وليمة أخرى

وليمة أخرى
يتوالى القرع – في قلب الليل – على باب الحديد !!؟…
يستيقظ ” عطا ” مفزوعاً
ينهض متثاقلاً
يتجه صوب مصدر الصوت
تلحق به زوجه ” روضة ”
يتبعها صراخ طفلتهما الرضيعة ” ندى ”
يتواصل القرع بإلحاح !!…..
ينكسر مزلاج الباب قبل أن يفتحه
يصدمه المشهد
يداهمه رهط من رجال الأمن السياسي …..
لم يجد متسعاً
مات السؤال داخل حلقه
إنقضوا عليه
أخذوه عنوة
قاوم
أوسعوه ضرباً
إلتفت الى الخلف
كانت ” روضة ” تلملم أطراف ثوبها المتساقط …..
يتنازعها صوتان
صوت صارخ
صوت مكتوم
سقطت فيما بينهما !!؟….
أنهضها هدير موتور السيارة المغادرة
إزداد الصوت الصارخ علواً
هرعت نحوه
بينما قلبها يلاحق صدى الهدير الآخذ في الخفوت …….
* * *
وضعوه في غرفة ضيقة
بها نافذة صغيرة
منخفضة السقف
ضئيلة الإضاءة
يحرس بابها شرطي جهم المحيا !…
مسح وجهه بباطن كفه
كانت بقع الدم تلطخه
أخرج من جيبه منديلاً
مرره على فيه وأنفه
تلوث المنديل
تغير لونه
صار أحمر
أعاده الى جيبه
إنقضى الليل
بزغ الفجر
ظل الشرطي قائماً بمحياه الجهم
أمام الباب
كان الجو خانقاً
أصابه الرهق
عاودته آلام الظهر
تمدد بطول الكنبة الخشبية
إستشعر ” عطا ” صلابة المرقد
توسد عمامته
غفا ….
راح في سبات متقطع
أقلقه سؤال حائر ؟!….”
– لماذا هو هنا !!؟….
* * *
عقب إنقضاء يومين
جاء من بأخذه
– إلى أين ؟
– لا أدرى …
– ماذا هناك ؟
– لا تتعجل ….
سار به طويلاً
نفذ به عبر دهاليز وقاعات وعرصات
أدخله في غرفة فسيحة
هناك صافح قسماتهم
ثلاثة أشخاص
سيماؤهم على وجوههم
تتوسطهم مائدة مستديرة
جلس على المقعد الخالي بإشارة من أحدهم
ظل بينهم طوال ساعات النهار على فراش من حسك !!؟….
أولموا له وليمة من ” سمك عسير الهضم ” !!؟….
أتخمته …..
خرج كخرقة بالية
يبلله العرق
منكسراً
مطأطأ الهامة
منحني المتن
لم يمهلوه ليملأ رئتيه بالهواء النقي
أعادوه سراعاً الى الغرفة الضيقة .
* * *
ضلت ” روضة ” الطريق
تاهت بين الممرات
تخبطت
إستبعدت ” حكيم ” من خاطرها !!..
إستعانت بزملائه
حشدوا طاقاتهم
نحفزوا
طرقوا كل الأبواب
أوصدت في وجوههم
كادوا أن يقنطوا !!؟…..
* * *
فُرضت عليه حالة من العزلة بالغة القسوة
فُرق بينه وبين طفلته التي إنتظرها طويلاً !!…
سلخوه سلخاً من بين كنفي ” ندى” و ” روضة ” وظلالهما الوريفة
لم يدعوه ينعم بمتعة الزهو !!!…
حرموه من فرحته الغامرة بصدور روايته الثانية
بتروا حبال الوصل الوثيقة بينه وبين متلقيه ….
حجبوه عن رفقاء القلم
من غيرهم سانده في كلفة الإصدارة
من غيرهم أعانه في إخراجها الى النور في شكلها المشرق !!؟؟…..
من غيرهم خطط لتوزيعها بصورة مثلى !!؟…
كيف له أن ينسى تلك الليلة !؟….
جاءوا الى داره الصغيرة تسبقهم أهازيجهم ……
يكاد شعورهم بالإنتصار يحلق بهم
كانوا يحملون على كواهلهم رزم نسخ الرواية الجديدة
إحتفت بهم ” روضة ” على طريقتها الأثيرة لديهم
أولمت لهم وليمة علق مذاقها الباذخ بألسنتهم طويلاً !!؟….
إقترح أحدهم أن تُعتبر تلك الليلة بمثابة حفل توقيع لإصداراته الجديدة ….
