دستوركم يا أسيادنا

قضيت ليلة أمس الأول وأنا أراجع في نصوص وأحكام الدستور الانتقالي لعام 2005، لأفهم المرجعية التي تستند إليها القرارات الجمهورية بإقالة وتعيين حكام لولايات موجودة وأخرى جديدة. ويفترض، حسب الدستور ونتائج الانتخابات التي جرت عام 2010، فإن هؤلاء الولاة منتخبون وتحاسبهم المجالس التشريعية لولاياتهم والمنتخبة هي أيضا. لكن ما يحدث الآن أنه وبالمخالفة للدستور، دستورهم ودستورنا، يتم إقالة الولاة وتعيين ولاة جدد وتفتيت الولايات وإنشاء ولايات جديدة، وحل مجالس تشريعية منتخبة.
السيد أحمد هارون هو الوالي المنتخب لولاية جنوب كردفان، حسب نتائج الهيئة القومية للانتخابات، بل وبسبب هذه النتيجة تحديدا اندلعت الحرب بالولاية، بعد أن رفضت الحركة الشعبية هذه النتيجة واعتبرت الانتخابات مزورة. لكن أصر المؤتمر الوطني ولجنة الانتخابات على النتيجة، وتحدثوا كثيرا عن ضرورة احترام خيارات الناخب. كذلك فإن السيد معتصم زكي الدين هو الوالي المنتخب لولاية شمال كردفان. لماذا تبخرت خيارات الناخب في ولايتي جنوب وشمال كردفان، وصارت إرادة المؤتمر الوطني هي الغالبة، وهو من يصدر كشف التنقلات بين الولاة دون مراعاة لإرادة الناخب أو شرعية الصندوق.
لقد راجعت الفصل الرابع من الدستور الذي يحدد شكل الحكم اللامركزي للبلاد، في المواد 24، 25، 26، والمواد المتعلقة بوضع الولايات في الباب الثاني عشر ، المواد من 177 إلى 184، ثم المادة 109 التي تحدد سلطات الرئيس والحالات التي يحق له فيها إصدار قرارات مؤقتة واستثنائية، ولم أجد ما يعينني على الفهم. وأهم ما في المادة 109 أنها تقيد سلطة الرئيس في بعض الحالات ومنها ما يتعلق بنظام الحكم اللامركزي.
هناك مادة تحدد سلطات الرئيس تحت211، وهي المادة التي تم بها تبرير عزل الوالي مالك عقار من النيل الأزرق، لكن لم تعلن حالة الطوارئ في بقية الولايات، وبالتالي لا تنطبق عليها هذه الإجراءات الاستثنائية.
ولا يغرنك الحديث عن الاستقالات، فالقرار اتخذ في اجتماع المؤتمر الوطني، وهو حزب من الأحزاب الموجودة بحكم الدستور، ثم تم تطبيقه ونسبته للحكومة. ولاحظ أن والي منتخب بأغلبية الناخبين ، حسب ما اعلن، يتقدم باستقالته من ولايته المنتخبة، ليتم تعيينه واليا لولاية أخرى كان بها والي منتخب ومجلس تشريعي منتخب.
لقد ابتذلت هذه الحكومة الدستور والقوانين بشكل لم يحدث في تاريخ البلاد، رغم أنها من وضعت الدستور والقوانين، ثم ركلتهم بالقدم، وعبثت بهم بمساعدة ترزية القوانين الشمولية المتمرسين والجاهزين تحت الطلب لخدمة أي نظام.
مزقت الحكومة ولايات دارفور، وعزلت الولاة المنتخبين، إلا “السلطان كبر”، ربما بحكم أنه سلطان وليس والي، وصنعت عددا من الولايات والولاة المعينين، وفعلت ذلك بالقضارف، وعينت واليا مؤقتا مكان الراحل فتحي خليل بالشمالية.
كل هذا كوم، والجسم المسمى بالهيئة القومية للانتخابات كوم تاني، فهي، بحكم القانون، من أعلن فوز هؤلاء الولاة، وهي بحكم نفس القانون، ملزمة بإجراءات محددة تقوم بها في حالة خلو مقعد الوالي، لكنها تترك كل ذلك في يد الحكومة، كما حدث في انتخابات والي القضارف، وتزري بنفسها وبمكانتها إلى اقصى حد حين تجلس تنتظر الأوامر.
الغريبة أن نفس هؤلاء الناس يخرجون في مظاهرة يطالبون باحترام الدستور في الشقيقة مصر، فتأمل!

