رئيس خارج عن السياق

من خلال التحري حول رحلة الرئيس لإيران, أكدت مصادر موثوق حديثها, إن فكرة استئجار طائرة لرحلة الرئيس هي فكرة نابعة من جهاز الأمن و المخابرات, لتأمين رحلة الرئيس لإيران, مع موافقة وزير الدفاع, لذلك لم تبلغ هيئة الطيران المدني في المملكة العربية السعودية عن الشخصية أل ” VIP ” التي تحملها الطائرة, و حتى هيئة الدفاع المدني السوداني هي دون علم, و اللجنة التي كلفت بالتحقيق هي فقط لحفظ ماء الوجه لا غير, و لكن في الحقيقة أيضا إن المخابرات السعودية علي علم منذ تأجير الطائرة أنها تنقل السيد رئيس الجمهورية, و إذا كان هناك تحقيق يجب أن يجري مع رئيس جهاز الأمن و المخابرات و وزير الدفاع, الذي فشلوا في خطتهم غير المحكمة, و لكن لا يجرؤ النظام علي ذلك, و الآن البحث يجري عن ضحية يحملونه ما جرى.
و رحلة رئيس الجمهورية عمر البشير لإيران, و التي أرادت المملكة العربية السعودية أن لا تتم, هي رحلة كشفت حقيقية كيف يفكر السيد رئيس الجمهورية, لا نريد الحديث عن المنع, لأنه حديث يحمل رسالة سياسية في غاية الأهمية, تتعلق بالإستراتيجية الأمنية السعودية, و يعتقد كثير من الباحثين السعوديين في القضايا الإستراتيجية, إن المملكة تراقب منذ فترة التحركات الإيرانية في مناطق عديدة خاصة المناطق التي تحيط بالمملكة, و إرجاع طائرة الرئيس البشير, هي رسالة سياسية في غاية الأهمية,مهما حاولت النخبة الإنقاذية إيجاد مخارج تمنع رئيسهم من الحرج, و كما ذكرت سنفرد لهذا الموضوع مبحث قائم بذاته, بعد تجميع المعلومات المتعلقة بالموضوع, و لكن نحصر القضية في قيام الرئيس برحلة خارج البلاد, رغم الظروف التي يعيشها المواطنين من كارثة السيول و الأمطار, و تكشف كيف يفكر رئيس الجمهورية في ذاته بعقلية لم تتجاوز صباه, أكثر من التفكير في القضايا الوطنية, و أعتقد إن هناك نخبة داخل الإنقاذ نفسها, تعمل علي توريط الرئيس أكثر, و هي تعلم إن رئيسها انفعالي يتصرف دون تفكير بنتائج أفعاله, لكي يسهل التخلص منه, بعد ما يكون قد أعطي التبرير الكاف لهذا التخلص, بهدف نجاح تخطيط تحاول النخبة من خلاله إنتاج الإنقاذ بصورة جديدة,
في كل دول العالم الغنية و الفقيرة, المتقدمة و المتخلفة, الديمقراطية و الديكتاتورية, عندما تجتاح بلادهم الكوارث, و تفقد البلاد من جرائها أرواح من المواطنين, يقطع الرؤساء رحلاتهم الخارجية, و يعودون إلي بلادهم للوقوف مع شعوبهم في محنتهم, و البعض يلقي كل رحلاتهم لمواساة شعوبهم, و نجدتهم و إغاثتهم, و لكن لأول مرة يسجل التاريخ, إن رئيس يقوم برحلة خارج بلده و شعبه يعاني من كارثة الأمطار و السيول, التي زهقت عشرات الأرواح, نعلم إن كل سلوك الرئيس خارج عن السياق الإنساني المنضبط, و لكن الرئيس يتعامل مع قضية المحكمة الجنائية التي تؤرق مضاجعه, بعقلية الصبا التي كان يلعب بها ” شليل و الحرينة و التحدي مع الصبية و الأقران في اللعب” و ما كان قد ذكرته والدته في الحوار الذي كان قد أجري معها, يؤكد ما أشير إليه, و لكن الناس أخذوه من باب الدعابة, و قد أثبتت الأحداث إن تفكير الرئيس لم يتحرك من عهد الصبي شبر, و يتعامل مع قضايا الشؤون الدولية بعقلية الفتوة, و كل زياراته بعد قرار المحكمة كانت من باب التحدي, و إبراز العضلات و سلوك تغيب عنه الحكمة, و هذا يؤكد إن النخب التي حوله أما خائفة أن تفقد مواقعه إذا نصحته, أو أنها تريد أن تورطه أكثر لتتم إزاحته, وفي كل تصرف يتم بعقلية الفتوة كانت الحلقة تضيق عليه, و أخيرا جاء منع عبور طائرته فوق الأراضي السعودية, لكي تطبق الخناق أكثر, فالمملكة بعثت رسالة مهمة أنها غير راضية عن النظام في الخرطوم, و هذا المنع له تبعاته, و إذا كانت القضية متعلقة فقط بإجراءات مؤسسية, كان الملك رفع سماعة التلفون طيب خاطر الرئيس و لكنه لم يفعل, و هذا تأكيد علي إن المملكة تريد أن ترسل رسالة سياسية.
