محمد يونس البنغالي وأين أنت يا مو السوداني..؟!

محمد يونس البنغالي نسيج وحده. فهو البروفيسور/ أستاذ الإقتصاد السابق الذي عمل في جامعة “شيتاجونج” إحدى الجامعات الكبرى في بنغلاديش، و مؤسس بنك جرامين أو بنك الفقراء. حصل على جائزة نوبل للسلام عام 2006 لفكره الخلاق في رفع إقتصاد بلد بأكمله وموقفه الراقي الإنساني النبيل في المجتمع خصوصا مع الفقراء.
كان لتأثير أحق الناس بحسن صحابته، كما أوصى بها الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم، والدته السيدة صفية خاتون الأثر البالغ في تكوين شخصيته. كان حالهم ميسور في ظل دولة ينغلاديش التي تأتي الدولة السابعة على العالم من حيث التعداد السكاني، و ذات الكثافة السكانية، والتي ترتفع بها معدلات الفقر. فكانت أم يونس لا ترد سائلاً فقيرًا قط يقف ببابهم. لذلك تعلم الفتى يونس أن الإنسان لا بد أن تكون له رسالة في الحياة.
تلقى يونس الدكتوراة من الولايات المتحدة وعاد عام 1972 بعد نيل بنغلاديش إستقلالها ليعمل أستاذا للإقتصاد في الجامعة. عاد ليجد أهالي بنجلاديش يعانون ظروفًا معيشية صعبة للغاية. وفي عام 1974 شهد تفاقم معاناة الناس بحدوث مجاعة قُتل فيها ما يقرب من مليون ونصف المليون.
وهو يرى بؤس العوز وعوز البؤساء، ويسهر ضميره المضني، وتختلج الأفكار كالإعصار في رأسه، وهو أستاذ الإقتصاد كيف له أن يطبق ما تعلمه لينفع به بلده وشعبه بل والناس جميعا. وإنطلاقا من فلسفة “إن أعطيت إمرء سمكة تطعمه ليوم، ولكن علمه الصيد لتطعمه مدى الحياة”، أتته فكرة ليرمي بحجرها في تحريك بركة مياه الفقر الراكدة ويرتقي بها لتدخل مياهها مجرى الطبقة الوسطي الذي يصب في نهر إقتصاد الدولة.
فكرته كانت بإقراض الفقراء مبالغ بسيطة ليقوموا بالعمل والعيش بما يتربحون به وتسديد مبلغ الإقتراض فيما بعد. فمضى يحاول إقناع البنك المركزي و البنوك التجارية بوضع نظام لإقراض هؤلاء الفقراء الذي سوف يكون حتما بدون ضمانات لأنهم ليسوا لديهم أساسا شئ. الشئ الذي دعا رجال البنوك للسخرية منه ومن أفكاره، قائلين ان الفقراء ليسوا أهلا للإقراض أساسا. فقد طلب أن ينشئ البنك بثمن بخس دراهم معدودة لذلك كانت بنوك التماسيح فيه من الزاهدين.
السيد يونس لم ييأس وصمم على إنفاذ فكرته لمساعدة هؤلاء الناس وأصر على أن الفقراء جديرون بالاقتراض. وبدأ بذلك بنفسه لحل المشكلة عام 1976 عندما أقرض من جيبه ما يعادل 27 دولارا لنحو 42 امرأة قرب منزله. كان من بينهن من تعمل في الصناعات اليدوية البسيطة كالخياطة والحياكة والنسيج والتنجيد للكراسي والزراعة. ولم يخيبن هؤلاء الفقيرات العفيفات كبيرات النفس ظنه حيث قمن بإسترداد المبالغ في الأزمنة المتفق عليها، وشكرنه شكرا جزيلا على عتقهن من إستغلال أصحاب تلك الأعمال من إحتقارهن وإعطائهم الفتات.
وأستمر في التجربة التي أثمرت وبمجهود ذاتي في إنشاء بنك جرامين لإقراض الفقراء في عام 1979 بنظام القروض متناهية الصغر التي تساعدهم على القيام بأعمال بسيطة تدر عليهم دخلا معقولا.
وقد كان البنك مكتبا بسيطا ليس به كمبيوترات ولا حتى آلات طابعة، ولا صف من الموظفين، ولا طوابير من المودعين او المقترضين بل غاية البساطة ويصل العملاء في احيائهم وبيوتهم، ويمنح معظم قروضه للنساء، لأنهن في نظر يونس اكثر الناس فقرا، واكثرهم مسؤولية بحكم الامومة، وهن اكثر التزاما بسداد ما يتعهدن به.
