السودانيون .. هل وجدانهم واحد؟!! 2

(اليوم .. جميعنا أمريكان)!! .. هذه الكلمات الثلاث المختصرة جسدت إجابة واستجابة ورد فعل الاوربيين لما أصاب االشعب الأميركي من محنة اثر تعرضه ــ على حين غرة وفي عقر داره يوم الحادي عشر من سبتمبر ـــ لضربات وتفجيرات!
ونحن حال تأملنا (أيها السودانيون) في مقولة الاوربيين:(اليوم .. جميعنا أمريكان) لأدركنا ما هي إلا رسالة مختصرة ومعبرة عن موقف الاوربيين للشعب الأمريكي، تجاه ما تعرضوا له من مهانة بأن كرامتنا واحدة وبالتالي لكم أن تتأكدوا من أن (وجعنا) واحد ومن ثم تعاطفنا ودعمنا ووقوفنا اللامحدود بجانبكم .. كيف لا ونحن وأنتم اليوم واحد! وأي تفهم لما أنت فيه وأي دعم أكثر من قول شخص لك في محنتك بأنه أنت!!
لاتساءل إثر ذلك إذن ما بال السودانيين لا يستجيبون ولا يلقون بالا لما يحدث لإخوانهم في دار فور ولما هم فيه من مأساة ولا ادل على ذلك من ممارستهم ـــ أي السودانيين ـــ لحياتهم اليومية بنفس الوتيرة!!
فإذا ما جاءت نكبة أهل بورتسودان تجرجر في أذيالها نكبة أهل كجبار والمناصير تتقدمهم محنة أبيي وفتنة النيل الازرق وجنوب كردفان. ومن ثم انتبهت لحقيقة أن السودانيين بالرغم مما فيه بقيتهم من نكبات وفتن لا يزالون يمارسون حياتهم اليومية بنفس الوتيرة ما بين متابعة لهلال مريخ والريال وبرشلونة! ليخوض إثر ذلك مشجعوهما النقاشات والمشاكسات على صفحات الجرائد أو بين ردهات المكاتب أو في أركان الشوارع! وما بين متابعة أحداث مسلسلات الأتراك! فإذا ما جاء رمضان تمايلوا طربا ولهوا مع أغاني وأغاني!! ما إن انتبهت لهذه الحقيقة المريرة إلا وتساءلت بمرارة ويأس: السودانيون .. هل (وجدانهم) واحد؟!! .. و .. و .. وفيما أنا اوشك على أن اغرق في بحر من اليأس بأن اصبحت أهز راسي قائلة بأن: لا فائدة! أتت أحداث أبو كرشولا والله كريم وأم روابة والتي حينما رأيت فيها كيف أن السودانيين باتوا في هم مقيم حال (علمهم) بما أصاب مواطني هذه المناطق من ترويع، ولسان حالهم يقول لمواطني هذه المناطق: اليوم .. جميعنا أهل أبو كرشولا والله كريم وأم روابة و .. و.. وعند كلمة (علمهم) هذه أدركت بغتة أن (وجدان السودانيين واحد) وأن من قام بـ(تغييب) حقيقة ما فيه بقيتهم من مآس ونكبات وفتن عنهم هو من يجب أن يتحمل مسئولية عدم توحد وجدانهم تجاه آلام ومآسي بعضهم البعض، وبالتالي إحساسهم وتأثرهم بما يمكن أن تتعرض له مجموعة من مجموعاتهم من ظلم ومآس وغُبن سواء كانت هذه المجموعة داخل مثلث حمدي أم خارجه!! ومن ثم تفاعلهم معها دعما وموازرة لها .. وقوفاً بجانبها ولو بأضعف الإيمان أي اللسان! فالسودانييون الذين شاهدتهم ينترون لمؤازرة أهل أبو كرشولا والله كريم وأم روابة مواساة بالمال ودعما بالقلم واللسان لو لم يكونوا مغيبين لكان لسان حائلهم لبقية إخوتهم في الوطن قائلاً بأن:
اليوم جميعنا .. دار فوريين
اليوم جميعنا .. أهل كجبار.
اليوم جميعنا .. أهل بورتسودان.
اليوم جميعنا .. أهل أبيي.
اليوم جميعنا .. كردفانيون.
اليوم جميعنا .. أهل النيل الازرق.
اليوم جميعنا.. أولئك السودانيون الذين بالكراكير والغابات والعراء ومعسكرات النزوح باتوا هائمين.
اليوم جميعنا .. المناصير.
اليوم جميعنا .. أهل نيالا.
اليوم جميعنا .. الـ (10) مليون سوداني الذين باتوا من الوطن مهاجرين.
اليوم جميعنا.. أولئك السودانيون المظلومين والمغبونيين حيثما كانوا.
لالتفت على ضوء ذلك لذاك الذي قام بـ(تغييب) السودانيين عن بعضهم البعض فيما عيناي على أهل نمولي دامعة لاساءله بإدانة أمام محكمة التاريخ بلا مواربة هاتفة:
ـ ما ضرك لو تركت للـ(السودانيين) خيار أن يقولوا: (اليوم جميعنا .. جنوبيون)؟!! .. ما ضرك!! .. ما ضرك!!

[email][email protected][/email] رندا عطية

تعليق واحد

  1. كيف يكون وجداننا واحد و حرب الجنوب و حريقها استمر زهاء نصف قرن و الخرطوم تغني و الموت يعربد في غابات الجنوب و سفوحها و مدنها
    كيف يكون وجداننا واحد و دارفور تحترق؟؟؟؟
    كيف يكون وجداننا واحد و جنوب كردفان و النيل الازرق تحترقان ؟؟؟
    كيف يكون وجداننا واحد و بورتسودان مخضبة بدماء شهداء البجة؟؟؟
    كيف يكون وجداننا واحد و شهداء كجبار و نيالا و حرائق نخيل الشمال و لا بكاءو لا مواساة و لا مؤازرة؟؟؟
    كيف يكون وجداننا واحد و مشروع الجزيرة يغتال أمام أعيينا و لا حراك؟؟؟؟
    و لكن تراهم لدعم غزة و كابول و الصومال!!!!!!
    و يزعمون أن الداء من اسرائيل و الغرب

    أنحن أمة؟؟؟؟؟ أم لمة؟؟؟؟ غدا ستندمون

  2. لقد تم تدمير لهوية المواطن السوداني بدا الانقاذ بهذا مسلم وهذا كافر ثم هذا مسلم وهذا مسيحي ثم هذا مسلم سني وهذا صوفي ثم انتقل التصنيف ليشمل هذا عربي وهذا غير عربي وأخيرا هذا جعلي وهذا شايقي
    عملية منظمة جعلت السوداني يقول نفسي او الطوفان فكيف تريدين اختي الكريمة ان نحس بآلام بعضنا ونقول اليوم كلنا سودانيين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..