أفق بعيد
فيصل محمد صالح
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. والله حقيقة فليفتخر بك السودان كاتباً..
    لنا الفخر والاعزاز بك ايها الاستاذ الجليل الذى يقول الحقيقة فى وجة الظلماء . فى زمن قل فيه العدل وكثرت فيه الظلمات..
    فرأت المقال اكثرمن مرة ولم اكتفى ..
    حفظ الله يراعك ..

  2. التحية لك استاذ فيصل وانت تجهد نفسك في استخلاص هذه المواد وتناقضاتها لحكومة لا تحترم نفسها ولا دستورها ولا شعبها ، ولجنة الانتخابات هي ليست تزري بنفسها هي ترزي يفصل ما يمليه عليها الحزب الحاكم ، وغدا تري التفنن في الصياغة القانونية والمبررات الساذجة التي ظلت هي الترياق الذي جعل هذه الحكومة المريضة من المكوث على صدرنا طيلة هذه السنوات العجاف ، والسؤال استاذنا الحبيب الى متى نظل نتفنن في تعرية هذه الحكومة اللئيمة التي فاحت ريحتها في جميع الآفاق ، نريدها ثورة حتى النصر لاقتلاع هذا الورم من صدر الوطن الحنون ، نعلم ان الجوء غير معافى ولا نعرف بعد كتابتك لهذه السطور لم تقم سلطة القمع والتنكيل بإعتقالك ، التحية لك ولكل قلم شريف ينطق بكلمة الحق ………..

  3. والله بقينا لما نقرأ لي زول بقول البغلة في الابريق نخاف يلحقوا المتمرد عووضة….رغم ان نوعكم يا استاذ فيصل بقي قليل في صحافة الداخل .. لكن ندعوكم لان تواصلوا وخلي يوقفوكم… هي البلد ذاتا واقفة,,وكلوا ده بقصر في ايامهم

  4. الحبيب فيصل

    رمضان كريم

    دستور أيه اللي أنت جاي تقول عليه.

    كُنت أتوقع من ناس كُردفان الإعتصام والتظاهر رفضاً لهارون ودفاعاً عن حقوقهم الدستورية ونأياً بولايتهم أن تكون ضحية لهارون الذي ما وطأ أرضاً، وإلا وأشعلها حرباً ضروساً.

    آه يا بلد.

    مهدي

  5. عزيزي فيصل
    تحياتي لك وانت تزحزح صخرة سيزيف بذكاءك الذي اعرفه0، المشكلة انو سيد القهوة (البشير) كبر وزهج وبقي بينسي مواد الدستور وجماعتك ناس هي لله ودعوني وزير ما عندهم شجاعة لي حد اغالطو عمك وكان مغالطنا اسأل العنبة سناء حمد (راس الضبع الطائر )

  6. وما تنسى يا فيصل جاء فى ألأخبار قبل عام او نحوه ان لجنة ألخيبات والخج والتزوير ارسلت جوابا الى رئيس المجلس الوطنى ابلغته فيه باكتمال عضوية سيدة تم تعيينها (ربما على اساس ان اللجنه انتخبتها) عضوة برلمانية كاملة الدسم عن احدى دوائر المؤتمر الوطنى فى ولاية الخرطوم علما بان ولاية الخرطوم لم يسمع فيها بخلو دائرة او مثلث فيها اوان ثمة انتخابات قد اجريت فى اى من دوائرها .. تبين ان تلك السيده اللى تم تعيينها نائبة برلمانيه على مباديء المؤتمر الوطنى سبق لها خوض ألأنتخابات فى احدى دوائر ولاية نهر النيل على مباديء ألأتحادى الديموقراطى ولم يحالفها التوفيق والفوز بتمثيل اهالى تلك الدائره فى البرلمان .. فتأمل.. يعنى بألأختصار البروف رئيس اللجنه (بكل اسف عمل ابّان العهد المايوى الظافر مديرا سابقا لجامعة الخرطوم وحاكما لاقليم يمتد من الجيلى الى بحيرة السد العالى شمالا وجعلته ألأنقاذ سفيرا لها لدى الدولة العظمى التى قيل ان عذابها قد دنا ) ومن معه من “اصم او متعامى او اخرس ” لا يتورعون عن مغالطة انفسهم دون حياء او خجل وهم يحنثون بقسم يحتم عليهم ألألتزام بالنزاهة والشفافيه والحق ويعلمون ان السيده ما خاضت اى انتخابات فى ولاية الخرطوم فى اى وقت من الأوقات !!! اليس انه العجب العجاب..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..