من أهم شروط القرض أنه لا ضمانات ولكن على الفقير ان يتعهد بأن يرسل اطفاله للمدرسة، وان لا يقبل مالا مهرا لبناته حتى يبحث لهن عن وسيلة استثمارية أخرى لتعين إبنته في تحمل مسؤولية الأولاد القادمة. ومن الشروط بعد الإتفاق على المشروع التعهد برد المبلغ في شكل دفعات ربما تصل كل اسبوعين، ومدة أقصاها سنة، حتى لا ركون للدعة والعمل للجميع. ويسترد بنك غرامين نحو 99 في المائة من القروض.
يونس لقب بأمير الفقراء وقد حصل علي جائزة نوبل للسلام عام 2006 البالغ قيمتها 1.4 مليون دولار. وبعد هذا كله قال إنه سيتبرع بالجائزة لأعمال خيرية. فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
وفكرة يونس الإقتصادية للفقراء إنتشرت لتطبق في كثير من بلدان العالم النامية.
يقول الأستاذ آلان جوليس الذي شارك في اعداد كتاب عن حياة يونس بعنوان “المصرفي النابغة”: بينما كان الناس يموتون جوعا بالشوارع.. كنت أدرس نظريات اقتصادية رائعة. وقال: بدأت أكره نفسي.. وعجرفة التظاهر بأن لدي اجابات. وأضاف: كنا جميعا كأساتذة بالجامعة أذكياء للغاية، ولكننا لم نكن نعرف شيئا على الاطلاق بشأن الفقر المحيط بنا، الفقراء هم سيكونون معلمي.
ومن مقولات يونس: “دع الأمر للناس لأنهم يمكنهم الاعتناء بأنفسهم بسهولة. لا يتعين عليك أن تسكب الدموع من أجلهم. انهم بارعون بشدة”.
ويقول: “لا يهمني اذا ازداد الاغنياء غنى، ذلك لا يضايقني. ولكنني قلق بشأن أن يزداد الفقراء فقرا. المهم هو أن يصبح الأغنياء أكثر غنى (أي نفوسهم)، وبالتالي يمكن إنتشال قاع المجتمع من الفقر وهذا هو الأهم.”
ولا يعلم الكثير من السودانيين الملياردير السوداني الأصل السيد محمد ابراهيم المعروف (بمو)!. ففي نفس العام الذي نال فيه يونس جائزة نوبل للسلام أنشأ السيد محمد ابراهيم جائزة سنوية تحمل اسمه لمكافأة الرؤوساء الأفارقة الذين انتخبوا ديموقراطيا واثبتوا جدارة في الحكم من اجل المصلحة العامة وذلك لدعم وتشجيع الحكم الرشيد في القارة الأفريقية. قيمة الجائزة خمسة ملايين دولار و200 الف دولار طوال عشر سنوات.
حصل عليها ثلاثة رؤساء سابقين هم جواكيم شيسانو من موزامبيق في 2007 وفستوس موغاي من بوتسوانا في 2008 وبيدرو بيرس من الرأس الاخضر في 2011.
ولقد تذكرته بآخر ظهور له في نقده لرؤساء الدول الافارقة في كلمة ترحيبه بالرئيس نلسون مانديلا. فذكر ان متوسط عمر الرؤساء الافارقة هو 60 عاما في قارة يشكل من هم دون ال19 نصف سكانها، ثم قارن رؤوساء افريقيا بالولايات المتحدة (بيل كيلنتون وأوباما). وذكر السيد محمد ابراهيم “لدينا رئيس في بلد مجاور يستعد في التسعين من عمره للترشح لولاية جديدة. ما هو الخطأ لدينا؟” وكان يلمح الى رئيس زيمبابوي روبرت موغابي الذي اعيد انتخابه في يوليو في التاسعة والثمانين من عمره لولاية من خمس سنوات بعد 33 عاما في السلطة.
ولك أن تتساءل، كما تساءل كثير من المتداخلين في الخبر، أين دور السيد محمد إبراهيم مو في وطنه الام ولأبناء شعبه؟. وبحسب [الراكوبة: 19-08-2013] نقلا عن أ ف ب: وكان مو ابراهيم قد حجب استثماراته عن السودان بلده الام بسبب الرشاوي التي تطلبها الحكومة السودانية و رجال الدين الا انه قد قدم الكثير من المساعدات الانسانية للسودان كما قام بتمويل عدد من المستشفيات اشهرها مركز السودان للقلب.
