مشكلة بلا حل … فما الحل؟

إذا طرحنا هذا السؤال هذه الأيام، هل هناك مشكلة بلا حل؟، المؤكد أن الاجابة ستأتي نعم كبيرة وبإجماع ساحق. نعم توجد مشكلة بلا حل، وهي هذه المعاناة التي يكابدها سكان الخرطوم وأجزاء أخرى من البلاد مع كل موسم خريف يرتفع فيه معدل هطول الأمطار عن المألوف ولو قليلاً، وما تسببه هذه الأمطار المصحوبة بسيول هنا وهناك من دمار وخسائر في الأرواح والمتاع والمنازل، ورغم تكرر المأساة وتوالي حدوثها مرات ومرات، إلا أنها ظلت بلا حل بل أصبحت عصية على الحل، وكأنها قدراً مقدوراً ومسطوراً لا فكاك منه، وهنا تحضرني الطرفة التي تنسب لقياديين في واحدة من البلاد التي يشابه حالها حال بلادنا «الخالق الناطق» من حيث المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والحروبات القبلية وتفشي العطالة والفقر إلى آخره، قيل إن أحد هؤلاء القياديين وقف في البرلمان يقترح حلاً ناجزاً لمشاكل بلده المستعصية التي فشلوا في حلها، وكان مقترحه أن يعلنوا الحرب على أمريكا التي ستنتصر عليهم حتماً وتحتل بلادهم فتتكفل بإطعامهم وحل قضايا الفقر والعطالة وغيرها من المشاكل العويصة التي عجزوا عن حلها، فرأى هذا القيادي أن أنسب حل هو «إذا غلبك سدّها وسّع قدها» كما يقول أحد أمثلتنا السودانية السالبة، غير أن القيادي الآخر أزعجه هذا المقترح فرد على زميله قائلاً وماذا لو انتصرنا نحن على أمريكا؟!….
لن أتزيّد بالتعريف بما هو معروف ومعرّف بل معاش على أرض الواقع، عن هذه المأساة التي فقدنا فيها أرواحا عزيزة والمئات أصبحوا في العراء بلا مأوى إلى آخر هذه المشاهد الحزينة التي انتشرت أثناء وبعد هطول الأمطار الأخيرة، وأريد هنا أن «أزاود» على الولاية وأقول هناك حل لهذه المشكلة التي بدت لها وكأنها بلا حل، هذا إذا كانت الولاية راغبة وعازمة على حلها، فهناك دائماً حل لأي مشكلة بالغاً ما بلغت، المهم أن تتوفر الرغبة والارادة والقدرة، ولا تقولوا لي أن الولاية لديها الرغبة والارادة ولكن تعوزها القدرة المالية، والرد بسيط وهو إذا لم توجه الولاية كل ما تملكه من قدرات مالية أو غيرها لوضع حد لهذه الفضيحة حتى لو تطلب الأمر نقل العاصمة إلى موقع آخر فما معنى وما فائدة وجود هذه القيادات الولائية حين تضن بالمال على مشكلة بهذا الحجم المأساوي، وأول ما يلفت النظر في تعاطى الولاية مع هذه المشكلة التي أصبحت بالتفريط والتهاون مزمنة ومستعصية هو غياب البعد التخطيطي العلمي الذي يستلزم عدة مطلوبات وخطوات لابد من استيفائها لتنتج في النهاية الحل المطلوب، فلابد أولاً من الإحساس بالمشكلة والاعتراف بها، ثم تحديد ماهيتها وفهم أبعادها والأطراف المتصلة بها، وهذا يساعد على صياغة المشكلة وتعريفها بشكل دقيق بعد جمع البيانات حول مكانها وزمانها، وأخيراً تأتي مرحلة اقتراح الحلول واختيار الأنسب منها، وأخيراً جداً مرحلة التنفيذ العملي التي بالضرورة أن ينهض بها الأكفاء مع تحديد المدى الزمني والتكلفة المادية وكل ذلك مصحوباً بالمتابعة اللصيقة إلى آخر هذا النهج العلمي العملي الذي لو اتبعته الولاية واستعانت فيه بالخبراء والمختصين لكانت قد وضعت حداً لهذه المهزلة المتكررة، ولكن أنىّ لها هذا إذا كانت البلاد كلها تدار بذهنية رزق اليوم باليوم.؟

الصحافة

تعليق واحد

  1. مشكلة بلا حل … فما الحل ؟!!.

