غربة الذات ..وغربة المكان !

لم نكن نحن أهل السودان وحتى عقودٍ قليلة نرتاد الغربة خارج الوطن الإ لماماً ..إما بداعي الدراسة لسنوات محدودة سلفاً وإما للسياحة لمدد قصيرة ومابين هذا وذاك متفرقات من الحالات لا تشكّل رقماً مُقلقاً !
كان أهل الأطراف ينزحون نحو الوسط كالجزيرة ومناطق النهضة الجديدة في خشم القربة وغيرهما .. أما العواصم فقد كانت زياراتها فقط للرفاهية وليس للسكن العشوائي.. فالكل حينما ينقضي الموسم هنا وهناك يعود الى أهله محملاً بخيرات البحر التي تشبه ما يُستجلب من الخليج حالياً ..فيتزوج الشباب من بنات قريتهم في مناطق الغرب ويستقرون بلا عودة الى غربة الداخل .. أو يستحلي ابن الشمالية العائد خلف دمعات قصائد الأم ، تلقيح نخلاته الصبية على مفارقة الأهل ثانية !
وحينما ينقل أبن الخرطوم أو كسلا او مدني الى الجنوب..فتلك أقصى ماساة مسافات الإغتراب..لاسيما اذا كان جندياً قد لا يعود !
ربما كنت في منتصف السبعينيات عاشر مغترب أو دون ذلك في قريتنا ..وكانت زوجتي التي لحقت بي عروساً الثالثة التي تسافر خلف زوجها !
الآن كل قرية تتكون من خمسة الالاف نسمة في منطقتنا سافر منها الف وخمسمائة من كل الفئات العمرية نساءاً ورجالاً ..!
في الماضي السفر الى أى مكان جرحاً يجعل الأهل يودعون الشاب بالدموع والنواح ..والآن من لا يرتاد السفر يعيره الأهل بالبطال ..في بلاد صارت فيها الأغلبية فقوساً والأقلية المسيطرة خياراً يستطعم بعضه في صحن السُلطة ..بعد أن اصبحت البلاد مائدة كبيرة حصرياً أمام كروشهم.. فلم تعد الغربة هي غربة المسافات خارج الوطن .. وإنما غربة عدم إيجاد المساحات لموطيء قدم داخله !
لا أحد يعلم كم عدد من هم خارج الوطن من أبناء البلاد .. لكّن من الممكن حصر من هم قلة يعيثون هيمنة وفساداً في أرضه المشققة جفافًاً .. مثل شفاة العطشى لرشفة من سحاب الرحمة فيه !
الكل يحلم بالتغيير ..ولكنه عاجز عن بسط رؤيته للكيفية التي تقرّب ذلك الهدف..فالقادة منفصمون عن واقع الحال..وهم يعبرون مساحة الخرف التي تفصلهم قليلاً عن بوابات الوداع ..ومن هم في الخارج مثلنا يبسطون الأوجاع على مشرحة أضعف الإيمان .. وطبيب الداخل
يرى أن المغامرة بفتح البطن لإنتزاع الداء .. قد تجرنا تقهقراً الى ذكريات الندم على تفويض من لا يستحق .. فكم من مرة لم يصن ما أودُع عنده من أمانة الذي يملك !
وهنا سقط الوطن .. بين من هم خارج همومه .. ومن هم سفراً بالجسد وارواحهم ممتزجة مع ترابه .. ومن هم يمزقون جسده بسكاكين الإحن ويضعون لحمه في الجيوب .. ودمه في عروق تنظيمهم الذي تكلس عند أفخاذ حوائه منعاً لنطفات غيرهم من أن تعبر الى رحمها..!
أما الذين يتمزقون في صمت ..يلتحفون سماءه ويفترشون أرضه .. فإن أرواحهم تهيم في غربة داخلية هي الأقسى..وهكذا تناثرت فكرة التغيير ..كدقيق فوق شوكٍ نثروه .. ثم قالوا لحفاة يوم ريحٍ إجمعوه..ولا حول ولا قوة إلا بالله من ضياع الأوطان في شتات الغربتين.. غربة الذات ، وغربة المكان !