نسأل الله أن يجزي السيد مو خيرا على ما يفعله ولا نوجهه بكيفية توجيه مساهماته وتبرعاته وأعماله الخيرية، فهو أدرى واعلم، ولكن نذكره فقط بأن السودان يحتاج المزيد، وهناك طرق كثيرة لتجاوز فساد الطغمة الحاكمة وتجار الدين لوضع بصمتك الفعلية. هناك كثير من الفقراء يحتاجون ضربة بداية يد العون ليأسسوا مشاريعا تغنيهم عن الحرمان وتحفظ عزة حياءهم من سؤوال الناس إلحافا.
ولعالمية السيد مو وإهتمامه بالدميقراطية القارية، بجائزته التحفيزية، ومن ثم لتحسين صور الدول الأفريقية التي من ضمنها بلده السودان، نحثه على إسداء خدمة ومعرف ومشروع قد يكون هو أكبر خدمة يقوم بها لخدمة بلده وهو أن ينشئ قناة فضائية سودانية حرة مستقلة بمعنى الكلمة. قناة محايدة تماما تعلم الناس الديمقراطية والسودانوية وتبث قيم الوطنية وتنقل الحق وتكشف الحقائق بشفافية لتظهر شمس الحقيقة وترتقي بالوعي السوداني. قناة للثقافة بالتاريخ والإخفاقات ومثالب النخبة، وإضاءة دهاليز السياسة السودانية للإرتقاء بالوعي السياسي وأهميته. قناة تكون بالمرصاد، تكشف الكذب والفساد وإهدار مقدرات الدولة وتحاول معالجة الكثير من المظاهر السلبية في المجتمع السوداني، التي ألقى بظلالها الفساد السياسي في المجتمع مثل العنصرية والقبلية والعصبية. قناة تنشر ثقافة قبول الآخر والتعايش السلمي. قناة لتكون ثورة وعي لإيقاظ الهمم وإحياء الضمائر ولتغيير هذا البؤس وترسم الفرح للمستقبل. والأهم من كل ذلك نشر مفهوم الدين الصحيح.
هذه يا سيد مو ستكون أكبر خدمة تقدمها للأمة السودانية جمعاء التي تقع في قلب القارة التي تحبها.
وكما قال السيد يونس البنغالي: “دع الأمر للناس لأنهم يمكنهم الاعتناء بأنفسهم بسهولة. لا يتعين عليك أن تسكب الدموع من أجلهم. انهم بارعون بشدة”.
هنا سيقوم الشعب المزيف الوعي بالإفاقة ومن ثم التغيير بذاتيته. فالتحدي المهم ليس أن يكون الرئيس منتخب ديمقراطيا بقدر ما التحدي هو الشعب نفسه أن يكون ديمقراطيا لا يرضى إلا برئيس ديمقراطي حقيقي. فالشعب هو صاحب الشرعية. وعند بلوغ الشعب النضج والوعي الكافي لن يرضى برئيس ليس عادلا ولا حكمه رشيد ولو منتخب ديمقراطيا.
فالسودانيون يمكنهم ان يحققوا هذه الدولة الديمقراطية بالرغم من إذلالهم وقمعهم بالديكتاتورية 24 عاما. بالوعي ستخرج ساق الحرية وستتفتح زهرة الديمقراطية ويفوح طيبها لتتشتمها في مقرك بعاصمة الضباب. وعندئذ فسوف لن تحتاج لتعطي الجائزة للرؤوساء لتشجيعهم بل ستعطيها لأهل بلدك الذين سيكونون نموذجا للبلد الديمقراطي الذي يسع الجميع ورئيسه راشدا عادلا. تجرأ وجرب أن تكتشف المزيد من حقيقة معدن أبناء وبنات بلدك العزاز.. ديل أهلك.