    عنوانك ده ذاتو بلوى مسيحة .. كيف تقول مشكلة بلا حل وفي نفس الوقت تسأل عن الحل ؟!!.

    يا سيدي قالوا القضارف الآن ما فيها أمطار , ليه ما نزرع في الخرطوم ونسكن في القضارف ؟!!.

  2. الاستاذ حيدر المكاشفى
    لك التحية
    اتفق معك ان غياب التخطيط وضعف التنفيذ هو السبب المباشر للفشل المتكرر سنويافى مواجهة الكوارث الطبيعية .
    اولا لا توجد كوادر تخطيطية لدراسة المشكلة والتنسيق بين الادارات المناط بها منع هذه الكوارث المتكررة . مهمة التخطيط فى وزارة التخطيط العمرانى والبنية التحتية يقوم بها الوالى والوزير والمدير وهم سياسيين من غير ذوى الاختصاص . وهؤلاء درجوا على اقتراح الحلول التى تاتى بها الشركات المملوكة للدولة او المملوكة للموالين لهم لتحقيق الارباح ! (مثال اقتراح مواسير بدلا عن حفر المصارف ) وهذه عادة ما تكون حلول تجريبية وظنية لا تسندها اى دراسة فنية دقيقة .
    ثانيا لا توجد كوادر هندسية ذات خبرة فى اعمال المصارف ومعظم الذين يكلفون بادارة المصارف يكونون من الكوادر المبعدة عن الادارات الهندسية الاخرى لعدم الكفاءة ( الفاقد الهندسي).
    1/ يقام مصرف فى احد الشوارع دون معرفة مصب هذا المصرف اى ان العملية هى كسب محدودلاحد الشركات وليس عملية شاملة .
    2/ لا توخذ اى مناسيب تمكن انسياب المياه فى هذه المصارف .
    3/ الشركات المناط بها انشاء هذه المصارف لا توجد بها كوادر متخصصة فى هذا المجال .
    4/ انشاء هذه المصارف لا تسبقه تصاميم هندسية تستند الى دراسة هايدرولوجية ودراسة مساحية .
    5/ تنشأ الطرق المسفلتة دون اعتبار لانسياب وتصريف مياه الامطار .
    6/ المصارف والطرق ينبغى تشييدها بناءا على دراسات مساحية وهايدرلوجية مبنية على احصاءات وبيانات تجمع لمدة عشرات السنين لتبين مسار السيول التى تظهر كل 50 الى 100 عام .
    7/ المخططات السكنية تقام دون اى دراسات فنية تراعى طبوغرافية الارض الطبيعية وتقام فقط لتحصيل الايرادات وتحسين ميزانية الدولة !!
    8/ لا يوجد استشارى لمراقبة سن تنفيذ هذه المشاريع وان وجد لا يتمتع بالخبرة الكافية .
    هذه هى البيانات الضرورية لتصميم المصارف والطرق وبكل اسف لا توجد هذه البيانات اما لعدم وجودها اصلا او لضياغها بسبب الغاء الوزارات الفنية السائدة فبل 1989 مثل وزارات الاسكان والاشغال والرى .
    اذا لم تجرى هذه الدراسات نكون كمن يحرث فى البحر وستظل الكوارث تحل بنا بصورة متكررة ونفاجأ كل عام ونفشل . اذكر بان وزير البنية التحتية الاسبق المهندس حسن عبدالله قال عن وزارته (انها توظف اكثر من مائتى مهندس لا يعمل منهم الا 10 مهندسين !!! والرجل قصد انهم لا يملكون الخبرة لاداء الاعمال الهندسية .
    ايها السادة كيف نتوقع ان تكون لنا طرق ومصارف ونحن لم نوظف المختصين فى هذا المجال ولم نتوخى الطرق والوسائل التى تطبق فى سائر ارجاء الكون ؟؟؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..