سابقا كنت اظن ان الانقاذ ستسقط عندما يثور الشعب السودانى عليها ولكنى الان اعرف انها ستسقط عندما تنتهى صلاحيتها بالنسبة لامريكا ويااستاذ برقاوى ربنا يجمعنا بيك فى وطن افضل ان شاءالله.
الله يحازي الكان السبب يا برقاوي
هل كل ما يقال فيكى صحيح يا بلدى؟ جاوبى لو سمحتى
ايه الاحباط دا يا استاذ برقاوي ؟
لك التحية استاذ برقاوي
للأسف الشديد القاتل أن كل ما ذكرته صحيييييح بنسبة100% لكن يا استاذ ثقتنا في انفسنا وفي قدرة ربنا انشاء الله اكبر من كل الاحباطات وقريبا سترى وتسمع ما يسرك
غربة نفسية
حقيقةً ، انا ومنذ زمن طويل يراوضني احساس غريب جداً ، بان الشعب السوداني (الفضل ) اصبح ينقسم الى شعبين او جنسيتين كون انك تكون سوداني هذا شي ، وكون انك تكون سوداني مؤتمر وطني هذا شي آخر . اختلاف تام في التعامل من قبل الدولة تجاه هاتين الجنسيتين (سوداني /سوداني
مؤتمر وطني ) جنسية سوداني كأنما هي تابعيه فقط ، صاحب هذه الجنسية ليس لديه اي حقوق في هذه البلاد .مثلاً :
اذا كنت تسعى لاتمام اي إجراء رسمي او استخراج اي تصديق لانشاء مشروع معين ويجب عليك ان تتوجه الى احدى دواوين الحكومة لاتمام هذه المعاملة التي هي من صميم عمل الدولة ، يجب عليك اولاً ان تبحث في معارفك من هو من اصحاب جنسية سوداني مؤتمر وطني حتي يتكرم عليك بمساعدته في إتمام هذه المعملات ، اما ان طاوعتك نفسك ان تحاول اتمام المعاملة دون مساعدة احدهم وذهبت وانت تحمل التابعية او الجنسية درجه تانيه إذا شئت سميها ، فسوف تعامل معامله درجه تانيه وسوف تواجه مالاقبل لك به من تسويف ومماطلة و(تعال بكرة ) حتى تفقد امل الحياة دعك من ان تحلم بان تقضي معاملتك ، اما اذا كنت محظوظاً ووجدت كفيل من اصحاب الجنسية السودانيه درجة اولى اي احد اعضاء المؤتمر ال(وطني ) بكل بساطة ممكن تتم معاملتك ، ولازم طبعاً تعطي سيدك صاحب الجنسية درجة أولى ثمن الكفالة (قمته) او ( زباله ) ? يخسي عليهم هم فعلاً شبه الزبالات ? ويجب ان يكون المبلغ مشبع حتى تتمتع بكفاله مستمره وحتى لا يغضب عليك سيدك (ويقطس حجرك) ما انت أصلاً ما عندك حقوق في البلد دي ، ما انت درجة تانيه . لهذه الاسباب وغيرها الكثير المثير من ما يصدر من رجال المرور وجامعي الاتاوات التي ندفعها للاسياد من نفايات لي عوائد وغيرها من الاتاوات التي تدفع ولا تعود بأي نفع على المواطن الدرجة ثانية ، فكر الجميع بسبل المخارجة طالما ان الأمر يقوم على نظام الكفالة أذن من الافضل ان نهرب الى نظام كفالة افضل من هذا النظام المتبع في السودان ويبحث الجميع الان عن بلد آخر ونظام كفالة افضل من كفالة الجماعه إياهم ، اما اذا كان المواطن درجة ثانية من عداد المحظوظين ووجد فرصة للهجرة الى احدى الدول الأوربية او امريكا او كندا او اي من الدول التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والوجبات لا فرق فيها بين (عربي او عجمي ) فهذا هو ( عز الطلب ).