صادف الإقتراح إستحساناً من جمعهم
قدم لكل منهم نسخة ممهورة بتوقيعه
إحتجت ” روضة ” على إستثنائها
سارع بإهدائها نسختين وسط هرج ومرج شلة الأصدقاء
إعتلى ” عطا ” تربيزة السفرة مبتهجاً
– هذه لك وتلك لصغيرتنا ” ندى ”
– لمن ؟
ضعيها تحت وسادتها حتى تكبر
إنكفت على مهدها توسعها تقبيلاً
* * *
لم يستوعب ما يقوله المحقق في مبدأ الأمر ….
ظن أن ثمة خطأ
ربما سوء فهم
لن يمضي طويل وقت حتى يخلوا سبيله !!….
لكنه لازال رهين هذه الغرفة اللعينة
يحاول عبثاً فهم لجوئهم لإعتام البقعة المصئية الوحيدة المتبقية
ظل بين أسجاف الظلمة في إنتظار المواجهة
كانت تماماً بعيدة كل البعد عن توقعاته ؟!!؟…
جاء الشرطي جهم المحيا ليدعوه بجلافة
– الضابط أمر بإحضارك
أدهشه أن المحقق يضع على الطاولة
أمامه نسخة من روايته الجديدة !!؟..
* * *
إنهم يجتزئون الجمل من سياقها
إنهم ينتزعون العبارات من صفحات متفرقة !!؟….
يوفقون بينها قسراً
إنهم يفبركون مقاصده إعتسافاً !؟..
يؤلفون منها سياقاً يتباين تماماً مع مراميه !!؟….
يهدفون من وراء ذلك لإنشاء نصوص مشوهة !!؟….
يلفقونها تلفيقاً عبر إعادة تشكيل جمل ملتبسة بلا دلالات واضحة
إنهم ينصبون فخاخهم من إرتباكه للإقلاع به
لا يتورعون من إرساله الى ما وراء الشمس !!؟…..
يسدون المنافذ في وجهه
يشهرون سلاحهم حينما يتناهى الى
مسامعهم كلمة ” ثقافة ”
كأنهم يرتدون بالزمن الى الفاشية وجنرالها ” جوبلز ”
* * *
لم يتوقع ما جوبه به !!؟….
حاول إنكاره
أخفق
إستعاد موقفاً مماثلاً
كان حينها مغترباً في إحدى الدول العربية
إقتطع من ضرورات الحياة لإصدار
روايته الأولى
مثلت له النسخة الأولى فتحاً رائداً
أحرزه في أعقاب صبر ومجالدة لا نظير لهما
وضع النسخة قبالته
أخذ يتملى في الغلاف
تبرق ألوانه الزاهية ألقاً
يلتمع أسمه في الصدارة زهواً
يغري ورقها الناعم الصقيل بقراءتها إلتهاماً
تساءل مبهوراً
– هل هذا الوليد البديع من نسيج أنفاسه ؟؟؟!…
* * *
أكتمل حبوره بوصول الشحنة من بيروت عبر خطوط ” الإيرفلوت ”
فاضت سعادته وبلغت مداها وهو يقدم نسخاً لبعض بني جلدته هدايا
طمعاً في دفء المشاركة وحميميتها
لكن أحدهم بعد حين أصابه بالخذلان عندما أعرض عنه مقابلاً بشاشته بجفاء !!….
أحاره الموقف برمته ؟؟؟…
ألقمه الأخير حجراً
أذهله لهنيهات ….
عاجله بسؤال صادم قبل أن يفيق تماماً ….
– كيف تجرؤ على خداعي ؟
– ماذا ؟
– لقد إنطلت عليَّ ألاعيبك
-لا أفهم شيئاً !!!….
– لقد جعلتني أضع كتابك المشبوه بين أمهات الكتب النفيسة
– هل أصبحت روايتي مشبوهة !!؟؟
– إنها دعوة صارخة للزندقة
– هل قرأتها ؟
– أنا لا أبدد وقتي الثمين في مثل هذه الخوذعبلات
– عذرا كيف عرفت أنها دعوة صارخة للذندقة ؟؟؟!!….
– لقد زارني بعض شباب ” الصحوة “فأنكروا عليَّ وجود أمثال كتابك
بين مقتنياتي من عيون الكتب النفيسة …..
– هكذا إذن …
– هذا فراق بيني وبينك حتى ترشد!
* * *
يبدو أن أساليبهم المعهودة لم تجد معه فتيلاً ….