لم بصبح رئيس الجمهورية فقط عقبة في تحقيق السلام و الاستقرار في السودان, بل أصبح عالة حتى علي نظام الإنقاذ نفسه, فكيف يستطيع نظام أن يتواصل مع دول العالم و يحقق تنميته و رفاهية شعبه و 75% من دبلوماسيته معطلة تماما, و لا يستطيع رئيس الجمهورية أن يقوم بأية دور خارجي, و أيضا لا يستطيع أن يتعدي الحدود إلا بعد تخطيط لكيفية “التمويه” و قلوب كل من حوله اعتصرها الخوف, مطارد أين ما ذهب وحل, و يا ليت يتعامل مع تلك القضايا بالحكمة و الموضوعية, أنما يتعامل معها بتحدي, لا يتجاوز عقلية الفتوة التي كانت في سابق التاريخ ” أيام السينمات الشعبية و أفلام الكابوي” هذه عقلية مدمرة, لا يشجعها سوي ناس لم تسمح ظروفهم الاجتماعية لمواصلة تعليمهم و كسب المعارف, هذه هي طريقة رئيس الجمهورية, و هي التي أوعزت إليه إن يغادر السودان, و شعبه يعاني من كارثة, و لا يشتغل بذلك كثيرا, لأنه يريد أن يقول هو قد تحدي قرار المحكمة الجنائية, و سافر و قطع عشرات الأميال دون أن يتعرض لأذى, هذه فقط هي في مخيلة الرئيس, دون أن يجعل أية اهتمام للذين فقدوا الغالي و النفيس من كارثة الأمطار و السيول, مما يؤكد إن المحكمة الجنائية تسبب الأرق و التوتر لرئيس الجمهورية, و أصبحت جل تفكيره.
إن الصراع داخل الإنقاذ لورثة الرئيس أصبح يشتد بين مراكز القوة, و هناك جهة و لا أخال أنها في هيئة الرئاسة, تعمل من أجل توريط الرئيس أكثر في تصرفات لا تليق بهيئة الرئاسة, و خاصة إن رئيس الجمهورية يسهل عملية استفزازه, و يتصرف خارج الحكمة, مما يجعل تطير الحديث في غير موضعه, و يتشكل رأي عام شعبي, إن الرئيس أصبح خارج السياق, و تبيت عملية إقالته لا مفر منها و لا يخلق أية إشكالية بل تجد القبول و الرضي من قبل قطاع كبير داخل الإنقاذ نفسها.
و إذا كان هناك اعتقاد, إن الرئيس يمثل القوات المسلحة, و بالتالي يجب أن توافق علي هذه الإقالة, هذا اعتقاد ليس في محله, لآن القوات المسلحة نفسها تعاني من هذه الإشكالية, و هي التي تتحمل أخطاء الرئيس, و التي وسعت من دائرة الحرب و النزاعات في السودان, و كل الفشل الذي أصاب النظام و جعل القوات المسلحة في الواجهة, كما إن الجنرالات الحالين في القوات المسلحة ليس لديهم أية تصور للحل و باتوا جزء من أزمة النظام و أزمة السودان السياسية, فبعض من هؤلاء جاءوا من خلال تعين سياسي دعما لنظام أيديولوجي فقد مشروعه السياسي, و غدت حالة التوهان هي الغالبة, و إن هناك مجموعات تمثل المصالح الخاصة هي التي تسيطر علي الدولة, فصراع مراكز القوة في الإنقاذ تسارعت خطاه, و أية مجموعة تصرع الأخرى, أول ما تفعله تتخلص من رئيس فقد صلاحيته في الاستمرار, و تسلمه للمحكمة الجنائية لكي تتصالح مع العالم الخارجي, و أيضا سوف تتحلل من مشروع الإسلام السياسي الذي أصبح محاصرا في المنطقة.
إذن رحلة رئيس الجمهورية إلي إيران في هذا الوقت الذي تمر فيه البلاد بكارثة, أما إن الرئيس ذاهب بهدف مناقشة قضايا يعتقد أنها تهدد نظامه, أو إن الرئيس غير مبالي بقضايا شعبه, و من خلال العقدين و نيف التي هي أعوام حكم البشير العجاف علي السودان, و مراقبة لتصرفات الرجل أنه غير مبالي بما لحق من أذي لشعبه من جراء السيول و الأمطار, و لذلك نسال الله متضرعين إليه في أيام هذا العيد المبارك, و بأكف كل الذين ظلموا و قتلوا و شردوا, أن يعجل برحيله و كل من ساعده علي ذلك عن سدة الحكم.
و كل عام و كل الشعب السوداني بخير, و نسأل الله أن يخلص الشعب من هذه المعاناة التي يعيشها, و يخلصه من كل الذين ارتكبوا جرما في حق هذا الشعب, و أدي لتشريده و اغتيال أبنائه و أعاد النعرات القبلية و العشائرية, و نسال الله أن يحقق أمنيات كل الشعب, و أن يرجع عجلة الأخوة و التنمية و السلام و الاستقرار للبلاد, أنه مجيب سميع الدعوات.
زين العابدين صالح عبد الرحمن
[email][email protected][/email]
ائجار الطائره 300 الف دولار….مش اولي بيها ضحايا السيول والفيضانات……
لقد اسمعت اذ ناديت حيا ولا حياة لمن تنادي
تحليل متعمق واصبت الحقيقة