[email][email protected][/email]
نصيحة غالية ومقال يستحق الاشادة…
بس سؤال: هل يمكن أن تكون هذه القناة محايدة فعلا وأمينة حقا؟
طبعا لم أجد في يوم من الأيام وسيلة إلامية مستقلة…!! هل أنا غلطان؟؟
والله ده اجمل واحسن كلام وفكره اسمعها من زمن …وفعلا استاذ سيف لشعب السوداني محتاج للتوعيه ومعرفة حقوقه قبل كل شئ جزاك الله خير
كلام جميل أوافقك عليه لذلك ندعو (مستر مو) بتعجيل إنشاء هذه القناة بالطبع ليتها تكون في الدولة التي يقيم فيها (مستر مو) نفسه حتي لا يطالها نظام الخرطوم بالمضايقة.
محمد يونس طبق الأصل (للأم تريزا ) هو في بنغلاديش وهي في الهند وكلاهما حصل علي جائزة نوبل للسلام
زار مقاره الرئيس الامريكي بيل كلينتون مع صحبة ابنته , ثم زارته كذلك هلاري كلينتون .
معظم الدعم من السفارات الاجنبية يوزع عن طريقة , وهو يوزعها علي شكل قروض ربوية , وعمل مدارس ومعاهد ومكاتب وبنوك صغيرة في كل مسافة خمسة كيلو من البلد وتقوم المدرسة من فصل او فصلين بطاقم مدرسة واحدة او مدرستين وأحيانا مدرس رجل لابناء الطبقة الفقيرة جدا.وكذلك البنك من بناء بسيط ماعدا المدن, بجانب ذلك امتلك اراضي في جميع بقاع الدولة بمبالغ زهيدة والان هذه الاراضي زادت بنسبة 5– 20 ضعف في خلال الثلاثون سنة ـ ويعمل وسط المسلمين بنشر افكار المساوة بين المراة والرجل وتحديد النسل وانه يوزع علي كل بيت (الكنزوم)وحبوب منع الحمل مجاناَ وحتي انه يصلني نصيي كذلك في بيتي.
يهتم بأهل الهامش والجبال التي يسكنها شعب الغارو المنحدرين من جبال التبت وبورما اللذين لا يتكلمون اللغة البنغالية ويشعرون بالإتضهاد من قبل الشعب البنغالي وبعضهم بوزيين واقلبهم لا ديني فلهذا الظروف فانه للاسف قد ساعد المنظمات النصرانية للوصول لهولا الناس بسبب ثقتهم فيه وعلاقاته اللا محدودة مع الحكومات والسفارات في تنصيرهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم وبناء الإرساليات والكنائيس حتي بلغ عدد النصاري الأن(خمسة مليون نسمة )بينما كان اخر احصاء للنصاري بعد خروج الإنجليز اقل من مليون نسمة .
وله مشكلة قضائية في كونه مديرا للبنك القروي وذلك بإجبارة للنزول للمعاش بعد بلوغ سنه 60 سنة
وله مشكلة سياسية وذلك ان الحكومة الحالية نجد دعم واصوات من نفس هذه الطبقة ويخشون من ترشحة للريأسة — والله اعلم .
منح جائزة نوبل في الاقتصاد وليس السلام
مقاربتك أخ سيف فيها كثير من الوجاهة .. لكن عليك أن تضع في الإعتبار أن أسرة (مو) قد هاجرت مبكرا من شمال السودان لتستقر في مصر حيث تلقى دراسته الثانوية والجامعية هناك (جامعة الأسكندرية) حيث نال بكالوريوس الهندسة ثم هاجر لإنكلترا لينال الماجستير والدكتوراه هناك وهو مقيم اليوم هناك حيث يعمل في شركة إتصالات بارزه ، لذا فإن فإن إرتباطه الوجداني بالسودان ضعيف وواهن بل ربما يكون إرتباطه الوجداني بمصر أكبر رغم انه (نوبي) . فكرته في الجائزة كانت مثالية بلا شك لكن على أرض الواقع أي أفريقيا كان من الصعب أن توجد من يستوفي تلك المعايير العالية لأن المعروف عن حكام أفريقيا أنهم إما إنقلابا يبعدهم عن القصر أو موت يدفعهم إلى القبر . أعتقد أن هناك العديد من رجال الأعمال السودانيون الذين يحملون أفكارا خيّرة لبلادهم يريدون أن يقدموا مثل هذا الصنيع لكن المناخ لا يساعدهم على أن يحققوا مثل تلك الأهداف النبيلة . نتمنى أن نرى قريبا عهدا جديدا يرفع عنّا مجرد أن نفكر بأن نلجأ فيه إلى مثل تلك الحلول الإستثنائية وأن يرفع عنا عثرتنا ويكرمنا بعزة العيش والحياة وشكرا ،،