فأجبرهم على رفع هراواتهم في وجهه عله يرتدع ويلزم سبيل وليمة أخرى
يتوالى القرع – في قلب الليل – على باب الحديد !!؟…
يستيقظ ” عطا ” مفزوعاً
ينهض متثاقلاً
يتجه صوب مصدر الصوت
تلحق به زوجه ” روضة ”
يتبعها صراخ طفلتهما الرضيعة ” ندى ”
يتواصل القرع بإلحاح !!…..
ينكسر مزلاج الباب قبل أن يفتحه
يصدمه المشهد
يداهمه رهط من رجال الأمن السياسي …..
لم يجد متسعاً
مات السؤال داخل حلقه
إنقضوا عليه
أخذوه عنوة
قاوم
أوسعوه ضرباً
إلتفت الى الخلف
كانت ” روضة ” تلملم أطراف ثوبها المتساقط …..
يتنازعها صوتان
صوت صارخ
صوت مكتوم
سقطت فيما بينهما !!؟….
أنهضها هدير موتور السيارة المغادرة
إزداد الصوت الصارخ علواً
هرعت نحوه
بينما قلبها يلاحق صدى الهدير الآخذ في الخفوت …….
* * *
وضعوه في غرفة ضيقة
بها نافذة صغيرة
منخفضة السقف
ضئيلة الإضاءة
يحرس بابها شرطي جهم المحيا !…
مسح وجهه بباطن كفه
كانت بقع الدم تلطخه
أخرج من جيبه منديلاً
مرره على فيه وأنفه
تلوث المنديل
تغير لونه
صار أحمر
أعاده الى جيبه
إنقضى الليل
بزغ الفجر
ظل الشرطي قائماً بمحياه الجهم
أمام الباب
كان الجو خانقاً
أصابه الرهق
عاودته آلام الظهر
تمدد بطول الكنبة الخشبية
إستشعر ” عطا ” صلابة المرقد
توسد عمامته
غفا ….
راح في سبات متقطع
أقلقه سؤال حائر ؟!….”
– لماذا هو هنا !!؟….
* * *
عقب إنقضاء يومين
جاء من بأخذه
– إلى أين ؟
– لا أدرى …
– ماذا هناك ؟
– لا تتعجل ….
سار به طويلاً
نفذ به عبر دهاليز وقاعات وعرصات
أدخله في غرفة فسيحة
هناك صافح قسماتهم
ثلاثة أشخاص
سيماؤهم على وجوههم
تتوسطهم مائدة مستديرة
جلس على المقعد الخالي بإشارة من أحدهم
ظل بينهم طوال ساعات النهار على فراش من حسك !!؟….
أولموا له وليمة من ” سمك عسير الهضم ” !!؟….
أتخمته …..
خرج كخرقة بالية
يبلله العرق
منكسراً
مطأطأ الهامة
منحني المتن
لم يمهلوه ليملأ رئتيه بالهواء النقي
أعادوه سراعاً الى الغرفة الضيقة .
* * *
ضلت ” روضة ” الطريق
تاهت بين الممرات
تخبطت
إستبعدت ” حكيم ” من خاطرها !!..
إستعانت بزملائه
حشدوا طاقاتهم
نحفزوا
طرقوا كل الأبواب
أوصدت في وجوههم
كادوا أن يقنطوا !!؟…..
* * *
فُرضت عليه حالة من العزلة بالغة القسوة
فُرق بينه وبين طفلته التي إنتظرها طويلاً !!…
سلخوه سلخاً من بين كنفي ” ندى” و ” روضة ” وظلالهما الوريفة
لم يدعوه ينعم بمتعة الزهو !!!…
حرموه من فرحته الغامرة بصدور روايته الثانية
بتروا حبال الوصل الوثيقة بينه وبين متلقيه ….
حجبوه عن رفقاء القلم
من غيرهم سانده في كلفة الإصدارة
من غيرهم أعانه في إخراجها الى النور في شكلها المشرق !!؟؟…..
من غيرهم خطط لتوزيعها بصورة مثلى !!؟…
كيف له أن ينسى تلك الليلة !؟….
جاءوا الى داره الصغيرة تسبقهم أهازيجهم ……
يكاد شعورهم بالإنتصار يحلق بهم
كانوا يحملون على كواهلهم رزم نسخ الرواية الجديدة
إحتفت بهم ” روضة ” على طريقتها الأثيرة لديهم
أولمت لهم وليمة علق مذاقها الباذخ بألسنتهم طويلاً !!؟….
إقترح أحدهم أن تُعتبر تلك الليلة بمثابة حفل توقيع لإصداراته الجديدة ….
