاط كما انها ليست بالضرورة تغييره . فما الذى يشكو منه الامام من سياسات الحزب الحاكم وقد تربع العديدين من سدنته و عضوية حزبه و نسله المقاعد الوثيرة فى السلطة و الذين من خلالهم يتعشم فى ميراث هذا النظام على ما به و ماعليه . خطوة الامام لصالح الدائرة الضيقة فى حزبه كشفها علنا فى لقاء ميدان الخليفة الذى اعلن فيه تلم المستنساخت و ابدى غضبا عارما و بصوت زاجر رافضا الاصوات الشبابية التى صرخت مطالبة بإسقاط النظام . و ليس صحيحا ما قلته بان الامام يريدإظهار ضعف المعارضة . فهو ادرك ان هذه المعارضة لا يمكن ان تتدجن و وعجز عن الوصول لقيادتها حتى يستطيع جرها خارج هدفها المعلن و هو اسقاط النظام .فلذلك لجأ الى الدعوة للحل السلمى على طريقته هو . و هو فى ذات الوقت يريد ان ينسى الناس ان هذا النظام اعلنها منذ وقت باكر انه جاء للحكم بالقوة و لا يمكن له ان يتخلى عنها بطريقة الامام الصادق . فالمال لا يخرج من كف الفتى إلا من الباب الذى منه اتى” وكذلك السلطة كما قال فى ظرف آخر جمال عبد الناصر ” ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة”و القوة هنا المعنى بها القوة المادية يعنى السلاح . حتى لا نترك مجال للإمام ان يتفزلك .فتاريخ محاولات المعارضة حتى لتوسيع قاعدة الحكم عن طريق الحوار و السلام طلها على مدى ربع قرن قد باءت بالفشل . و الان وصلت المعارضة لمرحلة المزاوج بين الضدين .السلم والسلاح.فلماذا يريد الامام اجتراح طريق ثالث يدرك تماما انه لن يحرك شعرة فى النظام سوى انه يريد إطالة عمره و هو يراه يتآكل داخليا حتى يستطيع ان يتسلل الى دهاليوه عبر المزروعين من اعضاء حزبه فى مراكزه . وهذا اشبه بـ” حلم ابو الدردوق عرس القمرة”