«والماسورة برضو»

أنا مع الزميل الكاريكاتيرست نادر جني، قلباً وقالباً فيما قصد إليه من رسمه الكاريكاتوري المنشور بالغراء صحيفة الوطن عدد الخميس الاول من امس. نادر جعل سيدة مسنة تبدو على محياها علامات الغضب «تتفرجخ على بنبر» قريباً من ماسورة وهي تحمل بين يديها إناء، اظنه «كورة» أو إن شئت «كورية» أو قل «قرعة» أسفل ماسورة الماء التي لا تجود بشئ سوى أن تُصدر شخيراً أو بالأحرى فحيحاً، ومن خلف هذه السيدة العطشى التعيسة يظهر اقتباس مكتوب، لعله من حديث الرئيس في إفطار السيسي «بتاعنا» رئيس سلطة دارفور الاقليمية، يقرأ «الظلم هو الذي تسبب في تأخر المطرة»، والسيدة التي عيل صبرها في انتظار نقطة ماء تنزل من الماسورة دون جدوى، تقول وكمن استيأس من رحمة تنزل إليها من هذه الماسورة البكماء الصماء «المطرة عرفناها باقي الماسورة»، وكأني به يسأل- ولا أدري أمستعلماً هو أم مستنكراً، فذلك حمده في بطن نادر، اذا كان الظلم هو الذي تسبب في عدم هطول الغيث، فما دهى هذه الماسورة وما بالها لا تُنزل قطرة ماء، في اشارة إلى أزمة المياه التي شهدتها اخيراً العاصمة «الحضارية» الخرطوم، بل حتى أن القليل الذي يأتي منها، يأتي بالألوان، وبمذاقات شتى وروائح عدة، مع أن التعريف الصحيح والصحي والفقهي، للماء انه بلا لون ولا طعم ولا رائحة.
صحيح أن الظلم الذي خيّم على البلاد كما قال الرئيس، كان سبباً في القحط والجفاف والجدب وعدم هطول الامطار، ولكن الصحيح أيضاً أن الظلم كذلك هو ما تسبب في عدم نزول المياه من المواسير، «قولو لي كيف؟»، أقل لكم إن النيل الابيض الذي يشق العاصمة ما زال جاريا لم تجف مياهه، وكذلك الازرق الدفاق لم تغيض مياهه ونهر النيل «شرحو» وعشرات الآبار الجوفية لم يصبح ماؤها غوراً بعد، وكل هذه الرحمة الوافرة تكفي سكان العاصمة الآن بل وتفيض، ورغم ذلك يشكو الناس العطش والحسك وتصير رائحتهم «طير طير»، إذن الماء موجود وبوفرة أجراه الله على هذه الارض ولا يحتاج الامر هنا إلى دعاء يُستجاب أو لا يستجاب، فقط يحتاج إلى الجهة التنفيذية والادارية والفنية المؤهلة والكفؤة التي تجريه عبر المواسير بلا انقطاع أو «تكدير»، والظلم يقع عندما لا توجد مثل هذه الجهة، والظلم يقع أيضاً عندما تكون خدمة حيوية كالماء الذي لا حياة بدونه لا تجد التمويل اللازم وتقبع في مؤخرة الاهتمامات، وهذا مجرد مثال صغير لظلم كبير تتحمله بالكامل الحكومة لوحدها، فهي عندما توسد اي امر لغير صاحبه المؤهل المقتدر في الصحة في التعليم الـ.. الـ ….. الخ، إنما تظلم الناس بمثل هذه التعيينات التي لا يُنتظر منها شئ غير أن تسئ التصرف وتسوء ادارتها التي تفرز الازمات والمشاكل، والتي بدورها تتراكم وتتفاقم بترك حبلها على الجرار بلا مراقبة او مساءلة ومحاسبة تصحح الاوضاع وتعيد الامور إلى الجادة، ليس ذلك فحسب، بل حتى ظلم الناس بعضهم لبعض واستسهال قتل النفس لدرجة ذبحها كما يُذبح الخروف، فمسؤولية ذلك لا تقع على الرعية المتقاتلة بهذه الصورة المحزنة المؤسفة وحدها، وإنما للحكومة في ذلك دور ونصيب، فهي إن لم تكن جزءاً من المشكلة، لم نر منها ما يجعلها جزءا من الحل الذي يجعل هذا الوطن الواسع يسع الجميع ويضمهم في محبة وتواد، وطن منزوع الغبائن والاحقاد والظلامات، وتلك هي القضية.

الصحافة

تعليق واحد

  1. (إذن الماء موجود وبوفرة أجراه الله على هذه الارض ولا يحتاج الامر هنا إلى دعاء يُستجاب أو لا يستجاب، فقط يحتاج إلى الجهة التنفيذية والادارية والفنية المؤهلة والكفؤة التي تجريه عبر المواسير بلا انقطاع أو «تكدير»،)
    * موضوع المقال حيوي و ربما يحتاج المكاشفي تدقيق هذه العبارة المقتبسة مما كتب.

  2. الرئيس اراد ان يرجع كل شئ لغضب الله ورضاء الله يعني انحنا مسيرين يا ناس وده كل من الله انحنا ما لينا فيهو ذنب حتى ناس دارفور دي ارادة الله ………….يا ناس كرهتونا الدين والدنيا

  3. هذه الحكومة الماسورة ظلمت المواطنين بتعيين أمثال جودة الله ومامون حميدة والخضر نكاية في هذا الشعب ولتذله بهؤلاء الذين لا يملكون ادنى مقومات فكرية تؤهلهم لتحمل أعباء شعب بحاله وتكون على أعناقهم مسؤلية ملايين البشر هذه الحكومة سحبت الثقه من كل المسؤلين المؤهلين ومنحتها لأمثال جودة الله الذي عطش العاصمة ومامون حميدة الذي بهدل صحة الناس بتصرفاته الرعناء يجب أن تذهب هذه الحكومة غير مأسوف عليها لأنها لا تكترث للمواطن ولا لالتزاماتها تجاه موطنيها معقول عاصمة يشقها النيلان شقا وأبعد بقعة فيها لاتبعد عن شاطئ النيل بنصف ساعة مشيا على الاقدام وتشكو هذه العاصمة من العطس والريحة _( الطير طير )

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..