صادف الإقتراح إستحساناً من جمعهم
قدم لكل منهم نسخة ممهورة بتوقيعه
إحتجت ” روضة ” على إستثنائها
سارع بإهدائها نسختين وسط هرج ومرج شلة الأصدقاء
إعتلى ” عطا ” تربيزة السفرة مبتهجاً
– هذه لك وتلك لصغيرتنا ” ندى ”
– لمن ؟
ضعيها تحت وسادتها حتى تكبر
إنكفت على مهدها توسعها تقبيلاً
* * *
لم يستوعب ما يقوله المحقق في مبدأ الأمر ….
ظن أن ثمة خطأ
ربما سوء فهم
لن يمضي طويل وقت حتى يخلوا سبيله !!….
لكنه لازال رهين هذه الغرفة اللعينة
يحاول عبثاً فهم لجوئهم لإعتام البقعة المصئية الوحيدة المتبقية
ظل بين أسجاف الظلمة في إنتظار المواجهة
كانت تماماً بعيدة كل البعد عن توقعاته ؟!!؟…
جاء الشرطي جهم المحيا ليدعوه بجلافة
– الضابط أمر بإحضارك
أدهشه أن المحقق يضع على الطاولة
أمامه نسخة من روايته الجديدة !!؟..
* * *
إنهم يجتزئون الجمل من سياقها
إنهم ينتزعون العبارات من صفحات متفرقة !!؟….
يوفقون بينها قسراً
إنهم يفبركون مقاصده إعتسافاً !؟..
يؤلفون منها سياقاً يتباين تماماً مع مراميه !!؟….
يهدفون من وراء ذلك لإنشاء نصوص مشوهة !!؟….
يلفقونها تلفيقاً عبر إعادة تشكيل جمل ملتبسة بلا دلالات واضحة
إنهم ينصبون فخاخهم من إرتباكه للإقلاع به
لا يتورعون من إرساله الى ما وراء الشمس !!؟…..
يسدون المنافذ في وجهه
يشهرون سلاحهم حينما يتناهى الى
مسامعهم كلمة ” ثقافة ”
كأنهم يرتدون بالزمن الى الفاشية وجنرالها ” جوبلز ”
* * *
لم يتوقع ما جوبه به !!؟….
حاول إنكاره
أخفق
إستعاد موقفاً مماثلاً
كان حينها مغترباً في إحدى الدول العربية
إقتطع من ضرورات الحياة لإصدار
روايته الأولى
مثلت له النسخة الأولى فتحاً رائداً
أحرزه في أعقاب صبر ومجالدة لا نظير لهما
وضع النسخة قبالته
أخذ يتملى في الغلاف
تبرق ألوانه الزاهية ألقاً
يلتمع أسمه في الصدارة زهواً
يغري ورقها الناعم الصقيل بقراءتها إلتهاماً
تساءل مبهوراً
– هل هذا الوليد البديع من نسيج أنفاسه ؟؟؟!…
* * *
أكتمل حبوره بوصول الشحنة من بيروت عبر خطوط ” الإيرفلوت ”
فاضت سعادته وبلغت مداها وهو يقدم نسخاً لبعض بني جلدته هدايا
طمعاً في دفء المشاركة وحميميتها
لكن أحدهم بعد حين أصابه بالخذلان عندما أعرض عنه مقابلاً بشاشته بجفاء !!….
أحاره الموقف برمته ؟؟؟…
ألقمه الأخير حجراً
أذهله لهنيهات ….
عاجله بسؤال صادم قبل أن يفيق تماماً ….
– كيف تجرؤ على خداعي ؟
– ماذا ؟
– لقد إنطلت عليَّ ألاعيبك
-لا أفهم شيئاً !!!….
– لقد جعلتني أضع كتابك المشبوه بين أمهات الكتب النفيسة
– هل أصبحت روايتي مشبوهة !!؟؟
– إنها دعوة صارخة للزندقة
– هل قرأتها ؟
– أنا لا أبدد وقتي الثمين في مثل هذه الخوذعبلات
– عذرا كيف عرفت أنها دعوة صارخة للذندقة ؟؟؟!!….
– لقد زارني بعض شباب ” الصحوة “فأنكروا عليَّ وجود أمثال كتابك
بين مقتنياتي من عيون الكتب النفيسة …..
– هكذا إذن …
– هذا فراق بيني وبينك حتى ترشد!
* * *
يبدو أن أساليبهم المعهودة لم تجد معه فتيلاً ….
فأجبرهم على رفع هراواتهم في وجهه عله يرتدع ويلزم سبيل الرشاد !!؟….
فيصل مصطفى
[email][email protected][/email]